حزب الله يُظهِرُ قدرةً عالية على توجيه ضربات مؤلمة.. استهدافُ منزل “نتنياهو” صدمةٌ وفشلٌ أمني خطير
||صحافة||
رفعت المقاومةُ الإسلاميةُ في لبنان – حزب الله، السبتَ، من وتيرة نيرانها في اتّجاه مغتصَبات الاحتلال الصهيوني شمالي فلسطين المحتلّة، منذ ساعات الصباح الأولى، حَيثُ رصد الإعلامُ العبري إطلاقَ أكثر من 200 صاروخٍ، نحو الكيان.
وفي اليوم الـ379 من حرب الإبادة الجماعية الصهيونية على قطاع غزة، قال مكتبُ رئيس وزراء الكيان الإسرائيلي: إن “طائرة مسيَّرةً -أطلِقت من لبنان– أصابت بشكلٍ مباشر منزل بنيامين نتنياهو في قيساريا”.
وأكّـدت مصادر عبرية أن “المسيَّرة التي أصابت منزل نتنياهو بقيساريا انفجرت رغم مطاردة مروحيات عسكرية إسرائيلية لها طيلة الوقت”، في حين زعم مصدر في مكتبه أن “رئيس الوزراء وزوجته لم يكونا في منزلهما بقيساريا وقت انفجار المسيرة”.
وإذ أفَادت وسائل إعلام العدوّ، بتعزيز حالة التأهب حول كُـلّ رموز السلطة في “إسرائيل” عقب استهداف منزل “نتنياهو” بمسيَّرةٍ انقضاضية من لبنان، قالت: إن “المسيرة التي انفجرت في قيساريا من طراز تلك التي أصابت معسكر غولاني ويصعب اعتراضها”.
ونقلت صحيفةُ “وول ستريت جورنال” الأمريكية عن مسؤول استخباري إسرائيلي تأكيدَه أن الهجماتِ بالمسيّرات التي يطلقها حزب الله عادت بقوة بعد فترة هدوء طويلة نسبيًّا، مُشيرًا إلى أن “إسرائيل تواجه صعوبةً في التصدي لها”.
وأفَادت الجبهة الداخلية الإسرائيلية بإطلاق صفارات الإنذار في مدينة حيفا وخليجها ونحو 40 موقعًا في شمالي فلسطين المحتلّة، وأن مليونَي مستوطن دخلوا الملاجئ، وسط أنباء عن تنفيذ حزب الله هجومًا واسعًا بالصواريخ والمسيَّرات.
الموقفُ الميداني والوضعية العامة لجيش العدو:
ميدانيًّا؛ تشيرُ كافةُ المؤشرات إلى استمرار الوقفة التعبوية التي ينفذها جيش العدوّ الصهيوني عبر فرقه الخمسة في المنطقة الشمالية لفلسطين المحتلّة، منذ الخميس الفائت، والتي تحجِّمُ فيها 80 % من استعداداته، والتي كان قد تم تفعيلها لمحاولة الاجتياح البري الفاشل من “شبعا حتى الناقورة”.
وخلال الـ 24 ساعة الماضية، لم يصدر أي تقرير عن أية محاولة تسلل أَو اشتباك، في ثلاثة من المحاور الرئيسية الخمسة الممتدة من (الناقورة إلى مزارع شبعا وتلال كفر شوبا المحتلّة)، ويعود ذلك للخسائر الكبيرة التي منيت بها الجهود الرئيسية التي حاولت الاختراق ضمن المحاور الثانوية السبعة.
وبحسب تقارير عبرية، فَــإنَّ المحاور الثانوية السبعة هي: (محور “الناقورة –المشيرفة – اللبونة”، ومحور “عيتا الشعب – رامية القوزح”، ومحور “أفيفيم – مارون الراس وأفيفيم – يارون”، ومحور “بليدا – ميس الجبل”، ومحور “مركبا – العديسة – رب ثلاثين – مشروع الطيبة”، ومحور “كفر كلا”، ومحور “مزارع شبعا – شبعا والهبارية”).
ويسجل تقرير عبري في محورَي مسؤولية الفرقتين “36” و”146″ فتحًا للقوات وانتشارًا في تشكيل يعطي الانطباع أن الفرقتين ضمتا إلى قيادة واحدة، وجرى تجميع استعداداتهما في تشكيل عملياتي يشبه فيلق البر.
ومنذ 4 أُكتوبر الجاري، تتكامل الفرقتان “98” و”91″ في العمل، كما بدأت الفرقتان “36 و146” منذ بداية عمليات مثلّث الموت (رامية – عيتا الشعب – القوزح)، حَيثُ ظهر من خلال المعارك الشرسة أن من بين القتلى والمصابين أفرادًا ينتمون لكتيبة “سييريت غولاني” (الكتيبة 631).
ووفقًا للمعطيات الميدانية، تم مساء الجمعة، إلحاق (الكتيبة المدرعة 74 التابعة للواء 188) بالاستعداد الذي كان يتحضَّر لشن المحاولة الـ 6 لاختراق (مثلث الموت)؛ بهَدفِ الوصول إلى “القوزح” ذات التضاريس العالية.
وكما يظهر من الميدان، يلفت مراقبون إلى أن العدوّ طبق عدة تكتيكات في محاولات اختراقه، إلا أن تلك التكتيكات تم إجهاضها من قبل المدافعين المدربين على التعامل بمرونة مع كافة أشكال القتال التي طبقها جنود العدوّ، إن كان بالوحدات الصغرى أَو بالوحدات الكبيرة التي وصلت إلى مستوى كتيبة كاملة، كما حدث في “مربع الموت الشرقي” والمتمثل بـ (مشروع الطيبة – رب ثلاثين – مركبا – حولا).
وضعيةُ الاشتباك لمحاور القتال في الـ24 الساعة الماضية:
في السياق، ومن خلال متابعة ودراسة كافة التقارير والبيانات العسكرية والإعلامية ذات العلاقة وتحليلها، خلال الـ24 الساعة الماضية تبين أن “المحور الخامس للفرقة 210” في جيش العدوّ شهد عدة اشتباكات لكن بدون أي تقدّم يُذكَرُ رغم الضغط المكثّـف الذي مارسه ويمارسه سلاح الجو للعدو الصهيوني.
ويظهر عند “المحور الرابع للفرقة 98” في جيش الكيان، تمكُّنُ مجاهدي المقاومة من تعطيل محاولة تسلُّل عند عبّارة “كفر كلا – العديسة” الحدود الدولية، بعد الدخول عبر ثغرة من الجدار الفاصل وخاض رجال الله عدة اشتباكاتٍ من النقطة صفر.
ومع استمرار القتال غير المباشر، ضمن نطاق ومهمة عمليات “المحور الثالث للفرقة 91″، في محيط بلدتَي “رب ثلاثين ومركبا”، دون وقوع اقتحامات أَو تسلل جديد، بل تبادل للقصف المدفعي والصاروخي، وقيام جيش العدوّ بشن غارات مكثّـفة في محيط المحور (الطيبة – ميس الجبل – حولا – طلوسة – بني حيان – دير سريان، وُصُـولًا إلى الزواطر والمحمودية وكفر تبنيت).
وأما عند “المحور الثاني للفرقة 36” في جيش العدوّ، أشَارَت تقارير عبرية إلى أن هذه الفرقة نشرت قواتها استعدادًا لما يبدو احتلالًا لبلدتَي “مارون الراس ويارون”؛ تمهيدًا للإطلاق المعركة الرئيسية باتّجاه مدينة “بنت جبيل”، غير أنها أُصيبت بالإحباط قبيل التنفيذ.
وكما هو الحال عند “المحور الأول للفرقة 146″، فقد تراجعت العمليات بشكلٍ كبير في مثلث الموت (عيتا الشعب – رامية – القوزح) بعد 6 أَيَّـام من المحاولات اليومية، وعلى مدار الساعة لاجتياز قريتَي “عيتا الشعب ورامية” نحو “تلة الدير” في “القوزح”، ويبدو أن جيش العدوّ زجَّ بكتيبتَين هما (الكتيبة 631) “أيغوز” و (الكتيبة 74) مدرعات.
إلى ذلك، تفيد تقارير ميدانية في “محور اللبونة، المشيرفة، الناقورة”، أن الاشتباكات تراجعت بنسبةٍ أعلى مما حدث الخميس، واقتصرت عمليات جيش العدوّ كما في “شبعا” على المناوشات بالمدفعية والصواريخ.
تكتيكاتُ المقاومة ونشاُطها الدفاعي والهجومي وتركيزُها الجغرافي:
في الإطار؛ وخلال توثيقنا لسلسلة العمليات العسكرية التي نفذتها المقاومة الإسلامية ضد أهداف إسرائيلية على مدى الـ24 الساعة الماضية، وتحليلها بشكلٍ شامل، ووفقًا لبيانات المقاومة، سنجد تنوعًا كبيرًا في التكتيكات المستخدَمة، والنشاط الدفاعي والهجومي، وكذا التركيز الجغرافي، وتوزيع العمليات.
في التفاصيل؛ وفي إطار سلسلة عمليات “خيبر”، وردًّا على استهداف المدنيين والمجازر التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي، وبنداء “لبيك يا نصر الله”، نفذت المقاومة الإسلامية، السبت، أكثر من “20” عملية حتى لحظة كتابة هذا التقرير أبرزها استهداف القاعدة العسكرية في “ناشر” شرقي “حيفا” بصليةٍ صاروخيةٍ نوعيةٍ كبيرة.
كما استهدفت المقاومة تجمعاتٍ لجنود الاحتلال في عدة مغتصبات صهيونية أبرزها “شلومي، والبصة، وكريات شمونة، وموقع المرج، وزرعيت، والمالكية، وجل الدير شمالي شرقي مستعمرة أفيفيم” بأسلحةٍ متنوعة وصلياتٍ صاروخية متعددة.
في غضون ذلك، أشَارَت وسائل إعلام عبرية إلى سقوط صاروخ في “عكا” أسفر عن مصرع مستوطن وإصابات آخرين، واستهداف مصنع في المنطقة، و21 إصابة في الجنود جراء سقوط صواريخ على الجليل الغربي و”الكريوت”، وقدرت إطلاق نحو 20 صاروخًا نحو “الكريوت” في الصلية الأخيرة من لبنان، وأشَارَ مستشفى “رمبام” في “حيفا” إلى وصول إصابتين جراء إطلاق الصواريخ على المنطقة.
كما سقط عدد من الصواريخ في “شلومي” بالجليل الغربي، وأفَاد إعلام العدوّ بإصابة 4 صهاينة بجروح إثر سقوط صاروخ، مؤكّـدًا وجود مئات الآلاف من المستوطنين في الأماكن المحصَّنة منذ ساعات الصباح الباكر.
وبالتزامن، دوّت صفارات الإنذار في صفد، حَيثُ سقط عدد كبير من الصواريخ، وفي “يرؤون” و”برعام” و”دوفيف” في الجليل الغربي؛ خشية تسلل طائرات مسّيرة، وتسللت 3 مسيّرات من لبنان تجاه “نهاريا” و”عكا”، ودوّت صفارات الإنذار في منطقة “غليلوت” شمالي “تل أبيب” خشية تسلل طائرات مسيّرة من لبنان.
وعلّقت وسائل إعلام إسرائيلية على هذه الأحداث بالقول: “صباح غير هادئ أبدًا ومتوتر جِـدًّا، وإطلاق نار لا يتوقف على الشمال بدأ منذ ساعات الليل ومُستمرّ حتى الساعة”.
في السياق؛ أكّـد خبراء عسكريون أن المقاومة الإسلامية اعتمدت على تكتيكات متنوعة خلال عملياتها في الـ24 الساعة الماضية، أبرزها “الضربات الصاروخية” التي استُخدمت بكثافة وبأوقات مختلفة؛ لاستهداف تجمعات ومواقعَ عسكرية ومستوطنات، مع تركيز ملحوظ على مدينة “حيفا” ومحيطها.
ولفت الخبراء إلى أن بعض الهجمات نُفذت بسربٍ من المسيرات الانقضاضية على قواعد جوية إسرائيلية؛ ما يشير إلى تطور نوعي في قدرات المقاومة، كما استُخدم القصفُ المدفعي لاستهداف تجمعات عسكرية إسرائيلية على الحدود اللبنانية؛ ما يدل على دقة الرصد والجاهزية.
وأظهرت المقاومة قدرتها على استخدام الصواريخ الموجهة بدقة عالية، كما يتضح من تدمير دبابة “الميركافا”، كذلك في الدفاع الجوي، أثبتت المقاومة فاعلية في التصدي للخرق الجوي وإجبار المسيَّرات الإسرائيلية على التراجع.
وبحسب الخبراء، فَــإنَّ النشاط الدفاعي والهجومي، الخاص بالمقاومة تمثّل في التصدي لمحاولات التقدم الإسرائيلي عند الحدود اللبنانية والتي تراجعت من جانب العدوّ، كما تم إسقاطُ المسيرات المعادية بمختلف أنواعها، بعد أن شكّل نشاطُ المقاومة الهجومي الجزءَ الأكبرَ من العمليات باستهداف مواقعَ عسكرية ومغتصَبات بمختلف أنحاء شمال فلسطين المحتلّة.
وعن تركيز المقاومة الجغرافي، تؤكّـد تقاريرُ ميدانية أن الحدود اللبنانيةَ شهدت نشاطًا مكثّـفًا من قبل المقاومة، خَاصَّةً في منطقة “عيتا الشعب وكفر كلا”، إلى جانب توسيعِ دائرة الاستهداف لتشمل مدنًا ومواقعَ استراتيجية مثل “حيفا، صفد، عكا، الجولان السوري المحتلّ”.
توجيهُ ضربات مؤلمة للكيان الإسرائيلي:
وفقًا للمعطيات فقد أظهرت المقاومة الإسلامية في لبنان قدرةً عاليةً على توجيه ضربات مؤلمة للكيان الإسرائيلي، مستخدمةً تكتيكاتٍ متنوعةً وأسلحة متطورة، ويشير تنفيذ هذه العمليات المتزامنة والموزعة جغرافيًّا إلى مستوىً عالٍ من التنسيق والتخطيط.
كما نجحت المقاومة في رفع كلفة العدوان الإسرائيلي على المدنيين في لبنان، وردًّا على ذلك اتسعت دائرةُ الرد لتشملَ مواقعَ حَسَّاسَةً داخل الكيان الإسرائيلي؛ إذ تظهر عملياتها تطورًا ملحوظًا في قدراتها العسكرية وتكتيكاتها، وتُبرز إصرارها على الرد على الاعتداءات الإسرائيلية وحماية المدنيين.
ويُمكِنُ تفسيرُ توقيت وتوزيع عمليات حزب الله كرسائلَ سياسية للعدو الإسرائيلي، تؤكّـد أن أي اعتداء على لبنان لن يمر دون رد، وأن المقاومة قادرة على تحويل المعادلة وتوسيع دائرة المواجهة، كما تُظهِرُ هذه العمليات أن المقاومة تُواصِلُ تطويرَ قدراتها وتُحسِّنُ تكتيكاتها ميدانيًّا.
صحيفة المسيرة