من وجهة نظري، لا يُعدّ "حلّ الدولتين" حلًّا واقعيًّا، بل إن الحل الحقيقي يكمن في يقظة الشعوب والأنظمة العربية تجاه خطر العدوّ المحتلّ، وتوحّدها في مواجهته والعمل على اجتثاثه. وقد أشار السيد القائد إلى ذلك بقوله: "العدوّ الإسرائيلي أنهى فكرة حَـلّ الدولتين تمامًا؛ لأَنَّه لم يكن يريدها من الأَسَاس، وإنما تعامل معها كأُسلُـوب خداع مؤقت".

فقد سعى العدوّ الصهيوني، وعلى مدى اثنين وعشرين شهرًا، مدعومًا بالقوة العسكرية والدعم الأمريكي، إلى فرض سيطرته على غزة؛ فعمد إلى تدميرها وتجويع سكانها وتعطيشهم، وحرمانهم من أبسط مقومات الحياة، في ظل صمت عربي وإسلامي ودولي مخزٍ، دون أن يُواجه بأي موقف رادع أَو معارضة جدّية.

وبعد فشل العدوّ في إخضاع غزة بكل السبل، بدلًا عن أن تتحَرّك الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للضغط على الكيان الصهيوني لوقف الإبادة الجماعية والتجويع، نجدهم يعودون مجدّدًا لطرح "حلّ الدولتين" وكأنه المخرج المنطقي للأزمة!

وفي هذا الإطار، تتزايدُ "الوعود" بالاعتراف الدولي بفلسطين ضمن سياق تضليلي يقوم على أكذوبة "حلّ الدولتين"، حَيثُ انعقد مؤتمر دولي في نيويورك دعا إلى تشكيل إدارة انتقالية في غزة تحت مظلة السلطة الفلسطينية.

وقد دعا المشاركون في المؤتمر الدولي لتسوية القضية الفلسطينية، المنعقد بمقر الأمم المتحدة في نيويورك، إلى الإسراع في تشكيل لجنة إدارية انتقالية تدير قطاع غزة، تكون خاضعة للسلطة الفلسطينية، وذلك فور التوصل إلى وقفٍ لإطلاق النار.

وجاء في البيان الختامي للمؤتمر، الذي عُقد يوم الاثنين، برئاسة مشتركة بين السعوديّة وفرنسا، تأكيدٌ على ضرورة العمل الجاد؛ مِن أجلِ تحقيق سلام شامل وعادل ودائم في الشرق الأوسط، استنادًا إلى مبادرة السلام العربية.

كما شدّد المشاركون على أن قطاع غزة يشكّل جزءًا لا يتجزأ من الدولة الفلسطينية المنشودة، مؤكّـدين أهميّة توحيد الضفة الغربية وقطاع غزة تحت سلطة وطنية واحدة؛ تمهيدًا لما وصفوه بـ"يوم السلام المستقبلي".

وتضمّن البيان أَيْـضًا الدعوة إلى إيصال المساعدات الإنسانية إلى غزة بشكل فوري وآمن ودون شروط، إلى جانب المطالبة بإنهاء سيطرة حركة حماس على القطاع وتسليم أسلحتها إلى السلطة الفلسطينية؛ باعتبَار ذلك خطوة ضرورية على طريق تنفيذ حَـلّ الدولتين.

ومن المعلوم أن أطماع الكيان الصهيوني لا حدود لها، وغزة ليست إلا البداية في مشروعه التوسعي.

تأتي هذه التحَرّكات الدولية في وقتٍ يتواصلُ فيه العدوان الإسرائيلي على غزة، وسط ضغوط متزايدة على المجتمع الدولي لإيجاد مخرج سياسي ينهي المأساة الإنسانية المتفاقمة، ويمهد لاستئناف مفاوضات "الحل النهائي".

لكن الواقع يؤكّـد أن هذا الحل لن يتحقّق إلا من فوهات البنادق؛ لأَنَّ العدوّ الصهيوني لا يفهم سوى لغة القوة.

والعاقبة للمتقين.