مكاسبُ الوعي وخسائرُه!
موقع أنصار الله ||مقالات ||سند الصيادي
قيل لأحدهم: هل كان فلانٌ قادرًا على استغلالك واستغفالك وسرقة منزلك في وضح النهار لو كنت على علم ويقين مسبقًا بأنه سارق ولديه رصيد حافل بالسرقات؟
قال: لا، ولا كنت أدخلته منزلي واستضفته وأمنت جانبه.
قيل له: إذن عليك أن تدفعَ ثمنَ هذه الغفلة وأن تتلافاها مستقبلاً؛ حتى لا تتكبد الخسائر وتبدو ساذجًا.
على هذا الحال سُرِقَت منازلُنا وَأوطاننا وَأمننا واستقرارنا على غفلة من أمرنا، ولا زلنا لم نتعلم من المراحل ولم نعِ الأخطار المحدقة بنا لنندفع في مواجهتها.
الوعي المسبق بالحقائق كان سيوفر علينا الكثير من الكلفة والتضحيات كأمة لا تزال تكتوي بنار المشاريع والمخطّطات التآمرية، وَرغم توالي النكبات فَــإنَّ المصاب الراهن جلل، وَما يحدث الآن ليس طارئًا أَو مفاجئًا حتى نواسي خيبتنا وضعفنا وقلة حيلتنا بذريعة عدم الاستعداد للمواجهة، ألم يكن الكتاب الذي بين يدينا محذراً لنا، وَالضربات التي توالت علينا خلال قرون وعقود كفيلة بأن تزيدنا قوة ونزعة للخلاص؟!
من لا يقدِّر قيمة الوعي الصحيح المتمثل بمعرفة العدوّ وَتأصيل وترسيخ العداء له ومعرفة أساليبه ووسائله وَطريقة مواجهته، وما كان سيفعله هذا الوعي إن جاء مبكرًا على الصعيد المعنوي والمادي، ودوره المؤثر في هذه المعركة، فعليه أن يعيد التأمل في المشهد العربي الإسلامي الراهن، وَتحديدًا في غزة ولبنان.
وَمع اشتداد وتيرة الإجرام الذي يمارسه اليهود الصهاينة، وانكشاف حجم الكراهية والحقد الذي يضمرونه لعِرقنا كعرب ولهُويتنا كمسلمين، يجبُ أن نقفَ على حقيقتين، أولهما أنه ما كان لهذا الإجرام والتوحش أن يحدُثَ لو أننا وضعنا هذا العدوّ في أولويات مشروعنا، ولما كنا تركنا أهلنا هناك دون نصرة بدوافعَ دينية وإنسانية تفرضُها معطياتُ المواجهة وواحدية العدوّ، وثانيهما أننا لن نكون بمنأىً عن هذا التوحش والإجرام وسيطالنا بذات القدر وأكثر؛ ما يوجب علينا أن نتحَرّك لتلافيه ونحصّن أنفسنا على مستوى الإعداد الداخلي وكذلك التحالفات.
رهانُنا على حقيقة ما يفعلُه الوعيُ وما يمكن أن يوفره من تكاليفَ لذاته في مواجهة الحروب الباردة وَالناعمة، وما يمكن أن يخلقه أَيْـضًا على كُـلِّ الأصعدة الحياتية ومن ضمنها المسار العسكري كَبيرًا ومن واقع تجربة عاشتها اليمن، وكيف أصبحنا جاهزين نفسيًّا وفنيًّا للمواجَهة، وتلك نتيجةٌ طبيعية لمعادلة الوعي؛ إذ لا يمكنُ لأمة تعي حجمَ أخطارها وَدورها في هذه الحياة دون أن تعد العُدَّةَ على مختلف المجالات.