العفو الدولية: على المجتمع الدولي حظر استيراد منتجات المستوطنات
موقع أنصار الله || صحافة عربية ودولية ||قاسم بكري/ موقع “عرب 48”
* الأمين العام لمنظمة العفو الدولية: الآن بعد مرور خمسين عاما، لم يعد شجب التوسع الاستيطاني الإسرائيلي كافيا
* قرارات الأمم المتحدة العديدة، على مدى عقود، تؤكد أن المستوطنات الإسرائيلية تشكل انتهاكا للقانون الدولي
* منذ وقوع الاحتلال عام 1967، ما فتئت إسرائيل تشدد قبضة حكمها العسكري القمعي للأراضي الفلسطينية المحتلة
قالت منظمة العفو الدولية، اليوم الأربعاء، إن المجتمع الدولي يجب أن يحظر استيراد السلع التي تنتجها المستوطنات الإسرائيلية غير القانونية، وأن يضع حدا لجني الأرباح بملايين الدولارات التي أجَّجت الانتهاكات الجماعية للحقوق الإنسانية للفلسطينيين.
وبمناسبة الذكرى الخمسين للاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، وقطاع غزة، أطلقت منظمة العفو الدولية حملة جديدة تدعو فيها سائر دول العالم إلى منع إدخال سلع المستوطنات الإسرائيلية إلى أسواقها، ومنع شركاتها من العمل في المستوطنات أو الاتجار بسلعها.
وقال الأمين العام لمنظمة العفو الدولية، سليل شتي، في بيان أصدرته المنظمة، إن “العالم وقف مكتوف الأيدي على مدى عقود، بينما كانت إسرائيل تهدم منازل الفلسطينيين وتسلب أراضيهم ومواردهم الطبيعية من أجل كسب الأرباح. وفي الوقت الذي شُلَّ فيه الاقتصاد الفلسطيني نتيجة للسياسات الإسرائيلية المسيئة طوال خمسين عاما، فقد تم إنشاء مشروع استيطاني مزدهر بمئات ملايين الدولارات على حساب القمع الممنهج للشعب الفلسطيني”.
وأضاف أنه “الآن بعد مرور خمسين عاما، لم يعد شجب التوسع الاستيطاني الإسرائيلي كافيا، فقد آن الأوان لأن تتخذ الدول إجراءات دولية ملموسة لوقف تمويل المستوطنات التي تشكل بحد ذاتها انتهاكا صارخا للقانون الدولي وجرائم حرب”.
انتهاكات
وقالت العفو الدولية في بيانها إنه “يتم تصدير سلع بمئات الملايين من الدولارات سنويا على المستوى الدولي من تلك التي تُتنج في المستوطنات الإسرائيلية المقامة على الأراضي الفلسطينية المحتلة، على الرغم من حقيقة أن الأغلبية العظمى من الدول شجبت المستوطنات رسميا، واعتبرتها غير قانونية بموجب القانون الدولي. وعلى مدى سنوات عملت المؤسسات التجارية الإسرائيلية والدولية على تمكين المستوطنات وتيسير بنائها وتوسيعها”.
وأكدت أن “السياسة الإسرائيلية المتمثلة في توطين مدنيين إسرائيليين على الأراضي الفلسطينية المحتلة أدت إلى سلسة من انتهاكات حقوق الإنسان. فقد عمدت إسرائيل إلى هدم وتدمير عشرات آلاف المنازل والممتلكات الفلسطينية، وتهجير مئات الآلاف من الفلسطينيين قسرا من ديارهم. كما أرغمت العديد من العائلات على مغادرة منازلها أو أراضيها بهدف إخلاء مناطقهم لإنشاء المستوطنات عليها، فقد تمت مصادرة ما لا يقل عن 100,000 هكتار من الأراضي الفلسطينية لأغراض الاستيطان حصرا”.
وأضافت أن “إسرائيل استولت بشكل غير قانوني على موارد طبيعية فلسطينية، من قبيل المياه والأراضي الخصبة والمحاجر والمعادن، وحوَّلتها لمنفعة الصناعات القائمة في المستوطنات لإنتاج المنتجات الزراعية ومواد البناء والسلع المصنَّعة التي غالبا ما يتم تصديرها إلى الخارج. وفي الوقت نفسه فرضت إسرائيل قيودا تعسفية حرمت الفلسطينيين من الوصول إلى أراضيهم والحصول على مياههم ومواردهم الأخرى، وحدَّت من نموهم الاقتصادي وانتهكت حقوقهم الاقتصادية والاجتماعية”.
وأوضحت المنظمة أنه “في سائر أنحاء الضفة الغربية أدت البنى التحتية للمستوطنات، بما فيها الطرق “الخاصة بالمستوطنين فقط”، إلى تقسيم المدن والقرى الفلسطينية، والحدِّ بشكل كبير من قدرة الفلسطينيين على التنقل بحرية. كما استمرت إسرائيل في حصارها الجوي والبحري والبري غير القانوني لقطاع غزة قرابة عشر سنوات، حيث حشرت نحو مليوني نسمة في مساحة تقل عن نصف مساحة مدينة نيو يورك”.
قمع وإذلال
وأكد الأمين العام لمنظمة العفو الدولية، أن “إحدى مآسي الانتهاكات المستمرة المرتبطة بالاحتلال الذي دام خمسين عاما تتمثل في أن العالم بات معتادا على المستوى الصادم للقمع والإذلال الذي يواجهه الفلسطينيون في حياتهم اليومية في الأراضي المحتلة، ولكن كيف يمكن للدول أن تستمر في السماح بالدعم المالي لسياسة استيطانية قاسية وإجرامية وتنطوي على تمييز بطبيعتها، وتمكِّن المستوطنين الإسرائيليين من العيش على أراض سليبة في منازل ذات العشب الأخضر المروي وبرك السباحة، في الوقت الذي تُحرم المجتمعات الفلسطينية المجاورة من الحصول على مياه نظيفة أو كهرباء كافية للإيفاء باحتياجاتها الأساسية؟”.
وأشار إلى أنه “يقع على عاتق جميع الدول التزام بضمان احترام القانون الدولي الإنساني. كما يجب ألا تعترف هذه الدول بالوضع غير القانوني الذي خلقته السياسة الاستيطانية الإسرائيلية، وألا تساعد عليه بأي شكل من الأشكال، بل يجب أن تستخدم نفوذها من أجل وقف مثل هذه الانتهاكات”.
وأضاف شتي أن “الدول التي تستمر في مساعدة المستوطنات على الازدهار الاقتصادي إنما تقوّض بشكل صارخ التزاماتها الدولية والسياسات نفسها التي تعهدت باحترامها. ومن واجب الدول بموجب القانون الدولي ضمان ألا تعترف أفعالها وأفعال مواطنيها بالأوضاع أو الأفعال غير القانونية أو تقدم لها المساعدة”.
ولفت إلى أن “إقدام الحكومات في شتى أنحاء العالم على حظر سلع المستوطنات وسن القوانين والأنظمة التي تمنع الشركات من العمل في المستوطنات الإسرائيلية، يتيح لها فرصة إحداث فرق في حياة ملايين الفلسطينيين الذين كابدوا الظلم والمسّ بالكرامة والتمييز طوال عقود من الزمن”.
وأوضح أن “قرارات الأمم المتحدة العديدة أكدت، على مدى عقود، على أن المستوطنات الإسرائيلية تشكل انتهاكا للقانون الدولي، ففي كانون الأول/ ديسمبر 2016 أصدر مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة قرارا دعا فيه إسرائيل إلى وقف الأنشطة الاستيطانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة. كما دعا القرار جميع الدول إلى التمييز في كافة تعاملاتها بين دولة إسرائيل وبين الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967. وعلى الرغم من ذلك، فقد عمدت إسرائيل إلى تسريع عمليات توسيع المستوطنات ودعمها في الأشهر الأخيرة، وأعلنت خططا لبناء آلاف المنازل الجديدة في المستوطنات القائمة، بالإضافة إلى خطط لبناء آلاف المنازل الأخرى في مستوطنتين جديدتين في الضفة الغربية المحتلة”.
تشديد قبضة الحكم العسكري
وأردف الأمين العام لمنظمة العفو الدولية أنه “منذ وقوع الاحتلال عام 1967، ما فتئتْ إسرائيل تشدد قبضته حكمها العسكري القمعي للأراضي الفلسطينية المحتلة من خلال آلاف الأوامر العسكرية، التي يجرِّم العديد منها الأنشطة السلمية ويضع قيودا مفرطة على الفلسطينيين، مما يتسبب باضطراب حياتهم اليومية. كما استُخدمت الأوامر العسكرية للتغطية على تفشي انتهاكات حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني، بما في ذلك الاستيلاء على الممتلكات والموارد الطبيعية على نطاق واسع، وهدم المنازل والمؤسسات التجارية، والاعتقالات التعسفية والاحتجاز غير القانوني لمئات الآلاف من الفلسطينيين، والعقوبات الجماعية لملايين الفلسطينيين. وعلى مدى سنوات، قُتل عشرات الفلسطينيين بصورة غير قانونية على أيدي قوات الأمن الإسرائيلية”.
وختم شتي بالقول: “إنه لأمر صادم أنه منذ بدء الاحتلال قبل 50 عاما تفشى الإفلات التام من العقاب على جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية وانتهاكات حقوق الإنسان التي ارتُكبت في الأراضي الفلسطينية المحتلة على مدى عقود. لقد شهد العالم أوزار 50 عاما من تجاهل الانتهاكات الجسيمة واستمرار انتشار المستوطنات. ولذا بات من المهم للغاية أن تتخذ سائر الدول خطوات فعالة لوضع حد لهذه الانتهاكات وإنصاف ضحاياها. ويجب أن تبدأ هذه الدول بفرض حظر دولي على منتجات المستوطنات”