فرضيات الفصل الأخير من مسرحية “الهيمنة الأمريكية”
|| تقرير || خاص
في ظل تصاعد الهجمات للقوات البحرية اليمنية أصبحت السيطرة على مضيق باب المندب نقطة محورية في الصراع. تشير التقارير الأخيرة إلى انسحاب القوات الأمريكية والأوروبية من المنطقة، مما يعكس الهزيمة أمام الصمود اليمني غير المسبوق في تاريخ المعارك البحرية.
تفرض نتائج هذا الصراع واقعًا يتطلب من المجتمعات الإقليمية والدولية أن تلعب دورا حيويا في إعادة تشكيل التوجهات والسياسات المستقبلية، استنادًا إلى إرادة المنتصر في المواجهة البحرية، وهي القوات البحرية اليمنية. وهذا يعني أن الدول المجاورة والمجتمعات الإقليمية مضطرة للتكيف مع هذه التغيرات السريعة، سواء من خلال تعزيز التضامن مع الموقف اليمني الذي أحدث هذه المتغيرات، أو من خلال العمل على إيجاد حل عادل للمظلومية الفلسطينية في غزة، والضغط على الكيان الصهيوني لوقف نزيف الدماء.
ما يحدث في مضيق باب المندب والبحر الأحمر والعربي والمحيط هي مشاهد حية تروي أحداثًا بطولية لم يسبق للتاريخ الإنساني أن سجل مثيلاً لها. أطلق عليه البعض “أساطير جديدة”، بينما وصفه آخرون بالمستحيلات المتحققة في زمن العجز العربي والصمت العالمي.
إعادة رسم الخارطة
في هذا التقرير، نستعرض بعضًا مما ورد في وسائل الإعلام الأمريكية والغربية حول ما حققه الجيش اليمني من زخم وحضور عالمي غير مسبوق.
تتحدث التقارير عن كيفية تمكن القوات البحرية اليمنية من فرض سيطرتها على مضيق باب المندب، وهو أحد أهم الممرات البحرية في العالم، مما أدى إلى تغيير معادلات القوة في المنطقة. كما تسلط الضوء على العمليات العسكرية الناجحة التي نفذها الجيش اليمني، والتي أثبتت قدرته على مواجهة التحالفات العسكرية الكبرى.
تصف وسائل الإعلام كيف أن هذه الإنجازات قد أثارت اهتمامًا عالميًا، حيث أصبحت اليمن محط أنظار العديد من الدول والمراقبين الدوليين. وتعتبر هذه الأحداث بمثابة تحدٍ للهيمنة الغربية في المنطقة، مما يعكس تحولًا في موازين القوى.
كما تشير التقارير إلى أن هذه التطورات قد تساهم في إعادة تشكيل السياسات الإقليمية والدولية، حيث يتعين على الدول الكبرى إعادة تقييم استراتيجياتها في ظل هذه المتغيرات.
تهميش النفوذ الأمريكي
قال موقع “ذا لونج وار جورنال” الأمريكي المتخصص بالشؤون العسكرية والاستراتيجية إن محور المقاومة يستعد لحرب شاملة مع الكيان الإسرائيلي وراعيته الولايات المتحدة في منطقة “الشرق الأوسط”.
وأكد موقع “ذا لونج وار جورنال” المتخصص بالشؤون العسكرية والاستراتيجية أنه من أجل غزة.. اليمن وباقي محور المقاومة يستعد لحرب شاملة مع “إسرائيل” ويجبر الولايات المتحدة على اتخاذ مواقف دفاعية لحماية قواتها في المنطقة.
وذكر الموقع في تقرير نشره في 5 سبتمبر 2024م: “على مدار نصف قرن لم يهدأ محور العداء تجاه الولايات المتحدة وربيبتها إسرائيل وتصميم محور المقاومة على مواجهة التحديات إزاء التغول الصهيوني والهيمنة الامريكية “.
وأوضح في التقرير أن” الحرب التي شنتها إسرائيل في قطاع غزة لم تترك مجالاً للشك في أن إنشاء محور المقاومة في المنطقة حقق تأثيراً وأهمية استراتيجية”، مبينا أن ”ما تقوم به حركة انصار الله في اليمن وحزب الله في لبنان والفصائل العراقية والسورية أجبر إسرائيل والولايات المتحدة على اتخاذ مواقف دفاعية لحماية قواتهما في المنطقة”.
وأشار التقرير إلى أن” صعود فصائل المقاومة أضعف من النفوذ السعودي والمصري في حين أن الأخيرين يمثلان حلفاء موثوقين للولايات المتحدة وكيانها المحتل في المنطقة مما يعني تهميش النفوذ الأمريكي ويعني أيضا ان من الصعب تجنب الاستنتاج بان من هذا أن إيران ومحور المقاومة غير مستعدين بعد لحرب شاملة مع إسرائيل.
أنصار الله في الصدارة
“الحرب على غزة أسهمت بتقوية محور المقاومة ووضعت أنصار الله في الصدارة بشكل أذهل العالم”.. نتيجة توصلت إليها قراءات مؤسسة “سنشري إنترناشيونال” للأبحاث السياسية، مشيرة إلى أن الحرب العدوانية التي تشنها “إسرائيل” على قطاع غزة المحاصر قد أسهمت في تقوية محور المقاومة وتطوره الى كتله هائلة في المنطقة.
وفي تقريرا لها أكدت المؤسسة “الحرب في غزة منحت محور المقاومة فرصة غير مسبوقة للتوحد، فقد كان تحالفا غير مترابط في السابق، لكنه الان أصبح تحالفا أكثر رسمية مع تطور غير مسبوق في القدرات “.
وأضافت أن” حركة أنصار الله تجاوزت قدراتها بشكل كبير عما كانت عليه في السابق وأصبحت الآن جهة قوية وقادرة على تهديد “إسرائيل” والقواعد العسكرية الأمريكية في المنطقة والممرات الملاحية العالمية والدول العربية في الخليج بشكل مباشر.
وأشار التقرير إن حركة أنصار الله أذهلت العالم عند استهدافها “تل أبيب” بطائرة مسيرة اخترقت دفاعات القبة الحديدة الإسرائيلية.
وأضاف التقرير إن ضربة الطائرات بدون طيار في “تل أبيب” كانت واحدة فقط من سلسلة من الهجمات الفعالة بشكل متزايد على أهداف مرتبطة بإسرائيل منذ تشرين الأول الماضي”.
وأوضح أن” على صناع القرار السياسي الغربيين الاعتراف بالمشهد الجيوسياسي الجديد في الشرق الأوسط واتخاذ إجراءات عاجلة لإنهاء الحرب في غزة، وإذا لم يفعلوا ذلك، فإن المنطقة ستواجه صراعاً متصاعداً في الأمد القريب، وفي الأمد البعيد، عبر ديناميكية أكثر عدائية حيث ستجعل القوة السياسية والعسكرية الجديدة لأنصار الله من الصعب تهدئة الأزمات الإقليمية – مما يقوض أمن السعودية، والشحن الدولي، والمصالح الأميركية”.
وأشار إلى أن” كل طرف من الأطراف الفاعلة داخل المحور نجحت في تحديد دور فريد من نوعه ــ مصمم بعناية وفقاً لموقعها الجغرافي، وقربه من خصومه، وقيمته الاستراتيجية داخل شبكة الحلفاء المعقدة، وقد مهدت الحرب في غزة الطريق أمام أعضاء المحور لتعزيز هذه المحاور”.
أقوى من أي وقت مضى
وفي تقرير نشره في 3 سبتمبر 2024، سلط موقع “UnHerd” البريطاني الضوء على الوضع في البحر الأحمر، حيث أفاد بأن الحصار الذي فرضه أنصار الله (الحوثيون) قد أصبح أقوى من أي وقت مضى، ويشير إلى أن الجيش الأمريكي قد يئس من محاولة رفع هذا الحصار. وذكر التقرير أنه قبل أسبوعين، وعلى الرغم من التواجد العسكري الأمريكي، تمكن “الحوثيون” من اقتحام ناقلة نفط تحمل العلم اليوناني وزرعوا متفجرات عليها، مهللين بشعارات مناهضة لأمريكا وإسرائيل.
كما أشار التقرير إلى أن الجهود العسكرية الأمريكية، بما في ذلك عملية “حارس الازدهار” و”بوسيدون آرتشر”، لم تنجح في تغيير موازين القوى، حيث تمكن “الحوثيون” من فرض سيطرتهم على البحر الأحمر وإجبار البحرية الأمريكية على التراجع. وأوضح أن الصمت الإعلامي حول هذه الهزيمة يعكس شعورًا متزايدًا بالحرج، مشيرًا إلى أن الفشل ليس بسبب نقص الإرادة، بل هو نتيجة لعجز القوات الأمريكية عن وقف هجمات “الحوثيين”.
وذكر الموقع أن “الحوثيين” قد كسبوا السيطرة على البحر الأحمر، مع فشل الولايات المتحدة والغرب في رفع الحصار المفروض من قبلهم. وقد اعتبر التقرير أن موقف البحرية الأمريكية المتراجع في هذه الزاوية الاستراتيجية من العالم يعكس عجزًا عسكريًا وسياسيًا متزايدًا.
تحذر التحليلات من أن استمرار هذا الحصار قد يؤدي إلى نتائج سلبية على الدبلوماسية الغربية في مناطق أخرى، مثل المحيط الهادئ، مما يؤدي إلى تداعيات حقيقية على السياسة العالمية.
وقال التقرير: إن المسألةَ ليست أن الولاياتِ المتحدة “تفتقرُ إلى الإرادَة وتلعَبُ بالقفازات” فقد “حاولت بأفضلَ ما في وِسْعِها، تحديدَ واستهدافَ أسلحة “الحوثيين” ومواقعَ الإطلاق داخل اليمن بدقة، ولكن هناك مشكلة واحدة فقط هي: إنها لا تستطيع ذلك“.
وأضاف: “في عصر حرب الطائرات بدون طيار ومِنصَّاتِ الإطلاق المتنقلة والبنية التحتية المتقدمة للأنفاق، تفتقرُ الولاياتُ المتحدة ببساطة إلى القدرةِ على تحديد وتفجير غالبية الطائرات بدون طيار أَو الصواريخ قبل إطلاقها، هذه المشكلة ليست جديدة تماماً أَيْـضاً، فقد كان صيد صواريخ (سكود) مشكلة كافية خلال حرب الخليج الأولى، وكانت منصات إطلاق سكود أشياءَ ضخمة وثقيلة، أما اليوم، مع تكنولوجيا الطائرات بدون طيار والصواريخ الجديدة، فَــإنَّ العثورَ على مِنصة إطلاق طائرة بدون طيار داخل سلسلة جبلية يشبهُ البحثَ عن إبرة في كومة قش”.
وأوضح أن “هناك مشكلةً أُخرى أكثر وضوحا أَيْـضاً هي أن الطائرات بدون طيار رخيصة الثمن، والصواريخ الاعتراضية الأمريكية والقنابل الموجهة بدقة باهظة الثمن، وبالإضافة إلى هذا، فَــإنَّ الطريقة التي يتم بها تسليم هذه القنابل ــ الطائرات النفَّاثة المأهولة ــ تضيفُ طبقةً أُخرى من التكاليف؛ لأَنَّ الطائرات المقاتلة قد تكلف أكثر من 100 مليون دولار في تكاليف الطيران، وأكثر من ذلك بكثير عندما نضعُ في الحسبان تدريبَ الطيارين (10 ملايين دولار على الأقل للكفاءة الأَسَاسية)، والصيانة والبنية الأَسَاسية”.
وتابع “بعبارة أُخرى، كلما قاتلت أمريكا الحوثيين، كلما خسرت أكثر“. واعتبر التقرير أنه “إذا كانت البحريةُ الأميركية عاجزةً حتى عن رفع الحصار الذي تفرضُه اليمن، إحدى أفقر دول العالم، فَــإنَّ فكرة رفع الحصار حول تايوان مُجَـرّدُ خيال”.
وبالمثل، أوضح التقريرُ أنه إذَا كانت الولايات المتحدة “عاجزةً” عن منافسة إنتاج الأسلحة اليمنية، فَــإنَّ “فكرة التفوق على الصين بأي شكل من الأشكال لا بُـدَّ أن تنتهي على الفور”.
واختتم بالقول: إن “هذا هو السبب وراء الصمت الذي تقابل به هزيمة البحر الأحمر؛ فأكثر من أي صراع آخر محتدم اليوم، تسلِّطُ هذه الهزيمة الضوءَ على الأزمة داخل المنظمة العسكرية الغربية، فضلًا عن حقيقة مفادُها أنه لا توجدُ وسيلةٌ حقيقيةٌ لإصلاحها”.
وأضاف: “الاعترافُ بعجزنا يعني الاعتراف بأن عصرَ الهيمنة الغربية قد انتهى بالفعل، وفي مواجهة القليل من البدائل، سنستمر في السماحِ للحوثيين بتفجير سفننا، ثم نتظاهَرُ بأن كُـلَّ هذا لا يهم حَقًّا“.
هيمنة اليمن تتزايد
تحت عنوان “الهجمات اليمنية مستمرة بشكل يومي واستهداف السفينة “سونيون” مثال على توسيعها، والولايات المتحدة والدول الغربية عجزت عن وقفها”، أبرزت صحيفة “جيروزاليم بوست” العبرية في تقرير لها بتاريخ 3 سبتمبر 2024، تزايد الهيمنة اليمنية في البحر الأحمر. وأشارت الصحيفة إلى أن الهجمات اليمنية، التي تحدث عادة كل يوم تقريبًا، لم تتمكن الولايات المتحدة والدول الغربية من إيقافها، مما يشير إلى تراجع نفوذهم.
وذكرت الصحيفة أن الهجوم الأخير على السفينة “سونيون” يمثل مثالاً واضحًا على كيفية اتساع نطاق الهجمات اليمنية، حيث أثبت “الحوثيون” قدرتهم على تقويض عقود من السيطرة الأمريكية والبريطانية على الممرات البحرية العالمية. كما أضافت أن البحر الأحمر والمناطق المحيطة أصبحت تحت سيطرة “الحوثيين” بشكل متزايد.
كما انتقدت الصحيفة العدو الصهيوني، مشيرة إلى أنه ينبغي على دول مثل المملكة العربية السعودية ومصر بذل المزيد من الجهود لتأمين الممرات المائية، لكنها أشارت إلى القلق من عدم تلقي الدعم الغربي الكافي. وخلص التقرير إلى أن “الحوثيين” وإيران أثبتوا قدرتهم على تغيير معادلات سيطرة القوى البحرية الكبرى في العالم.
في وقت سابق، أفادت “جيروزاليم بوست” أن الوضع في البحر الأحمر يظهر ضعف الهيمنة الأمريكية، مما يزيد من المخاوف بشأن الأمن البحري في المنطقة.
نفوذ عالمي غير مسبوق
وفي تقرير نشره موقع “ذا إنترسبت” الأمريكي بتاريخ 6 سبتمبر 2024، تم تسليط الضوء على تأثير الجيش اليمني في البحر الأحمر بعد 20 عامًا من الحرب الأمريكية في اليمن. وأشار التقرير إلى أن “الحوثيين” يمارسون نفوذًا عالميًا غير مسبوق، مما يمكنهم من خنق البحر الأحمر، على الرغم من الجهود الأمريكية المستمرة.
وذكر التقرير أن الولايات المتحدة، على الرغم من خوضها حربًا في اليمن منذ عقدين، لم تتمكن من منع “الحوثيين” من تنفيذ عمليات مؤثرة في البحر الأحمر. وقد استخدمت الولايات المتحدة قوة بالوكالة لتنفيذ مهام سرية لمكافحة الإرهاب، بالإضافة إلى تقديم الأسلحة والتدريب والدعم اللوجستي للحرب التي قادتها المملكة العربية السعودية في اليمن من عام 2015 حتى عام 2021.
وأشار التقرير إلى أن “الحوثيين”، الذين كانوا الهدف الرئيسي للعمل العسكري الأمريكي، قد تمكنوا من تعزيز نفوذهم على الساحة العالمية. كما تناول التقرير الأثر المدمر للحروب الأمريكية في دول ذات غالبية مسلمة، حيث أشار إلى أن أكثر من 940 ألف شخص لقوا حتفهم بسبب العنف المباشر، بينما توفي ما يقرب من 4 ملايين شخص لأسباب غير مباشرة مثل انعدام الأمن الغذائي.
كما أشار التقرير إلى أن الولايات المتحدة نفذت ما يقرب من 400 هجوم في اليمن منذ عام 2002، بما في ذلك غارات الكوماندوز والاغتيالات بطائرات بدون طيار، مما أدى إلى مقتل وإصابة العديد من المدنيين، بما في ذلك النساء والأطفال.
وأكد التقرير أن “الحوثيين” لا يزالون قادرين على خنق البحر الأحمر، مما يعكس فشل الولايات المتحدة في تحقيق أهدافها في المنطقة.
وأضاف التقرير” أنه “لسنوات، استخدمت الولايات المتحدة قوة بالوكالة لإجراء مهام سرية لمكافحة الإرهاب في اليمن، كما قدمت أمريكا الأسلحة والتدريب القتالي والدعم اللوجستي والاستخباراتي للحرب التي تقودها المملكة العربية السعودية في اليمن من عام 2015 حتى عام 2021”.
شبكة معقدة
أما مؤسسة brookings الأمريكية، فقد أكدت أن اليمنيين مستقلون في صنع القرار وقدراتهم العسكرية المتطورة يتم تصنيعها في الداخل ولا يوجد حل سهل لتهديداتهم. مؤكدة في تصريحات لها نشرت في 4 سبتمبر 2024م أن “الحوثيين” منذ بدأوا في مهاجمة الملاحة البحرية، وصفتهم التغطية الإعلامية والتصريحات الرسمية بأنهم وكلاء لـ إيران، وهذا يقلل من أهمية التهديد الذي يشكله “الحوثيون” ويحجب الحل، لأن الحقيقة أنهم ليسوا وكلاء لإيران.
وأكدت المؤسسة أن “الحوثيين” جانب مستقل من شبكة معقدة بشكل متزايد، وأي محاولات لمعالجة التهديد الذي يشكله “الحوثيون” من خلال الضغط على إيران أو التعامل معها محكوم عليها بالفشل
وقالت: لقد أظهر “الحوثيون” استقلالهم في صنع القرار، وكذلك قاموا بتحسين قدرتهم على تصنيع الأسلحة داخل اليمن وصقلوا خبرتهم المستقلة بأسلحة جديدة، مستفيدين من حقيقة أنهم تم اختبارهم في المعارك بطريقة لا تتمتع بها إيران
وأشارت إلى أن السعوديين أدركوا أن حل المشكلة مع “الحوثيون” لن يمر عبر طهران بل عبر صنعاء، ولم تتعلم إسرائيل وغيرها من الدول التي ركزت على “الحوثيون” كجزء من التهديد الإيراني.
لا يوجد حل سهل
من جهتها، اعترفت مؤسسة أبحاث أمريكية بفشل أمريكا الذريع في محاولة وقف العمليات اليمنية المساندة لغزة وبفشل الهجمات الامريكية البريطانية على اليمن في تحقيق أهدافها.
وقالت مؤسسة ” بروكينجز الأمريكية”: إنه لا يوجد حل سهل للتهديد اليمني ومحاولة القضاء على قدراتهم عبر شن هجمات جوية تخريبية، سبق وأن فشل في تحقيقه التحالف السعودي، وكذلك الضربات الأمريكية والبريطانية
وأضافت” تنفيذ “اليمنيين” هجمات مشتركة مع المقاومة الإسلامية في العراق، يدل على التوجه لتنفيذ هجمات منسقة من اتجاهات متعددة أكثر انتظامًا تعقد الجهود الدفاعية، وقد يمتد تعاونهم إلى ما هو أبعد من الشرق الأوسط
وأشارت المؤسسة في تقريرها أن اليمنيين يستفيدون من خبرتهم المكتسبة في الحرب لتطوير وتعديل الأسلحة المختلفة، مما يُمكّنهم من تنفيذ هجمات متقدمة، لافتًا إلى أن القضاء على قدرة اليمنيين على شن هجمات يعد أمرًا صعبًا للغاية، حيث تمكنوا من تعزيز قدراتهم على تصنيع الأسلحة محليًا وصقل خبراتهم المستقلة بأسلحة جديدة.
وذكر التقرير أن اليمنيين قاموا بسرعة بتحسين استخدامهم للسفن السطحية غير المأهولة خلال الأشهر القليلة الماضية، مما سمح لهم بإغراق سفينة فحم يونانية في يونيو الماضي.
وأكد التقرير أن الضربات الأميركية والبريطانية الأخيرة لم تؤثر بشكل كبير على قدرات اليمنيين الهجومية، وذلك بسبب قدرتهم على حماية إمدادات أسلحتهم من الغارات الجوية.
أمريكا بلا دور
وفي تقرير لوكالة “أسوشيتد برس” بتاريخ 4 سبتمبر 2024، تم تسليط الضوء على الوضع الحالي في البحر الأحمر بعد الهجوم على ناقلة النفط “سونيون”. حيث أفادت الوكالة بأن عمال الإنقاذ قد تخلوا عن محاولة أولية لسحب السفينة المشتعلة، مشيرين إلى أن “المضي قدمًا ليس آمنًا”، وأن الشركات الخاصة تبحث عن حلول بديلة.
كما أكدت الوكالة أن البحر الأحمر يخلو من السفن الحربية الأمريكية، وأن بعثة الاتحاد الأوروبي قد تولت المسؤولية بعد الهجوم على السفينة. وأوضح مسؤول أمريكي أنه “لا يوجد للجيش الأمريكي أي دور في عملية سحب السفينة سونيون”.
تجدر الإشارة إلى أن حاملة الطائرات الأمريكية “أيزنهاور” قد خدمت مؤخرًا في مهمة استمرت لعدة أشهر في البحر الأحمر، حيث واجهت أشد المعارك المستمرة التي شهدتها البحرية الأمريكية منذ الحرب العالمية الثانية.
تقويض عقود من السيطرة
وفي سياق متصل، حذر المحلل البارز في مجموعة “RANE” الاستشارية للمخاطر، ماثيو بي، من أن الهجمات اليمنية قد تستمر حتى يتم التوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة. وأشار ماثيو إلى أن “الحوثيين” قد تعلموا الكثير مما كانوا يفعلونه على مدار العام الماضي، وقد أدركوا أنهم قادرون على تحقيق نجاح كبير في هذا المجال، مما قد يجذب انتباه الغرب.
هذا الوضع يعكس التوترات المتزايدة في المنطقة، ويشير إلى تحول في الديناميات العسكرية في البحر الأحمر، حيث يبدو أن “الحوثيين” قد اكتسبوا القدرة على التأثير على العمليات البحرية بشكل أكبر مما كان متوقعًا.
صنعاء تطور قدراتها
على الصعيد ذاته، قال معهد لووي للأبحاث الدولية في أستراليا، في تقرير نشره بتاريخ 6 سبتمبر 2024، أنه تم التأكيد على فشل التحالفات العسكرية الأمريكية والأوروبية في مواجهة التحديات في البحر الأحمر. وأشار المعهد إلى أن العمليات العسكرية اليمنية في البحر الأحمر لم تتوقف، على الرغم من وجود قوات عسكرية متعددة الجنسيات.
كما أشار التقرير إلى أن التحالف المعروف باسم “تحالف الازدهار” لم يتمكن من حماية الملاحة إلى الكيان الصهيوني. وفي سياق متصل، تحدث معهد “بروكينجز” الأمريكي عن تطور القدرات العسكرية للجيش اليمني، مشيرًا إلى نجاح عملياتها المساندة لغزة. وأكد التقرير أن اليمنيين يستخدمون خبراتهم المكتسبة من الحرب لتطوير أسلحة جديدة، مما يجعل من الصعب القضاء على قدرتهم على شن الهجمات.
من جانبها، أكدت مؤسسة “سنشري إنترناشيونال” للأبحاث السياسية أن الحرب على غزة ساهمت في تقوية محور المقاومة، حيث أصبحت حركة أنصار الله قوة بارزة قادرة على تهديد إسرائيل والقواعد العسكرية الأمريكية في المنطقة. وأشار التقرير إلى أن حركة أنصار الله أظهرت قدرات متطورة، بما في ذلك استهداف تل أبيب بطائرة مسيرة اخترقت دفاعات القبة الحديدية الإسرائيلية، مما أثار دهشة العالم.
توسيع نطاق الأهداف
وفي تقرير نشرته صحيفة “rossaprimavera.ru” الروسية بتاريخ 7 سبتمبر 2024، تم تسليط الضوء على فشل الولايات المتحدة وحلفائها في مواجهة التحديات البحرية نتيجة تصاعد أنشطة حركة أنصار الله في اليمن. وأشار الكاتب أندريه شتشيزنياك إلى أن الولايات المتحدة وحلفائها غير قادرين على التعامل مع اليمنيين، وتحديدًا مع تحكمهم في طرق الملاحة البحرية الحيوية.
وأوضح التقرير أن حركة أنصار الله أغلقت الطريق أمام الولايات المتحدة وحلفائها، رغم الجهود التي بذلت لضمان سلامة الأسطول التجاري، حيث يُعد الطريق عبر البحر الأحمر أقصر طريق بين آسيا وأوروبا ويشهد 30% من حركة الحاويات العالمية و12% من نقل النفط.
وأشار التقرير إلى أن العملية بدأت عندما استولى “الحوثيون” على السفينة “جالاكسي ليدر” في نوفمبر 2023. في سياق ذلك، تم الإعلان عن إنشاء تحالف “Guardian of Prosperity” في ديسمبر 2023، ولكن على الرغم من إسقاط الطائرات بدون طيار وصواريخ الحوثيين وتنفيذ غارات جوية، لم يتمكن التحالف من وقف الهجمات ضد السفن.
أضاف المقال أن “الحوثيين” قاموا بتوسيع نطاق أهدافهم، حيث اعتبرت جميع السفن المرتبطة بالمعتدين أهدافًا. وقد شملت الهجمات السفن التجارية والحربية، بما في ذلك حاملة الطائرات الأمريكية “أيزنهاور”. ورغم إعلان الجيش الأمريكي عن صد جميع الهجمات، اضطرت القوات الأمريكية إلى سحب مجموعتها من شواطئ اليمن.
واعتبر التقرير أن جهود القوات الغربية كانت فاشلة، مشيراً إلى أن حركة سفن الحاويات على طول الطريق انخفضت بنسبة 90%. كما أبلغت البحرية البريطانية عن هجوم على سفينة بريطانية بالقرب من ميناء عدن، مما يبرز التهديد المتزايد الذي تشكله حركة أنصار الله على الملاحة البحرية في المنطقة.
في الختام، يعكس ما يحدث في مضيق باب المندب والبحر الأحمر والعربي والمحيط تحولًا تاريخيًا قد يغير مجرى الأحداث في المنطقة، ويستدعي من المجتمع الدولي اتخاذ مواقف جديدة تجاه الصراع في اليمن.