موقع عسكري أمريكي: “واشنطن تواجه تحديات في بناء فرقاطاتها الجديدة”
كشفت تقارير أمريكية عن أزمة متفاقمة تضرب مشروع الفرقاطات “كونستليشن” التابع للبحرية الأمريكية، الذي وُعد بأن يكون حجر الزاوية في مستقبل العمليات البحرية للولايات المتحدة…فمن تأخيرات غير متوقعة، إلى تكاليف متصاعدة وتصميمات متغيرة بشكل جذري، بات البرنامج يواجه موجة انتقادات واسعة في الأوساط العسكرية والبرلمانية على حد سواء. وبينما كانت التوقعات تشير إلى جاهزية الفرقاطة الأولى بحلول 2026، يبدو أن الموعد بات بعيدًا، والتكلفة صارت أثقل بكثير مما خُطط له.
موقع TWZ المتخصص في الشؤون العسكرية والدفاعية نشر تقريرا قال فيه بأن الفرقاطة الأولى من فئة “كونستليشن” (FFG-X) التابعة للبحرية الأمريكية لم يُنجز منها سوى 10% فقط من عملية البناء، رغم مرور أكثر من عامين على بدء العمل وخمس سنوات تقريبًا منذ توقيع العقد الأولي مع الشركة المنفذة. وأكد الموقع أن تصميم السفينة لا يزال قيد التطوير، وأنه يختلف بنسبة 85% عن التصميم الأصلي الذي كان من المفترض أن يعتمد عليه بنسبة عالية.
وكشف الموقع أن برنامج الفرقاطات يعاني من تأخيرات كبيرة وزيادات في التكاليف، مشيرًا إلى أن التصميم المتأخر وغير المستقر ساهم في اضطراب الجدول الزمني وتساؤلات متزايدة بشأن مستقبل البرنامج.
وأوضح TWZ أن التعديلات الجوهرية على تصميم الفرقاطة مقارنة بالنسخة الأم الفرنسية الإيطالية (FREMM) — والتي كان يُفترض أن تتم وفق مبدأ التعديل الطفيف على تصميم جاهز — تحوّلت إلى تعديلات واسعة النطاق، ليصبح التصميم الحالي مختلفًا بنسبة 85% عن الأصل، في حين كان الهدف ألا تتجاوز التعديلات 15%.
وقال مارك فاندروف، نائب الرئيس الأول لشؤون الحكومة في مجموعة “فينكانتيري مارين”، إن عملية البناء تتم في منشأة “مارينيت” بولاية ويسكونسن، وأن التصميم العملي يُنتظر الانتهاء منه في أواخر الربيع أو أوائل الصيف. وأضاف أن شركته تعمل مع البحرية على إنهاء التصميم والحصول على الموافقات النهائية.
وأكد TWZ أن الفرقاطة USS Constellation كان من المقرر تسليمها في عام 2026 بتكلفة لا تتجاوز مليار دولار للوحدة، لكن التقديرات الجديدة تشير إلى أن الكلفة ارتفعت إلى نحو 1.4 مليار دولار لكل سفينة. ومن المتوقع حاليًا أن يتم تسليم أول نموذج في 2029.
وأشار التقرير إلى أن البحرية الأمريكية كانت قد منحت عقد تصميم وبناء فئة “كونستليشن” لشركة “مارينيت مارين” التابعة لمجموعة “فينكانتيري” الإيطالية عام 2020، وبدأ البناء الفعلي في أغسطس 2022. وتم حتى الآن طلب بناء ست سفن، ضمن دفعة أولية يُتوقع أن تشمل ما لا يقل عن عشر فرقاطات.
وعرض TWZ وثائق من قيادة أنظمة البحرية الأمريكية (NAVSEA) تؤكد التغيرات التصميمية التي أُدخلت على السفينة، والتي شملت زيادة في الحجم والإزاحة الكلية، مما يثير مخاوف بشأن أداء السفن مستقبلًا. كما ذكر الموقع أن صورًا ورسومات بيانية من البحرية تؤكد التباين الكبير بين تصميم كونستليشن والتصميم الأساسي للـ FREMM.
ورصد التقرير أن التعديلات الكبيرة على التصميم، إضافة إلى المشاكل الاقتصادية العالمية مثل تأثيرات جائحة كوفيد-19، ونقص العمالة في صناعة بناء السفن بالولايات المتحدة، زادت من تعقيد المشروع. ونقل الموقع عن فاندروف قوله إن شركته واجهت نفس المشكلات التي تواجهها صناعة بناء السفن الأمريكية عمومًا، مثل النقص في عدد اللحامين وفنيي تركيب السفن، مع توفر كهربائيين بنسبة أفضل نسبيًا.
وأشار إلى أن Fincantieri أجرت توسعات في بنيتها التحتية لدعم بناء سفينتين سنويًا، لكنها لا تزال بحاجة لتوظيف المزيد من القوى العاملة.
وأكد TWZ أن برنامج الفرقاطات “كونستليشن” ليس الوحيد المتعثر، إذ إن قطاع بناء السفن في أمريكا يشهد انكماشًا منذ عقود، مما أثر أيضًا على صيانة وتحديث السفن الحالية. وربط التقرير هذه الأزمة بأمر تنفيذي أصدره الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بعنوان “استعادة الهيمنة البحرية الأمريكية”، يهدف إلى مراجعة صناعة بناء السفن في البلاد.
وذكر الأمر التنفيذي أن الولايات المتحدة تنتج أقل من 1% من السفن التجارية عالميًا، مقارنةً بالصين التي تنتج قرابة نصف السفن التجارية في العالم. كما دعا الأمر وزارات الدفاع والتجارة والنقل والأمن الداخلي إلى تقديم تقرير في غضون 45 يومًا يشمل توصيات لزيادة عدد المتعاقدين في مجال بناء السفن وتقليل التكاليف والتأخيرات.
وفي سياق متصل، قال النائب الجمهوري روب ويتمان، نائب رئيس لجنة القوات المسلحة في مجلس النواب، خلال المؤتمر، إن البحرية “بدأت البرنامج بنيّة الاعتماد بنسبة 85% على تصميم FREMM وإضافة 15% فقط، لكن العكس هو الذي حدث الآن”. وتساءل عما إذا كانت البحرية قادرة على استدراك التأخيرات والعودة إلى المسار الصحيح، أم أن المشروع خرج عن السيطرة.
وختم موقع TWZ تقريره بالإشارة إلى أن هناك غضبًا متزايدًا داخل الكونغرس من أداء البرنامج، وأن قرارات حاسمة بشأن مصير فرقاطات فئة “كونستليشن” قد تلوح في الأفق، خصوصًا مع بقاء بناء السفينة الأولى عند 10% فقط وبعد سنوات من التسليم المرتقب.