ثورة 26 سبتمبر منكم براء!
موقع أنصار الله ||مقالات ||نصر الرويشان
ما يثير الدهشة ويدعو إلى الاستغراب أن يتم استغلال ذكرى ومناسبة ثورة الـ26 من سبتمبر من كُـلّ عام لأغراض دنيئة وحقيرة من قبل بعض المشبوهين والفاسدين والعملاء، الذين لم يكن لهم أية أدوار في مراحل النضال الأولى والفترة التي مهد فيها الثوار الأبطال لقيام الثورة في فجر الـ26 من سبتمبر العام 1962 م، بل إن هؤلاء أنفسهم هم ذاتهم وآبائهم وأقربائهم من قبلهم هم من خانوا الثورة وأهدافها التي ناضل الثوار؛ مِن أجلِ تحقيقها، وهم الذين كان لهم باع طويل في تغيير المسار الثوري ومحاربة الثورة والثوار، وسعوا جاهدين للكسب غير المشروع وتعظيم المكاسب المادية وتأسيس وتعزيز الإقطاعية واللصوصية والعمالة والارتهان لقوى خارجية، واستعباد الشعب اليمني وحرمانه من كافة حقوقه وسلبته حريته وامتهان كرامته، والذي كانت ثورة 26 سبتمبر هي السبيل والطريق الوحيد لتحقيق ما يحلم به ويصبوا إليه شعبنا اليمني.
ليس كلاماً للمزايدة والاستهلاك الإعلامي أَو التبرير الواهي غير المنطقي، بل هي حقائق واضحة وبينة لكل من ناضل وثار وقاتل؛ مِن أجلِ أن تتحقّق الثورة السبتمبرية، وهؤلاء المتسلقون من تنطق وتتفوه ألسنتهم بما ليس بما في قلوبهم هم أنفسهم من حارب الثوار واضطهدهم وسجنهم وعذبهم وشردهم، وعمل على ممارسة الإقصاء والتهميش عليهم خلال تلك الفترات، وخَاصَّة فترة الحكم العفاشية الذي كان من أهم معالمه الانحراف عن الأهداف السبتمبرية العظيمة، والتي كان ينشدها كُـلّ أبناء شعبنا اليمني، وكان من أهم ما تحقّق على أيدي أُولئك المتنفذين اللصوص والفاسدين هو الانحراف وتغيير المسار الثوري فشاع الظلم وعم الفقر وانتشرت البطالة ومورس التجهيل الممنهج على أيديهم وأيدي أعوانهم وزبانيتهم.
أما الجيش القوي الذي كان أحد الأهداف الخالدة للثورة السبتمبرية فقد تعمد الحكم العفاشي إلى إضعافه وتجريده من كُـلّ القيم والمبادئ العسكرية وحاول عبر كُـلّ الوسائل إلى إضعاف عقيدته وروحه القتالية وإشغاله بمواجهات وحروب داخلية عن طريق افتعال الفتن وجعلوا من الجيش والشعب وقوداً يشتعل ويحرق ويأكل بعضُه بعضًا، كما عمدوا على تحويله من حماية السيادة وحماية الأرض إلى حماية الممتلكات الخَاصَّة وللاستعراض فقط وتسخيره لخدمة الأجندة الاستعمارية الأمريكية والصهيونية، وسمحوا لتلك القوى الخارجية باستباحة الأراضي والجزر والمياه والممرات الإقليمية.
كما عمل عفاش ونظامه على نهب الثروات لصالحه ولصالح أبنائه وأقربائه وزمرته، وتبديد أموال الشعب في بناء القصور وشراء الأراضي والمزارع والسيارات وكانت مظاهر البذخ والتبذير للمال العام أهم ما يقومون به، وتهريب الأموال إلى البنوك الخارجية وتأسيس الشركات التجارية، وكانت سياستهم تهدف إلى تدمير الاقتصاد والزراعة والاعتماد على الخارج وتدمير الصناعات الوطنية وإضعاف العملة وإقرار ورفع الجرعات السعرية مما يضعف القوة الشرائية للمواطن ويزيد من أعباءه المعيشية وتكاليف الحياة التي يتحملها وَترتفع يوماً بعد يوم، وبالتالي زيادة البطالة وتعميم الفقر وانحسار الطبقة الوسطى تماماً، والعمل على تغييب وإهمال الدور الرئيسي الهام للدولة في ترسيخ العلم والاهتمام بمناهجه وكادره وأدواته وتشجيع الكوادر من أصحاب العقول النيرة من علماء وباحثين مخترعين ومفكرين وأدباء ومثقفين، وعملوا بشكل ممنهج وَمتعمد على تجهيل المجتمع وإضعاف المناهج وتدمير البنية التعليمية كاملة حتى لا يرى شعبنا النور ولا يلحق بمصاف الدول المتقدمة وأدى ذلك لهروب أصحاب العقول ونخبة المجتمع ليبحثوا لهم عن بيئة حاضنة لهم يستطيعون من خلالها أن يظهروا مواهبهم وقدراتهم العلمية والعملية ويحظوا بالعيش الكريم الذي حرموا منه في بلدهم جراء سياسات التجهيل الذي مارسها النظام العفاشي البغيض.
لقد أفرغ عفاش وعصابته خلال عقود ومراحل زمنية الدولة من كُـلّ قيمة وأضعفوها وجعلوها عرضة للاستغلال والنهب الممنهج لكل ممتلكاتها ومدخراتها وثرواتها وأثقلوها بالقروض والديون وأضعفوا القوانين وهيأوها بما يخدم رغباتهم وَمصالحهم، وتم تغييب الكفاءات في الاختيار والتعيين وكانت معايير الاختيار لديهم شخصية كالأسرة والقبيلة والمنطقة والحزب ومورست الوساطات والمحسوبيات وأقصي الشرفاء والكفاءات وأصبحت النزاهة والشرف والكفاءة مسبة وعاراً يلقى ويتهم به صاحبه.
أما عن تفسخ الأخلاق وشيوع الفساد الأخلاقي والمجتمعي والعمل من خلال أفرادهم وأعوانهم والسفارات التي يرتبطون بها فكان لهم في ذلك أدوار كبيرة وعملوا بكل ما لديهم من إمْكَانات على تحقيق ذلك.
وعندما أتى يوم ثوري جديد في الـ 21 من سبتمبر العام 2014 م بقيادة ثورية شعبيّة صادقة نقية لتعيد لثورة الـ26 من سبتمبر إلى مسارها الصحيح، والذي انطلق ثوارها الأوائل؛ مِن أجلِ تحقيق تلك الأهداف العظيمة والتي كانت تعبر عن طموح وتطلعات شعبنا اليمني العظيم ولا زال يطمح إليها، رأينا من حاربوا ثورة 26 سبتمبر 1962م هم ذاتهم من أعلنوا حربهم على ثورة وثوار الـ 21 من سبتمبر 2014م وأعلنوا عدوانهم وتحالفهم الأمريكي والصهيوني والسعوديّ والإماراتي ومن وافقهم من بقية الدول، ورأيناهم يقصفون اليمن ويدمّـرونها شمالاً وجنوباً وشرقاً وغرباً، وبراً وبحراً، ويقتلون ويحرقون ويرتكبون آلاف المجازر والجرائم بحق هذا الشعب المظلوم، ولم نرَ إلا المخلصين الأوفياء من شعبنا اليمني، ثوار الـ 21 من سبتمبر 2014 م وعلى رأسهم قائد شجاع أحب الله وشعبه ووطنه؛ فكان وأتباعه من الثوار ومن أنظم إليهم من أحرار هذا الشعب هم الصخرة الصلبة والحصن المتين والسد المنيع الذي تحطمت وتكسرت أمامهم كُـلّ آمالهم وأحلامهم وأمنياتهم الواهمة، كما خسرت وانهزمت جيوشهم وكلّ ما يملكون من عتاد وقوة لم يستطع التغلب أَو الصمود في وجه ثورة الـ 21 من سبتمبر 2014م التي كانت وستظل هي ثورة الشعب المظلوم وهي الامتداد الحقيقي والأكيد لثورة الـ26 من سبتمبر 1962م.
فلا ترفعوا الأعلام يا لصوص الأوطان ولا تتغنوا بالثورة السبتمبرية، ولا تلوثوها فهي طاهرة نقية يسوؤها ويحط من قدرها كلامكم المزيف عنها، ولتعلموا أن شعبنا اليمني قد اختار طريق الحرية والاستقلال والعيش بكرامة في وطنه ورفض كُـلّ أنواع الارتهان والعمالة وقرّر ألا يحكمه أمثالكم مهما يكن الثمن.