العدو الصهيوني وفرصة “الحراك” التاريخية

موقع أنصار الله || صحافة عربية ودولية || العهد الإخباري

عام 2011 وفي مقابلةٍ مع صحيفة “هآرتس” قال الجنرال غيورا إيلاند رئيس مجلس الأمن القومي الصهيوني وكبير الباحثين في معهد دراسات الأمن القومي في كيان العدو “إنّ أيّ حرب مع حزب الله ستؤدي إلى أضرارٍ لا تطاق على الجبهة الداخلية خلال أسبوعين، وهذا سيؤدي إلى هزيمة إسرائيل”. وعام 2016 كرر الجنرال ذات الموقف تقريبًا حيث قال “إنّ نتائج انتهاء الحرب في سوريا ستضع “إسرائيل” أمام خياراتٍ صعبة، لكن لا يمكنها محاربة حزب الله، لأنّها غير مستعدة لذلك، حتى إن كانت أكثر جاهزية مما كانت عليه عشية 2006″. والآن، أطل ذات الجنرال عام 2019 كالممسك بمصباح علاء الدين، فقد وجد الطريقة المثلى لتجاوز العجز”الإسرائيلي” عن مواجهة حزب الله، فقال في”يديعوت أحرونوت” ما معناه “يجب على “إسرائيل” استغلال الحراك اللبناني من أجل الضغط لنزع سلاح حزب الله، وإنّ “إسرائيل” أمام فرصة تاريخية لتحقيق أهداف تكتيكية واستراتيجية من خلال التأثير على مجريات الأحداث دون الاضطرار للخيار العسكري، وجعل الأموال السعودية وأموال الدول المانحة ورقة ضغط على الحكومة الجديدة بأن تكون مشروطة بسلاح حزب الله الذي يشكل خطرًا استراتيجيًا على “إسرائيل””.

إنّ وهن العدو وداء العجز الذي ينخر نخاعه، هما الرادع الوحيد عن ممارسة العدوان على لبنان شعبًا وأرضًا وحقوقًا، ولم يكن ليعتبر صرخة وجعٍ محلية فرصة تاريخية، لولا أن أقَرّ في يقينه بأنّه بات محاصرًا بضيق الخيارات العدوانية عسكريًا. ومن يحاول استغلال الحراك المطلبي لتوجيهه نحو مكتسباتٍ سياسية ذات بُعدين إقليمي ودولي، فهو يتطابق مع الرؤية الصهيونية، أو بالأحرى يسعى للّحاق بها حيث طبيعته تستمرئ التبعية. كما أنّ اللافت هو اعتباره أنّ المال السعودي يعمل خادمًا للرغبات الصهيونية. وكلمة “اللافت” هنا لا تعني غرابة الأمر بقدر ما تعني تلقائيته، فبين الوقاحة الصهيونية وقلة الحياء السعودي افتقدنا دهشتنا وحتى استنكارنا. والمتابع للإعلام السعودي يمسك غيورا إيلاند وكل طاقمه متلبسًا في كل حرفٍ ومع كل تقريرٍ لولا اصطدامه بحروف الضاد، وهذا الإعلام يعبر عن السياسات الرسمية للسعودية، ويحاول جاهدًا لزرع “إسرائيل” في الوعي الجمعي لمتابعيه وتثبيط أيّ مقاومة.

ويبدو أنّ السيد نصر الله حين قال في خطابه يوم تأبين سماحة السيد جعفر مرتضى العاملي “نحن نطالب بحكومة سيادية حقيقية، وأن تكون قراراتها لبنانية وطنية”، لم يكن يذيع سرًا بأنّ الحكومة اللبنانية تتعرض لضغوطٍ أمريكية مباشرة أو غير مباشرة، وهذه الضغوط مهما تنوعت أطرافها فهي في النهاية ضغوط “إسرائيلية”. إذاً، نحن أمام مشهدين، مشهدٌ يدعمه كيان العدو، يعمل على إطالة أمد الأزمة من خلال عرقلة تحقيق المطالب، حتى يظل الناس في الشارع أطول مدة ممكنة، بما يشكله ذلك من ضغط أولًا ومن تضخيم الاحتقان ثانيًا، الذي قد يصل حدود الانفجار، ومشهدٌ ثانٍ يمثله حزب الله والعهد عمومًا يعمل على تحقيق الاستقرار من خلال العمل على الإفلات من وصاية السفارات، وتشكيل حكومة وطنية سيادية تمتلك قرارها المستقل، وتعمل ليلاً نهاراً لمسابقة الوقت من أجل تحقيق مكتسبات معيشية عاجلة، تضمن تعزيز الثقة بين السلطة والناس. وهذا يعني أنّ الصراع على وجع الناس، بين من يريد تأبيده ومن يريد تعبيده، ليكون طريقاً نحو وطنٍ عزيز ومواطنٍ كريم.

رغم أنّ السيد نصر الله قال “لسنا خائفين ولسنا قلقين ولا أحد يشتبه في هذا الموضوع”، ولكن الإعلام العبري أول المشتبهين، حيث حاول بعضه تفسير إطلاق حزب الله صاروخ أرض – جو نحو طائرة صهيونية في أجواء النبطية، باعتباره محاولة من الحزب لحرف الأنظار عن الحراك، وهي محاولات اعتباطية لا تنم إلّا عن محاولة تخفيف وقع اختلال موازين الردع، رغم أنّ ذات الصحافة تنقل عن مصادر عسكرية “إسرائيلية” أنّ الطيارين أفادوا قيادتهم بإطباقات رادرية نفذها مقاتلو حزب الله في السنوات الأخيرة، وذلك قبل حاجة الحزب لحرف الأنظار عن الحراك. كما أنّ القرار الذي أعلنه السيد نصر الله حول المسيّرات الصهيونية كان قبل الحراك أو إرهاصاته، وعليه فالسؤال ليس عن يقينية الوهن الصهيوني أو يقينية قدرة المقاومة، بل عن نتيجة هذا الاشتباك الذي تجندت “إسرائيل” وفريقها، لجعل أوجاع الناس حلبته، والإجابة النهائية هي انتصار الحزب والعهد. فمن المثبت أنّ الحرب التي تُشن منذ ثمانية أعوام أكسبت هذا المحور عموماً ذكاءً استراتيجياً، يجعل من خسارة مكتسباته الميدانية سياسياً أمراً شبه مستحيل، ولكن هذا لا يعني أنّ الأمر سيكون يسيراً، لكنه في نهاية المطاف سيسجل خيبة عريضة للعدو وفريقه، وقياساً على اعتبار غيورا إيلاند أنّها فرصة تاريخية، ستكون كذلك الخيبة تاريخية.

 

قد يعجبك ايضا