المهندس حمزة الحوثي يشرح تفاصيل الأزمة، ويكشف بعضاً من خفايا كواليس حوار موفنبيك
موقع أنصار الله || صدى المسيرة || تقرير
في ندوتها الخَاصَّــةِ التي كانت تحت عنوان “الـيَـمَـن: الاتّفَاق الممنوع” استضافت قناة الميادين الأستاذ حمزة الحوثي “عضو المجلس السياسي لأَنْصَار الله”؛ لمناقشة الفترة التي سبقت العُـدْوَان على الـيَـمَـن، والمقدمات والأسباب التي أوصلت الـيَـمَـن لهذه المرحلة، وفي هذا التقرير سيتم تسليط الضوء على أبرز محاور النقاش، ومداخلات الأستاذ حمزة، التي كان لها التأثير الهام في مجريات النقاش، من حيث السرد الدقيق للوقائع، وتصحيح المعلومات المغلوطة التي عملت النخَبُ السياسية الدائرة في فلك الارتزاق للعُـدْوَان على تعويمها وفق السياسة التضليلية التي انتهجوها طوال المرحلة.
أبعادُ المرحلة السياسية وتغيُّر المسارات
بعد تقديم نبذة عن المرحلة السياسية إبان العُـدْوَان على الـيَـمَـن، المتعلقة بمخرجات مؤتمر الحوار والمحاور الرئيسة التي تم الاتفاقُ عليها سألت مذيعة القناة الأستاذ حمزة الحوثي عن أسباب تغير مسارات المرحلة وقلب الطاولة؛ ليصل الوضع إلَى ما هو عليه؟ وكعادة الأستاذ حمزة في أسلوب حوارياته مع القنوات يجيب بتفصيلٍ مطعّمٍ بالسرد الدقيقِ للوقائع ومجريات الأحداث التي جرت، ورداً على سؤال المذيعة، أجاب الأستاذ حمزة أن “مؤتمرَ الحوار الوطني لم يشكل المؤسسات الحاكمة للمرحلة الانتقالية، وأن ما يحكم المرحلة كان التوافق السياسي بين المكونات السياسية وهذا التوافقُ هو الذي أعطى هادي الشرعيةَ ليكون رئيساً، وهو الذي أعطى الشرعية لحكومة التوافق، حكومة باسندوة، والتي تقاسم فيها السلطة المؤتمر وحلفاؤه، والمشترك وشركاؤه، وأنّ هذا التوافق هو الذي أنتج مخرجات مؤتمر الحوار الوطني، وأكد على أن يكون أَنْصَار الله ضمن سلطة المرحلة الانتقالية وكذلك الحراك الجنوبي، وعقب انتهاء مؤتمر الحوار الوطني الذي لم يطبق من مخرجاته التي أجمعت عليها كافة القوى السياسية المشاركة فيه أي شيء، واستمر الوضع لقرابة سنة، ووصل الوضع إلَى أدنى المستويات على كافة الأصعدة الأمنية والاقْتصَادية والسياسية، حينها خرج أَبْنَاء الشعب الـيَـمَـني وطالب بثلاثة مطالِب فقط، تنفيذ مخرجات الحوار الوطني، إسقاط الحكومة بحكم أن مخرجات مؤتمر الحوار الوطني تؤكد على تشكيلٍ جديٍد للحكومة مبنيةٍ على الشراكة الوطنية، وثالث مطلب إسقاط الجرعة التي كانت نتاجاً لتدهور المرحلة. ولم يكن ضمن مطالب الثورة إسقاط هادي أو الاستحواذ على السلطة إطلاقاً، وما حصل في يوم الحادي والعشرين من سبتمبر أنه أنتج اتفاق السلم والشراكة الوطنية وهذا ما يؤكد صدقية الثلاثة المطالب التي خرج الشعب الـيَـمَـني يطالب بتنفيذها.
وما جرى بعد اتفاق السلم والشركة هو نفسُ الشيء الذي جرى بعد انتهاء مؤتمر الحوار الوطني، تجاهل تام لبنود هذا الاتفاق، ومماطلة من قبل هادي وتيّاره، لتتضح الحقيقة فيما بعد أنها لم تكن سوى محاولات لإضاعة الوقت وتمديده، حتى تستكمل الترتيبات لشن العُـدْوَان على الـيَـمَـن”.
وفيما يتعلق بالحوار الذي أجرته المكونات السياسية في فندق موفنبيك بالعاصمة صنعاء، سألت المذيعة الأستاذ حمزة، عن مدة صحة ما قيل بأن هذا الحوار كان سيتم نقلُه لقطر ويوقَّع بالرياض على أَسَــاس أن تكون الرياض مرجعيةً لهذا الاتفاق؟ فرد الأستاذ حمزة “بالنسبة لحوار موفنبيك، طُرِحَت العديد من المقترحات بهذا الشأن، وما تم الاتّفَاق عليه، أن يتم استكمال الحوار في صنعاء، ويتم توقيعه في دولةٍ محايدة، ومن ثم يتم تنفيذه”، واستكمالاً للفكرة السابقة والتي على ما يبدو أنها كانت بالأهمية ما جعل الأستاذ حمزة يصر على إكمال طرحها، حيث قال مستطرداً “إنّ ما حدث في 21 سبتمبر لم يكن تحركاً خاصاً بأَنْصَار الله، بل كان تحركاً شعبياً من كُلّ الفئات والأطياف”.
وواصل الأستاذ حمزة حديثَه بطرح تساؤلاتٍ متتاليةٍ عن “عدم تشكيل حكومة الشراكة الوطنية التي أقرتها مخرجات مؤتمر الحوار الوطني، ومرور عام من هذا التجاهل؟ لماذا لم تشكَّل الهيئة الوطنية للرقابة والإشراف على مخرجات الحوار وفق المعايير المتفق عليها؟ لماذا لجنة تحديد الأقاليم عملت على تقسيم الأقاليم في عشرة أيام وفق رؤيةٍ معدةٍ سلفاً؟ لماذا لم تحدد الشراكة على مستوى المركز والمحافظة؟ لماذا لم تنفذ النقاط العشرين؟ لماذا لم تنفذ النقاط الإحدى عشرة؟ لماذا في 21 سبتمبر، وبعد توقيع اتفاق السلم من قبل كُلّ القوى السياسية وبرعاية هادي بنفسه وبرعاية أُمَــمية ودولية وأيّدتها وباركتها دول الخليج ومجلس التعاون الخليجي، ومجلس الأمن، أصرت القوى السياسية على تفويض هادي بتشكيل الحكومة والتي لم يكن لنا فيها أية حقيبة، وغضضنا الطرف من أجل المصلحة الوطنية وإخْرَاج البلد من عنق الزجاجة؟ لماذا لم تصحح هيئة الرقابة الوطنية على تنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار؟ لماذا تم إعادة فرض الأقاليم في الدستور الجديد، وبنود اتفاق السلم نصّت على إعادة النظر فيها”، وكانت هذه السلسلة من التساؤلات من وجهة نظر محللين ومراقبين، بمثابة كشف المسببات الحقيقية في وصول أوضاع البلاد لما هي عليه الآن، وأكدوا أنّ من يدقق في هذه الأسئلة ويجيب عليها سيدرك تمام الإدراك مفاتيح الحقيقة.
استقالة هادي والفراغ السياسي
وبخصوص مسألة استقالة هادي، سألت المذيعة الأستاذ حمزة عن أسباب عدم الذهاب للبرلمان وفق طرح المؤتمر الشعبي، للبت في استقالة هادي، وكما ينص عليه الدستور؟ فأجاب الأستاذ حمزة موضّحاً حقائقَ كانت مغلوطة لدى الجمهور أن “تقديمَ استقالة هادي كانت قبل موت الملك عبدالله وليس بعد موته”، وأضاف أن “هادي قدَّمَ الاستقالة بتوجيهٍ خارجي وذلك لإرباك المشهد السياسي”، وعن رفض الذهاب إلَى البرلمان للبتِّ في مسألة هذه الاستقالة أوضح الأستاذ حمزة أن “هادي استقالته وتلاه بحاح في تقديم الاستقالة، هادي قدم استقالته لمجلس النواب وهو يعرف أن البرلمان لا يمتلك القدرة على حسم هذه المسألة، لعدة أسباب أولاً: الشرعية التي تحكم البلد هي ما سمِّي بالشرعية التوافقية، ومرجعيات العملية السياسية هي مخرجات الحوار الوطني واتفاق السلم والشراكة، وهذه المرجعيات أكّدت على أن مجلسَ النواب محكومٌ بالتوافق بمعنى أن أية قضيةٍ تُطرَحُ في مجلس النواب يجب التوافق عليها، وهناك العديد من العوائق التي لا تجعل من مجلس النواب يستطيع أن يقوم بهذا الدور بشكلٍ توافقي” في إشارةٍ منه إلَى حزب الإصلاح وشركائه الداعمين لهادي والدور المناط بهم في المخطط المعد.
وأضاف الأستاذ حمزة مفترِضاً “تجاوز مرجعيات العملية السياسية والمرحلة الانتقالية وما أتى بعد ثورة 11 فبراير واتفاق السلم والشراكة، والعودة بوضع مجلس النواب إلَى ما قبل 2011، العمل بما جاء في الدستور، حينها سيقوم مجلس النواب بإدارة السلطة في مثل هذه الأوضاع لمدة شهرين، وسيدعو لإجراء انتخاباتٍ مبكرة، والمعلوم أن الانتخابات المبكرة غير ممكنة، فما زال هناك شوطٌ طويلٌ من صياغة الدستور الجديد والاستفتاء عليه، وإعداد سجلٍ انتخابيٍّ جديد، وصولاً إلَى الانتخابات، مما كان سيفرِض على القوى السياسية أن تخرُجُ بإعلانٍ دستوريٍّ؛ تعلن فيه استمرار هيئة رئاسة مجلس النواب.
مخارج الأزمة والحلول بديلة
وبخصوص العُرُوض المقدمة والدعوات الموجهة لأَنْصَار الله آنذاك، سالت المذيعة عن ما إذا كان هناك دعوةٌ تم تقديمها لأَنْصَار الله بالذهاب إلَى الرياض؟ أجاب الأستاذ حمزة أن “حوار موفمبيك كان مهماً، وخرج باتفاقٍ كاملٍ وشاملٍ على كُلّ التفاصيل، وفيما يتعلق بالسلطة الانتقالية الجديدة سواءٌ أكانت مجلساً وطنياً من غرفتين، أو مجلساً رئاسياً يستوعب المكونات التي لم تمثل فيه وكذلك حكومة الشراكة الوطنية، وكذلك مهام المرحلة الانتقالية وتصحيح الاختلالات التي فيها وتزمينها، وما أود أن أقوله هنا بخلاصة: إن ما هو حاصل في الـيَـمَـن هو أن الشعب الـيَـمَـني كان يريد أن يمضي في العملية السياسية التي اتفق عليها الـيَـمَـنيون جميعاً بشكل سليم دون أي اختلال أو مخالفة، والآخرون يريدون أن يجعلوا من هذه العملية السياسية أداةً لتمزيق البلد وتفتيته وفرض أجندةٍ خارجية، وعندما أصر أَبْنَاء الشعب الـيَـمَـني على مطالبه، قّدم هادي وبحاح استقالته لإرباك المشهد، وصدر قراران من مجلس الأمن، أيّد وأكد ورحّب باتفاق موفنبيك وشدد عليه بالقرار 2201، والقرار 2204، حينها فَرَّ هادي لعدن أعلن انقلابه على اتفاق السلم والشراكة وأعلن رفض حوار موفنبيك، وطالب أن يكون الحوار في الرياض، وتحت رعاية مجلس التعاون الخليجي ورفض أن يكون تحت رعاية الأُمَــم المتحدة”. وفي حديثه كشف الأستاذ حمزة بعضاً من كواليس حوار موفنبيك، أن “بعض القوى السياسية كانت ترفُضُ أن تمضيَ بالحوار دون التباحث مع هادي، وذهب وفدين في يومين مختلفين إلَى هادي وأكد على الاستمرار في الحوار، بن عمر أيضاً ذهب إليه وأكد أن يستمر الحوار، وعندما وصل هادي إلَى عدن، زاره بن عمر مرتين وخلال الزيارتين أكد بن عمر أن الرجل يمضي في سياقاتٍ مختلفة، وذهب وفدٌ زائرٌ من القوى السياسية إلَى عدن وطالبته بأن يكون جزء من الحل، ورفض ذلك، كذلك بيانات مجلس الأمن كانت تشدد على هادي أن يكون جزءاً من الطاولة بحسن نيةٍ، وشارك فيه عبر باصهيب، وياسين مكاوي الذي يمثل الحراك المحسوب على هادي، وكذلك الدكتور محمد حلبوب كان مشاركاً في هذا الحوار”، وأكد الأستاذ حمزة أنه “عندما وصلنا إلَى نهاية الحوار واتفقنا على كُلّ التفاصيل كان يتم افتعالُ المشاكل عندما نصلُ إلَى النقاط الحساسة، أولاً دول الخليج كانت ترفض هذا الحوار؛ لأنها كانت تحضّر لهذا العُـدْوَان منذ ستة أشهر وهو ما اعترف به وزير خارجية السعودية الجبير، كذلك كان هناك تحضيرٌ كبيرٌ لعُـدْوَان على الـيَـمَـن، إذا لم يتم فرض أجندات خارج إطار العملية السياسية، قرار مجلس الأمن 2216 يؤكد على ما وصلت إليه المكونات في حوار موفنبيك ويؤكد على استئنافها فوراً، وهذا ما لم يحصل حتى الآن”.
الحلول المطروحة في الوضع الراهن
وفي ختام البرنامج سألت المذيعة عما إذا كان هناك مقترحٌ لمفاوضاتٍ مباشرةٍ بين أَنْصَار الله وبين السعودية؟ رد الأستاذ حمزة أن “الوضع الراهن يقتضي أن نفرِّق بين قضيتين، أولاً: هناك عُـدْوَان سافر غير مبرَّر ومخالف للأعراف الدولية والأُمَــمية ومواثيق الجامعة العربية يُشَنُّ على الـيَـمَـن، وهذا العُـدْوَان يجب أن يتوقف فوراً دون أي نقاش، ثانياً: بالنسبة لما بيننا كيمنيين، وكقوى سياسية نحن نؤكد أن طاولة موفنبيك خرجت باتفاقٍ شاملٍ وكامل، ونؤكد على ما ورد في قرار 2216 بأن يتم استئناف هذا الحوار من حيث انتهى”.
وأضافت المذيعة سؤالاً عن حقيقة الرسالة التي بعث بها المبعوث الأُمَــمي ولد الشيخ إلَى وكيل الأُمَــم المتحدة جيفري فيتمان السفير السابق، تفيد عن مفاوضاتٍ مباشرةٍ مع السعوديين في الأردن؟ وكانت إجابة الأستاذ حمزة بالنفي حيث قال: “لا توجد معلوماتٌ حول هذا الكلام، ولكن ما أؤكده بالنسبة لولد الشيخ، أن السيد جمال بن عمر في آخر إحاطةٍ قدمها لمجلس الأمن، قال إن الـيَـمَـنيين كانوا قاب قوسين أو أدنى من التوصل إلَى اتفاقٍ سياسيٍّ بين المكونات السياسية، ولكن التدخُّل العسكري السعودي هو من حال دون الوصول إلَى ذلك الاتفاق”.