إبراهيم الهمداني

كشفت عملية طوفان الأقصى، في السابع من أُكتوبر 2023م، عن هشاشة وضعف الكيان الإسرائيلي الغاصب، حَيثُ استطاع ثلة من مجاهدي حماس، وإخوانهم الصادقين في بقية حركات الجهاد الفلسطينية، بإمْكَاناتهم المحدودة البسيطة، إسقاط مشروع الهيمنة الاستعمارية، وقطع اليد التي تسعى لتغيير خارطة المنطقة، وإثبات عجز وفشل -الجيش الذي لا يُقهر-، وكسر جموح وجنون وعربدة هذا الكيان الوظيفي اللقيط، الذي هُزمت أمامه ستة جيوش عربية مجتمعة، مجهزة بكل عديدها وعتادها فيما عُرف بـ -حرب 1948م- أَو -حرب الأيّام الستة-، التي أسفرت عن نكبة فلسطينية - عربية بامتيَاز، تم بموجبها تسليم فلسطين أرضًا وإنسانا وتاريخًا وفكرًا وثقافة إلى يد الاحتلال الإسرائيلي الغاصب، وانتهاج استراتيجية التواطؤ والخِذلان، وقطع الطريق على أية جهود عربية أَو إسلامية من شأنها تكرار تجربة الجهاد الجمعي في فلسطين؛ إذ لا جدوى من أية محاولة مستقبلًا، نظرًا لتغير الظروف الجيوسياسية لأنظمة دول الطوق العربي، التي سلبت شعوبها شرف المشاركة في تحرير فلسطين بدخولها في اتّفاقيات سلام مذلّة مع الكيان الغاصب، وتحولها إلى شرطي مطيع يخدم ويَحمي أمن ومصالح الكيان الإسرائيلي المحتلّ وأسياده في أمريكا وأُورُوبا، لتكمل بذلك ما بدأتْه نكبة 1948م، التي شارفت على بلوغ عقدها الثامن -إلا بضع سنوات- لولا عملية طوفان الأقصى المباركة، التي حالت دون ذلك وقلبت كُـلّ المعادلات والتوازنات إقليميًّا وعالميًّا على كافة المستويات والأصعدة.

يمكن القول إن عملية السابع من أُكتوبر 2023م، وأبطالها في حركة حماس وحركات المقاومة الفلسطينية، كانت بمثابة العقدة الأولى أمام منشار الهيمنة والتوسع الإسرائيلي، وكان دخول حزب الله في لبنان على خط الإسناد والمواجهة العقدة الثانية التي ثلمت ذلك المنشار الإجرامي، وكذلك كان الأمر بالنسبة للإسناد اليمني، الذي أذلّ الكيان الإسرائيلي ورعاته الإمبرياليين، وكسر شوكتهم، وأسقط أساطير التفوق المزعومة، ناهيك عن الدور الفاعل والمؤثر لبقية دول محور الجهاد والإسناد، من جمهورية إيران الإسلامية إلى سوريا العروبة -قبل سوريا الجولاني- إلى عراق المجد والبطولة. ويمكن القول -بكل ثقة وتأكيد- إن عملية "طوفان الأقصى" المباركة في السابع من أُكتوبر 2023م قد حقّقت، بالإضافة إلى أهدافها العظيمة، أكبر وأعظم المكاسب السياسية والاستراتيجية والإنسانية، وانتَصرت غزة وانتصرَت حركات الجهاد والمقاومة الفلسطينية، وانتصر محور الجهاد والإسناد رغم التضحيات العظيمة، ولم يعد أمام الكيان الإسرائيلي الغاصب وحلفائه من قوى الاستعمار الأمريكي الأُورُوبي إلا إعلان السقوط والهزيمة الساحقة عاجلًا أَو آجلًا.