في عالمٍ أصبح المشروعُ الصهيوأمريكي يُمسك بخيوطِ الأنظمةِ العربيةِ والإسلامية، ويفرض إملاءاتِه لتنفيذ أجندتِه في استهدافِ المقاومةِ وتجريدِها من سلاحِها، لأنه يُدرك أنَّ هذا السلاحَ هو عنوانُ النصرِ وكرامةُ الشعوبِ وحِصنُها المنيع أمام بطشِ العدوِّ وجرائمِه، فالعدو لا يرحلُ بالورودِ ولا بالاستجداءِ، بل يندحرُ بالمقاومةِ ودماءِ الشهداءِ والجرحى، اليوم، صار سلاحُ المقاومةِ هو الجدارُ الصلبُ الذي تتحطمُ عليه أوهامُ المشروعِ الصهيوأمريكي في المنطقة.
في كلِّ زمنٍ، لا تملك الشعوبُ في مواجهةِ المحتلِّ والمُعتدي إلَّا معادلةَ الردعِ والتوازن، وهي معادلةٌ لا تُبنى إلَّا بالمقاومة، ولا مقاومةَ بلا سلاح، وعندما يمتلكُ هذا السلاحُ ويتطور، يصبحُ قوةً قادرةً على كبحِ جماحِ العدوِّ وإجباره على التراجع عن غيِّه وعدوانِه.
وتجاربُ حزبِ اللهِ في لبنان، والمقاومةِ الفلسطينيةِ في غزة، وفصائلِ المقاومةِ في العراق، وصمودِ الشعبِ اليمني، تؤكد أنَّ بندقيةَ المقاومةِ هي التي توقفُ العدوان، وأنَّ الإيمانَ العميقَ والإرادةَ الصلبةَ قادران على قلبِ موازينِ القوى، مهما امتلك العدوُّ من ترسانةٍ عسكريةٍ حديثة.
يدرك العدوُّ أن أخطرَ ما يواجهُ مشروعَه التوسعي هي الشعوبُ والمقاومةُ التي تجمعُ بين السلاحِ والإيمانِ والإرادة، لهذا يسعى العدوُّ دائمًا، سياسيًّا وإعلاميًّا وحتى عبر أدواتِه المحليةِ والإقليميةِ والدولية، لشيطنةِ المقاومة، وإقناعِ الشعوبِ بأنَّ الخطرَ ليس في المحتلِّ، بل في سلاحِ المقاومةِ نفسِه، لذا يتجهون للترويجِ لفكرةِ "نزع سلاح المقاومة" تحت ذرائعِ الأمنِ والسلامِ والاستقرار.
لكنَّ التجاربَ أثبتت أنَّ نزعَ سلاحِ الشعوبِ المقاومةِ لا يجلبُ سلامًا، بل يُعري الشعوبَ ويفتحُ البابَ أمام الاحتلال ليبطشَ بلا رادع، فالعدوُّ يدركُ أنَّ الشعبَ الأعزلَ هو شعبٌ منزوعُ الإرادةِ والقوة، سهلُ السيطرةِ عليه، يمكنُ إخضاعُه وفرضُ شروطِ الاستسلام عليه بلا مقاومة.
عندما تختارُ بعضُ الأنظمةِ طريقَ الخضوعِ والذلِّ للعدوِّ، تبقى الشعوبُ وحدَها من تدفعُ الثمن، وتعرفُ أنَّ المقاومةَ والسلاحَ هما صمّامُ الأمانِ الأخير، وأنَّ التخليَ عنهما هو بمثابةِ التوقيعِ على صكِّ العبوديةِ وتسليمِ رقابِ الأجيالِ القادمةِ للمحتلِّ، وفي فلسطينَ واليمن ولبنان، تحوَّلت المقاومةُ إلى هويةٍ إيمانيةٍ راسخة، وإلى ثقافةٍ شعبيةٍ لا يمكنُ انتزاعُها بقرارٍ فوقي أو اتفاقٍ هشّ.
إنَّ أيَّ مساعٍ من نظامٍ أو حكومةٍ لتفكيكِ المقاومةِ وتجريدِها من سلاحِها، ليست سوى خدمةٍ مجانيةٍ للاحتلالِ الإسرائيلي، خاصةً في لحظةِ اشتدادِ العدوانِ وتوسعِ جبهاتِ المواجهة من غزة إلى لبنان، ومن اليمن إلى إيران.
إنَّ سلاحَ المقاومةِ اليومَ أصبحَ ضرورةً وجوديةً أمام عدوٍّ مُحتلٍّ ومجرمٍ لا يفهمُ إلَّا منطقَ القوةِ والردع، ومن يُراهن على أنَّ الأمنَ والسلامَ يُصنعان بالدبلوماسيةِ وحدَها، يُراهن على سراب، فالشعوبُ التي تتخلى عن سلاحِها، تتخلى عن مستقبلِها وعن أمنِها وكرامتِها، أمَّا التي تتمسكُ بقوتِها وسلاحِها، فهي التي تصنعُ حاضرَها وتحمي أجيالَها.
وبينما يراهنُ العدوُّ على نزعِ سلاحِ المقاومة، تراهنُ الشعوبُ على وعيِها وصمودِها .. وعلى الإيمانِ بأنَّ من يملكُ سلاحَه، يملكُ قرارَه، ويحمي مستقبلَه، لأنَّ السلاحَ اليومَ ضمانةُ السيادة، ودرعُ الكرامة، وصمّامُ أمانِ الشعوب.