نشرت مجلة بوليتيكو الأمريكية تقريرًا مطولًا تناول "تداعيات وقف إطلاق النار الذي أعلن عنه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مع  اليمن، مؤكدة أن الاتفاق، رغم صموده من الناحية الميدانية، لم يشمل وقف الهجمات الصاروخية اليمنية على كيان العدو الإسرائيلي، الحليف الأبرز لواشنطن في الشرق الأوسط".

وأشارت المجلة إلى أن "أنصار الله أطلقوا، مساء الخميس، صاروخًا باليستيًا جديدًا باتجاه الأراضي المحتلة، في سادس محاولة هجومية خلال أسبوع واحد فقط". وبحسب بوليتيكو، تكشف هذه الهجمات المتواصلة كيف تم استبعاد "إسرائيل" من اتفاق وقف إطلاق النار، في سابقة اعتبرها مراقبون أمريكيون وإسرائيليون تعبيرًا صريحًا عن تراجع الأولوية الإسرائيلية في أجندة السياسة الخارجية الأمريكية، الأمر الذي قد يضع إدارة ترامب تحت ضغوط إضافية إذا ما استمرت هجمات أنصار الله في التصاعد.

ونقلت المجلة عن مسؤول سابق في إدارة ترامب، عمل على ملفات الشرق الأوسط، قوله إن "إسرائيل ليست بمنأى عن سياسة أمريكا أولاً"، وأضاف أن "المفاوضات كانت قائمة على هذا المبدأ، وبالتالي لم يكن من ضمن شروطها حماية أمن "إسرائيل" من ضربات أنصار الله". وفي سياق متصل، أشارت المجلة أن منظمات صهيونية أبدت انزعاجها من استبعاد كيان العدو من الاتفاق، حيث صرح بليز ميسزال، من المعهد اليهودي للأمن القومي، بأن ما جرى يعكس وجود خلافات بين الولايات المتحدة وإسرائيل".

لكن مصادر داخل إدارة ترامب، شملت مسؤولين سابقين وحاليين، دافعت عن الاتفاق، وقالت للمجلة إن الإدارة رأت أن "الحوثيين لن يوقفوا الهجمات على "إسرائيل"، سواء تضمّن الاتفاق ذلك أم لا، وفضلت وقف استنزاف الموارد العسكرية الأمريكية في صراع لا نهاية له، معتبرة أن تحويل الموارد نحو معالجة الأسباب الجذرية للهجمات أكثر جدوى، بما في ذلك السعي إلى تهدئة شاملة في غزة".

وذكرت المجلة أن أنصار الله علّقوا هجماتهم الصاروخية لفترة قصيرة خلال وقف إطلاق النار بين "إسرائيل" وحماس في يناير، لكنهم استأنفوا عملياتهم في مارس/آذار، بالتزامن مع عودة العدو إلى تكثيف عدوانه على قطاع غزة.

وقال المسؤول السابق في إدارة ترامب للمجلة إن "الحوثيين سيواصلون ضرباتهم لتأكيد حضورهم في محور المقاومة ضد إسرائيل"، مضيفًا أن "كل المحاولات العسكرية لإسكاتهم خلال السنوات العشر الماضية فشلت". وتوقعت المجلة، نقلاً عن محللين أمريكيين، أن يؤدي استمرار الهجمات إلى تعزيز مكانة أنصار الله، سواء من حيث الهيبة العسكرية أو القدرة على استقطاب دعم شعبي وميداني جديد.

وفي تعليق من جون ألترمان، الباحث في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، أكد أن أنصار الله لا يُظهرون فقط قدرتهم على تحدي الولايات المتحدة و"إسرائيل"، بل أيضًا على مواصلة الضغط عبر الميدان رغم التحالفات المعادية، مضيفًا أن هذا يمنحهم ما وصفه بـ"مصداقية هائلة".

وبحسب مراقبين، فإن الإشارة العلنية إلى تجاهل الموقف الإسرائيلي في اتفاق وقف إطلاق النار، تكشف عن مرحلة جديدة من التراجع الاستراتيجي الذي يعانيه كيان العدو، في ظل تقدم محور المقاومة عسكريًا وسياسيًا، من غزة إلى صنعاء.