المحاضرة الرمضانية الثالثة (القرآن كتاب هداية) للسيد عبد الملك بدر الدين الحوثي رمضان 1438هـ 31-05-2017م
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله الملك الحق المبين، وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله خاتم النبيين.
اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، وبارك على محمد وعلى آل محمد، كما صليت وبارك على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، وارض اللهم برضاك عن أصحابه المنتجبين وعن سائر عبادك الصالحين.
أيها الإخوة والأخوات، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
في إطار حديثنا السابق عن التقوى كغاية أساسية من لصيام شهر رمضان المبارك نواصل الحديث بناء على ذلك، من المعلوم أيه الإخوة والأخوات أن شهر رمضان المبارك هو شهر نزول القرآن، وهذا له علاقة أسياسية بالتقوى، أن يكون شهر رمضان المبارك الشهر الذي نصومه كعملية تربوية ومحطة ترويضية نتربى فيها على الالتزام والانضباط والتحمل، أن يكون هو شهر نزول القرآن لأن القرآن الكريم لا يمكن أن تتحقق لنا التقوى إلا من خلال اتباعه والتزام تعاليمه، فهناك تلازم ما بين التقوى وبين القرآن الكريم في الاهتداء به والاتباع له والتمسك به، والقرآن الكريم كما قال الله تعالى عنه في كتابه الكريم: (شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان)، نزل في شهر رمضان المبارك، وبالتحديد في ليلة القدر منه كما قال الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: (إنا أنزلناه في ليلة القدر)، وليلة القدر هي ليلة مباركة، ليلة عظيمة، ليلة لها شأن مهم، ليلة قال عنها الله في كتابه الكريم: (فيها يفرق كل أمر حكيم)، وكما اسمها، باعتبار اسمها ليلة القدر، ليلة يُقدِّر الله فيها، يعني يكتب فيما يكتبه لعباده على مستوى العام المقبل، على مستوى عام كامل، يكتب الله فيها لعباده ما يكتبه مما يتعلق بشؤون حياتهم، في كل ما يتعلق بشؤون حياتهم، قال عنها أيضا: (فيها يفرق كل أمر حكيم) يُفصل ويُبين ويحدد ما يُقرر للناس من تدابير فيما قدره الله وكتبه لهم أو عليهم.
أن يكون نزول شهر رمضان في ليلة كهذه، ليلة لها صلة بشؤون حياة الناس، ولها علاقة بأمور حياتهم وكل شؤونهم، لأن القرآن الكريم كتاب له علاقة بشؤوننا، علاقة بأمورنا، علاقة بحياتنا، ليس فقط مجرد كتاب روحي نقرأه للتسلية أو التربية الروحية فقط، لا، تضمن التعليمات والتوجيهات من الله سبحانه وتعالى ذات العلاقة والصلة بشأننا، الله هو ربنا، هو ملكنا، هو إلهنا، ونحن في هذه الحياة في ميدان المسؤولية أمامه، لم يخلقنا عبثنا ولم يأت بنا سدى، ولم يتركنا في حالة إهمال، لا، خلقنا، خلق هذا العالم من حولنا، أتى بنا إلى هذا الوجود لحكمة لمسؤولية، ولدور محدد لنا نقوم به في هذه الحياة، ولم يتركنا بعد أن خلقنا وخلق هذا العالم من حولنا وهذا الكون بكله، لم يتركنا في هذه الحياة مهملين إلى أنفسنا، نتصرف كما يحلو لنا وانتهى الموضوع، لا، أتت توجيهاته وتعليماته في كل مراحل تاريخ البشرية عبر أنبيائه وكتبه وختام النبيين هو رسول الله محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وختام كتب الله وأشملها وأعظمها هداية هو القرآن الكريم الذي جعله الله مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه.
في ليلة القدر من شهر رمضان نزل القرآن الكريم، أول نزوله كان في هذه الليلة، كتاب هداية كما قال جل شأنه: (هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان)، وللأسف الشديد عندما نعود إلى واقعنا كمسلمين، هناك ابتعاد كبير عن القرآن الكريم ككتاب هداية، لا يزال للقرآن الكريم مكانته عظيمة في أوساط الأمة وقدسيته الكبيرة في أوساط الأمة، واحترامه الكبير بين أوساط الأمة لكن مستوى العلاقة بين هذا الكتاب من خلال الاهتداء به والاستبصار به، الاستضاءة بنوره مستوى ضعيف، نستطيع القول بأنه ضعيف إلى حد كبير، وما هذه التباينات في واقع الأمة وهذه المشاكل في واقع الأمة وهذه الاختلافات في واقع الأمة وهذا التدني الكبير في مستوى الوعي لدى الأمة والتدني أيضا على مستوى التزكية والتربية الروحية والنفيسية إلى نتيجة مؤكدة للابتعاد عن القرآن الكريم.
جرت العادة خلال شهر رمضان المبارك في واقع المسلمين أن يكون هناك إقبال متزايد نحو الاهتمام بالقرآن الكريم، نحو تلاوة القرآن الكريم وهذه عادة حسنة، ومن المعروف أنه خلال شهر رمضان هناك مستوى لا بأس به من صفاء النفس والذهن يهيئ الإنسان للاستفادة من القرآن الكريم على نحو أفضل، لكن الذي يجب علينا جميعا وينبغي علينا جميعا كمسلمين أن نلتفت إليه هو أن تتحدد أمامنا علاقتنا بالقرآن الكريم، كيف يجب أن تكون، ومستوى هذه العلاقة كيف يجب أن يكون، هذه علاقة محورية تترتب عليها كل التفاصيل، تندرج تحتها كل التفاصيل، حينما نعود إلى القرآن الكريم ونتعرف على أهمية هذا الكتاب وعلى عظمة هذا الكتاب وعلى طبيعة العلاقة المفترضة ما بيننا وبين هذا الكتاب، ندخل من خلال جوانب محددة أو اعتبارات محددة، أولا كيف ينبغي أن يكون تأثرنا بهذا الكتاب؟ القرآن الكريم، أنت كإنسان مسلم يفترض أن تكون علاقتك الوجدانية به علاقة كبيرة، تأثرك النفسي بهذا الكتاب باعتباره كتاب الله، وما فيه هو وحي الله وتعاليمات الله وأوامر الله وتوجيهات الله، كلمات الله سبحانه وتعالى التي يتحدث بها إليك، يتخاطب معك من خلالها، فهو حبل الله المتين.
يفترض أن يكون تأثرك بكلمات الله، بهذا الكتاب الذي هو كتاب الله ووحيه سبحانه وتعالى على النفسي، التأثر الوجداني بشكل كبير، أن ترى في القرآن الكريم أنه نور الله سبحانه وتعالى وخطابه إليك وكلامه إليك، تتعامل معه بكل اهتمام وبكل تفاعل وبكل تأثر، أن تصغي له بسمعك وأن تلتفت إليك بوجدانك وأن تفتح له قلبك، هذا هو المفترض بك كإنسان مسلم، الله جل شأنه قال عن القرآن الكريم: (لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشية الله وتلك الأمثال نضربنا للناس لعلهم يتفكرون)، الجبل بما فيه من صخرات صماء وصلبة، لو أُنزل عليه القرآن الكريم، لكان تفاعله مع القرآن وتأثره بالقرآن إلى هذا المستوى، لرأيته خاشعا متصدعا من خشية الله، فأنت أيها المسلم كيف تأثرك بالقرآن في واقعك النفسي وفي وجدانك، في مشاعرك؟.
الله سبحانه وتعالى قال في كتابه الكريم: (الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله)، التفاعل لمن لا يزال يخشى الله سبحانه وتعالى، يفتح قلبه وسمعه وبصره لهدى الله سبحانه وتعالى يصل إلى هذه الدرجة من التأثر، يصل إلى هذا المستوى من التأثر في جلده وفي وجدانه وفي مشاعره (ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله ذلك هدى الله يهدي به من يشاء من عباده)، أنت كمسلم تخشى الله، تؤمن بالله، تعظم الله، ينبغي أن تكون معظما لكتابه ومتأثرا ومتفاعلا مع آياته، هذا هو الشيء الطبيعي لأي إنسان مسلم، الله جل شأنه قال أيضا في كتابه الكريم: (ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق ولا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم وكثير منهم فاسقون).
ينبغي أن يكون الإنسان حذرا من أن يقسوا قلبه فلا يتفاعل مع هدى الله ولا يتأثر بآيات الله ولا ينتفع بكلمات الله، حالة خطيرة وحالة سلبية جدا، إذن فالشيء الصحيح، الشيء الطبيعي للإنسان المسلم الذي لا يزال صحيحا في قلبه ومشاعره وتوجهه أن يتأثر بالقرآن الكريم، هذا التأثر يهيؤه لأن ينتفع بالقرآن الكريم في كل الاتجاهات، على المستوى التربوي، فتتزكى نفسه ويكون القرآن شفاء لما في صدره، الكثير من الترسبات النفسية والآفات الروحية والتربوية سيكون مهيئا للتخلص منها وللتعافي منها، ثم على مستوى الوعي والبصيرة، القرآن كتاب هداية يخرجك من الظلمات إلى النور، يصحح لديك الكثير من المفاهيم المغلوطة والرؤى المغلوطة، نحن أيها الإخوة والأخوات عادة ما نكون ضحية لكثير وكثير وكثير من الرؤى الخاطئة والمفاهيم المغلوطة في هذه الحياة، نبني عليها مواقفنا، ننطلق من خلالها في حياتنا هذه، فيما نتخذه من مواقف فيما نعمله من أعمال، في تصرفاتنا، في كثير من الأمور، ولكن يجب علينا أن نعي أن الوظيفة الأساسية للقرآن الكريم والدور الأساس له أنه كتاب هداية، وهنا يقول: (شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان)، كتابة هداية نهتدي به، يدلنا بما فيه من توجيهات وتعليمات وحقائق وتقييم عن الحياة وعن واقع الحياة وعن الناس، وما يحدده من مواقف تجاه كثير من الأحداث والقضايا والأمور، كتاب هداية نهتدي به ونتبعه، نبصر به، نغير ما لدينا من مفاهيم والرؤى الخاطئة تجاه الكثير من القضايا، تجاه الكثير من الأمور ونتبنى ما يقدمه لنا هو من رؤى ومفاهيم، نعتبرها هي الحقائق التي لا ريب فيها ولا شك فيها، وهذا ما نحن في أمس الحاجة إليه في هذا الزمن.
نحن في زمن طغت فيه الظلمات، زمن القوى الظلامية فيه لها تأثيرها الكبير بما تمتلكه من وسائل تثقيفية ووسائل إعلامية وأنشطة واسعة جدا ترسم فيها الكثير من المفاهيم الخاطئة، تصنع الكثير من التوجهات والرؤى تؤثر في الرأي العام تجاه الكثير من القضايا والأمور والمواقف، ولذلك نحن أمام هذا المستوى من الظلام الذي طغى على العالم، لا يمكن أن نتخلص منه إلا بنور الله، هو النور القوي الذي يكشف كل الظلمات مهما كانت.
لربما الكثير اليوم من المسلمين وصلوا إلى فجوة عجيبة ما بينهم وبين القرآن الكريم ككتاب هداية، بمنعى باتوا يتحركون في هذا الحياة فيما هم فيه من مواقف أو في ماهم عليه من الرؤى والمفاهيم بعيداً كل البعد عن العودة إلى القرآن الكريم، بمعنى لم يعودوا يرون في القرآن الكريم أن له علاقة بهم في هذه المسألة نهائياً، باتوا ينظرون إليه ككتاب معزول لا صلة له بشؤون هذه الحياة، لا صلة له بنا في واقع حياتنا، لا تجاه المواقف ولا القرارات ولا القضايا ولا أي شيء، كتاب روحي كتاب ذو اعتبار معين قداسة معينة نقرأه للتبرك بآياته وانتهى الموضوع، أما أن نعود إليه من واقع حايتنا نعود إليه لنعتمد عليه فيما نكون عليه من مواقف تجاه مختلف القضايا، هذه المسألة غيبها الكثير من المسلمين، وللأسف الشديد أستطيع القول أن شكوى النبي صلوات الله عليه وعلى آله التي حكاها القرآن (وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَٰذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا) هي شكوى تلامس هذا الزمن مثلما كانت في ذلك الزمن.
هناك هجران كبير للقرآن الكريم هجران كبير في داخل الأمة حتى أولئك الذين لديهم الكثير من المدارس لتحفيظ القرآن الكريم والكثير من المطابع لطباعة القرآن الكريم نجدهم اليوم بعيدين كل البعد عن الاتباع للقرآن وعن الاهتداء بالقرآن الكريم، نجدهم اليوم في تبعية مطلقة في مواقفهم وفي مسار حياتهم لأعداء الإسلام وأعداء الأمة وأعداء البشرية وأعداء القرآن الكريم، تجد اليوم النظام السعودي ومن معه، تجد اليوم التشكيلة الوهابية والتوجه الوهابي في كثيرٍ من المنتمين إليه بين أوساط الأمة في مختلف المناطق يتجهون في ما هم عليه من مواقف وبرنامج عمل، تستطيع أن تقول ضمن التبعية المطلقة للسياسة الأمريكية والإسرائيلية والتوجهات الأمريكية والإسرائيلية بكل ما يشكله ذلك من أخطار كبيرة في واقع الأمة وأضرار كبيرة في واقع الأمة، لهم في اهتمامهم بالقرآن الكريم، لهم اهتمامات محدودة وشكلية عناية بطباعة القرآن الكريم طبعات جميلة ومزينة ومزخرفة، عناية بالقرآن الكريم كحالة صوتية وظاهرة صوتية، عناية بأحكام التجويد، ولا تتجاوز اهتماماتهم جوانب محددة، الجوانب الصوتية جوانب عملية محدودة في جوانب معينة، أما أصل توجههم أما أصل مواقفهم فبتبعية مطلقة للتوجهات الأمريكية والإسرائيلية والأجندة الأمريكية وبوضوح.
اليوم نستطيع أن نقول أن الذي يقود فعلياً التوجه الوهابي والمجاميع ذات التوجه الوهابي في مختلف مناطق العالم الإسلامي هو النظام السعودي، كل الفرق الوهابية سواءً في اليمن أو في دول المغرب العربي أو في سوريا أو في العراق منتهى ارتباطها هو بالنظام السعودي، هذا شيءٌ واضح وشيءٌ بيّن لا غبار عليه.
النظام السعودي ارتباطه بالأجندة الأمريكية، علاقته بأمريكا تبعيته المطلقة والواضحة والصريحة والبيّنة بأمريكا مسألة من أوضح الواضحات التي لا شك فيها على الإطلاق، وآخر ما يدل على ذلك آخر الشواهد على ذلك كيف كان تفاعلهم مع ترامب، كيف كان تعاملهم معه عندما أتى إلى السعودية، تعامل وتفاعل المتبع المرتبط المقتدي المتمسك المعتمد أساساً المرتبط كليةً بالأمريكي، كان هذا شيئاً واضحاً شيئاً بيّناً لا خفاء فيه، والنظام السعودي أصلاً لا ينكر هذه المسألة حتى يتعب الإنسان نفسه، ارتباطه بأمريكا مسألة يفاخر بها ويجاهر بها ويُعلنها ويتحرك فيها بكل وضوح، بدون لا إنكار ولاخفاء ولأشيء، هذه التبعية لها سلبياتها الرهيبة في واقع الأمة بمعنى أنها تفصل الأمة تفصل الأمة عن القرآن الكريم كمشروع كمشروع حياة وككتاب هداية وتضرب الأمة في استقلاليتها.
لايمكن أبدا أن يتحقق للأمة في واقعها الاتباع للقرآن الكريم والتمسك بالقرآن الكريم إلا على أساس الاستقلال لأن القران الكريم يحدد للأمة يحدد لها مسارها في هذه الحياة بناء على مبادئ وقيم وأخلاق وتوجهات مستقلة تفصلها عن التبعية للقوى الأخرى في هذا العالم لايمكن أن نكون أمة مسلمة متمسكة بكتاب الله وبنبي الله محمد صلوات الله عليه وعلى آله بما تعنيه الكلمة نهتدي بالقرآن، نستبصر بالقرآن نقتدي بالنبي محمد صلوات الله عليه وعلى آله ثم نكون في هذه الحياة، هذه الأمة بكتابها ونبيها ومشروعها مجرد أمة تابعة لأمريكا، هذا لايصح نهائيا لا يمكن إطلاقا لا يمكن أن يكون من يقدمون أنفسهم في داخل هذه الأمة أن يقدموا أنفسهم ولاة لأمرها هم اليوم مثلا يقدمون أنفسهم قيادة النظام السعودي يقدمونها على أنها قيادة للأمة الإسلامية قيادة شرعية للمسلمين قيادة إسلامية للأمة الإسلامية، ولاة أمر للأمة الإسلامية، ثم يكون ولاة الأمر هؤلاء هؤلاء القادة الذين يفترضون في الأمة أن تطيعهم طاعة مطلقة وألا تعصي لهم أمرا وألا تخالف لهم توجها وألا تحيد قيد أنملة عن توجهاتهم أن يكونوا هم متبعون اتباعا أعمى ومطيعون طاعة مطلقة لأمريكا لقيادة أمريكا، يأتي من يقدم نفسه ولي أمر المسلمين وحاكما على المسلمين وقائدا للمسلمين ويفترض في المسلمين ألا يعصوه أبدا وألا يخالفوا له أمرا ليكون ولي أمره ويكون قائده ويكون من يرسم له التوجهات ويعطيه البيت الأبيض، اللوبي الصهيوني في أمريكا، هذه كارثة هذه مسألة خطيرة جدا على الأمة. فإذن الاتباع للقرآن الكريم يُبنى عليه استقلالية الأمة هذه مسالة جوهرية ومسألة محورية ومسألة أساسية.
نحن يا أيها المسلمون أمة يجب أن نعي حقيقة انتمائنا أنه انتماء يبني لنا استقلالا ثقافيا، استقلالا فكريا استقلالا سياسيا يبني لنا مشروعا مستقلا في هذه الحياة يفصلنا عن التبعية نهائيا لأي قوى أخرى في هذه الدنيا تفصلنا عن التبعية، ما نكون مجرد أمة تتجه سواء في اتجاهاتنا السياسية أو في أي شأن من شؤونها على أساس من التبعية لأي قوى أخرى في هذه الأرض لا أمة لها منهجها المستقل لها مبادؤها لها أخلاقياتها لها منهجها الشامل الذي تبني عليه توجهها في هذه الحياة لها مشروعها الحضاري العظيم الذي ينبثق من الرؤية القرآنية ويفترض أن تتحرك على أساسه في هذه الحياة وليس هناك ما يخجل هذه الأمة حتى تحاول أن تتهرب من ذلك ثم تترك القرآن الكريم كمنهج للحياة تتركه هناك معزولا وتكتفي منه ببعض الأشياء البسيطة ثم تذهب هنا أو هناك وراء أمة هنا أو أمة هناك شرقا أوغربا، لا، ليس هناك ما يبرر للأمة هذا على الإطلاق فإذن القرآن الكريم هو كتاب هداية هدى للناس، والله أراده كتاب هداية لكل البشرية وكان يفترض بالمسلمين أن يكونوا الأمة التي تهتدي بهذا الكتاب وتقدم النموذج الراقي بين أوساط البشرية النموذج المتميز على أساس من هدى هذا الكتاب أمة اهتدت بهذا الكتاب فكانت باهتدائها نموذجًا راقيًا في وعيها في بصيرتها وفي أخلاقها وفي مبادئها وفي قيمها وفي منهجها وفي واقعها بكله حتى تقدم النموذج الجذاب الراقي أمام أمم الأرض كافة ولكن كل هذا ضاع بسبب التبعية العمياء التبعية التي أبعدت الأمة عن الاستفادة من هذا الكتاب كما ينبغي.
القرآن الكريم من أهم ما نحتاج إليه فيه هو الوعي والبصيرة، اليوم الاختلالات كثيرة في واقع الأمة اختلال كبير على مستوى الوعي ولدرجة مؤسفة جدا لدرجة فظيعة جدا الكثير من أبناء الأمة لايمتلكون الحد الأدنى من الوعي والبصيرة، ولذلك هناك قابلية كبيرة في داخل الأمة للاختراق والتأثير لمن هب ودب يعني يسهل على لأمريكي يسهل على لإسرائيلي يسهل على أعداء الأمة من خارجها يسهل عليهم أن يضللوا هذه الأمة تجاه أي مسألة أو قضية، ويسهل حتى في داخل هذه الأمة لمن يتحرك تحت أي عنوان أو تحت أي توجه أن يلقى له الكثير والكثير من الأتباع قابلية عجيبة للانخداع وقابلية كبيرة للتضليل والتأثر لمن هب ودب كل فترة ويأتي أحد إما تحت عنوان مذهبي فيجد له الكثير من الأتباع أو تحت عناوين سياسية فيخدع الكثير من الناس وهكذا تخبط عجيب وتخبط كثير، فالقرآن الكريم أول ما يجب أن ننظر إليه أنه كتاب هداية نعود إليه لنصحح ما لدينا من المفاهيم والرؤى على أساس ما فيه من البصائر على أساس ما فيه من التعليمات على أساس ما فيه من الحقائق المهمة الله قال عنه: (كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور) قال عنه: (هو الذي ينزل على عبده آيات بينات ليخرجكم من الظلمات إلى النور) الأمة اليوم في أمس الحاجة أن تعود إليه لتستفيد منه، ثم هو يفضح حتى الأدعياء الذين يحاولون أن يجعلوا منه مجرد عنوان أو يجعلوا حتى من الدين مجرد عناوين مخادعة لا.. هو يفضحهم لأن هناك فعلا في واقع الأمة من يمكن كما هو حال النظام السعودي كما هو حال التوجه الوهابي لكن في نهاية الأمر القضية المحورية التي تشكل عاملا مهما يفضح كل الأدعياء على القرآن الكريم القضية المحورية والأساسية هي استقلالية الأمة أنه لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يكون هناك توجه قرآني صادق وهو في نهاية الأمر يتبع أطراف أخرى من خارج الأمة، لا، ثم القرآن الكريم واضح واضح في معالمه العظيمة في توجهاته المهمة عندما يأتي مثلا التوجه الوهابي ليقدم نفسه دعيا على القرآن ومحسوبا على القرآن ممارساته تفضحه، تبعيته لأعداء الإسلام تفضحه، سلوكياته البشعة تفضحه، خروجه على الكثير من تعاليم الإسلام في ممارساته يشكل أيضا فضيحة له، لا يمكن أبدا أن يأتي من يخادع الناس تحت عناوين دينية وعناوين إيمانية وعناوين قرآنية ألا ويكون مفضوحا.
نحن اليوم في شهر رمضان المبارك كمسلمين وكأمة إسلامية تحاول أن تقبل على نحو أفضل في هذا الشهر الكريم على القرآن الكريم معنيون أن نحرص على الاستفادة من القرآن الكريم على المستوى النفسي على المستوى التربوي على المستوى الوجداني والروحي، أن يقيم الإنسان واقعه على مستوى سلوكياته معاملاته تصرفاته ليعدلها ويهذبها على أساس من تعاليم القران الكريم، هذه مسألة في غاية الأهمية، أن يراجع الإنسان نفسه وأن يقيم نفسه خلال هذا الشهر المبارك، وأن يكون لديه كل الاستعداد ليصلح نفسه ويهذب نفسه في سلوكياته ومعاملاته بشكل عام وأن نتذكر وأن نستبصر بهذا الكتاب، الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: (ومن أظلم ممن ذكر بآيات ربه فاعرض عنها ونسي ما قدمت يداه) لا أظلم ولا أسوأ ممن يذكر بآيات ربه في واقعه العملي في واقعه السلوكي تجاه مسئولياته، يمكن أن تقيم نفسك في هذا الشهر الكريم في معاملاتك في تصرفاتك، يمكن أن تكتشف الكثير من المسئوليات التي أنت مقصر فيها وغافل عنها، ففي كل ما تذكر به من آيات الله سبحانه وتعالى وتقيم نفسك فترى نفسك مقصرا فيه أو مخلاً به أم متجاوزا له مهم أن تتراجع مهم أن تتذكر أن تستبصر أن تنتبه أن تراجع حساباتك وأن تعمل على أن تعيد علاقتك بهذا الكتاب، علاقة الاهتداء علاقة الإتباع علاقة التمسك العلاقة التي تهذب بها أخلاقك وسلوكياتك وتصرفاتك العلاقة التي تستشفي فيها ومن خلالها بما في صدرك من ترسبات بما في نفسك من اختلالات تربوية نسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقنا وإياكم لأن نكون من المهتدين بكتابه، من المستبصرين بنوره، من المتمسكين بهديه، إنه سميع الدعاء والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.