موقع أنصار الله ||مقالات ||عبدالله عبدالعزيز الحمران
من أرضٍ عرفها التاريخ موطنًا للإيمان، ومسرحًا للتضحيات، يعودُ اليمن ليُجدِّد موقفًا خالِدًا في وجه الطغيان: موقف نبيّ الله إبراهيم عليه السلام، حينما واجه الطاغوت، فرجمه، ولم يخضع. واليوم، على النهج ذاته، يسير الشعب اليمني، حاملًا شعلة البراءة من أعداء الله، ومجدّدًا عهد الولاء لله ورسوله، دون أن يخافَ من نارٍ أَو حصار.
لقد علَّمنا شهيدُ القرآن، السيد حسين بدر الدين الحوثي، أن لا مكانَ للحياد في زمن يتقدم فيه الشيطان بجيوش إعلامية وعسكرية وسياسية، وأن الموقف لا يكون لله إلا إذَا كان في مواجهة أعدائه. فليست البراءة من أمريكا و(إسرائيل) مُجَـرّد شعار، بل موقفٌ عمليّ، وإيمانٌ يتجلى في الواقع، وتضحيةٌ تُختبر في ميادين الصراع.
واليمن اليوم لا يرجم الشيطان بحجارة، بل يرميه بصواريخَ دقيقة، وطائراتٍ مسيّرة، تقطعُ البحارَ وتربكُ الطغاةَ في عقر دارهم. إنها رسالةٌ تقولُ للعالم: نحن لسنا أُمَّـةً تكتفي بالذكرى، بل نصنعُ من كُـلّ مناسبة محطةً للتعبئة والبذل والعطاء.
في موسم الحج، يَرجم المسلمون الشيطانَ في شعيرةٍ رمزية؛ تعبيرًا عن رفضهم للباطل. أما اليمنُ، فيرجمُ الشيطان كُـلّ يوم، برفضه للتطبيع، وبتأييده للمقاومة، وبصموده الأُسطوري أمام تحالف عالمي جائر. رجمُ الشيطان عندنا ليس حجارةً تُرمى ثم تُنسى، بل صواريخُ تُطلَقُ من عمق الإيمان، ومن صُلب الإرادَة الثورية التي لا تعرف المساومة.
ومع كُـلّ صاروخ، وكل موقف، يثبت اليمن أنه ليس مُجَـرّد جغرافيا تحت الحصار، بل هو حاملٌ لراية الأنبياء، ووارثٌ لخط إبراهيم وموسى ومحمد صلوات الله عليهم.
وكل تضحية يقدمها أبناء هذا الشعب هي تجديدٌ للعهد، وبرهانٌ على صدق الولاء.
ما يفعله اليمن اليوم ليس مُجَـرّد ردِّ فعل على عدوان، بل هو مشروعُ تحرّر يمتد، وموقفٌ قرآنيٌّ لا يتغير. فحين تسكت الأنظمة، ينطق اليمن. وحين يتواطأ الكثيرون، يظل هذا الشعبُ يرفعُ صوتَه عاليًا: "الموت لأمريكا، الموتُ لـ (إسرائيل)، اللعنةُ على اليهود، النصرُ للإسلام".
هكذا يكون رجمُ الشيطان في زمن الهيمنة… لا بصيحات عابرة، بل بصواريخ تغيّر المعادلات، ومواقف تبني للأُمَّـة مستقبلًا لا مكانَ فيه للظلم ولا للهيمنة.