صنعاء ومسارات مواجهة تداعيات آثار وحرب العدوان الاقتصادي على العملة المحلية “الريال اليمني”
|| تقرير خاص ||
مسارات مواجهة العملة غير القانونية من قبل البنك المركزي والأجهزة المختصة
في إطار مواجهة العدوان الاقتصادي على الشعب اليمني وما تمارسه قوى العدوان من إجراءات تعسفية تتعمد من خلالها هدم القطاع الاقتصادي وإيصاله إلى مرحلة الانهيار الشامل، سعت صنعاء ممثلة بالمجلس السياسي الأعلى واللجنة الاقتصادية العليا إلى الوقوف في وجه العدوان الاقتصادي محاولة قدر الإمكان ايقاف هذا التدهور والتقليل من آثاره الكارثية على حياة الشعب اليمني.
فمن أبرز القضايا التي تصدرت عمل وأولويات حكومة الانقاذ واللجنة الاقتصادية العليا والنبك المركزي بصنعاء عملية وقف التدهور المخيف لسعر الريال اليمني أمام العملة الأجنبية الذي تعمدت قوى العدوان ومرتزقتها الاضرار بالريال اليمني ليواصل تدهور حتى يصل وفق تصريحات أمريكية إلى مرحلة لا يغطي الريال اليمني كلفة الحبر المطبوع عليه، فقام قوى العدوان ومرتزقتهم بطباعة ما يزيد عن 2 تريليون و200 مليار ريال يمني من العملة المطبوعة الغير قانونية.
ومع مواصلة حكومة مرتزقة العدوان حربها الأبشع بالحصار الاقتصادي التدمير الممنهج للقطاع الاقتصادي كان منها ضخ مليارات الريالات من الأموال المطبوعة الغير قانونية إلى الأسواق في صورة بشعة لإغراق سوق النقد المحلية بالاوراق المطبوعة في استهداف مباشر للريال اليمني وافقاده لما تبقى من قيمته أمام العملات الأخرى، سعى العدوان من خلال ذلك إلى فرض حالة هلع وخوف وخلق أزمات اقتصادية للشعب اليمني في أسعار السلع الغذائية والمشتقات النفطية وأجور النقل والمواصلات وغيرها من الآثار المترتبة على فقدان الريال اليمني لقيمته الشرائية في سوق النقد المحلي مقابل العملات الاجنبية.
في حين أن حكومة الإنقاذ في وقته قد حملت بنك عدن “كامل المسؤولية عن اضطراب سعر الصرف وآثاره المدمرة لرأس المال الوطني وارتفاع أسعار السلع” الا أن حكومة الارتزاق والعمالة استمرت في مسلسل هدمها للاقتصاد اليمني.. وقالت حكومة الانقاذ: “بدلاً من القيام بمعالجة الأسباب والقيام بدوره الوظيفي، قام بنك عدن في سابقة لا مثيل لها في تاريخ البنوك بتجريف العملة الوطنية من السوق النقدي عبر قيامه بشراء ملايين الدولارات والريال السعودي من الصرافين وبعض البنوك “.
العدوان الاقتصادي
كانت أحد مظاهر الحرب الأمريكية السعودية على الشعب اليمني هي الحرب الاقتصادية التي أخذت في شكلها الآخر لجوء المرتزقة إلى طبع المليارات من العملة المحلية والتي وصلت إلى تريليونين و200 مليار ريال، هذا الرقم يساوي ما طبعته بلادنا منذ العام 1964م.
وخلال السنوات الماضية أخذ طبع هذه العملات مراحل متعددة وفي كل مرة يتم استغلال تلك المليارات المطبوعة في سحب العملات الأجنبية وشرائها بأسعار مرتفعة وتهريبها للخارج.
وتوالت سلسلة الإجراءات العدوانية متسببة في انحدار قيمة الريال إلى أدنى المستويات ، فبعد أن كانت في 2016 م تساوي 215 ريالاً للدولار، وبعد طباعة مئات المليارات من العملة المحلية وضخها إلى السوق، بلغت في مجموعها خلال الأعوام الـ4 الماضية نحو تريليونين و200 مليار ريال، أي بزيادة نسبتها 150 % على ما كانت عليه نهاية عام 2014م انخفض سعر الريال إلى 550 ريالا للدولار الواحد.
الإجراءات الكارثية التي يواصل المرتزقة في عدن تنفيذها وضعت الاقتصاد الوطني على محك الانهيار ، وكشفت أن الحصار الاقتصادي لأهداف سياسية جزء من حرب الإخضاع التي يتعرض لها اليمنيون والتي هدد بها السفير الأمريكي الشعب اليمني سابقا ، والتي تؤكد في مجملها أن استهداف العملة الوطنية بطباعة المليارات بشكل غير قانوني وجه آخر للحرب الأمريكية، وهي اليوم تتعاضد مع استمرار البارجات في منع سفن المشتقات النفطية من التفريغ في ميناء الحديدة حتى اللحظة .
وضمن الحرب الشاملة التي يشنها تحالف العدوان على الشعب اليمني مثلت طباعة العملة النقدية بالمكشوف أداة خطيرة من أدوات الحرب القذرة التي يستخدمها تحالف العدوان بدوافع عدوانية عقابية..
وفي مقابل هذه الاجراءات كشفت وزارة المالية في حكومة الانقاذ في وقته إلى بأن طباعة العملة «أداة من أدوات الحرب» التي يستخدمها العدوان ومرتزقته في عدن ، وأشارت إلى أن السوق المحلية فيها زيادة في السيولة النقدية 70 % من حجم الاقتصاد القائم متواجدة لدى الصرافين ورجال المال والأعمال، وأفادت بأن البنك المركزي اليمني في صنعاء أنزل قرابة 600 مليار ريال خلال عامي 2015 و 2016م في الوقت الذي انخفض فيه الطلب الكلي والناتج المحلي الحقيقي إلى درجة كبيرة جداً بسبب العدوان والحصار، وبالتالي الزيادة في السيولة النقدية بالإضافة إلى ما لدى القطاع المصرفي من ودائع نقدية غير مستثمرة حوالى 20 % من حجم الودائع، وكذلك الفائض في الاعتماد النقدي حوالى 60 إلى 70 % من الحجم الحقيقي للاقتصاد، ولذلك لا وجود لأي مبررات لطباعة العملات .
وتؤكد التقارير الاقتصادية إلى إنّ الفجوة الهائلة بين الريال والدولار كانت تقتضي بالضرورة انخفاضا عكسيا للعملة المحلية نسبته 150 %، مع ضخ 11 مليار دولار من النقد الأجنبي وكان يفترض على بنك عدن أن ينفذ سياسة تخفف من تضخم العملات وإيقاف الطبع غير القانوني بالمكشوف ، لكنه وبدلا من ذلك يواصل ضخ مزيد من العملات المطبوعات إلى السوق ، ما يكشف أن السياسات التي يتبعها بنك عدن تنفيذ حرفي لما هدد به السفير الأمريكي سابقا وللتوجهات التي تسعى إلى فرضها قوى العدوان على الشعب اليمني في محاولة لإخضاعه والعودة به إلى الوصاية السعودية الامريكية الاسرائيلية من جديد.
معالجات
في المقابل كان البنك المركزي بصنعاء والاجهزة المعنية المكلفة من اللجنة الاقتصادية العليا قد أصدرت رسائل شديدة اللهجة إلى المجتمع الدولي تحذره من مغبة استمرار ما يسمى بالشرعية في هدم الاقتصاد اليمني وما ترتب عليه من الإضرار بحياة المواطن المعيشية الذي يعاني الحصار والعدوان لقرابة 5 أعوام.
فبادرت حكومة الإنقاذ الوطني إلى أتخاذ إجراءات صارمة لمنع انتشار وتداول العملة الجديدة من واقع مسؤوليتها وحمايةً لشعبنا من المخاطر والتهديدات التي تمس أمنه الغذائي والاقتصادي، فإصدار مثل هذبه قرارات بمنع التداول للعملة الجديدة لم يكن عبثياً أو انفعالياً وإنما جاء بناءً على أخذ مصالح الشعب العليا بعين الاعتبار.
فقامت حكومة الإنقاذ الوطني والبنك المركزي بواجبها واتخذت العديد من الإجراءات والخطوات منها ما يلي:
– [يونيو 2017م]: توجيهات حكومة الإنقاذ بمنع تداول العملة الجديدة من فئة (500)
– [نوفمبر 2017م]: تأكيد وزير المالية آنذاك بأن العملة الجديدة من فئة (500) غير مقبولة للتداول
– [28-مارس-2018م]: حذرت حكومة الإنقاذ المواطنين والمؤسسات المالية والمصرفية من تداول العملة الجديدة فئة (1000)
– [منذ يونيو 2017م]، عقدت الجهات المعنية العديد من الاجتماعات مع القطاع المصرفي من البنوك والصرافين وتم توقيع العديد من المحاضر والالتزامات بعدم قبول تداول العملات الجديدة المطبوعة، وكان آخر اجتماع بتاريخ 4/6/2018م
– [يونيو 2018م]: تعميم من وزارة الصناعة والتجارة إلى الغرفة التجارية والصناعية بإلزام المستوردين وتجار الجملة والمولات ومحطات المشتقات النفطية بعدم التعامل بالطبعة الجديدة من فئة (500 – 1000)
وبحسب قرار مجلس وزراء حكومة الانقاذ برقم(57)للعام 2018م بوقف التعامل بكل الفئات من تلك الأوراق النقدية وعدم الاعتراف بها واعتبارها غير قانونية وتجريم كل من يتعامل بها ، استمرار انزال حملات التفتيش الميدانية والمتابعة من قبل الأجهزة الأمنية والنيابات المختصة بالتنسيق مع الجهات ذات الصلة وذلك على الاسواق والمحلات التجارية والمؤسسات المالية للتأكد من عدم تداولها لتلك الإصدارات النقدية الجديدة.
وظل البنك المركزي في صنعاء مع الجهات المختصة المخولة بإنزال اللجان الرقابية على محلات الصرافة ومراقبة سوق النقد المحلي واتخاذ الاجراءات المناسبة لضما استقرار سعر الصرف ومنع مزيداً من التدهور للريال اليمني، واتخذ البنك المركزي مع الجهات المختصة اجراءات صارمة وتم اغلاق الكثير من المنشآت التجارية ومحلات الصرافة المخالفة وتطبيق الاجراءات القانونية عليها.
وكان لمجمل المسارات التي اتخذت من قبل البنك المركزي والأجهزة المختصة لمواجهة تداعيات العملة غير القانونية وانعكاساتها الكارثية على الاقتصاد الوطني والحياة المعيشية للمواطن، الفضل بعد الله سبحانه وتعالى في الحد والتخفيف من آثار واضرار عبث العدوان بالقطاع الاقتصادي على حياة الشعب اليمني، واستطاعت صنعاء بفضل الله وبصمود ووعي الشعب اليمني أن تنجح في التخفيف من وطئت تلك الآثار على الواقع المعيشي للمواطن وبالأخص في المناطق والمحافظات التي تحت سيطرتها، مقارنة بما تعيشه المحافظات المحتلة من تدهور لسعر الريال اليمني فيها أكثر من صنعاء وبفارق كبير ، إضافة إلى الآثار التي تعاني منها تلك المحافظات المحتلة من أزمات اقتصادية في السلع الغذائية والمشتقات النفطية وغيرها من الازمات الاقتصادية والأمنية والاجتماعية والسياسية.