معركة البحث عن الذرائع

موقع أنصار الله || تقارير || اعداد / فؤاد الجنيد

 

عندما ترى بأم عينيك كياناً أو دولة تمتلك ملايين من البشر، وبحوزتها أحدث الأسلحة الفتاكة، ولا يوجد فيها من يدافع عنها ويحمي ترابها، فتأكد أنها مهالك الممالك. وعندما ترى تلك الحثالة نفسها تلجأ مرغمة لشراء المرتزقة من كل اصقاع الأرض لحماية أرضها وثراها، فأعلم أنك أمام أجبن مخلوقات الكون، وأن رجولة تلك الجغرافيا لم تعد صالحة للإستهلاك الآدمي.

 

وجهان لـ جبن واحد

 

بكل تفانٍ وإخلاص يبحث مرتزقة العدوان عن ذرائع ومبررات للطيران الذي سحق العشرات من قاداتهم في نهم، كيف لا، والتحالف في قاموسهم يجري بأمر الله، وكل ما يفعله من صروف الموت يمضي كما رسمته السماء، يبحثون عن مبررات وتعليلات لتلك الجرائم الصديقة، لإن تحالف العدوان منهك هو الآخر ومشغول بالبحث عن ذرائع تحفظ ماء وجهه، بعد سقوط طائراته الحربية والاستطلاعية، وضرب منظومات دفاعه المتطورة بعد ثلاثة أعوام من حرب الأرض المحروقة. يبحث هؤلاء ويبحث أولئك، فدأب العبيد أن يبقوا عبيدا حتى ولو كانت تلك العبودية ثمنا لحياتهم، وحسب الخونة حزمة من أوراق وحفنة من دراهم.

 

ذرائع كرتونية

 

ليست المرة الأولى ولن تكون الأخيرة التي ينسب فيها تحالف العدوان إخفاقاته المتتالية للخيانة الداخلية، وإسقاط طائراته لخلل فني، وانكسار زحوفاته للانسحاب التكتيكي. فهو نفسه من ينسب مصرع جنوده لضربة شمس أو انقلاب من آلية عسكرية، وينسب مصرع كبار ضباطه وقاداته لسكتة قلبية مفاجئة. هذا التضليل الإعلامي الرسمي والتزييف الصريح في نشر الأخبار والتعليق على الوقائع، يعكس تخبط العدوان في خيباته، وعجزه الشديد عن استيعاب الصدمات التي لم تكن في حسبان أكبر المتشائمين. وفي المقابل، تكشف الغباء العجيب الذي تزرعه حكومات العدوان وتغذيه في عقول مواطنيها، إلى درجة يسهل معها استحمارهم وتضليلهم بروايات لا يقبلها عقل راشد. فتقلبات المناخ تتسبب بانقطاع الكهرباء، ومحطات التحلية والمطارات العسكرية فريسة مخلوقات فضائية ومذنبات وأجرام سماوية، أما اقتحام مدنهم وإسقاط مواقعهم فيعود إلى تمائم السحر وشخابيط الشعوذة الملفوفة في سواعد المقاتلين اليمنيين، وكل تلك الروايات صادرة عن الناطق الرسمي باسم تحالف العدوان، الذي لم يسعفه سواد وجهه لإخفاء سواد خيباته.

 

مقذوفات يمنية

 

وحسب الروايات السعودية، فإن الصواريخ الباليستية اليمنية التي أرقت مآقي العدوان، ليست أكثر من مقذوفات من الأراضي اليمنية، وكل المصابين جراءها مقيمون يمنيون في مدن الجنوب السعودي. إلا أن المقذوفات اليمنية قابلة للخفض والإضافة حسب طبيعة التضليل وأهدافه. فعندما أرادت مملكة الشر التخندق وراء المقدسات لجلب الاستعطاف، اعترفت أن مقذوفا يمنيا استطاع أن يعبر كل المدن متجاوزاً كل المناطق العسكرية وأجهزة الرصد والرقابة، وزعمت أن لولا عناية الله واعتراضه في سماء جدة لكان بيت الله الحرام في خبر كان. وعندما تريد ارتداء جبة الضحية تجد أن المقذوفات اليمنية تمطر دموع ممثلها في الأمم المتحدة وهو يستنجد العالم لإنقاذ بلاده من ميليشيات تدك مدن جنوب المملكة بالصواريخ الباليستية. وعندما تريد الهروب من الإخفاق والفشل، تزعم أن المقذوفات يتم اعتراضها قبل انطلاقها، وأخرى قبل أن تبلغ هدفها، كل ذلك بما يتناسب مع هواها المرحلي في حصد نقاط سياسية وقومية تقتضيها كل مرحلة جديدة من مراحل القتال.

 

عنصر المفاجأة اليمني

 

إن عنصر المفاجأة الذي يتسلح به الجيش اليمني ولجانه الشعبية يرافقه عنصر التوثيق الحربي، والذي بدوره يفند حجج العدوان ويدحض الإفتراءات والأكاذيب، ويجبر العدوان على الإعتراف أخيراً بعد مشاهدته لمقاطع الفيديو التي توثق الحدث بأدق تفاصيله. هذا التوثيق أزعج العدوان منذ بداية الحرب على حدوده، لدرجة أن المبعوث الأممي إسماعيل ولد الشيخ أضاف ذات مرة بنداً لمفاوضات مسقط، ينص على ضرورة أن يتوقف الإعلام الحربي عن بث مشاهد الإقتحامات في مدن الجنوب السعودي، وعرض صور الأسرى وجثث القتلى. ومع ذلك، لا يزال المواطن الخليجي في غيبوبة تامة مما يحدث كون الحرب لم تمسه نفسياً أو اقتصادياً وأمنياً، وجل اهتماماته بعيدة عن موضوع أي صراع، وكأنه في كوكب بعيد عن الأرض.

 

سرقة الشموخ والإباء

 

أرادت الرياض في تصرف العاجز الذليل أن تنسج لها مجدا وتاريخا كما فعلت أبو ظبي التي أرادت أن تصنع تاريخا هلاميا من خلال سرقة أشجار دم الأخوين من جزيرة سقطرى، فزعم الإعلام السعودي أن البطل الصنديد الذي حمل على ظهره زميله المصاب قاطعا عشرات الأمتار تحت امطار الرصاص لم يكن إلا ضابطا سعوديا، وأن المقطع الذي نشره الإعلام الحربي مفبركا ومزيفا غرضه قلب الحقائق وممارسة التضليل. إن مثل هذه الأعمال الطفولية التي ينتهجها العدوان لصناعة انتصارات مزيفة ومسروقة، أعمال مثيرة للشفقة، تعكس الحالة الواهنة التي وصل إليها العدوان معنويا ونفسيا، وتؤكد بما لا يدع مجالا للشك كيف أن ثبات اليمنيين ورجولتهم تحرج مراهقي البعران، وتصيب جنودهم الجبناء بمزيد من فوبيا الخوف والهلع، وتزيد من إيمان المخلصين المرابطين بأن نصر الله قريب.

 

تصنيع حربي مستمر

 

في الوقت الذي ظن العدوان أنه بلغ الثريا بتكنولوجيا عسكرية متطورة، كانت مخرجات التصنيع اليمني تمرغ كبريائه في الثرى، وبينما كانت الإمارات تنتشي بمنظومة دفاع جديدة في مأرب، كانت تهديدات الرئيس الصماد تؤتي أكلها وتجعل منظومة “باك” في خبر كان. هذا الغرور المتعجرف المتزامن مع القتل والسحل والحرق، قابلته اليمن المغلوبة على أمرها بصناعات جديدة بين هجومية ودفاعية، وزامنت ذلك بإسقاط المزيد من طائرات العدوان الإستطلاعية التي تلاحقها لعنة “الخلل الفني” حتى اللحظة. إن المعادلة البسيطة التي يمكن لأغبى رجل في المعمورة استيعابها وإدراكها آلياً، هي المقارنة بين ما تخرجه مليارات النفط اليومية، وبين ما تخرجه طاقات بلد يجابه الموت وحيداً وهو يتربع على صدارة الدول الأشد فقراً في العالم منذ عقود.

قد يعجبك ايضا