إذا تأمل الإنسان في مظاهر قدرة الله وسعة علمه سيجد نفسه مبهوراً

موقع أنصار الله | من هدي القرآن |

ويقول سبحانه وتعالى: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ الرَّحِيمُ الْغَفُورُ} (سـبأ:1-2)  إلى قوله تعالى: {عَالِمِ الْغَيْبِ لا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الْأَرْضِ وَلا أَصْغَرُ مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْبَرُ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ}(سـبأ: من الآية3) الحمد لله معناه: الثناء على الله، الذي يستحق الثناء كل الثناء هو الله سبحانه وتعالى، هو من لـه ما في السموات وما في الأرض، وتأتي العبارة أحياناً بلفظ: {مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} (البقرة: من الآية107) وأحياناً: {لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ} وكلها تفيد أنه هو مالك ما في السماوات وما في الأرض، وله الملك في السماوات وفي الأرض.

وله الحمد في الآخرة كما له الحمد هنا في الدنيا, وهو الحكيم الخبير. {يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا} كل شيء يَلِجُ في الأرض أي يدخل فيها، أنت عندما تغرس شجرة ألست تدخل جذورها في الأرض؟ عندما تبذر البذور ألست تدخل البذور في الأرض؟ كل شيء يدخل في هذه الأرض, وكل شيء يخرج منها الله سبحانه وتعالى يعلمه, لا يعزب عنه أبداً مثقال ذرة, بمعنى: لا يغيب عنه.

يعلم أيضاً بما ين‍زل من السماء, وما يعرج فيها.. يدل هذا على أنه من يملك السماوات والأرض, وهو ملك السموات والأرض, لكنه مُلك متميز بخلاف من يملكون في هذه الدنيا، هل الرئيس يعلم بما يلج في اليمن وما يخرج منه, لا يعزب عنه مثقال ذرة؟. الله سبحانه وتعالى، وهذا من الشيء الذي يبهر الإنسان أمام عظمة الله سبحانه وتعالى, قدرته, علمه الواسع، تجد كم في هذه الدنيا من آلاف المخلوقات، والصنف الواحد كم آلاف من أفراده.

عندما تطلِّع على بلد وقت الزراعة, وقت زراعة [ذُرَة] أو زراعة [بُر] أو أي شيء من أنواع الحبوب كم يمكن أن يكون في هذه المنطقة من حبوب، كم في [الجِربة] الواحدة من زرع، كم في الثمرة الواحدة من حب، [المطوي الواحد] وفي رأس كل حبة يكون فيها هناك زهرة صغيرة يسمونها حبوب لقاح أو نحوه، كل هذه معلومة لله سبحانه وتعالى، مليارات من حبات القمح في هذه الدنيا معلومة لله سبحانه وتعالى هو الذي فلقها وبرأها، هو الذي أنبتها، هو الذي خلق الثمرة التي فيها، هو يعلم كل حبة فيها.

لو تأتي إلى صنف واحد من مخلوقاته لبهرك سعة علمه سبحانه وتعالى به، كم في استراليا من مليارات حبات القمح وقت الزراعة؟ كم! من الذي يستطيع أن يحصيها؟ ثم تجد هذا صنف واحد من مخلوقاته، هناك البشر، هناك الحيوانات بأصنافها، هناك الأشجار الأخرى بأصنافها، هناك الدواب الصغيرة والحشرات بأصنافها.

المخلوقات في البحار أيضاً التي هي أكثر مما في البر، أصناف الحيوانات بأعدادها الهائلة في البحر هو أيضاً من يعلمها, ومن يرعاها. لا يشغله وهو يرعى حبة قمح يفلقها في اليمن عن أن يرعى ملايين الأسماك في البحار عن أن يعزب عنه ذرة من سمكة واحدة .. قدرة عجيبة, علم واسع.

يدعوه الناس بمختلف لهجاتهم, وبمختلف حاجاتهم, وعلى اختلاف ألوانهم وبقاعهم فيعلمهم جميعاً, ويجيب من يجيب, ويترك من لا يستحق أن يجيبه، كلهم يتحركون في هذه الدنيا فيحصي على كل واحد منهم أنفاسه, يعلم بذات صدره، هو عليم بذات الصدور.

أنت لو تأتي تفكر, وتتأمل في سعة علم الله من خلال التعدد الهائل لأصناف مخلوقاته تجد ما يبهرك، تجد ما يملأ قلبك شعوراً بعظمة الله سبحانه وتعالى, وهو هكذا وليس فقط مرة واحدة أو سنة واحدة ثم ترى بأن هذا عمل مضنٍ ومجهد قد تتركه وتتخلى عنه، كم أجلس أراقب مليارات الأسماك في البحار، ومليارات من حبات القمح، ومليارات الأزهار، ومليارات البشر, ومليارات الدواب, تعب, تعب، لا يمكن هذا على الله هو حي قيّوم، هو كما قال عن نفسه سبحانه وتعالى في آية الكرسي: {وَلا يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ}(البقرة: من الآية255) لا يتعبه هذا، لا يشغله، لا يرهقه، لا ينسيه شيء عن شيء، لا يشغله شيء عن شيء آخر, عن الشيء الواحد أو إثنين أو ثلاثة أو صنف أعداده محدودة.

سبحان الله.. إذا تأمل الإنسان في مظاهر قدرته, ومظاهر علمه, وسعة علمه كيف سيجد نفسه مبهوراً. تراه يرعى الأشياء الكبيرة الكبيرة، وقد تنتهي الأحجام بالنسبة للحيوانات إلى الفيل، ثم تتجه أيضاً لتبحث عن الحشرات الصغيرة فترى حشرات صغيرة جداً, جداً بعضها قد تكون النقطة التي تحت حرف [الباء] أكبر منها وتراها فوق صفحة من صفحات كتابك تتحرك، وكم تجلس حتى تقطع السطر من طرفه إلى طرفه الآخر مسافة، وأنت تراها بجسمها الكامل والمتكامل، ولها إدراكاتها, ولها إحساسها, ولها حياتها الخاصة، ولها الأنواع التي تعيش عليها، ولها مشاعرها وهي تبيض وهي تربي صغارها.

ثم تتجه إلى هناك بعدما أُكتشِف في هذا العصر الآليات للبحث عن الأشياء الصغيرة إلى أن تنتهي بالفيروسات والجراثيم, مخلوقات صغيرة جداً جداً، ينتهي إدراكك عند الإحساس بصغرها، ينتهي إدراكك ينتهي أن تتصور صغر صغر صغر لما ما عاد هناك شيء ينتهي ما عاد تستطيع أنك تواصل بمسيرة ذهنك وأنت تتابع تصور الصغر الصغر إلى ما لا نهاية.

ثم يأتي الإنسان كما قال الله عنه: إنه {لَظَلُومٌ كَفَّارٌ}، {خَلَقَ الإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُّبِينٌ}(النحل4) يلفت نظرك إلى أن أصلك من نطفة، ويكشف هذا العلم الحديث بأنك كنت حيوان صغير جداً يسمونه [الحيوان المَنَوِي] ربما آلاف من هذا الحيوان قد تجتمع على رأس دَبُّوس صغير، دبوس صغير على رأسه قد تجتمع آلاف من هذه الحيوانات التي كنت واحداً منها، ثم تمشي وأنت تبحث عن [البُوَيْضَة] وتتجه إليها فتشتبك معها، ثم تتخصب، ثم تطلع جنيناً ضعيفاً فتنفخ فيك الروح، ثم عندما تخرج من بطن أمك وأنت لا تعلم شيئاً يهديك إلى أن ترضع من ثدي أمك, ويصنع لك غذاءك, يجعل غذاءك قريباً من فمك، وفي مكان تحظى فيه بالحنان والدفء والعطف والرحمة والغذاء، وبعد أن يشتد عودك تتحول إلى خصيم لله، وبعد أن يرعاك هذه الرعاية لم تعد تركن عليه وتثق به فقد أصبحت رجلاً مفكراً .. أليس هذا الذي يحصل عند الناس؟. لم نعد نركن عليه فيما بعد، ولم نعد نثق بكلامه، ننسى مسيرة حياتنا من يوم تخرج من صلب أبيك, وتتقلّب في رحم أمك حتى تخرج من بطنها ثم تشب.

خلي عنك الأشياء الأخرى في هذا العالم التي يتبين لك من خلالها سعة قدرة الله وعظمته وعلمه فتصبح خصيماً مبيناً معانداً متمرداً مجازفاً، ثم تصبح أنت ترى أن ذكاءك هو ذلك الذي يجعلك لا تثق بالله، وتقرأ القرآن ولا تثق بوعوده، وكأنه لا يستطيع أن يقدم أو يؤخر, ولا يستطيع أن يعمل شيئاً .. جحود بالله سبحانه وتعالى.

 

[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]

دروس من هدي القرآن الكريم

ملزمة معرفة الله عظمة الله الدرس الثامن

‏ألقاها السيد/حسين بدرالدين الحوثي

بتاريخ: 26/1/2002م

اليمن – صعدة

قد يعجبك ايضا