أسباب عودة مناورات النجم الساطع الأمريكية المصرية
موقع أنصار الله || صحافة عربية ودولية || الوقت التحليلي
بعد قطيعة دامت حوالي 8 سنوات، يستضيف الجيش المصري تدريبات عسكرية مشتركة مع نظيره الأمريكي تحمل إسم “النجم الساطع” وذلك بدءاً من العاشر من سبتمبر الجاري ولمدة عشرة أيام.
وتأتي المناورة الجديدة التي ستجري في قاعدة “محمد نجيب” العسكرية التي افتتحها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في يوليو شمال البلاد، تأتي في ظل توتّر الأجواء المصرية الأمريكية على خلفيّة قرار الكونجرس بوقف المعونات لمصر وتأجيل بعضها، وردّ الرئيس المصري بالانسحاب شرقاً أكثر فأكثر عبر الحضور في قمّة “البريكس” (مجموعة المكونة من خمس دول هي الصين والبرازيل، والهند، وروسيا، وجنوب إفريقيا) التي تشكّل سلاحاً ناعماً صينيّاً في وجه الهيمنة الأمريكية.
نبذة عسكرية
تعدّ مناورات النجم الساطع، التي تسبق مناورة روسيّة مصريّة مشتركة بأيام، تعدّ من أكبر التدريبات متعددة الجنسيات فىالعالم، وتقام في مصر بصفة دورية بين عدة دول منها مصر، وأمريكا. وبدأت المناورات لأول مرة في أكتوبر 1980 بعد توقيع معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل في عام 1979، واستأنفت في عام 1981 وأصبحت تجرى كل عامين.
وكانت آخر عملية مناورات جرت عام 2009، قبل أن تتوقف بسبب الأحداث الداخلية عام 2011، وتوقف أمريكا عن المشاركة بقرار من أوباما عام 2013، إلا أنّه مع وصول ترامب إلى البيت الأبيض وجملة التبدّلات التي شهدتا الساحة الإقليمية أوجبت على الجانب الأمريكي الطلب من مصر باستئناف المفاوضات.
أسباب عدّة تفسّر عودة هذه المناورات، رغم الأوضاع السياسيّة المعقّدة نوعاً ما في العلاقات الأمريكية المصريّة، أبرز هذه الأسباب:
أولاً: هناك خشية امريكية واضحة من ارتماء الجانب المصري في الأحضان الشرقيّة، الروسيّة أم الصينية. الحضور الروسي القوي في الأزمة السوري والتحالف القائم مع إيران أفشل مشاريع أمريكية عدّة في المنطقة، وأفضى إلى خسارة واشنطن للجانب التركي فضلاً عن انحسار قدرتها في العراق. اليوم، تخشى واشنطن من انسحاب القاهرة نحو موسكو بانتظار منارة “حماة الصداقة” المشتركة بين البلدين، أو تكرار التجربة التركيّة عبر الخروج من العباء الأمريكيةأو البقاء بشروط لا تتناسب مع الرؤية الأمريكية.
ثانياً: إن عودة مناورات النجم الساطع حاجة أمريكية أكثر منها مصريّة، ففي حين أوضح رئيس جهاز الاستطلاع الأسبق بالقوات المسلحة، اللواء نصر سالم، أن أمريكا هي التي طلبت استئناف مناورات “النجم الساطع” مع مصر، وبعده ستيفين بركفورت، السفير الأمريكي بالقاهرة الامر ذاته، صرح الجنرال جوزيف فوتيل، قائد مركز القيادة الأمريكية في وقت سابق أن “الولايات المتحدة تريد مواصلة التعاون العسكري مع مصر وعودة التدريبات العسكرية المشتركة”.
ثالثاً: تسعى مصر من خلال تلبيتها لمطالبات واشنطن في إعادة المعونات التي تم قطعها عن مصر، وفق المستشار بأكاديمية ناصر العسكرية العليا، اللواء طيار أركان حرب هشام الحلبي. أي أن الهدف الرئيسي من التجاوب المصري مع المناورات الامريكية هي المعونة العسكريّة التي تقدّمها واشنطن للجيش المصري، وما عدا ذلك من قبيل شراكة عسكرية وغيرها استعراض إعلامي لا أكثر.
رابعاً: ما يؤكد هذه الحقيقة إجراء الجيش المصري الشهر الجاري أيضا، مناورة حماة الصداقة 2017 مع القوات العسكرية الروسية، حيث أعلنت الوكالة الرسمية الروسية على لسان مدير إدارة التدريب القتالي في قوات الإنزال الجوي الروسية أن التدريبات الروسية المصرية المشتركة، المقرر إجراؤها بشكل دوري سنوي، من شأنها تعزيز التعاون التقني العسكري بين البلدين. أي أن الجانب المصري يجمع اليوم بين الضدّين، أمريكا وروسيا، لغايات سياسيّة واقتصاديّة.
خامساً: تسعى واشنطن من خلال هذه المناورات لإيجاد تغيير بنيوي في العقيدة القتالية للجيش المصري، الأمر الذي ينعكس بشكل إيجابي على الكيان الإسرائيلي. واشنطن التي دمّرت الجيش العراقي من خلال الاحتلال عام 2003، وحاولت تدمير الجيش السوري اليوم عبر الأسلوب نفسه ولكن بوكالة الجماعات المسلّحة، تستخدم السياسة الناعمة مع الجيش المصري، كل ذلك في إطار تصفية الجيوش العربيّة التي شاركت في حرب عام 1967 وعام 1973، الأمر الذي يعدّ مطلباً اسرائيلياً أكثر منه أمريكياً.
سادساً: اليوم، تستغل واشنطن الهجمات الإرهابيّة التي يتعرّض لها الجيش المصري في سيناء بغية إيهام الشعب المصري بأهميّة هذه المناورات. لكن الهدف الحقيقي من هذه المناورات هو مغاير تماماً لم تعلنه واشنطن، وقد أسلفناه أعلاه.
هناك نقطة لافته تتمثّل في خسارة أمريكا لزمام المبادرة، أي أن واشنطن وخشية مناورة “حماة الصداقة 2017” مع روسيا أُجبرت على العودة للساحة المصرية، هذا ما حصل أيضاً إثر زيارة رئيس الأركان الإيرانية اللواء محمد باقري إلى تركيا، وبعده رئيس الأركان الروسي “فاليري غيراسيموف”، حيث أُجبرت واشنطن على إرسال وزير الدفاع جيمس ماتيس، فهل خسرت أمريكا المكبّلة أمام كوريا الشماليّة زمام المبادرة؟