التنكيل بالأسرى .. وحشية لا تمت للإسلام بصلة

علماء دين ودعاة يحذرون من الغلو والتطرف..ويدينون جريمة تعز:
التنكيل بالأسرى .. وحشية لا تمت للإسلام بصلة
استطلاع/ أسماء حيدر البزاز
الإرهاب يستهدف كل أبناء الوطن

استنكر العديد من العلماء والدعاة جرائم التنكيل والصلب للأسرى والتمثيل بجثثهم بطرق وحشية بخاصة ما حدث في تعز، وقالوا إنها جرائم لا تمت للإسلام ولا للأخلاق والقيم الإنسانية بصلة بل هي أعمال محرمة، تجرمها كل المواثيق والقوانين الدولية، الأمر الذي ينذر بفاجعة إنسانية ووطنية تعبر عن الحال الذي وصل إليه اليمنيين .. وهو الحال الذي للأسف يسهم في تمزيق النسيج المجتمعي بسبب التعصبات المناطقية والطائفية والو لاءات السياسية التي ما أنزل الله بها من سلطان.
الداعية الإسلامي إبراهيم العلفي يقول: إن للأسرى في ديننا الحبيب حقوقاً كفلها لهم ولا يستهان بها كالحق في المعاملة الحسنة والطعام والكسوة حيث يقول صلى الله عليه وآله وسلم: استوصوا بالأسارى خيراً، حيث كان يطلق سراحهم بلا فداء امتثالاً لقوله تعالى (وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا) ولنا في الصحابة مثالاً على ذلك في المعاملة الطيبة للأسرى حيث يقول لمصعب بن عمير، وكنت في نفر من الأنصار فكانوا إذا قدموا غذاءهم وعشاءهم أكلوا التمر وطعموني البر، لوصية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ويقول أبو العاص بن الربيع (كنت في رهط من الأنصار جزاهم الله خيراً كنا إذا تعشينا أو تغدينا أثروني بالخبز وأكلوا التمر والخبز معهم قليل، والتمر زادهم حتى أن الرجل تقع في يده كسرة فيدفعها إلي)، وكان الوليد بن المغيرة يقول في ذلك: (وكانوا يحملوننا ويمنعون) .
وتساءل : يا سبحان الله أين نحن من تلك الأخلاقيات والقيم الإسلامية التي دعا إليها إسلامنا، فما حدث اليوم من جرائم التنكيل بالأسرى وجثثهم لفاجعة بحق الإسلام والإنسانية والقيم الأخلاقية والآدمية وكأننا وحوش تبطش ببعضها بعضا حتى أصبحنا لا نرى أمامنا سوى القتل والتنكيل والذبح والبطش ولا حول ولا قوة إلا بالله.
داعياً العلماء إلى أن يوحدوا صفوفهم ويعلوا كلمة الحق في النصح والإرشاد والدعوى إلى الاصطفاف المجتمعي وتوثيق الأخوة الإسلامية والروح الوطنية والابتعاد كل البعد عن كل المناطقية والأحقاد والدعوات الطائفية المنتنة.

كل العار
من جهته يستشهد العلامة عبدالله الهمداني بموقف النبي صلى الله عليه وآله وسلم في فتح مكة وتعامله مع أسرى مكة الذين قابلوه بالعداء والقتال والتكذيب، إلا أنه امتثل إلى الصفح والعفو عنهم فقال لهم: (ما ترون أني فاعل بكم، قالوا: أخ كريم وابن أخ كريم، قال: اذهبوا فأنتم الطلقاء).
وأضاف الهمداني متسائلاً: هل من سنة نبينا الأكرم سوء معاملة الأسير وقتله والبطش بجثته والتنكيل بها أو الاعتداء عليها بهذه الوحشية من سحل وفتك وذبح بصورة تحرمها وتجرمها كل الأخلاقيات والأديان السماوية والمواقف الحقوقية والقوانين الدولية، وأن العار كل العار لمن ارتكب هذه الجريمة أو حرض على فعلها وبارك حدوثها، لأنه عار على أهل القرآن والإسلام والأمة المحمدية التي جاءت رحمة للعالمين، فبأي حق يجوز لهؤلاء قتل الأسرى بتلك الوحشية أعاذنا الله من قلوب تحجرت بل إن من الحجر لما يتشقق وتخرج منه الأنهار.

أهلكت الحرث والنسل
من جهته يقول العلامة مصطفى الريمي: بين لنا أهل العلم أن الحكمة من اتخاذ الأسرى هو الحرص على إنهاء الحرب بأقصى سرعة ممكنة حتى لا تطول فتهلك الحرث والنسل ولهذا فالأسير هو في حكم الحماية حتى تضع الحرب أوزارها كما بين ذلك وشرحه القرآن الكريم، ولهذا يجب أن يلقى الأسير حماية تليق بإنسانيته وبإسلامه من لطف وحسن تعامل كما في قوله تعالى (وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا، إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلَا شُكُورًا) فإذا كان الأسير الكافر دمه معصوم فما بالكم بالأسير المسلم الذي هدم الكعبة حجراً حجراً أهون عند الله من استباحة دم امرئ مسلم.
وأضاف: إن هذه التصرفات الهوجاء وغير المسئولة فاجعة تبين الحال الذي وصلت إليه ضمائرنا وقلوبنا وأين أصبحنا من الدين وشرائعه ونهجه حتى صرنا نقتل بعضنا بعضاً وباسم الدين وننتهك أبشع الجرائم وباسم الدين أيضا.. إننا بحاجة ماسة إلى العودة الصادقة لكتاب الله وسنة نبيه والاحتكام إليهما لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا، ويصلح بيننا ويعم الأمن والاستقرار ربوع بلادنا وينجينا من هذه الفتنة الطاغية.

منحدر خطير
فيما ترى الداعية خديجة السمدي ضرورة الابتعاد عن الخطابات التحريضية والدعوات الطائفية وفتاوى التكفير بغير حق والعصبية المذمومة, وأن يراعي الخطاب الإعلامي مسؤوليته الدينية والوطنية والإنسانية أمام الله وأمام المجتمع، فيكفينا عداء واقتتالاً، لقد وصلنا إلى منحدر خطير من الكراهية والإقصاء والحقد مع بعضنا بعضا, نسينا المصالح العليا وانحدرنا وراء الانتماءات الضيقة والمناطقية والطائفية وصور الانتقام بأبشع درجاته حتى فتكنا بنسيجنا المجتمعي ولا حول ولا قوة إلا بالله.
وختمت بالقول : لا بد من صحوة إيمانية وأخلاقية ووطنية وإنسانية لحل قضايانا وهذا البطش، لم ولن يولد إلا مزيداً من الدماء والأحقاد والقتال والعياذ بالله.

فكر تكفيري
أحمد باصيد -إمام مسجد- اعتبر هذه الجريمة نوعاً من أنواع الترهيب للناس والمواطنين ؛ ويؤكد بأن من قاموا ويقومون بمثل هذه الأعمال الدنيئة لا يدركون خطورة ما فعلوه من حيث أنه يكشف حقيقة مشاريعهم السياسية والتنظيمية التي تتصادم في الأساس مع واقع اليمن واليمنيين الذي يحترم ويقدر اللحمة الوطنية كما يشير إلى أن هذه المجاميع متأثرة بالفكر التكفيري المستورد من خارج اليمن، والمعادي للمدارس الفكرية والفقهية الإسلامية المعتدلة والفكر التكفيري في حقيقته ليس إلا الأرضية الخصبة التي تتحرك عليها كل التنظيمات الإرهابية في المنطقة والعالم.

قد يعجبك ايضا