إجرام صهيوني متواصل في غزة وسط صمت دولي مطبق

موقع أنصار الله . تقرير 

 

يواصل العدو الصهيوني حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة، مركّزاً قصفه على المناطق الشمالية والوسطى منه على وجه التحديد، التي زاد من وتيرة ارتكاب المجازر فيها خلال الساعات الماضية.

وفي تصريح لافت لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا”، الجمعة، أكدت فيه بأنّ قطاع غزة يشهد منذ أكتوبر 2023، أشدّ قصف استهدف مدنيين منذ الحرب العالمية الثانية.

بيان الوكالة الأممية الذي وصف “محنة اللاجئين الفلسطينيين تظلّ أطول أزمة لاجئين لم تُحلّ، في العالم”، يأتي متزامناً مع بمناسبة “اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني” الذي أقرّته الأمم المتحدة عام 1977، وهي المناسبة الثانية التي تتجدّد منذ بدء العدوان الصهيوني على قطاع غزة في أكتوبر من العام الماضي، والتي يستمر فيها العدو الصهيوني في حرب الإبادة الجماعية بحق سكان القطاع المحاصر حتى اللحظة دون موقف دولي رادع.

 

حصيلة في ارتفاع

وزارة الصحة بغزة أعلنت أن العدو الإسرائيلي ارتكب 4 مجازر ضد العائلات في قطاع غزة وصل منها للمستشفيات 19 شهيدا و72 جريحا خلال 24 ساعة ما أدى لارتفاع حصيلة العدوان الإسرائيلي إلى 44,382 شهيدا و105,142 جريحا منذ بدء العدوان على غزة

وفي وقت سابق، ذكر المفوّض العام لوكالة “الأونروا”، فيليب لازاريني، في بيان على منصة “إكس” أنّ “ما لا يقل عن 70% من الشهداء في العدوان على غزة هم من النساء والأطفال، بينهم فتيات”.. لافتاً أنّ “العملية العسكرية المستمرة للعدو الصهيوني على شمال غزة منذ سبعة أسابيع أدّت إلى تهجير 130 ألف شخص فلسطيني، وهم الآن لاجئون يبحثون عن مأوى في المنازل المهجورة والعيادات أو المتاجر المدمّرة، فيما ينام البعض الآخر في العراء”.

وأضاف المفوّض العامّ، أنّه في جميع أنحاء غزة، “هناك نحو 50 ألف امرأة حامل يكافحن، بالتوازي مع النساء المرضعات، من أجل البقاء وسط أكوام من القمامة والصرف الصحي”.. مجدداً دعوته إلى وقف إطلاق النار والمساعدة في تدفّق منتظم وموحّد للإمدادات الغذائية والدواء.

 

قلوب أطفال فضحت العالم

أمام أنظار العالم المتفرج ومنظمات الأمم المتحدة المتشدقة بحقوق الإنسان والطفل والمرأة، شهد العالم عبر شاشات الإعلام وفي بث مباشر طيلة فترة العدوان الصهيوني مشاهد مأساوية هزّت العالم، فأطفال توقفت قلوبهم من النبض خوفاً وفزعاً من أصوات انفجارات الصواريخ والقنابل الأمريكية والإسرائيلية التي ألقيت بالأطنان على غزة، وأطفال ونساء قطعت أجسادهم هذه القنابل، في ظل صمت مطبق من العالم ومنظمات حقوق الإنسان والأمم المتحدة ومجلس الأمن المتواطئ مع العدو الصهيوني.

تتزاحم صور الأطفال الشهداء والجرحى في قطاع غزة على الشاشات، حتى باتت أجسادهم الممزقة مشهدًا اعتياديًا في كل نشرات الأخبار وعلى مدار الساعة، في كل مشهد منها آهات الأطفال وبكاؤهم تعكس الرعب الذي عاشوه لحظة القصف.

لكن مشاهد أخرى، عكست الرعب بصورة صمت مطبق على وجوه الأطفال، رجفة وعينان تحدقان على اللا شيء، وأطفال آخرون أغلقوا أعينهم للأبد بعد أن توقفت قلوبهم خوفًا ورعبًا من هول صوت ومشهد الصواريخ التي تهوي عليهم.

لا يقتصر الأمر على أطفال غزة، ففي الضفة الغربية حيث يعيش الأطفال حالة احتكاك يومية بجنود العدو الصهيوني المدججين بأسلحتهم، حالة مشابهة من الخوف والرعب، فقد يصحو الطفل على جندي يقف فوق رأسه ليعتقل والده، أو قد ينهش كلب يرافق جنود العدو جسده الطري بعد اقتحام منزله ليلًا لاعتقال أحد أفراد العائلة، أو أن يعترض الجنود طريق الأطفال وهم ذاهبون لمدارسهم، كخاطفي الأرواح والأحلام.

وذكر الإعلام الفلسطيني أسماء أطفال كـ “الشهيدة الطفلة الرضيعة آلاء البدرساوي، التي توقف قلبها عن النبض وغاب عن الحياة رعبًا من صوت صاروخ ألقته طائرات العدو الصهيوني في محيط منزلها بمخيم النصيرات وسط قطاع غزة، وفي ذات المخيم الذي يصنفه العدو الصهيوني من المناطق الآمنة، استشهدت الطفلة ندى كباجة، ذات العام، بعد أن أوقف صوت صواريخ العدو عداد سِنيها لتغادر الحياة.

ولم تكد تمضي ساعات على استشهاد الطفلة ندى كباجة رعبًا وهلعًا حتى لحقت بها الشهيدة رهف أبو سويرح (4 سنوات)، في ذات الطريق فلم يتحمل قلبها الصوت والزلزال الذي أحدثه قصف طائرات العدو لمحيط منزلها ليلًا، فتبدل حالها فبات فراشها نعشاً لها، ونومها موتًا أبديًا.

وفي الـ 29 سبتمبر2023، توقف قلب الطفل ريان (7 سنوات)، خوفًا من جنود العدو في مدينة بيت لحم بالضفة الغربية، عندما كان ريان عائدًا من مدرسته عندما لحق به جنود العدو الصهيوني وحاصروه في مكان مغلق، فتوقف قلبه خوفًا منهم، ربما خشي ريان على نفسه أن يحرقه جنود العدو حيًا مثل الطفل محمد أبو خضير، أو أن يعتقلوه أو يقصفوا بيته أسوة بأطفال غزة.

في التاسع من مايو2023، دوت صرخة الطفل تميم داوود في أرجاء منزله، على وقع صوت قصف للعدو الصهيوني طال مبنى بجوار بيته بمدينة غزة، ليستقر مرتعدًا خائفًا بين أحضان والده الذي حاول منحه أمنًا مصطنعًا آنذاك, وبعد نصف ساعة تجمد الكلام في حلق تميم، واختلفت ملامحه وتغير لون شفاهه للأزرق، فاعتقد والده أن ذلك الاختلاف بسبب خوفه وسيمضي لا محال، ولكن تميم أشار لصدره وهو يحاول إخبار والده بأمر ما, إلا أنه دخل بحالة من التشنج توفي على إثرها في المشفى.

 

العدو يقتل طفلاً كل دقيقة

وقالت وزارة الصحة الفلسطينية في تصريح لها، إن العدو الصهيوني يقتل طفلًا واحداً كل 30 دقيقة في غزة، مؤكدة أن 17400 طفل شهيد ارتقوا منذ أكتوبر 2023.. مشيرة إلى أن من بين هؤلاء الأطفال 710 أطفال رضَّع، و1793 طفلًا تتراوح أعمارهم من سنة إلى ثلاث سنوات.

ولفتت الوزارة إلى أنه من بين الشهداء الأطفال 1205 أطفال ما بين 4 سنوات إلى 5 سنوات، و4205 شهداء أعمارهم ما بين 6- 12 عام، و3442 تتراوح أعمارهم ما بين 13 – 17 عامًا.

 

تحذيرات دولية

وحذرت منظمة الصحة العالمية في بيان لها الجمعة، من تفاقم الكارثة الإنسانية في قطاع غزة، لا سيما شماله، نتيجة نقص حاد في الأدوية والأغذية والوقود والمأوى.. داعية العدو الصهيوني إلى تسهيل إدخال المساعدات الإنسانية وضمان وصولها للمتضررين.

وأكد المدير العام للمنظمة، أدهانوم غيبريسوس، أن الغالبية العظمى من النازحين لجؤوا إلى مبان عامة أو أقارب، بينما يعيش 90% منهم في خيام، ما يجعلهم عرضة لأمراض خطيرة، خصوصًا مع قدوم الشتاء ومخاطر البرد والفيضانات.

وأضاف غيبريسوس أن الأوضاع في شمال غزة باتت “مروعة” منذ إطلاق جيش العدو الصهيوني عملية واسعة النطاق في المنطقة، محذرًا من تفاقم سوء التغذية وانعدام الأمن الغذائي بين السكان المحاصرين.

ومنذ 30 سبتمبر الماضي، يعرقل العدو الصهيوني دخول أي شاحنات تحمل طعامًا أو ماء أو أدوية إلى شمال قطاع غزة، وفقًا للأمم المتحدة، وموقع الوكالة العسكرية الصهيونية التي تشرف على معابر المساعدات الإنسانية.

ويعاني شمال القطاع أوضاعًا صعبة، في ظل نقص المياه الصالحة للشرب والأدوية والمواد الغذائية، ومنع إدخال المساعدات، وسط استمرار القصف الجوي والمدفعي وعمليات التجريف والنسف، مما فاقم الأزمة الإنسانية.

 

ختاماً

في ظل صمت دولي مطبق، يواصل العدو الصهيوني حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة، متسببًا في واحدة من أشد الأزمات الإنسانية في العصر الحديث. ومع تصاعد أعداد الشهداء والجرحى، وخاصة من النساء والأطفال، يعيش الفلسطينيون في ظروف مأساوية تهدد حياتهم ومستقبلهم, ما يعكس التجاهل الدولي تواطؤًا مقلقًا مع العدو الصهيوني، حيث تتجاهل القوى الكبرى ومنظمات حقوق الإنسان نداءات الإغاثة العاجلة, ومع استمرار منع دخول المساعدات الإنسانية، يصبح شتاء غزة القادم فصلًا جديدًا من المعاناة.

إن وقف العدوان ورفع الحصار أصبح ضرورة أخلاقية وإنسانية عاجلة، فمعاناة الفلسطينيين ليست مجرد أرقام وإحصائيات، بل هي جرح مفتوح في ضمير العالم بأسره.

 اليوم، يتطلب التضامن مع الشعب الفلسطيني تحركات عملية حقيقية تتجاوز الشعارات إلى أفعال تضع حدًا لهذه المأساة.

قد يعجبك ايضا