صفقة القرن لتصفية القضية الفلسطينية
موقع أنصار الله || صحافة عربية ودولية ||د. عبد العزيز بن حبتور/ الميادين نت
تردد كثيراً اصطلاح “صفقة القرن” في وسائل الإعلام العربية والإقليمية والأجنبية في الآونة الأخيرة، وزادت حدة تناوله منذُ أن اقترب الأمير محمد بن سلمان آل سعود من كُرسي العرش السعودي!! باعتباره المرشح الأوحد لهذا المنصب الأكثر إغراءً وجاذبيةً في الحكم على مستوى العالم كله، للأسباب الآتية:
أولاً: أنه قد قضى على، وأبعد، كل منافسيه على العرش، إما بالسجن أو الاغتيال أو تأميم الممتلكات.
ثانياً: يحكم مملكةً إنتاجها النفطي هو الأعلى في العالم، واحتياطياتها من النفط هي الأعلى في العالم أيضاً.
ثالثاً: يحكم دولةً وشعباً بقوانين (ثيوقراطية)، وبعيدة عن النظام والقانون والدستور.
رابعاً: يحكم أرضاً وشعباً تتجاوز موازنتها السنوية 1.370 مليار ريال بحسب بيانات وزارة مالية السعودية لعام 2018م (الأرقام في السعودية لا حساب عليها).
خامساً: يحكم في دولة ليس بها دستور كما هو متعارف عليه في العالم، مُقر أو مستفتى عليه من قبل الشعب في نجد والحجاز (السعودية حالياً)، عدا عن نظام أساسي لنظام المُلك أصدره الملك فهد بن عبد العزيز عام 1992م لإدارة شؤون هيمنة آل سعود على السلطة فحسب.
سادساً: يحكم بلداً يوجد فيه أهم مدينتين مقدستين بالنسبة للمسلمين في العالم وهما مدينة مكة المكرمة والمدينة المنورة، وبحكم النفوذ الملكي الطاغي فرض على المسلمين نوعاً أحادياً من مناهج وطرق ومذاهب الإسلام، وهي الطريقة الوهابية.
سابعاً: يحكم أرضاً وشعباً انطلقت منها فتن وحروب القرن ضد الدول والشعوب العربية ذات الموقف الرافض للتطبيع مع الكيان الصهيوني، وهي العراق وسوريا وليبيا واليمن ولبنان. وقد نتج عن كل هذه الفتن المسعورة قتلى لملايين من العرب وتهجير وضياع مستقبل مئات الملايين وتدمير دولهم ومقدراتهم وكنوز حضاراتهم.
بهذه الأسباب السبعة حاولنا أن نبيّن لماذا حكم وإدارة المملكة السعودية هام جداً، واعتلاء كرسي العرش فيها مُغرٍ؛ إذ أن لديه كل هذه المزايا التي لا تتوافر في حكم أي بلد في العالم، حَيْث يمارس الحكم فيها بشكل مطلق وكأنه يدير عِزبةً خاصة به ليس بها سوى أُسرته وحاشيته وأصدقائه، وانعكست هذه الثقافة عقيدةً عامة لأي أمير سعودي حتى لو كان في سن الطفولة، وللأسف انتقلت تلك العدوى إلى أبسط مواطن متسعود، ويعكس ذلك أيضاً عُقدة مركب النقص الجماعية لديهم تجاه المغتربين والوافدين إليهم ليعاملوهم بقسوة (السيد تجاه العبيد)، و تناسى هؤلاء المتسعودون أن العالم يراقبهم ويسجل عليهم كل خطاياهم وما أكثرها.
الشاب الأمير محمد بن سلمان الملك القادم من دون منازع يقوم حاليّاً بجولةٍ هامةٍ في عواصم القرار الغربي الاستعماري، لندن وباريس وواشنطن (مثلث الاستعمار القديم الجديد )، وهم قيادة محور صنع القرارات الاستراتيجية البحتة للدول الغربية. والأمير الشاب هو أحد أدوات تنفيذ ذلك المشروع الهام لهذا المحور وهو تصفية القضية الفلسطينية لمصلحة مشروع الكيان الصهيوني عبر مراحل يتم التمهيد لها بشكل تدريجي، وبوادرها قد بدأت تظهر على السطح، منها زيارات لجنرالات سعوديين إلى الكيان الصهيوني وكذا البدء بالسماح لبعض شركات الطيران الذاهبة والقادمة من مطارات الكيان الإسرائيلي عبر الأجواء السعودية، وهذا يحدث لأول مرة منذ 70 عاماً تقريباً، وتسهيل زيارات الوفود الفنية والتجارية والرياضية إلى بعض دول مجلس التعاون الخليجي، منها البحرين وقطر والإمارات العربية المتحدة، وربما البقية في الطريق.. من يدري؟
منذُ أن تسلّم السيد دونالد ترامب مقاليد السلطة في البيت الأبيض وهو يلوح بورقة “صفقة القرن” وهي صفقة تقوم على تصفية القضية الفلسطينية برمتها والرجل، أي ترامب، قليل الخبرة بالسياسة، ولكنه داهية في عقد الصفقات التجارية ونجح كثيراً في تاريخه من هذه الصفقات التجارية، التي لم يكن آخرها (غزوته) للسعودية، حيث في صفقة واحدة جنى المئات من المليارات من حكام آل سعود، وشاهد مسرحيتها الهزلية ملايين المسلمين والعرب الذين رأوا حكامهم يُقادون بخيط رفيع من قبل الولايات المتحدة الأميركية ليشهدوا على الصفقة المُذلّة للمسلمين وللأمة جمعاء.
السيد ترامب مطوّق في إدارته بالعشرات من أصحاب القرار والنفوذ السياسي الذين يؤمنون إيماناً جازماً بأن دولة إسرائيل هي الوحيدة في المنطقة من يحق لها العيش بحرية على حساب العرب والفلسطينيين، وأبرزهم السيد/ مايك بنس نائب الرئيس الأميركي والمعروف بعقيدته المتصهينة، والمسنود من قبل جماعات الضغط اليهودي المتصهين، هؤلاء هم من يفكر ويخطط للسيد ترامب مشاريعه السياسية في العالم ومنطقة الشرق الأوسط كلها، وفي فلسطين على وجه الخصوص.
يقول الناشط الصهيوني/ دانيال مورجانشترين لصحيفة هآرتس في يوليو تموز 2017م في مقال بعنوان (ليست واحدة ولا اثنتين بل ثلاث)، ويقول هذا هو مضمون مشروع صفقة القرن لدى الرئيس دونالد ترامب، وفي أحد المؤتمرات التي نظمها اللوبي اليهودي في نيويورك قدم الدبلوماسي الأميركي المتصهين/ جون بولتن المشروع الآتي:
أولاً: أن يؤول قطاع غزة إلى إدارة جمهورية مصر العربية.
ثانياً: أن تُضم أجزاء من الضفة الغربية لصالح المملكة الأردنية الهاشمية.
ثالثاً: أن يُضم ما تبقى من الضفة الغربية بما فيها مدينة القدس الشريف إلى الكيان الصهيوني.
ولهذا جاء قرار دونالد ترامب وضمن حيثيات أخرى بأن تنقل الولايات المتحدة سفارتها من تل أبيب إلى القدس الشّريف، وبهذا الحل السحري الساذج يتم توديع وجع الرأس إلى الأبد، فيما يخص أمر فلسطين.
وستكون ضمن برنامج رحلة الأمير بن سلمان الطامح الجامح للعرش مثل هذه المشاريع والمخططات الجائرة على أمتنا العربية والإسلامية المغدورة دوماً. لكنهم تناسوا أنهم لا يزالون في دوامة عدوانهم الآثم على أراضي وشعب الجمهورية اليمنية والتي بدأوها قبل ثلاث سنوات ولم ولن يفلحوا، وحاولوا تدمير سوريا ولم ينجحوا، وأن حلف دول الممانعة قد تعزز كثيراً وأصبح حلفاً عالمياً وليس إقليمياً فحسب، وأن خطاب سيد الكرملين الرئيس/ فلاديمير بوتن، قد بدأ في الشروع بتأسيس حلف عالمي ينبغي إزاءه على الحالمين من مفكري عهد الاستعمار أن يستفيقوا ويقرأوا المشهد بشكل صحيح.