هكذا أثبتت عودة الأهالي الى جنوب لبنان أن الشعب بكامله مقاومة
|| صحافة ||
انتهت مهلة الستين يوماً، ولم ينفذ جيش العدو الاتفاق بالانسحاب من الأراضي اللبنانية. هذا الجيش الذي استمر في خرق اتفاق وقف إطلاق النار طيلة هذه الفترة .
فمسح قرى بكاملها عن الخريطة ودمر أحياءً كثيرة، وجرف الطرقات وسرق شجر الزيتون المعمر وخطف مواطنين وقتل آخرين، ومسيراته تجوب سماء لبنان بطوله وعرضه.
فجر السادس والعشرين من كانون الثاني تجمع مئات من سكان الجنوب بسياراتهم على كل محاور الجنوب وانطلقوا بمواكب حتى وصلوا إلى تخوم بلداتهم ليترجلوا مصرين على الدخول إليها، مهما كان الثمن. حاول الجيش اللبناني منعهم حفاظاً على سلامتهم، سواء لناحية معرفته بأن الجيش “الإسرائيلي” لن يتردد في إطلاق النار عليهم أو لناحية وجود مخلفات الحرب من قذائف غير منفجرة وألغام مزروعة في كثير من الأماكن.
أصر المدنيون العزل على الدخول مما أجبر الجيش اللبناني على إفساح المجال لدخولهم، فمشى أمامهم في أماكن ومعهم وخلفهم في أماكن أخرى. فما كان من العدو إلا أن أطلق رصاصه الحي باتجاه الصدور العارية في عدة قرى مما أدى إلى سقوط ٢٢ شهيداً في هذا اليوم و عدد كبير من الجرحى، كما سقط للجيش اللبناني شهيد.
أمام هذا المشهد اضطر جيش العدو إلى الاندحار عن أرض الجنوب. فنتج عن ذلك تحرير عدد كبير من القرى بشكل كامل وتراجعه إلى تخوم بعضها وتشبثه بعدد قليل منها.
يومٌ مرَّ سقط فيه شهداء و جرحى على مرأى من شاشات العالم.
فما كان من هذا الشعب الجبار الأعزل إلا أن استيقظ باكراً في اليوم التالي، لينطلق من جديد لاستكمال كسر القرار الإسرائيلي بعدم تنفيذ اتفاق الانسحاب، رغم معرفة أبناء هذا الشعب بأنهم مشاريع شهداء. فانطلقوا غير آبهين بالمخاطر وبإجرام الصهاينة، ليقوم جيشهم بالتراجع أيضاً من عدد من القرى، مترافقاً ذلك مع سقوط عدد جديد من الشهداء والجرحى .
هذا كله رغم تصريح دولة رئيس مجلس وزراء تصريف الأعمال نجيب ميقاتي بأنه تم تمديد مهلة الاتفاق حتى الثامن عشر من شهر شباط القادم، الأمر الذي رفضه سكان الجنوب حتى لمدة دقيقة واحدة.
لن أدخل في عدد القرى المحررة وعدد القرى التي ما زالت محتلة. لكن أريد أن أتحدث عن هذا الشعب الجبار المضحي المتشبث بأرضه. هذا الشعب الذي فعل ما لم يفعله أي شعب في العالم.
بصدورٍ عارية مسلحة بإيمان وعقيدة أحقية قضيته وعدم تخليه عن حبة تراب من أرضه، هذا الشعب الذي دم أبنائه روت أرض جنوبه وما زالت جثث شهدائه تحت أنقاض بيوته المهدمة، أصر هذا الشعب على كسر القيد الذي وضعه أكثر جيش إجرامي في العالم بسلاحه الفتاك ودباباته وطائراته . شعب أعطى دروساً في التضحية ستدرَّس لمئة عامٍ قادم.
هذا الشعب الذي أظهر أن إرادته لا يمكن أن تُكسر و شجاعته لا يمكن ان تلين حتى لو قرر العالم كله القضاء عليه.
ما ثبت خلال هذين اليومين، أن المقاومة ليست فقط مقاتلين وترسانة أسلحة، إنما هي شعب بكامله مقاوم مضحٍ مكافح ثابت، يملك عقيدة لا تتزعزع مهما كانت الصعاب و التكاليف. هذا الشعب الذي أثبت أن العين تقاوم مخرزاً و أن الدم ينتصر على السيف.
العهد الاخباري: منير شحادة