في مشهد غير مسبوق في تاريخ الصراع الإسلامي والصهيوني، تكشفت أوهام القوة التي طالما تبجح بها العدو، وانهار الغرور الإسرائيلي أمام صواريخ الجمهورية الإسلامية الإيرانية ومسيّراتها الدقيقة، حيث أن الرد الإيراني كان بيانًا شاملًا عن نهاية مرحلة وبداية أخرى في معادلة الردع، سقطت معها كل الأقنعة، وانهارت منظومات الكذب والدعاية التي نسجتها أمريكا وإسرائيل لسنوات طويلة.
سريعًا ما تحولت نشوة الانتصار الوهمية إلى كابوس، حيث بدأت الموجات الصاروخية والمسيّرات الإيرانية تنهمر على عمق الكيان وتصل إلى مناطق حساسة ظلت لسنوات بعيدة عن أي تهديد، فتبددت أسطورة التفوق الأمني، وسقطت معها أوهام "الردع الإسرائيلي".
أثبت الرد الإيراني أن منظومات الدفاع الصهيونية المزعومة انها مجرد دعاية إعلامية، وأن الواقع أكثر ضعفًا من تلك الصور التي يتم تسويقها، فكان الرد الإيراني مخطط بعناية فائقة، وجاء على مراحل تصاعدية، ليُحدث ارتباكًا نفسيًا وعسكريًا في العمق الصهيوني.
الصفارات لا تهدأ، والملاجئ تضيق بالهاربين، والمجتمع الصهيوني يعيش تحت وقع الخوف والذعر، لأول مرة منذ عقود، يدرك المستوطنون أن "أرض الميعاد" التي وُعدوا بها قد تحولت إلى فخٍ كبير.
وبعد الغطرسة في إعلان استهداف المفاعلات والمنشآت الإيرانية، تراجع العدو بشكل سريع في حدة التصريحات، وظهر أن أمريكا نفسها بدأت تُبعد نفسها عن الفعل الإسرائيلي، وتخلي ترامب عن دعمه الصريح للاعتداء كشف حجم الورطة السياسية والأمنية التي أدخل نتنياهو كيانه فيها،
بل إن أحد أبرز مظاهر الهزيمة النفسية للعدو، كان تحوّله إلى استهداف المنشآت المدنية في إيران بعد أن فشل في التأثير على البنية العسكرية أو النووية، وهذا السلوك، هو سلوك الجبناء، هو ذات النمط الذي اتبعه في غزة ولبنان وسوريا واليمن: حين يفشل في الميدان، يستهدف المدنيين.
ورغم سنوات من التجسس، وملايين الدولارات التي صُرفت في جمع المعلومات عن إيران، لم تتمكن المخابرات الغربية من توقع أو احتواء الرد الإيراني، بل إن سرعة الرد ودقته أربكت غرف العمليات، وكشفت خللًا استراتيجيًا في تقديراتهم.
الرد الإيراني كان عملية محسوبة بدقة، استهدفت من خلالها البنية التحتية الأمنية للكيان، وأوصلت رسالة واضحة للغرب: إيران لا تخاف من الحرب، لكنها تجيد إدارتها.
من الواضح أن أحد أهداف العدو من عدوانه، كان التأثير على مسار البرنامج النووي الإيراني، من خلال تصويره كخطر داهم على العالم، وجرّ المجتمع الدولي إلى ساحة المعركة عبر دعاية مضللة.
لكن ما لم يفهمه العدو، هو أن هذا الملف بالذات بات رمزًا للكرامة الوطنية والسيادة الإيرانية، وأن التخلي عنه غير وارد مهما كانت الضغوط، بل إن الضربات الإيرانية الأخيرة أكدت أن الدفاع عن هذا الحق سيكون مكلفًا لمن يحاول المساس به.
ورغم دعم واشنطن هذا الكيان لعقود، وأمدته بكل أدوات القتل والهيمنة، لكنها اليوم ترى أمام عينيها كيف يسقط "الكيان المدلل" الذي ربته، حيث يتلقى الكيان الضربات واحدة تلو الأخرى، وأمريكا عاجزة عن التدخل المباشر خوفًا من التصعيد الشامل.
فسقوط هذا الكيان هو نهاية لمشروع سياسي احتلالي، بل وبداية لتحول عالمي في موازين القوة، حيث لم تعد أمريكا قادرة على فرض الهيمنة كما كانت، لا على إيران، ولا على شعوب المنطقة.
ما يحدث اليوم هو تحوّل استراتيجي حاسم، لقد ردّت الجمهورية الإسلامية الإيرانية على العدوان الصهيوني برسالة صاروخية واضحة "الزمن تغيّر... ومن يعتدي سيدفع الثمن".
واليوم سقطت خرافة الكيان الذي لا يُقهر، فلم يبقَ في جعبة نتنياهو سوى صدى صوته المتراجع، وحتى من يُشيدون بالكيان عادةً، عليهم مراجعة حساباتهم، ومع كل ضربة تخترق العمق الصهيوني، تتهاوى الأسطورة، ويظهر الكيان على حقيقته، "كيان وهمي" ينهار أمام أعين داعميه.