لطالما بنى المنافقون آمالهم وطموحاتهم على أَسَاس متهاوٍ، وهو هزيمة أنصار الله وانكسارهم، فاستندوا في رهاناتهم إلى قراءة سطحية للأحداث، وغاب عن بصيرتهم أن إرادَة الله وإرادَة الشعب حين تتحدان مع إرادَة الحق لا يمكن أن تنكسرا.

لقد اتجهوا بكل حماس واندفاع إلى موالاة العدوان، مدفوعين برغبة في الحصول على مكاسبَ وهمية، ورهبة من فقدان مواقعهم الزائلة، فاختاروا الانحياز إلى القوة الظاهرة، متناسين أن الحق أقوى من كُـلّ قوة، وأن الباطل زاهق مهما بدا متجبرًا.

وما الأحداث الجارية في الجنوب اليمني اليوم إلا دليل واضح على إفلاس أُولئك المنافقين، وكشف صارخ لحقيقة مشروعهم الخبيث الذي يزيّنونه بشعارات براقة، بينما جوهره لا يعدو كونه سعيًا محمومًا للتوسع والهيمنة، ونهبًا منهجيًّا لثروات الشعب اليمني، ومحاولة يائسة لتمزيق النسيج الاجتماعي وضرب اللُّحمة الوطنية اليمنية المتينة.

لقد ظنوا أنهم بإذكاء نار الفتنة واستجلاب المحتلّ يمكنهم تأبيد هيمنتهم، لكنهم نسوا أَو تناسوا أن اليمنيين الذين صنعوا حضارات عظيمة عبر التاريخ لا يمكن أن تُقهر إرادتهم بمشاريع هشة تقوم على الولاء للأجنبي.

وبمرور الأيّام وتوالي المشاهد، يكتشف أُولئك الراهنون على الهزيمة خطأ حساباتهم الفادح، وخيبة توقعاتهم المريرة.

فما كانوا يتصورونه انتصارًا سريعًا للعدوان تحوّل إلى تراكم للمهالك، وما ظنوه انكسارًا لأنصار الله تحول إلى تصاعد مجيد للإصرار والصمود.

لقد راهنوا على الزمن كحليفٍ لهم؛ فإذا بالزمن يصير شاهد إثبات على وهن مشروعهم وازدياد قوة خصومهم.

ومع كُـلّ نصر جديد يتحقّق على الأرض للشعب اليمني، ومع كُـلّ ضربة موجعة توجّـه لمخطّطات العدوان وأذنابه، يزداد أُولئك المنافقون اضطرابًا وارتباكًا، ويتراكم إفلاسُهم السياسي والأخلاقي؛ فتتهاوى أقنعتهم واحدة تلو الأُخرى، وينكشف عَوارهم للعيان.

إن مشهدَهم اليوم هو مشهد من يبحث عن مخرج من متاهة صنعها بيديه، بعد أن تبين له أن الرهانَ على القوة الأجنبية خاسر، وأن الولاء للعدوان بوابة للذل والهوان لا للمجد والسلطان.

وفي خضم هذه المعركة المصيرية، يتوجّـه الراسخون في الإيمان بالله وبقضيتهم العادلة بالدعاء والرجاء، بقوله تعالى: ﴿عَسَى اللَّهُ أَن يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَو أَمْرٍ مِّنْ عِندِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا أَسَرُّوا فِي أنفسهِمْ نَادِمِينَ﴾، فيتحقّق النصر المؤزر، أَو يأتي حكم الله الذي يقطع دابر الظالمين.

حينها فقط، سيقف أُولئك المنافقون على حافة الندم، "فيصبحوا على ما أسروا في أنفسهم نادمين"، ندامة من أدرك متأخرًا أنه خان وطنه وضميره، وارتهن قراره لغيره، فخسر الدنيا والآخرة.

الشعب اليمني الصامد على يقين بنصر آتٍ لا محالة ممن النصرُ عندَه سبحانَه، وليكن مصيرُ كُـلّ من راهن على هزيمته عبرةً للأجيال: أن من يتآمر على شعبه ويواليَ عدوه، فإن مصيرَه الخُسرانُ المبين، في الدنيا قبل الآخرة.