معركةُ التفاوض مع العدوّ الصهيوني
موقع أنصار الله ||مقالات ||د. فؤاد عبد الوهَّـاب الشامي
تخوضُ المقاومةُ الفلسطينيةُ معركةً صعبةً جِـدًّا مع الكيان الصهيوني لا تَقِلُّ صعوبةً عن المعركة العسكرية المنخرطة فيها؛ فالكيان الصهيوني عندما يدخل في أية مفاوضات يجهّزُ نفسَه بأسلحة عديدةٍ، منها ضمان عدم حياد الوسطاء ووقوفهم إلى جانبه، وتحييد المؤسّسات الدولية، بما في ذلك مجلس الأمن الدولي؛ حتى لا تشكّل أيَّ ضغط عليه أثناء التفاوض، إلى جانب استمرار الضغط العسكري في الميدان وتجريد الطرف المقابل من أي سلاح يمكن أن يستفيدَ منه في مرحلة التفاوض، وخلال كُـلّ جولات التفاوض التي خاضها الكيانُ الصهيوني مع العرب والفلسطينيين كانت نتائجُها لصالحه، مستفيداً من الأسلحة التي ذكرناها، والأهمُّ من ذلك أن أمريكا والغرب يقفون بكل ثقلهم إلى جانبه.
ويعتمدُ الكيانُ الصهيوني أثناء التفاوض على استراتيجية واضحة -بمساعدة حلفائه- تبدأ بتقديم الوسطاء لمشروع اتّفاق وعرضه على الطرفَينِ، ثم يتم الضغطُ على الطرف الآخر (العرب والفلسطينيين) لانتزاع موافقتِه على المشروع، بعد ذلك يعلنُ الكيانُ الصهيوني اعتراضَه على المشروع أَو على أجزاء منه؛ فيتدخل الوسطاءُ للضغط على الطرف الآخر لتقديم تنازلات إضافية تحت مبرّر عدمِ موافقة الكيان على المشروع، ومن المفترض أن التنازلاتِ التي تقدَّمُ تكونُ مقابل تنازلات يقدمها الكيانُ ولكن ذلك لا يحدث، وما يحدث أن الضغوطَ تستمرُّ على الطرف الآخر؛ حتى يتمكَّنَ الكيانُ من تحقيق كُـلّ أهدافه التي لم يستطع تحقيقَها من خلال استخدام القوة العسكرية.
ونعيشُ هذه الأيّامُ مرحلةً “مهمةً” من مراحل التفاوض بين الكيان الصهيوني والمقاومة الفلسطينية، ولكن في ظل ظروف مختلفة؛ فبرغم من أن الكيان الصهيوني قد دخل هذه المفاوضات ولديه نفسُ الأسلحة التفاوضية التي ذكرناها سابقًا، لكن الفارق هو أن المقاومةَ الفلسطينية أصبح لديها أسلحة تفاوضية فاجأت العدوّ، ومن أهم تلك الأسلحة امتلاكُ المقاومة أسلحةً نوعيةً بعضُها يتم تصنيعُه في غزةَ، ووجودُ جبهة إسناد قوية تحمي ظهرها، ودخولُ المقاومة المعركة بعقيدة عسكرية مختلفة تعتمدُ على الله في الوصول إلى النصر ولا تعتمدُ على قوى مجاورة أَو خارجية، وفي الأخير تحرُّرُ المقاومة من ضغوط الدول العربية التي لم يعد لها أيُّ فضل عليها بعد أن انخرطت في عملية التطبيع مع الكيان الصهيوني، وكلّ ذلك ساعدها على الصمود أمام العدوّ ما يقاربُ العامَ، كما ساعدها على الوقوف في وجه ضغوطِ الوسطاء أثناء معركة التفاوض؛ ولذلك فالنصرُ قريبٌ بإذن الله.