راهن خانعو العرب على المفاوضات وخيارات الخضوع والاستسلام.. وراهن القائد البطلُ نصرُالله على المقـاومة كخيار استراتيجي لا بديل عنه لتحـرير الأرض.. خسر العرب كعادتهم الرهان.. وكسب القائد المجاهد البطل.. معلِنًا «جنـوب لبنان» كأول أراضٍ عربية يتم تحريرُها من قبضة العدوّ الصهيوني بقوة السـلاح.

عندما أتحدَّثُ عن السيـد حسن نصـر الله، فأنا لا أتحدَّثُ عن رئيس أَو زعيم عربي جاء بمؤامرة أَو انقلاب..

لا أتحدَّثُ عن مـلك أَو أميرٍ ثـري أمضى صبـاه وشَبـابَه متسكعًا ولاهيًا هناك في أُورُوبا وأمريكا قبل أن يأتيَ على بِساط أمريكي ليرثَ الحكمَ عن أبيه..

أنا أتحدَّثُ هنـا عن قائدٍ عربيٍّ فذّ..

قائدٍ وُلِدَ مقاومًا..

وعاش عمرَه كُلَّه مقاوِمًا..

واستشهد مقاوِمًا..

قائد جاء في زمن وعالم عربي كان ولا يزال رصيدُه من الانتصارات والبطولات صِفرًا..

فأسَّسَ مقاوَمةً من الصفر..

وبدأ رحلتَه معها من الصفر..

وواجه العدوَّ من المسافة صفر..

واستشهد ورصيده من الهزائم صفر..

قائدٍ كان إذَا أطل يومًا بخطابٍ من على الشاشة تتوقَّفُ عقاربُ الساعة هناك في فلسطين المحتلة وترتعد فرائص الغاصبين..!

يتمنون لو أنـهم يعودون إلى الوراء عـقودًا طـويلة، حَيثُ لم يكن هذا القائد قد وُلِد أَو وُجِد أصلًا..

فهذا القائد لا ينطق كذبًا..

ولا يتوعَّد أَو يهدّد جزافًا..

هذا الرجل إذَا قال فعل، وَإذَا توعَّد أنجز..

أو هكذا عرفوه دائمًا..

لذلك، لم يكن يخيفُهم شيءٌ كما تخيفُهم كلماتُه..

ولا يرعبُهم شيء كما ترعبُهم تهديداتُه..

قائد عربي جاء في وقتٍ كان العربُ فيه قد بدأوا بإلقاء السلاح جانبًا قناعةً منهم باستـحالة انتزاع أَو استعادة أي شـبر من الأراضي العربية المحتلّة بالقـوة..

وفي زمن كان العدوّ الصــهيوني قد اجتاح جنوب لبنان وأصبحت قواته على مشارف بيروت..

راهن العرب يومَها على المفاوضات وخيارات الخنوع والخضوع والاستسلام..

وراهن هذا القائد البطلُ على المقـاومة كخيار استراتيجي لا بديل عنه لتحـرير الأرض..

خسر العرب كعادتهم الرهان.. 

وكسب هذا القائد المجاهد البطل..

كسب الرهان معلنًا بذلك «جنـوب لبنان» كأول أراضٍ عربية محتلّة منذ بداية الصراع العربي الإسرائيلي يتم تحريرُها من قبضة العدوّ الصهيوني بقوة السـلاح..

وكسب الرهان أَيْـضًا يوم أن انتصر في حـرب «تمــوز» 2006 معلنًا بذلك نفسَه أولَ قائد عربي يسجلُ انتصارًا عربيًّا حقيقيًّا على العدو (الإسرائيلي)، ويمرّغ أنفَ جيشهِ الذي لا يُقهر في الوحل والطين..

نعم، كسب الرهان يومها..

وكسبه مجدّدًا اليوم عندما انتصر لغـزة..

وقاتلَ مِن أجلِ غـزة..

ودفع حياتَه ثمنًا وقربانًا لغـزة..

وسيكسبه غدًا كذلك عندما يرى العالم كله كيف أن رجال مقـاومته، وقد تحول كُـلّ واحد منهم إلى حســن نصـرالله آخر، قد واصلوا المشوار على خطاه وأكملوا الدرب الذي بدأه وبالصورة التي كان يريدها هو..

ذلكم هو الشهيـ..

ـد القائد حسـن نصـرالله..

قائد بحجم ألف عـــام..

أفلا تبكي على مثله البواكي..؟!

وعلى رحيله تنوح النوائح..؟!

إلى اللقاء يا نصـرالله..

إلى اللقاء يا سيد الشهـداء والمقـاومة..

وإلى اللقاء مع انتصار الدم على السيف..

إلى اللقاء في جوار الأحبة..

إلى اللقــاء..