على هامش فضائحه: خطوات ترامب الخطيرة لتصعيد الصراع الدولي
|| صحافة ||
يبدو أن حجم الأزمة الناتجة عن تفشي وباء كورونا في الولايات المتحدة، أكبر مما يحسبه الكثيرون، وربما تفوق توقعات المراقبين ورصد الباحثين.
أقدم ترامب في الساعات الأخيرة على خطوات رعناء ربما تمثل في جانب منها تغطية على فضائح كارثية، ولكن، وهو الأهم، أنها تعكس خرقا كاملا لصورة الولايات المتحدة وعلاقتها بحلفائها، وكذلك قواعد الاشتباك مع منافسيها. للاختصار، سنعرض أولا أمثلة لما اعتبره الداخل الامريكي ممثلا بوسائل الاعلام والسياسيين وقطاعات شعبية، فضائح، ثم نستعرض الخطوات الرعناء والخطيرة التي ارتكبها ترامب، مع تعليق مقتضب يحاول استشراف المستقبل القريب لهذا المسار الامريكي الخطير.
أولًا – فضائح التعامل مع أزمة الوباء:
1- نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية تقريرًا فجرت فيه فضيحة مدوية كشفت عجز المنظومة الصحية الامريكية عن التصدي بكفاءة لانتشار وباء كورونا، ووفقا للصحيفة، فقد فوجئ الكثير من الأمريكيين برفض المستشفيات والمعامل في أنحاء البلاد إجراء الفحص اللازم لاكتشاف الإصابة بالفيروس لأسباب واهية.
وأوضحت الصحيفة أن بعض المتقدمين لإجراء الفحص رُفض طلبهم بحجة أن أعراض الوباء لا تبدو عليهم، بالرغم من إبلاغهم عن مخالطتهم لأشخاص ثبتت إصابتهم بفيروس كورونا، وقيل للبعض الآخر إنه لا داعي لإجراء الفحص لعدم سفرهم للخارج، بالرغم من ظهور أعراض شبيهة بأعراض الإصابة بكورونا عليهم وإقامتهم في مدن أمريكية يتسارع فيها انتشار الوباء.
وضربت الصحيفة مثالًا بولاية نيويورك، حيث لم يستطع سوى أقل من 2000 شخص إجراء فحص كورونا بحلول نهاية فبراير الماضي، ورجحت الصحيفة أن الأغلبية الساحقة ممن ثبتت إصابتهم بالفيروس في نيويورك لم يكتشفوا ذلك خلال فترة حضانة المرض بسبب قصور عدد الاختبارات المتاحة.
2- أفادت البحرية الأمريكية، في أحدث تقرير لها، عن ارتفاع أعداد الإصابات بفيروس كورونا المستجد على متن حاملة الطائرات “USS Theodore Roosevelt” إلى 230 حالة.
وقالت في بيان، إن 79% من طاقم السفينة العسكرية الكبرى، الذي يضم نحو 5 آلاف شخص، خضعوا لفحوص خاصة بعدوى فيروس كورونا المستجد “COVID-19″، وتم كشف إصابة 230 منهم.
تعامل الادارة السياسية والعسكرية مع حاملة الطائرات وقائدها كان كارثيًا أدى الى مزيد من تفشي الوباء، ومؤخرا، وافق وزير الحرب الأمريكي مارك إسبر، على استقالة وزير البحرية الأمريكي بالوكالة توماس مودلي، والذي قدم استقالته بسبب الهجوم على اسلوب تعامله مع القضية، وبعد تصريحاته “المسيئة” لقائدها المقال بريت كروزير.
3- تواجه امريكا اتهامات بالقرصنة وسرقة شحنة من الأقنعة الطبية كانت موجهة للشرطة الألمانية، فضلا عن مزايدتها على دول أخرى في السوق العالمية لمنعها من شراء معدات الحماية من الفيروس التاجي.
وقد ذكر تقرير نشرته صحيفة “ذا جارديان” البريطانية، أنه تم تحويل نحو 200.000 قناع من نوع N95 إلى الولايات المتحدة أثناء عملية نقلها بين الطائرات في تايلاند، كانت موجهة في الأساس إلى العاصمة الألمانية برلين.
ثانيا – خطوات ترامب الرعناء والخطيرة:
1- في أحدث خطواته، أعلن ترامب، أنه قرر تعليق المساهمات المالية الحكومية من قبل الولايات المتحدة في ميزانية منظمة الصحة العالمية، متهما اياها بالانحياز للصين، وبأنها سبب تفشي الوباء في امريكا!
ومن المعلوم ان الولايات المتحدة هي أكبر داعم لمنظمة الصحة العالمية منذ إنشائها عام 1948. وقد تجاوزت مساهمات الولايات المتحدة لمنظمة الصحة العالمية 400 مليون دولار في العام 2019، وفي المقابل، ساهمت الصين بـ44 مليون دولار للمنظمة.
2- وقع ترامب مرسوما يدعم استكشاف القمر والأجسام الفضائية الأخرى بأهداف تجارية، وقال ترامب في المرسوم: “يمثل الفضاء من وجهتي النظر القانونية والعملية مجالا فريدا من نوعه لأنشطة الإنسان، والولايات المتحدة لا تنظر فيه باعتباره ملكا عاما للبشرية”.
ووجه ترامب لوزير الخارجية، مايك بومبيو، بـ”معارضة أي محاولة من قبل أي دولة أخرى أو منظمة دولية للنظر في اتفاق الأنشطة في القمر والأجسام الفضائية الأخرى باعتباره وثيقة تعكس القانون الدولي العادي”.
وهو ما أدى الى تصعيد الصراع مع روسيا والصين، حيث قال نائب المدير العام لوكالة الفضاء الروسية للتعاون الدولي، سيرغي سافيلييف، في بيان إن “محاولات المصادرة على المجال الفضائي والخطط العدوانية الخاصة بالاستيلاء العملي على أراضي كواكب أخرى لا تحث الدول على أي تعاون مثمر”.
وفي ديسمبر 2019، أنشئت القوة الفضائية الأمريكية الجديدة تحت رؤية تقول “الفضاء مجال حرب، كما الأرض والجو والبحر، وأمريكا ستكون مهيمنة فيه، كما هى فى الأرض”، وهو ما قاد الصين الى ان تحذر من أن الولايات المتحدة تحوّل الكون إلى “ساحة معركة”.
3- لوحت أمريكا بالانسحاب من اتفاقية الأجواء المفتوحة، وهو ما جعل كبار الديمقراطيين في لجان مجلس النواب ومجلس الشيوخ المسؤولة عن الشؤون الخارجية والقوات المسلحة يحذرون من أن خطط إدارة ترامب لسحب الولايات المتحدة من المعاهدة سوف تعمي قدرة الحلفاء الأوروبيين على رصد الأنشطة العسكرية الروسية في ساحاتها الخلفية، واتهم البيان أيضًا توقيت إدارة ترامب بالتغيير خلال وباء فيروس كورونا المسبب لمرض (COVID-19) العالمي، على ما يبدوبغرض تشتيت انتباه الجمهور بشكل مفرط بسبب التقارير حول الوباء.
وأعلنت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا أن روسيا تشعر بقلق بالغ إزاء تصريحات المسؤولين الأمريكيين، وأشارت إلى أن الولايات المتحدة، التي تحاول إضافة قدرات جديدة لقواتها النووية، ترى بالفعل أن الصراع النووي أضحى خيارا سياسيا.
هذه الفضائح وهذه الممارسات الرعناء تنذر بخطورة تصرفات ادارة ترامب، وتدق ناقوس الخطر العالمي حول امبراطورية تشهد أفولا، ونذر سقوط متسارعة، وما يمكن أن تفعله من تهور في رحلة سقوطها.
قد تكون قنابل صوتية لا تدعو للقلق، الا أنها أيضًا يمكن أن تكون صرخات “شمشونية” لهدم المعبد.
العهد الاخباري/ إيهاب شوقي