“صفقة القرن”.. الصفقة التي كُتب لها الموت قبل أن ترى الحياة

موقع أنصار الله || صحافة عربية ودولية || الوقت التحليلي

نشرت العديد من وسائل الإعلام الصهيونية خلال الأيام القليلة الماضية عدداً من التقارير الإخبارية والتي كشفت فيها عن فشل “صفقة القرن”، ولفتت تلك الوسائل الإعلامية بأن هذه الصفقة تم تأجيلها لأسباب عديدة من قبل أمريكا وهذا الأمر زاد من شكوك وتكهنات العديد من الخبراء السياسيين الذين عبّروا في العديد من تصريحاتهم بأن هذه الصفقة كتب لها الموت قبل أن ترى النور.

وحول هذا السياق، كشفت صحيفة “معاريف” الصهيونية في تقرير نشرته قبل عدة أيام، أن “جاريد كوشنر”، صهر ومستشار الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب”، فشل فشلاً ذريعاً في حشد الدعم لإتمام “صفقة القرن”.

ولفتت هذه الصحيفة العبرية إلى أن “كوشنر” لا يدرك أن أي رفض لـ”صفقة القرن” يضمن فشلها، فهو يحتاج لمعرفة كيف يمكن أن يسوّق هذه الصفقة.

كما أكدت هذه الصحيفة الإسرائيلية أن “كوشنر” فشل بشكل محزن ومخزٍ في تسويق “صفقة القرن”، فكل زيارته لـ “إسرائيل” وكل اجتماع جرى أسفر عن رفض آخر، وتأخير في نشر “صفقة القرن” الأمريكية.

وتوقعت الصحيفة، فشل زيارة “كوشنر” الجديدة المرتقبة إلى “تل أبيب” نهاية الشهر، وقالت: “من المتوقع أن تؤدي زيارته المتوقعة إلى “إسرائيل” لمزيد من الرفض، ومزيد من التأخير في نشر تفاصيل صفقة القرن”.

وأشارت إلى أن “كوشنر” يريد مواكبة التطورات في “إسرائيل” ولهذا فإنه سيلتقي للمرة الأولى مع زعيم حزب “أزرق أبيض”، الجنرال “بيني غانتس”، رغم أنه امتنع عن لقائه خلال زيارة لـ”تل أبيب” بعد الانتخابات البرلمانية في نيسان الماضي، وهو الاجتماع الذي كان من الممكن أن يزعج “بنيامين نتنياهو” رئيس الحكومة وزعيم حزب “الليكود”، في ذلك الوقت الذي كان فيه المقرّب للرئيس “ترامب”.

وبيّنت “معاريف”، أنه بعد الانتخابات الأخيرة، وفشل جهود “نتنياهو” في تشكيل الحكومة الجديدة، ظهر “كوشنر” كسياسي فاشل ويائس، وهو ما أضعف بشدة موقفه في البيت الأبيض.

وفي سياق متصل، كشفت صحيفة “جيروزاليم بوست” الإسرائيلية عن، أن المبعوث الأمريكي الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط “جيسون جرينبلات”، قرر التعجيل باستقالته، بعد تأجيل نشر “صفقة القرن” الأمريكية “صفقة القرن”، بسبب عدم تشكيل حكومة إسرائيلية.

وكان “جرينبلات” قد أعلن في سبتمبر الماضي نيّته الاستقالة، لكنه أكد أنه سيواصل مهمته حتى نشر هذه الصفقة التي كان من المقرر أن تتم عقب تشكيل حكومة إسرائيلية جديدة، إلا أن تعثّر تشكيل الحكومة سيعني أن استقالة “جرينبلات” ستدخل حيّز التنفيذ في الأول من نوفمبر المقبل.

وعمل “جرينبلات مع السفير الأمريكي “ديفيد فريدمان”، كجزء من فريق صغير يترأّسه “جاريد كوشنر” المستشار الأول للرئيس الأمريكي، من أجل إعداد خطة السلام.

في السياق ذاته، صرّح السفير الأمريكي في الأراضي المحتلة “ديفيد فريدمان” أن أحد أسباب عدم الكشف عن جميع بنود “صفقة القرن” حتى الآن هو فشل تشكيل الحكومة الصهيونية الجديدة وأشار إلى أن الرئيس “ترامب” عارض بشدة كشف النقاب عن جميع بنود هذه الصفقة قبل انتهاء الانتخابات في “إسرائيل”، وذلك لأنه لم يكن هناك حكومة يمكنها النظر في المصالح طويلة الأجل بين أمريكا والكيان الصهيوني.

وبإلقاء نظرة مختصرة على تصريحات السفير الأمريكي في الأراضي المحتلة “ديفيد فريدمان”، يتبيّن لنا أن “صفقة القرن” هي صفقة صهيونية بحتة تهدف إلى تنفيذ سياسات “تل أبيب” و”واشنطن” في المنطقة، لذلك ليس سرّاً أن “صفقة القرن” تتعامل فقط مع حقوق الصهاينة وليس مع حقوق الفلسطينيين ولهذا السبب تعارض الجماعات الفلسطينية بشدة تنفيذ هذه الصفقة المشؤومة.

وفي هذا الصدد، ذكرت العديد من المصادر الإخبارية بأن جزءاً من هذه الصفقة أفصح عنه، لأول مرة السفير الأمريكي في الأراضي المحتلة “ديفيد فريدمان” خلال اجتماع لجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية في 27 آذار الماضي، حيث طرح الخطوط العريضة للمشروع الجديد، والتي تضمّنت سيطرة أمنية إسرائيلية كاملة على الضفة الغربية، ووجوداً أمنيّاً إسرائيليّاً دائماً في غور الأردن، واعتبار القدس عاصمة لـ”إسرائيل”.

كما أن هذه الصفقة نصّت، على إنشاء دولة فلسطينية تشمل المنطقة “ألف” و”ب” وأجزاء من منطقة “ج” منزوعة السلاح في مناطق من الضفة الغربية بسيادة فلسطينية على أراضيها محدودة وليست مطلقة، وقبول بقاء المستوطنات الإسرائيلية في الضفة، والتخلي عن القدس عاصمة لفلسطين واستبدالها ببلدة “أبو ديس”، فيما يتنازل اللاجئون الفلسطينيون عن حقهم بالعودة، ويحصلون على تعويضات مالية.

وفي هذا السياق، كشف العديد من الخبراء السياسيين بأن أمريكا عوّلت على عدد من الدول العربية كالسعودية ومصر والأردن، للعب دور الشريك تارة، والداعم تارة أخرى لتحقيق هذا المشروع، بينما تتجاهل الفلسطينيين أصحاب القضية.

ولفت أولئك الخبراء إلى أن واشنطن تسعى إلى استغلال العلاقة الجيدة التي تربط بين الرئيس الأمريكي وصهره من جهة، وولي العهد السعودي “محمد بن سلمان” من جهة أخرى إلى دفع السعودية لتسويق هذا المشروع وتحويل بوصلة احتلال “إسرائيل” أراضٍ عربية إلى التركيز على إيران كعدو بديل يشكّل خطراً أكبر على المنطقة بحسب مزاعم “واشنطن” و”تل أبيب” وبعض العواصم العربية.

يذكر أن القادة العرب، والقادة السعوديين بشكل خاص، اتخذوا العداوة مع إيران ذريعة لتلك العلاقات والتعاون مع “إسرائيل” في مجالات التقنيات والمسائل الأمنية وغيرها، ولهذا فلقد قدموا الكثير من الدعم المالي واللوجستي للعديد من الأطراف لتنفيذ “صفقة القرن” المشؤومة ولكن أبناء الشعب الفلسطيني لم يظلوا مكتوفي الأيدي، وإنما قاموا بتوجيه الكثير من الاتهامات للسعودية وقالوا بأنها السبب الرئيس بمعاناة الشعب الفلسطيني، كما وجّهوا لها الانتقاد أيضاً بسبب مشاركتها في قمة البحرين، وطلبوا منها وقف التطبيع مع “إسرائيل”، لأن هذه القمة مبادرة صهيونية أمريكية لتصفية القضية الفلسطينية وصفقة لبيع فلسطين والتنازل عنها، ومن المثير للغرابة أن تنعقد قمة البحرين بحضور سعودي إماراتي إسرائيلي وغياب فلسطيني.

لكن رغم ذلك، لم ينقذ الدعم السياسي والمالي الواسع للسعودية هذه الصفقة المشؤومة من الفشل والانهيار، ومع ذلك، وبعد سنوات من تقديم الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” هذه الصفقة المشؤومة ودعم العديد من الأطراف الغربية والعربية لهذه الصفقة، رأينا وسائل الإعلام الصهيونية وبعض المسؤولين الإسرائيليين قبل عدة أيام يقرّون ويعترفون بأن هذه الصفقة المشؤومة كتب لها الموت قبل أن ترى النور.

قد يعجبك ايضا