|صحافة | صحيفة الحقيقة 

مقدمة

تُعد المقدسات الإسلامية بكل تنوعها، من الحرمين الشريفين في مكة والمدينة، والمسجد الأقصى المبارك والقدس الشريف، إلى القرآن الكريم ورسول الله محمد صلى الله عليه وآله وسلم، ركائز أساسية في تكوين الهوية الدينية والثقافية للأمة الإسلامية، ومصادر للإلهام الروحي والعقائدي، فهذه المقدسات تمثل جوهر العقيدة ونقاط ارتكاز لتوحيد الأمة حول قيمها ومبادئها العليا، ومن هذا المنطلق، كان المساس بهذه الرموز المقدسة ولا يزال أحد أخطر أشكال الاعتداءات التي تستهدف تدمير الأمة من داخلها، إذ أن استهداف القرآن الكريم والرسول الأعظم، إلى جانب الحرمين الشريفين والمسجد الأقصى، يعني النيل من الروح الحية للأمة وزعزعة ثوابتها العقدية والوجدانية، وفي العقود الأخيرة، تصاعدت وتيرة الاستهداف الممنهج لهذه المقدسات بمظاهر متعددة؛ من تهويد القدس واستباحة المسجد الأقصى، إلى حملات الإساءة والتشويه والاعتداء على القرآن الكريم وتمزيقه وحرقه، والإساءة للرسول الكريم من خلال حملات إعلامية وسياسية متكررة، فضلاً عن محاولات تقديم بدائل منحرفة عن القرآن، كل ذلك تقوده جهات صهيونية وغربية بهدف فرض واقع ديني وسياسي جديد يُخدم مشاريعهم الهيمنية، وينذر بمحاولات لطمس الهوية الإسلامية للأمة وضرب وحدتها وثوابتها.

لذا تأتي قضية استباحة المقدسات الإسلامية اليوم في صميم صراع الهوية والإرادة، وهي أولوية كبرى في مواجهة مشاريع الهيمنة والتزييف الحضاري.

أهمية المقدسات

تحتل المقدسات الإسلامية مكانة استثنائية في قلب الأمة الإسلامية، فهي ليست مجرد مواقع جغرافية أو معالم معمارية؛ بل تمثل تجسيدًا حيًا لعقيدة المسلمين وتاريخهم وهويتهم الجامعة. تأتي مكة المكرمة في المقدمة، إذ شرّفها الله بأن جعلها أول بيت وُضع للناس، ومهوى أفئدة الملايين من المسلمين ، فهي مهد الرسالة الأخيرة ومسرح بداية الدعوة المحمدية، وفي رحابها يجتمع المسلمون من شتى أنحاء العالم لأداء أحد أعظم أركان الإسلام وهو الحج في واحد من أعظم مظاهر الوحدة البشرية والروحية، محققين معنى الأخوة والعبودية لله في أسمى صورها، إلى جانب ذلك، يبرز المسجد الأقصى المبارك في القدس الشريف كأول قبلة للمسلمين وثالث الحرمين الشريفين، وملتقى لأنبياء الله عليهم السلام ومنه يسجل القرآن الكريم لنبينا محمد صلوات الله عليه وعلى آله رحلة الإسراء والمعراج، مما منح هذه البقعة المقدسة مكانة روحية وتاريخية متفردة في وجدان الأمة، وارتبطت بذاكرة المسلمين كرمز لحفظ رسالة التوحيد وصمود الحق في وجه الطغيان عبر الأزمان.

ولا تقتصر قداسة المقدسات الإسلامية على الأماكن وحدها، بل تشمل الرموز الكبرى في العقيدة: فيتبوأ الرسول محمد (صلوات الله عليه وعلى آله) أعلى مكانة بين أنبياء الله، باعتباره خاتم النبيين وأعظم قدوة للبشرية، وعنوان الرحمة والهداية الربانية، أما القرآن الكريم، فهو الكتاب الخالد والمنبع الأصيل للتشريع والقيم والمبادئ الإسلامية؛ يجسّد صلة الوحي بين السماء والأرض، ويجمع الأمة على كلمة سواء توحّد صفوفها وتغذّي روحها، وبالتالي فهذه المقدسات تشكل هوية الأمة الإسلامية ومصدر اجتماعها وتوحدها ولذلك جاءت في قلب الاستهداف الممنهج لأعداء الأمة في محاولة تفريغها من وظائفها وفصل الأمة عنها واستغلالها لضرب وحدة الأمة عوضا عن توحيدها..

إن هذا العدو يحمل الحقد والعداوة لهذه الأمة ومن منطلق ديني عقائدي ولديه خبرة آلاف السنين فهو كما يشخصه القرآن أشد عداوة للمسلمين : {لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا} [المائدة: 82]،  فهذا  العداء اليهودي ليس عداءً عابراً بل عداء متأصل وعميق، يستهدف الوجود الإسلامي برمته.

في آية أخرى يقول الله سبحانه وتعالى:{وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً} (النساء: 89)، ومن هنا فالهدف الصهيوني لا يقتصر على احتلال الأرض، بل يمتد إلى تدمير الهوية الإسلامية والقيم الدينية للأمة.

وبالتالي فإن المساس بهذه المقدسات — سواء بالأماكن أو الرموز— يمثل استهدافًا لجوهر كيان الأمة وركائز هويتها، ويهدد بنيانها الروحي والمعنوي.

طبيعة الاستهداف وأهدافه

أولاً: استهداف المسجد الأقصى المبارك 

يُعد المسجد الأقصى المبارك في القدس الشريف أكثر المقدسات الإسلامية استهدافًا في العقود الأخيرة، فقد تصاعدت الاقتحامات اليومية والمنظمة التي تنفذها الجماعات الصهيونية المتطرفة تحت حماية قوات الاحتلال الإسرائيلي. وتشير إحصائيات المؤسسات المقدسية إلى أن عدد المقتحمين بلغ في بعض المواسم السنوية أكثر من خمسة وأربعين ألف مقتحم، وسط محاولات مستمرة لتدنيس باحاته وإقامة الطقوس التلمودية فيها، إضافة إلى حملات الاعتداء المباشر كالحرق والتدمير والحفريات التي تهدد أساساته ومعالمه، هذا الاستهداف يحمل بعدًا خطيرًا؛ إذ لا يسعى فقط إلى تغيير مكانة الأقصى الدينية، بل يهدف لطمس هويته الإسلامية والعربية وتحويله إلى رمز توراتي ضمن مشروع تهويد القدس بالكامل، وصولًا إلى محاولات هدمه أو بناء الهيكل المزعوم مكانه، في تجاهل صارخ لمشاعر أكثر من ملياري مسلم حول العالم.

وقد سجلت الاقتحامات الصهيونية للمسجد الأقصى أرقاماً قياسية، فبين 2009 و2024، اقتحم نحو 356,889 مغتصبا المسجد الأقصى، وفي 2025 وحده، أقتحم أكثر من عشرة آلاف مغتصب للمسجد الأقصى.

كما يؤدي المغتصبون الصهاينة وطقوساً تلمودية في ساحات الأقصى الشريف، بطرق استفزازية.. عوضا عن منع الشعب الفلسطيني من إقامة الصلاة فيه..

ثانيًا: استهداف مكة المكرمة والمدينة المنورة… 

لم تكن مكة المكرمة بمنأى عن هذه الهجمة، فقد أدرك اليهود الصهاينة أن موسم الحج يمثل أعظم ملتقى عالمي لتوحيد المسلمين، وتجديد شعورهم بالانتماء والتآلف..

وقد أكد شهيد القرآن السيد حسين بدر الدين الحوثي (رضوان الله عليه) في بداية الألفية الثانية بأن الحج مستهدف وأن مكة والمدينة مستهدفه من قبل اليهود يقول في محاضرة [الصرخة في وجه المستكبرين]: ((ولتعرف أهمية الحج بالنسبة للأمة وفي مواجهة أعداء الإسلام والمسلمين ارجع إلى القرآن الكريم تجد آيات الحج متوسطة للحديث عن بني إسرائيل، وآيات الجهاد والإعداد ضدهم في أكثر من موقع في القرآن الكريم. فهم لا بد، لا بد أن يعملوا للاستيلاء على الحج بأي وسيلة ممكنة)). وهذا بالتأكيد ما عمله النظام السعودي.

ويقول أيضا في محاضرة [ لا عذر للجميع أمام الله] أن: ((اليهود يعرفون خطورة الحج وأهمية الحج أكثر مما نفهمه نحن .)) كما يؤكد السيد عبد الملك في إحدى محاضراته على (أهمية الحج في تبني القضايا الكبرى للأمة، في تبني الموقف الصارم الموقف الإلهي الموقف الإيماني تجاه المشركين، وأن من الوظائف الأساسية للحج هو أن يتبنى المسلمون في إطار مناسبة الحج ومغتنمين فرصة اجتماعهم لموقف موحد من أعداء الإسلام)).

ويشير السيد حسين إلى موقف الإمام الخميني (رضوان الله عليه) ورؤيته لحقيقة اليهود الصهاينة وأطماعهم وأنهم لن يتوقفوا على الاستيلاء على فلسطين وحسب بل هم طامعون للاستيلاء على مكة والمدينة حيث يقول:  ((إن إسرائيل تطمح إلى الاستيلاء على الحرمين الشريفين ، وليس فقط على القدس، إسرائيل تطمح للاستيلاء على مكة المكرمة على الكعبة المشرفة وعلى المدينة المنورة)).

ولهذا ركزت القوى اليهودية والصهيونية، عبر حليفها في المنطقة (النظام السعودي) الذي يسيطر على الأماكن المقدسة مكة والمدينة، على تفريغ هذه الشعيرة من محتواها الحيوي؛ حيث عمد إلى تقليص أعداد الحجاج سنويًا بحجج أمنية وصحية، ومنع رفع الشعارات الإسلامية أو إقامة ملتقيات للتعارف والحوار بين المسلمين، كما جرى تسخير منبر مكة ومواسم الحج للترويج لأجندات سياسية تخدم مشاريع التطبيع وتدجين الأمة لصالح القوى الكبرى، وبدلاً من أن يكون الحج منصة للوعي وتوحيد الصف، تحول بفعل هذه السياسات إلى مناسبة بروتوكولية محكومة بسقف سياسي وإعلامي ضيق.

ومؤخرا ضمن سياق ومساعي التطبيع بين النظام السعودي والعدو الصهيوني فتح المجال للصهاينة لتدنيس المسجد النبوي والمسجد الحرام وكذلك أتاح المجال لهم لتملك العقارات والأراضي في مكة المكرمة والمدينة النبوية، بل الغريب أن النظام السعودي منذ استيلائه على هذه المقدسات عمل على طمس كل ما له علاقة بالإسلام في المدينة المنورة وحافظ على آثار اليهود في المدينة، مما يؤكد علاقة هذا النظام مع الصهيونية العالمية..

ثالثًا: استهداف القرآن الكريم

القرآن الكريم هو الآخر يتعرض لحرب يهودية شديدة لأنه كما قال شهيد القرآن السيد حسين بدر الدين الحوثي (روضوان الله عليه): (( أعداء الله يتوجهون أساساً إلى ضرب القرآن في نفوس الناس ، إلى إقصاء الناس عن القرآن ، إلى تغييب القرآن مهما أمكن ، إلى خلق ثقافات تشكك حتى في القرآن الكريم ، حرب شديدة ضد القرآن الكريم …فالقرآن الكريم هو في هذه المرحلة معرض لحرب شديدة)) وعن سبب ذلك يضيف شهيد القرآن (رضوان الله عليه): ((لأنهم يعلمون أنه كتاب يستطيع أن يصنع أمة واحدة، وأن من يلتفون حوله لن يفترقوا، لن يختلفوا، سيكونون كما قال الله: معتصمين بحبل واحد، عندما قال: {وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ}(آل عمران10)).

في الأوانة الأخيرة اتسعت دائرة الاستهداف للقرآن الكريم، حيث تمادت الحملات المعادية في تشويه صورته باتهامات الإرهاب والتطرف، وصولًا إلى وقائع حرق المصاحف وتمزيقها ورميها في سلال القمامة في بعض العواصم الغربية بشكل استفزازي متكرر، وقد وُثّقت عشرات الحالات خلال العقدين الماضيين، مما أضحى يشكل ظاهرة متعمدة تستهدف الإهانة الجماعية للمسلمين، وتضعف الرابط الروحي الذي يربطهم بالكتاب الكريم أساسًا لوجودهم وهويتهم.

ومنذ عام 2002م تعرض القرآن الكريم لعشرات الإساءات التي توزعت بين الحرق والتمزيق والرمي في سلال القمامة حيث بلغت جرائم حرق المصحف الشريف أكثر من (31 جريمة) وجرائم الحرق اكثر من (15) جريمة وجرائم الرمي في سلال المقاومة أكثر من (5) جرائم (مرفق جدول)

جدول لجرائم الإساءة للقرآن الكريم (حرق – تمزيق – رمي في القمامة)

السنة

الدولة

عدد الجرائم

أبرز التفاصيل

2002–2008

كوبا – معتقل جوانتانامو

أكثر من 15 حادثة

تمزيق المصحف أمام المعتقلين كتعذيب نفسي.

2004

العراق – سجن أبو غريب

غير محدد

تمزيق المصحف ضمن فضائح التعذيب.

2005

الولايات المتحدة – جوانتانامو

1

حرق/إهانة من قبل جنود.

2005

الولايات المتحدة – جوانتانامو

5 حوادث مؤكدة

رمي المصحف في المراحيض ضمن الإهانة.

2007

الولايات المتحدة – نيويورك (جامعة بيس)

1

رمي المصحف في مرحاض الجامعة؛ جريمة كراهية.

2008

الولايات المتحدة – جامعة كاليفورنيا

1

نسخة ممزقة في مركز الطلاب المسلمين.

2010

الولايات المتحدة – نيويورك

1

تمزيق المصحف قرب “غراوند زيرو”.

2011

الولايات المتحدة – فلوريدا

1

القس تيري جونز يحرق القرآن.

2012

أفغانستان – قاعدة باجرام

1

حرق مصاحف داخل القاعدة العسكرية.

2013

المملكة المتحدة – لندن

1

متطرفون يمزقون المصحف في تجمع عام.

2014

الولايات المتحدة – ديربورن

1

حادثة حرق المصحف.

2014

الهند – أوتار براديش

1

تمزيق وإلقاء المصحف أمام مسجد.

2015

الولايات المتحدة – جامعة تكساس

1

تمزيق صفحات المصحف ونشرها في الحرم.

2015

أستراليا – ملبورن

1

رمي نسخ من المصحف في حاويات عامة.

2016

ألمانيا – هامبورغ

1

العثور على مصاحف في صناديق قمامة أمام مسجد.

2016

فرنسا – مارسيليا

1

رمي مصاحف في حاويات القمامة قرب مسجد.

2019

النرويج – كريستيانساند

1

حرق المصحف خلال تظاهرة معادية للإسلام.

2020

السويد – مالمو

2

حوادث حرق بقيادة راسموس بالودان.

2020

فرنسا – باريس

1

حادثة حرق المصحف في الشارع العام.

2023

السويد – عدة مدن

8

سلسلة واسعة من حوادث الحرق.

2023

الدنمارك

170+

موجة حرق واسعة في يوليو.

2023

هولندا – لاهاي

1

حرق المصحف أمام البرلمان.

2024

هولندا – روتردام

1

حادثة حرق المصحف.

 

استهداف القرآن الكريم من خلال محاولات اليهود لتقديم بدائل:

في عام 2007-2008 صدر كتاب أمريكي صهيوني يحمل اسم الفرقان الحق قدموه كبديل للقرآن الكريم يحوي الجزء الأول منه سورا مزيفة بأسماء سور القرآن.. وبقية الأجزاء تستهدف تغيير المفاهيم وتهويد المسلمين وتنصيرهم.

وفي 2012 حاولت مجموعة أمريكية يهودية تنصيرية تقديم نسخة مترجمة من القرآن تم تحريفها لتواكب ـ كما يقولون ـ العصر من خلال حذف آيات الجهاد والشريعة الإسلامية والتلاعب بالنصوص .

إضافة إلى محاولات توماس جيفرسون لتقديم ترجمة قرآنية معدلة عام 2015م تتناغم مع الرغبة الصهيوأمريكية لقرآن يواكب أهدافهم.. وهناك الكثير من المحاولات لترجمة القرآن يراعي منه حذف الآيات القرآنية التي تتحدث عن بني إسرائيل وتشخص نفسياتهم، أو تتحدث عن الجهاد والآيات التي تعتبر اليهود والنصارى أعداء .. وأيضا محاولة القول بأن اليهود الذي تحدث عنهم القرآن ليسوا هم يهود اليوم.

ولأن هذه الخطط لم تنجح فقد اتجهوا لحذف تلك الآيات من المناهج العربية والإسلامية بضغط أمريكي..

ولم يتوقف الحد عن هذا الاستهداف بل أقام اليهود العديد من المؤتمرات التي تحاول استهداف القرآن الكريم منها:

  • مؤتمر حمل عنوان (علمنة القرآن ) عقد في باريس ـ فرنسا 2012م وهدفه فصل القرآن عن التشريع.
  • مؤتمر (النقد التاريخي للقرآن) 2014م عقد في برلين ـ الماني والهدف الرئيسي له التشكيك في مصدر القرآن.. كما عقد مؤتمر آخر حمل اسم
  • مؤتمر (القرآن والحداثة) 2016م واشنطن ـ أمريكا وهدفه تحديث تفسير القرآن.
  • مؤتمر (القرآن في السياق التاريخي) 2018م أمستردام ـ المانيا والهدف الرئيسي له دراسة القرآن كوثيقة تاريخية.
  • مؤتمر (القرآن والعنف) 2019 لندن وهدفه الرئيسي ربط القرآن بالإرهاب.
  • مؤتمر (القرآن والعلمانية) باريس ـ فرنسا والهدف الرئيسي له فصل القرآن عن الحياة العامة.

وغيرها الكثير من الأنشطة التي يستهدف بها اليهود القرآن الكريم ومحاولة شيطنته وتصويره على أنه كتاب يحث على الإرهاب..

رابعًا: استهداف الرسول محمد (صلوات الله عليه وعلى آله)   

لم يسلم الرسول محمد (صلوات الله عليه وعلى آله)  هو الآخر من استهداف اليهود له، فقد تعرض لسلسلة متواصلة من حملات التشويه والطعن، شملت نشر الرسوم المسيئة، وإطلاق الافتراءات والاتهامات الإعلامية والسياسية، وطمس آثاره ومآثره التاريخية، في محاولة لقطع صلته بالأمة وتغييبه كرمز أساسي للقيم والمبادئ.

ومنذ عام 2002 (من بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر) حتى عام 2023، شهد العالم العشرات من أعمال الإساءة والتشهير بحق النبي محمد (صلوات الله عليه وعلى آله)، وتراوحت بين نشر الرسوم الكاريكاتورية المسيئة، والتصريحات السياسية والإعلامية، بالإضافة إلى اتهامه بالإرهاب أو ربطه زورًا بالعنف في بعض وسائل الإعلام الغربية منها:

  • 2005/2006: نشر رسوم مسيئة في صحيفة “يولاندس بوستن” الدنماركية، تلتها إعادة النشر في عشرات الصحف الأوروبية إضافة إلى عرض التلفزيون الدنماركي شريط فيديو لمسابقات رسم مسيئة للنبي خلال معسكر صيفي لحزب الشعب اليميني المتطرف، تظهر المشاهد النبي في أوضاع مهينة، وفي نفس العام سوقت شركة ألعاب دنماركية لعبة على PlayStation تصور النبي محمد صلى الله عليه وسلم بأسلوب مهين خلال شهر رمضان المبارك.
  • 2010: إعادة نشر الرسوم في صحف أوروبية وأمريكية بمناسبات مختلفة.
  • بين 2012 و2022: تكررت الإساءات في فرنسا خاصة (شارلي إيبدو وأكثر من صحيفة ومجلة)، وكذلك تصريحات بعض السياسيين في أوروبا وأمريكا.
  • في عام 2011نشرت مجلة «لكسبرس» الفرنسية 23 صورة مسيئة للنبي محمد صلى الله عليه وسلم بناءً على طلب القراء لتجسيد وجه النبي.
  • – عام 2012تم إنتاج أفلام مسيئة، مثل الفيلم الأمريكي “براءة المسلمين” انتجه يهودي وفيه يصور الرسول الأكرم (صلوات الله عليه وعلى آله) كمهتم بالنساء وأن القرآن ما هو إلا خليط من التوراة  .
  • اتهامات مباشرة بالإرهاب صدرت في مقالات وتحليلات عبر عدة صحف غربية، منها واشنطن بوست ونيويورك تايمز ولوفيغارو.
  • عشرات الحسابات في مواقع التواصل الاجتماعي تعيد نشر وترويج الرسوم والاتهامات بشكل مستمر.

الحلول والمعالجات

أولاً ـ حاجة الأمة لفهم طبيعة الصراع مع العدو

تحتاج أمتنا اليوم إلى فهم طبيعة الصراع، والقرارات والخيارات التي ينبغي أن تكون مرتكزةً على وعيٍ حقيقي بالعدو، وبالقضية الفلسطينية والمقدسات الإسلامية في المقدمة المسجد الأقصى : كيف هي المرتكزات التي يبني عليها العدو، توجهاته، وقراراته، ومنطلقاته، ومواقفه، كل هذا يتجاهله العرب.

يوضح السيد عبد الملك في كلمته الأسبوعية (الخميس 13-صفر-1447هـ) ثلاث ركائز متشابكة، هي: “الأطماع والتملك” و”الاستباحة” بُنِيَ عليها الوجود للعدو الإسرائيلي ككيان يغتصب فلسطين، ويستهدف المنطقة بشكل عام ويشترك معه الأمريكي والبريطاني في هذه الركائز وتقوم هذه الركائز على المعتقد الديني:

هناك معتقد ديني مشترك بين الصهاينة من اليهود ومن يناصرهم من النصارى يقوم على رؤية توسعية يعتبرونها “واجبًا دينيًا” ومشروعًا إلهيًا، يقوم على اغتصاب فلسطين وضمّ مساحات واسعة من بلاد الشام والعراق ومصر والجزيرة العربية، بما في ذلك مكة والمدينة والمسجد الأقصى والقدس، وإقامة سلطة عالمية يسيطرون بها على المسلمين ويعملون على إبادتهم، باعتبارهم – وفق عقيدتهم – أقلّ من البشر. وتكشف النصوص التلمودية بوضوح هذه النظرة العنصرية، ومنها:

  • “اليهود بشر لهم إنسانيتهم؛ أما الشعوب والأمم الأخرى فهي عبارة عن حيوانات”، وفي نصوص أخرى أنهم “أقل رتبة من مستوى الكلاب والخنازير”.
  • وفي نصّ آخر: “ملعونة هي جميع الشعوب، ومباركة هي أمة اليهود”، وما يعنيه ذلك من اعتبار المسلمين والعرب أممًا يجب التخلص منها.
  • ويأتي أيضًا النص: “وهب الله اليهود حق السيطرة والتصرف بدماء جميع الشعوب وما ملكت”، وهو تأصيل مباشر لإباحة قتل الآخرين والاستيلاء على أراضيهم وممتلكاتهم.

الاستباحة: اليهود مشهورون بسفك الدماء، يقولون: [من يسفك دم غير يهودي، فإنَّه إنما يقدِّم قرباناً لِلرَّبّ]، ويستبيحون بذلك قتل الأطفال، النساء، الكبار، الصغار، كما في النص الآخر المحرَّف عندهم، الذي يقول: [اقتل كبيراً وصغيراً، رجلاً وامرأةً وطفلاً، اقتل بقراً وحميراً وغنماً، اقتل كل ذلك، دمِّر كل شيء، أحرق كل شيء].

اليهود مشهورون بالطمع والجشع ويطمعون في السيطرة على منطقتنا، بموقعها الجغرافي المهم، وثرواتها الهائلة فهم مؤمنون أن من يسيطر على هذه المنطقة يسيطر على العالم.

فهذه النصوص التي تعدّ مئات في تراثهم الديني – وتشكّل الإطار الفكري الذي يستند إليه المشروع الصهيوني في استهداف المقدسات الإسلامية وسعيه للهيمنة على المنطقة بأسرها.

ثانيا: مقاطعة اليهود والنصارى وعدم التولي لهم

يحذرنا الله سبحانه وتعالى من تولي اليهود والنصارى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَىٰ أَوْلِيَاءَ ۘ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ۚ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ” (المائدة: 51). ومن هنا فجريمة التطبيع مع الكيان الصهيوني خيانة للمبادئ الإسلامية.

ثالثا: العودة الجادة إلى القرآن الكريم كمنهج إسلامي وفي القرآن الكريم ما يجعلنا أمة قوية متوحدة قادرة على كسر هيمنة اليهود ومواجهة جبروتهم ومؤامراتهم وإلى الرسول صلوات الله عليه وعلى آله كقائد وقدوة.

رابعا: خطوات عملية أخرى:

  1. التعبئة الشاملة: تحريك جميع طاقات الأمة على المستويات الثقافية والفكرية والسياسية والأخلاقية.
  2. المقاطعة الاقتصادية: التأكيد على أن مقاطعة البضائع الأمريكية والإسرائيلية سلاح فعال وواجب ديني متاح للجميع.
  3. دعم المقاومة: مساندة حركات المقاومة الشعبية مثل حزب الله في لبنان والمقاومة في غزة، التي حققت انتصارات رغم التفاوت الهائل في الموارد.
  4. الوحدة والصمود: التشديد على ضرورة وحدة الأمة وقوتها ويقظتها ضد محاولات بث الفرقة والانقسام.
  5. التوكل على الله: الاستعانة بالله سبحانه والتوكل عليه والثقة بوعده بالنصر والالتزام بتوجيهاته.