نشرت صحيفة "هآرتس" العبرية تقريرًا موسعًا حول عجز "إسرائيل" عن كبح جماح أنصار الله في اليمن، رغم تكرار الغارات الجوية واستنزاف الموارد المالية والعسكرية.

التقرير، الذي جاء بعنوان "لم تنجح أي دولة في إخضاع الحوثيين.. فلماذا تستمر إسرائيل في المحاولة؟"، يستعرض تعقيدات المواجهة المستمرة بين الكيان المحتل وأنصار الله، ويشكك في فعالية الاستراتيجية الإسرائيلية المعتمدة على القوة الجوية وحدها.

تؤكد الصحيفة أن "الحوثيين، بخلاف معظم الفاعلين في الشرق الأوسط، يواصلون إطلاق الصواريخ باتجاه "إسرائيل " بشكل منتظم، ما يُحدث اضطرابات يومية في حياة الإسرائيليين، كما تسبب ذلك في تقليص عدد شركات الطيران الأجنبية الراغبة في استخدام مطار "بن غوريون".

وتلفت إلى أن "الهجمات المتواصلة لم تتأثر بردع سلاح الجو الإسرائيلي، بل يبدو أن الحوثيين لا يكترثون بها".

 وتستند "هآرتس" العبرية  في تحليلها إلى رأي الباحثة كيندال التي ترى أن  أنصار الله تملك خبرة قتالية تمتد لعقود، إذ واجهت أقوى جيوش المنطقة، بما في ذلك التحالف الذي تقوده السعودية، وتحمّلت عشرات آلاف الغارات الجوية، دون أن تُظهر بوادر انهيار.

وتشير كيندال إلى أن "الحوثيين يتمتعون بقدرة غير عادية على تحمل الخسائر، ويتعاملون مع المواجهات وفق منطلقات دينية وتضيف أن انصار الله تبني سرديتها الإعلامية عبر منظومة دعاية محكمة، تتنوع بين البث التلفزيوني ووسائل التواصل، وتمتد حتى إلى مراحل الطفولة،  .. ويوافقها في الرأي باحث آخر، لوفتون، الذي يرى أن "نضال الحوثيين يتجاوز الجغرافيا كما ينفتح خطابهم على بعد إقليمي أوسع من خلال تحالفاتهم، وربطهم لقضيتهم بالدفاع عن فلسطين، مما يعزز حضورهم في الوعي العربي والإسلامي".

على الصعيد العسكري، "تبرز الصحيفة التكاليف العالية التي تتكبدها "إسرائيل" جراء غاراتها في اليمن. فبخلاف الولايات المتحدة، لا تملك "تل أبيب" حاملات طائرات أو قواعد قريبة من اليمن، مما يجعل كل طلعة جوية مكلفة للغاية. وتشير التقديرات إلى أن كل غارة تُكلّف ملايين الشواقل عند احتساب الوقود والدعم اللوجستي والتسليح. وتعترف لوفتون بأن الغارات تهدف إلى "إظهار القدرة"، لكنها تبقى محدودة الأثر على الأرض، لا سيما وأن الحوثيين لا يملكون سلاحًا جويًا يمكن استهدافه.

ورغم بعض الأضرار التي تلحقها الغارات، توضح الصحيفة أن أنصار الله تتأقلم بسرعة مضيفة أنهم لا يُبدون استعدادًا للتراجع حتى لو انسحب جيش الاحتلال من غزة، بل قد يُواصلون ضرباتهم نحو الدول المطبعة مع "إسرائيل"، مثل السعودية.

وتكشف الصحيفة أن "الاتفاق على وقف الهجمات المتبادلة بين الحوثيين والولايات المتحدة لم يُطلب من جانب الحوثيين، بل كانت واشنطن هي من توسلت الوساطة العُمانية".

ومن وجهة نظر لوفتون، فإن "محاولات "إسرائيل" لتكرار سيناريو "الاغتيالات" فاشلة سلفًا، لأن انصار الله تعمل بنظام لامركزي لا يعتمد على رأس واحد، وتُقسّم نشاطها بين وحدات صغيرة مستقلة نسبيًا". وتؤكد أن "تجارب الاغتيال السابقة التي نفذتها السعودية وأميركا لم تُحدث أي تغيير حقيقي".  فالسؤال الأكبر الآن، وفق تعبير لوفتون، هو: "ماذا بعد انسحاب جيش الاحتلال الإسرائيلي من غزة؟ هل يمكن للحوثيين أن يتراجعوا؟".