فلسطين 2 وفادي 1.. وحدة الهدف والوجهة
أنصار الله. تقرير
يعاني لبنان في الآونة الأخيرة من تصعيد خطير لعدوان الكيان الإسرائيلي، حيث تتعرض مناطق متنوعة في البلاد لسلسلة من الغارات الجوية التي أدى استخدامها المفرط للقوة إلى ارتفاع ملحوظ في عدد الضحايا.
وعلى الرغم من هذا التصعيد، تواصل جبهة الإسناد اللبنانية الحفاظ على أدبيات مقاومتها، متمسكة بمبدأ “وحدة الساحات” الذي يربط مصير لبنان بمصير القضية الفلسطينية، حيث تعكس هذه المقاربة الخطاب المتواصل الذي تبنته القوات المسلحة اليمنية، والتي تشترك في المواجهة المباشرة وتحذر من تهديدات قوات العدو على ممرات الملاحة في البحر الأحمر.
تؤكد إيران، وفقاً لتصريحات وزير خارجيتها، أنها لن تظل مكتوفة الأيدي في مواجهة حرب شاملة تستهدف لبنان، وهو موقف يلقى دعمًا غير مشروط من العراق. منذ الثامن من أكتوبر، تشهد الحدود الشمالية لفلسطين المحتلة أحداثًا متواصلة من التوتر، حيث يتبادل جيش العدو الاسرائيلي وحزب الله اللبناني النيران بشكل يومي. ونجح الحزب في الحفاظ على مستوى مقاومته دون الانزلاق إلى حرب شاملة، مركّزاً على استهداف المواقع العسكرية الإسرائيلية في شمال فلسطين المحتلة..
إلا أن هذه المواجهة المحسوبة قد تحولت مع مرور الوقت إلى ما يوصف بـ “حساب مفتوح”، وذلك تزامناً مع تصاعد الهجمات الإسرائيلية التي تهدف إلى تحييد قدرات حزب الله. وشملت هذه الهجمات تفجيرات أجهزة النداء الخاصة بمجاهدي الحزب، واغتيالات لقادة عسكريين بارزين مثل فؤاد شكر، وإبراهيم عقيل، وأحمد وهبي، وإبراهيم قبيسي. كما شنت قوات العدو الإسرائيلي غارات جوية كثيفة أدت إلى استشهاد مئات اللبنانيين وإصابة الآلاف، من مناطق الجنوب إلى مناطق البقاع، مرورًا بالضاحية الجنوبية لبيروت.
هذا التقرير يستعرض بعضا من تفاصيل الوضع الراهن في لبنان، مستعرضًا الغارات الإسرائيلية، والردود العسكرية لحزب الله، ويلمح على الدور المحور لمحور المقاومة، ويفضح الدعم الأمريكي والتخاذل العربي الإسلامي.
التصعيد الإسرائيلي يتجدد
بعد فترة من الهدوء النسبي في سماء الجنوب، عاودت الطائرات الحربية الإسرائيلية غاراتها على القرى والبلدات الجنوبية. حيث استهدفت الهجمات إحدى المناطق القريبة من سراي صيدا الحكومي خلال انعقاد مجلس أمن فرعي، مما يعكس تصاعد التوتر في المنطقة.
بدأ التصعيد باستهداف بلدة الغازية، حيث شن الطيران الإسرائيلي غارتين على منزل في منطقة الريجي بالقرب من جامع الشحوري، بالإضافة إلى غارة قرب الثانوية الرسمية. كما تعرضت البلدة ليلًا لأربع غارات طالت مجمعًا سكنيًا ومبنى مكونًا من عدة طبقات، ولكن لم تُسجل إصابات بشرية نتيجة لتلك الهجمات.
واصل الطيران الصهيوني سلسلة غاراته، حيث استهدفت ثلاث غارات بلدة قناريت المطلة على الغازية، مما أدى إلى إصابة عدد من الأشخاص. كما طالت الغارات منطقة بين النجارية والعدوسية في الزهراني، بالإضافة إلى غارتين استهدفتا بلدة حومين التحتا وزيتا. تجدر الإشارة إلى أن جولة على المستشفيات في منطقة الزهراني كشفت أن معظم الجرحى قد غادروا المستشفيات، فيما بقي البعض قيد العلاج بإصابات متوسطة.
العدو يوسّع اعتداءاته على قرى بعلبك
في خضم تصاعد الأعمال العدائية من قبل العدو الإسرائيلي، تعرضت مدينة بعلبك لسلسلة من الغارات الجوية، حيث قام العدو الصهيوني بتنفيذ ست غارات متحركة استهدفت منطقة غرب الطريق الدولي في محيط بلدة إيعات. وقد أسفرت هذه الغارات عن احتراق مبنى يعود لآل الزين بشكل كامل، في حين تمكنت فرق الدفاع المدني من السيطرة على النيران وإخمادها.
بالإضافة إلى ذلك، استهدفت الطائرات المعادية مبنىً خالٍ خلف مستشفى دار الأمل الجامعي في بلدة دورس، ما أدى إلى تدمير المبنى، بينما اقتصرت الأضرار على الجانب المادي دون حدوث إصابات بشرية. وتمثل هذه الغارات امتدادًا للعمليات العسكرية الإسرائيلية، حيث وسع الطيران المعتدي من هجماته لتشمل السلسلة الشرقية مستهدفًا المعابر التي تربط لبنان بسوريا. وقد تصدرت الطرق الجبلية في جنتا ويحفوفا والشعرة قائمة الأهداف المستهدفة.
في سياق متصل، أفادت التقارير بأن الطيران المعادي استهدف منطقة جبل كفرزبد بين قوسايا وكفرزبد عند الساعة الواحدة والنصف بعد منتصف ليل أمس، بهدف قطع الطرق والمعابر بين سوريا ولبنان على السلسلة الشرقية. ومن جهة أخرى، استهدفت الغارات المناطق الحدودية الغربية من البقاع، حيث طالت قرى وبلدات عدة، منها مشغرة والنبي نون وبلدة لبايا. كما سجلت غارة في محيط بلدة سحمر أسفرت عن سقوط شهيد وجريح.
تجدر الإشارة إلى أن التصعيد الذي شهدته منطقة البقاع الغربي لم يكن معزولًا، فقد سبقته عملية استهداف لدراجة نارية يستقلها شخصان في منطقة القصر الحدودية أدت إلى استشهادهما. وتركز الاعتداءات بشكل تدريجي على مناطق حوش السيد علي الحدودية، مما يعكس حاجة الاحتلال إلى تعزيز تحركاته عسكريًا في هذا السياق
كما تزامن هذا التصعيد مع سلسلة من الغارات التي طالت القرى الشرقية لبعلبك والبقاع الشمالي. وقد تمركزت الغارات على الطرق والمعابر، حيث استهدف الطيران الحربي المعادي معبر لجسر عند مطربا الحدودي بين لبنان وسوريا، مما أسفر عن سقوط خمسة شهداء وإصابة عدد كبير من الجرحى من اللبنانيين والسوريين، فيما تعرض مركز الأمن العام السوري للأضرار من الجهة المقابلة.
حزب الله يرد بالمثل
تواصل المقاومة الإسلامية عملياتها العسكرية ضد مواقع العدو، حيث قامت باستهداف عدة أهداف داخل الأراضي المحتلة، محققة إصابات مباشرة حسب التصريحات.
- 1. مستعمرة كريات آتا: تم استهداف المستعمرة بصليات من صواريخ فادي 1، مما يعكس استمرار المقاومة في توجيه ضربات للعدو.
- 2. مدينة طبريا: تم استهداف المدينة مرتين خلال يوم واحد، بصليات صاروخية، مما يؤكد تصعيد الهجمات ضد الأهداف الاستراتيجية للعدو.
- 3. مستعمرة إيلانيا: تم استهداف هذه المستعمرة كذلك بصواريخ فادي 1، في إطار الجهود المستمرة للضغط على العدو.
جاءت هذه العمليات في إطار الدعم لشعب فلسطين، والتأكيد على حق المقاومة في الدفاع عن الحقوق والأراضي، مع الإشارة إلى الاستباحة الإسرائيلية للمدن والقرى مما يبرر تلك العمليات
وتستمر المقاومة الإسلامية في توجيه ضرباتها مع التركيز على حقها المشروع في الدفاع عن المقدسات والحقوق، وتأكيد دعمها للقضية الفلسطينية.
فلسطين2 يجدد العهد بالمساندة
في سياق دعم المقاومة، أكد قائد الثورة السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي أن “معركة حزب الله في لبنان وكتائب القسام وسرايا القدس وبقية الفصائل هي معركة واحدة ضد عدو واحد، هو العدو الإسرائيلي وشركاؤه“.
وأشار السيد القائد إلى أن “قوى الجهاد والمقاومة في فلسطين ولبنان قد واجهت تحديات جسيمة في كل المراحل السابقة، لكنها استطاعت تجاوزها بفضل الله تعالى وتأييده”. ولفت إلى أن “الفعل الجهادي والمقاوم مستمر رغم كل ما يملكه العدو، وهو يؤثر بشكل واضح على طموحات العدو وآماله المستقبلية“.
وأضاف السيد القائد بأن “عملية القصف الصاروخي على يافا المحتلة الأسبوع الماضي كانت عملية كبيرة ومؤثرة، حيث اخترق القصف الصاروخي جميع منظومات حماية العدو، مما يجعلها إنجازاً هاماً بتوفيق الله في إطار المرحلة الخامسة“.
كما تطرق إلى “نجاح عمليات إسقاط الطائرة الاستطلاعية الأمريكية MQ-9، والتي تمثل إنجازاً كبيراً في معركة المقاومة ضد الأعداء“.
وفي بيان صادر عن القوات المسلحة اليمنية، جاء أن العملية العسكرية التي نفذتها القوات المسلحة جاءت استجابة لأمر الله سبحانه وتعالى: {يَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ إِن تَنصُرُوا۟ ٱللَّهَ یَنصُرۡكُمۡ وَیُثَبِّتۡ أَقۡدَامَكُمۡ}. وقد استهدفت العملية هدفاً عسكرياً تابعاً للعدو الإسرائيلي في منطقة يافا المحتلة (تل أبيب) باستخدام صاروخ باليستي من نوع “فلسطين2″، كما استهدفت هدفاً حيوياً في منطقة عسقلان المحتلة عبر طائرة مسيرة من نوع “يافا”. وقد حققت العمليتان أهدافهما بنجاح.
وأكدت القوات المسلحة اليمنية أنها ستواصل تنفيذ المزيد من العمليات العسكرية ضد العدو الإسرائيلي، انتصاراً لدماء إخوتنا في فلسطين ولبنان، وأنها بعون الله تعالى لن تتوقف عن عمليات الإسناد العسكري في الأيام المقبلة حتى يتوقف العدوان الإسرائيلي على غزة ولبنان.
الجماهير اليمنية، هي الأخرى، خرجت في صنعاء و15 محافظات حرة، بالملايين نصرة لفلسطين ولبنان، وتأييدا وتفويضا للقيادة اليمنية ممثلة بقائد الثورة السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي فيما تقدمه من دعم ومساندة عسكرية ومعنوية لإسناد جبهات المقاومة الباسلة في لبنان وفلسطين.
والمحور يتوعد “إسرائيل”
ومن جانب آخر، أكد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي في كلمة له خلال اجتماع وزراء خارجية دول البريكس العشرة في نيويورك أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية لن تبقى مكتوفة الأيدي أمام حرب شاملة في لبنان.
وأشار عراقجي إلى عجز المجتمع الدولي عن إنهاء الجرائم التي يرتكبها كيان الاحتلال الصهيوني خلال الأشهر الاثني عشر الماضية، واعتبر الوضع في غزة ولبنان مثيراً للقلق. وطرح اقتراحاً بتخصيص جزء من الاجتماع المرتقب لقادة مجموعة البريكس في قازان بروسيا للمناقشة حول أزمة غزة.
من جانبه، أدلى رئيس مجلس النواب نبيه بري بتصريح لصحيفة “لوريان لو جور”، قال فيه إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يكذب على الجميع وقد تراجع عن موافقته على المبادرة الأميركية – الأوروبية. وشدد على ضرورة أن يسري وقف إطلاق النار لمدة 21 يوماً في لبنان وغزة على حد سواء، مؤكدًا أنه “لا يمكن التخلي عن أهالي القطاع”.
الدعم أمريكي للعدوان الصهيوني
نقلت عدة مصادر أخبار تتعلق بالدعم الأمريكي للكيان الصهيوني والجهود المحلية لتعزيز قوات الاحتلال، حيث أكدت تلك المصادرأـن المدير العام لوزارة الحرب الإسرائيلية، اللواء احتياط إيال زمير، أتم الاتفاق على حزمة مساعدات أمريكية للعدوان على لبنان، تصل قيمتها إلى 8.7 مليار دولار، وتتضمن 3.5 مليار دولار لتمويل المشتريات الحيوية في الحرب، تم تحويلها إلى حساب وزارة الحرب الإسرائيلية، بالإضافة إلى 5.2 مليار دولار مخصصة لتعزيز أنظمة الدفاع الجوي مثل القبة الحديدية ومقلاع داوود.
ولا تزال اللقاءات الاسرائيلية مع كبار المسؤولين في الإدارة الأمريكية، بما في ذلك نائب وزير الحرب الأمريكي، لبحث تفاصيل المساعدة وتأمين الدعم العسكري.
الداخل الإسرائيلي يرتد خوفا
كشف تقرير من صحيفة “هآرتس” عن خطة وزير الداخلية الإسرائيلي، موشيه أربيل، لتجنيد طالبي اللجوء الأفريقيين في الأراضي المحتلة. حيث ستقوم سلطات العدو بتحديد مواقع الشبان، وتجنيدهم في جيش العدو، مع وعد بمنحهم إقامة دائمة بعد انتهاء دورة التدريب.
وتشير البيانات إلى وجود حوالي 30 ألف طالب لجوء أفريقي، معظمهم من إريتريا، في الأراضي المحتلة، بينهم أطفال لا يحملون أوراقاً رسمية.
هذه الأخبار تعكس تواتر الدعم العسكري والمالي الأمريكي للكيان الصهيوني، وأيضًا الاستراتيجية الجديدة للاحتلال تجاه طالبي اللجوء، مما يعكس الوضع المعقد في المنطقة وتأثيره على المدنيين.
من جانبه، أعرب اللواء احتياط إسحاق بريك، المفوض السابق لشكاوى الجنود في جيش الاحتلال، عن قلقه من قدرة الجيش الإسرائيلي على قهر حزب الله، مشيرًا إلى الفشل السابق في التعامل مع حماس في غزة. في مقاله بصحيفة “معاريف”، طرح بريك تساؤلات حول استراتيجيات الجيش، مشددًا على أن العمليات العسكرية وحدها لا تكفي لتحقيق النصر.
ومن أهم النقاط الرئيسية التي ركز عليها إسحاق بريك في مقاله، قال بريك: إذا كان الجيش الإسرائيلي قد عجز عن القضاء على حماس، فإنه من غير المحتمل أن يتمكن من “سحق” حزب الله.
وفي تحذيراته من التصعيد، أشار إلى أن تصعيد العمليات ضد حزب الله، مثل الأعمال التي شهدها قطاع غزة، لن يحقق النجاح المنشود، إذ سيظل الحزب قائمًا رغم الدمار.
وعلى صعيد الوضع الاجتماعي والاقتصادي، حذر من أن استمرار الحرب سيؤدي إلى نتائج كارثية على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي، مع احتمال تفكك الجيش الإسرائيلي.
وانتقد بريك تآكل القدرات العسكرية للجيش البري وأكد على أن إسرائيل لا تستطيع الاعتماد على سلاح الجو وحده لتحقيق الانتصار.
وعن أهمية الدعم الأمريكي للكيان، أكد على أهمية المساعدات العسكرية الأمريكية لإسرائيل، مشيرًا إلى أن غياب الدعم الأمريكي قد يترك إسرائيل عاجزة أمام التهديدات الخارجية..
علي صعيد الديناميكيات الجيوسياسية، وصف تحالفات الدول مثل روسيا والصين وإيران، مشيرًا إلى ضرورة التعامل مع التحديات الناتجة عن التسليح الكبير الذي تتلقاه الجيوش العربية.
ودعا بريك، في نهاية مقاله، إلى ضرورة الاعتراف بالحقائق الراهنة وعدم تجاهل التحديات الكبيرة التي تواجه إسرائيل على عدة أصعدة، مشددًا على أهمية التفكير الاستراتيجي في التعامل مع الأزمات المستقبلية.
الارتقاء إلى حجم المسؤولية
يتضح أن الوضع الراهن في لبنان وغزة يتطلب من الأمتين العربية والإسلامية موقفًا موحدًا وقويًا. فلا يمكن التغاضي عن الجرائم والانتهاكات التي يرتكبها العدو الإسرائيلي بحق الشعبين الفلسطيني واللبناني، والتي تُظهر بوضوح أن لغة الحوار والمفاوضات لم تُحقق الاستقرار أو السلام المنشود.
إن التاريخ يذكرنا بأن ما أُخذ بالقوة لن يُستعاد إلا بالقوة، وهذا يتطلب من الدول العربية والإسلامية تعزيز قدراتها العسكرية والسياسية والاقتصادية، وتوحيد الصفوف في مواجهة التحديات الماثلة. يجب على القادة والمجتمعات أن يرتقوا إلى حجم المسؤولية التاريخية، وأن يقفوا إلى جانب المقاومة الفلسطينية واللبنانية في سعيها لاستعادة الحقوق والمقدسات.
إن الوقت قد حان لأحوال الأمة أن تعود إلى مسارها الصحيح، وتدرك أن الوقوف مع قضايا الحق يتطلب أفعالًا ملموسة وإرادة صلبة. فالمشاهد الدامية في غزة ولبنان تحتاج إلى رد حاسم يُنهي الاحتلال ويعيد الحقوق إلى أصحابها، ويؤكد للجميع أن وحدة الصف وقوة الموقف هما الأساس لتحقيق العدالة.