رسالة سجين لأحد رفاقه من المجاهدين
كتبها الشهيد عبد الله مشقي:
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ،من الشيطان الأكبر أمريكا وإسرائيل
بسم الرحمن الرحيم
بدايةً تــــحـــيـــــةً لكل المجاهدين في سبيل الله، الذابين عن حرم الله وحرم أهل بيت رسول لله وعن عزة الأمة وكرامتها.
تحية لكل الأبطال، لرجال الاستبسال، للأباة التقاة, تحية لكم منا جميعاً، فـــســـلام الله عليكم ورحمته وبركاته
{وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَلأَجْرُ الآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ(41)الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ}
إلى من عرفوا الله فاتخذوه وليًا وملجأً، وعرفوا الحق فاتخذوه منهجًا، وعرفوا المصطفى من أهل بيت رسول الله .
إلى من عرفوا كيف يجب أن تكون الحياة، وإذا دعا داعي الموت كيف يجب أن يكون الممات0
إلى من تركوا لذات الدنيا، وعن حياة الذل والاستعباد والاستضعاف تولوا، ومضوا في سبيل الله والمستضعفين ،مؤثرين الآخرة على الأولى 0
إلى من ترك أرض الأجداد، وفرق الأخلة والأحباب، والأقارب والأصحاب، واستجاب لمنطق الكتاب، ونداء رب الأرباب، حين تودد للمؤمنين من العباد { يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ} فهنيئًا لك ولجميع المجاهدين معك، هنيئاً لكم يا من استجبتم لداعي الله ورسوله إذ دعاكم لما يحييكم ، ولبيتم نداءه إذ ناداكم ، واستجبتم بعد ما أصابكم من القرح وما عانيتم ، ــ هنيئاً لكم ــ فلله والدين والأمة استجبتم ، فحظيتم بفضل الله وعظيم أجره، فـــ{ الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ}
لقد منحكم الله وسام الشرف والفضل العظيم ، لأنكم استجبتم حينما رفض الناس، وتكلمتم عندما سكتوا، وقمتم عندما قعدوا، بكم بان الحق لطالبيه، ومنكم أتى الحل لفاقديه، بقيتم مع الله عندما ارتدّ الناس، وعملتم بكتابه عندما هجروه ، وأخذتموه عند ما تركوه وراء ظهورهم واشتروا به ثمناً قليلاً، واعتصمتم به عندما تفرقوا عنه، فبالله اعتصمتم { وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} فأنتم رحمة الله لعباده، أنتم الأمل الساعي لإنقاذ أمة تخبطت في سبل المتاهة والضلال، منذ زمن طويل صمدتم ، فبصمودكم وثباتكم في مواقفكم حفظتم قيمة العمل وقيمة الدين وعظمته، أثبتم لأمريكا وإسرائيل بل وللعالم كله أن هذا الدين وهذا المبدأ لا يمكن أن يقهر، أو يهزم ، فنحن نعتزبكم هنا؛ لأنكم حفظتم ماء وجوهنا حتى أصبحنا نفتخر بكم ، ونتجلبب بهيبة مواقفكم ، فما أجمل تلك الدروس التي لقنتموها العدى، في ساح الوغى، وما أجمل تلك الانتصارات التي رسمت على أيديكم لعشاق الحياة الأبدية لعشاق الشهادة ، للرجال الذين يعشقون الموت في سبيل إعلاء كلمة الله ونصرة المستضعفين ، فطلبتم الموت عندما طلبوا الحياة، فنحن كما يعلم الله إن قلوبنا تشترك معكم في جهادكم وتضحياتكم ، نحمل همكم ، ونستشعر آلامكم وعنائكم ومتاعبكم ، نخوض غمار المنايا معكم بقلوبنا وأحاسيسنا ومشاعرنا في سراياكم وغزواتكم، فوالله ما صعدتم تلاً ، ولا نزلتم وادياً إلا وقلوبنا معكم وفي مقدام صفوفكم ، فيا ليتنا كنا معكم فنفوز فوزاً عظيمًا.
حباً في الله وطمعاً في محبته ،سعينا في عملٍ يرضاه الله ويرضي به عنا، لنشترك معكم في الجهاد ونحظى بالأجر والثواب .
فكان موطن الرضاء هوما يغيض الكافرين ويفضح العملاء الظالمين ، الذي من أجله حاربونا من أجله سجنونا من أجله قتل الأبرياء وشرد الأتقياء ، وهدمت البيوت ونهبت الممتلكات ، هو شعار (الله أكبر، الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل، اللعنة على اليهود ، النصر للإسلام).
عملنا بجد وأثرنا كثيرًا إلا أن أمريكا وإسرائيل أدركت الخطر ، فمسألة أن تؤجج قلوب السجناء بالسخط على أمريكا وإسرائيل ، وهي من تسعى بجد لتفادي هذا السخط من نفوس الناس بمليارات الدولارات ، فهذا يشكل عامل هدم لمساعيهم الرامية في كسب الولاء والرضا عنهم بالذات السجناء الذين سجنوا بسببها هي من تبذل كل غالي ورخيص لكسب ودهم وولائهم؛ لذا عملت على تحريك أذنابها للتصدي لهذا العمل الذي هو أشد عليها من ضرب الرصاص والصواريخ .
فقمنا برفع الشعار لأول جمعة ، ونحن مجموعة كبيرة ما يقارب أربعين شخص، فلجأوا إلى القوة والعنف ، حيث أدخلوا علينا مجموعة من العساكر كانوا مجهزين من قبل أتوا حاملين الكيابل والعصي الكهربائية ، والأسلاك والهراوات، وجميع وسائل العنف والإرهاب .
فأفرغوا علينا بأسهم الشديد ، فكانوا يضربونا بكل قوتهم ، حتى يترك الضرب أثره في الجلود ، ولا نستطيع أن نجلس الجلوس الطبيعي ، ورشونا بالمياه الباردة ، ودحرجونا بين التراب على الأرض بعد الجري ، وأساليب كثيرة غليظة جداً.
لكنا صمدنا وصبرنا بعون الله وتأييده ، ولم نعبأ بكل ما حصل لنا، وكنا نقول لهم عدونا أمريكا وإسرائيل ،السبب أمريكا واسرائيل.
ورغم ما حصل لنا من قبلهم إلا أنّا كنا نرى ونلمس آيات الله وتأييده لنا ، وألطافه بنا ، ورعايته لنا مما زادنا قوة ، وصموداً وثباتاً وزادنا يقيناً بأن الله معنا وأننا معه , فكلما أرغمونا بقوتهم على أن نتعهد أبينا وقلنا معاذ الله لن نسكت عن أعداء الله والأمة أمريكا وإسرائيل.
صبرنا فأعاننا الله تعالى على تجاوز أهم مرحلة في مواجهة جبروتهم وغطرستهم وكبريائهم ، واستمدينا السند والتأييد الإلهي على الصبر والتحمل والجلد في إعلاء كلمة الله عندما استمدوا الضعف والوهن والخذلان من أسيادهم في البيت الأبيض بوش وشاورن ، من أمريكا وإسرائيل في الصد عن سبيل الله وإطفاء نور الله المتلألئ في أرضه .
أصرينا على مواصلة العمل مهما كان الثمن، وعندما علم الله صِدقنا معه وثباتنا معه أمدنا بتأييده كفانا شرهم فتوقفوا عن تعذيبنا .
فنحن هنا والحمد لله معتزين بعزة الله ومتحصنين بقوته ومنعه وغلبته وأصبح شعارنا يهز أركان الظلمة والسجانين وأصبحت هذه الزنازن مصدر هدى ونور للسجن ومن فيه ، لدينا دروس بعد العصر يحضرها الناس من السجن ومعنا صالة كبيرة ( 10×10 ) متر عليها شبك يحضر الجميع يوم الجمعة ونصلي فيها ونخطب وصرخة تهز السجن ونحن (45) شخص في عزبة واحدة نأكل جميعاً بكل أخوة ورغم تعقيداتهم لنا تحت مبادئهم المشهورة {يَقُولُونَ لاَ تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا وَلِلَّهِ خَزَائِنُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لاَ يَفْقَهُونَ}.
فنحن يا أخي والله في نعمة وطمأنينة لا نعرف القلق كما هو لدى الآخرين وكأننا لسنا مساجين واثقين بنصر الله العاجل ، فقد قال المولى الحسين عليه السلام [ الصبر الوحيد الذي بعده فرج هو الصبر في سبيل الله ] ولذا جندنا أنفسنا في سبيل الله .
الآن يا أخي ـ كتبت إليك هذه الرسالة على هذه الصيغة لكي تكتب لنا ملازم، فاختر لنا الملازم المناسبة لهذا المكان ، وأرسلوها إلينا بالطريقة التي ترونها مناسبة ، وبلغ سلامنا لكل المجاهدين في سبيل الله وبلغ سلامي إلى سيدي ومولاي عبد الملك بدر الدين الحوثي .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته