التطبيع في عهد بن سلمان: هل بدأت المرحلة الإسرائيلية؟
موقع أنصار الله || صحافة عربية ودولية ||الوقت التحليلي- يبدو أن بعض دول مجلس التعاون الخليجي قرّرت الدخول إلى المرحلة الإسرائيلية بشكل علني. المرحلة الجديدة تقتضي رفع مستوى التطبيع الإعلامي والحديث عن لقاءات سريّة سابقة، وبالتالي وضع القضية الفلسطينية، بما تعنيه فلسطين للعرب والمسلمين، خلف ظهورهم.
اليوم، بدت أصوات التطبيع السعودي الإماراتي مع الكيان الإسرائيلي أكثر وضوحاً، لاسيّما في ظل الأزمة الخليجية التي دفعت بإمبراطورية الجزيرة الإعلامية للتصويت على هذا الموضوع في إطار الصراع القائم بين قطر من جهة والسعودية والإمارات والبحرين من جهة أخرى.
تطبيع بالجملة
سابقاً، كانت تمرّ مشاهد التطبيع بين الفينة والأخرى، إلا أن الطفرة الأخيرة، وعلى اكثر من صعيد تؤكد بدء المرحلة الإسرائيلية في المشهد الخليجي، نكتفي بذكر أربعة نماذج من هذا التطبيع الذي اتسم بلهجة سعوديّة شديدة الميوعة تجاه إغلاق المسجد الأقصى في وجوه المسلمين تماماً، في ظل صمت للمؤسسات الدينية الرسمية:
– وزير الدولة السعودي لشؤون الخليج الفارسي “ثامر السبهان”، قارن بين “عداوة إسرائيل لبلاده في الماضي من جهة، والأزمة التي تعيشها دول الحصار مع قطر من جهة أخرى، واصفاً الدوحة – دون أن يسميها – بأنها “أشد كرهاً لهم من إسرائيل”. السعوديّة التي أرادت سابقاً إظهار ايران على أنّها عدوّ الأمّة بدلاً من الكيان الإسرائيلي أوّ أن إيران، أبرز الداعمين للقضية الفلسطينية، أعظم خطراً وكراهية للعرب، تسعى لتستخدم اللهجة نفسها مع قطر. هناك نهج سعودي واضح في تمييع الخلاف مع الكيان الإسرائيلي، وإبعاده عن الواجهة، أي تبديل أولويات العداء والأعداء بشكل تدريجي.
– الداعية السعودي “أحمد بن سعيد القرني”، ورغم كافّة الانتهاكات التي تحصل بحقّ الشعب الفلسطيني، كتب عدة تغريدات عن ضرورة ترك المسلمين المسجد الأقصى لليهود بحجة الحفاظ على دماء الفلسطينيين فيما يراه “لحظة ضعف” قد تقود إلى “تهلكة”، على حد قوله. وقال القرني في إحدى تغريداته المثيرة: “مَن أعظم حرمة عند الله، دم المسلم الفلسطيني أم المسجد الأقصى؟ اتقوا الله في دماء الناس، مَن قال إن الموت في سبيل الأقصى استشهاد؟”. فإذا لم يكن الموت في سبيل قبلة المسلمين استشهاد، فهل الموت في سبيل حكم آل سعود استشهاد؟ لماذا لم يقدّم هذه النصيحة لجنود بلاده الذين يموتون في اليمن؟ أين حرص الداعية السعودي على دماء الشعب اليمني المسلم؟
-كشفت صحيفة “هآرتس” العبرية، عن لقاء سري بين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان. وأضافت الصحيفة العبرية في تحقيق حصري إلى أن اللقاء السري بين نتنياهو وبن زايد تم عام 2012، في مدينة نيويورك الأمريكية، وقالت “هآرتس”: بعد سنوات من الحديث عبر وسطاء، اجتمع نتنياهو وبن زايد بداخل فندق إقامة رئيس الوزراء الإسرائيلي في مدينة نيويورك، في يوم 28 سبتمبر/أيلول 2012.
-انطلق وسمان قبل أسابيع على موقع “تويتر” يروجان للتطبيع السعودي مع “إسرائيل”، ولقيا تفاعلاً واسعاً من أصوات سعودية في خطوة غير مسبوقة؛ إذ كان التصريح بهذا الأمر علناً من قبيل “التابوهات” (المحرمات) قبل وصول ولي العهد السعودي “محمد بن سلمان”، إلى مثلث السلطة في المملكة، الذي أُطيح بأحد أضلاعه مؤخراً.
مشروع بن سلمان
هذا الدأب السعودي يأتي في إطار مشروع الأمير محمد بن سلمان للوصول إلى الحكم السعودي. كل الأسلحة ستستخدم في هذه المرحلة، لأن الضوء الأخضر الأمريكي للسعودية، والإمارات بدرجة أقل، ما كان ليصل لولا المليارات التي حصل عليها ترامب إبان زيارته إلى المنطقة، وكذلك الصفقة السريّة مع بن سلمان لتطبيع العلاقات مع الكيان الإسرائيلي.
يخطئ من يعتقد أن بن سلمان بالرجل الساذج، لست أقصده كشخص تحديداً، نظراً لكونه يعتمد على عشرات المستشارين في كافّة المجالات، إلا أن جنون العظمة المصاب به الرجل، كالخرف الذي أصاب والده الملك سلمان، أقحمه في متاهات لا مفرّ منها، وفي مقدّمتها العدوان السعودي على اليمن. القصد هناك بن سلمان يتّكأ على مستشارين إعلاميين من الدرجة الأولى، بخلاف مستشاريه السياسيين والعسكريين.
رؤية 2030 التي قُدّمت في العالم الغربي وتحديداً الأمريكي، على أنّها نقطة تحوّل في السعودية (هناك العشرات بل المئات من التقارير الإعلاميّة الامريكية تدعم هذه الرؤية)، غزّزت من أوراق بن سلمان في الإدارة الامريكية، بل كانت القشة التي قصمت ظهر “بن نايف”، وسمحت لـ”بن سلمان” في الوصول إلى ولاية العهد وتنحية ابن عمّه محمد بن نايف، ووضعه في الإقامة الجبرية كما كشفت وكالة رويترز مؤخراً، وقبل صحيفة “نيويورك تايمز”.
اليوم، يعمد ولي العهد الشاب محمد بن سلمان إلى الاستعانة بالمستشارين الإعلاميين أنفسهم، الذين حرّضوه على تقديم رؤية 2030، واستخدام ذرائع عدّة في تبرير خطواته نحو التطبيع، وفق الاتفاق الذي أبرم مع الرئيس ترامب إثر زيارة بن سلمان إلى البيت الأبيض، وأقرّت تفاصيله أثناء القمة السعودية الأمريكية في الرياض.