الباحثُ أبو عواضة : أهمُّ إنجازات مشروع الشَّـهِيْد القائد تأصيلُ الهُويةِ الإسْــلَاميةِ الجامعةِ واستباقيةُ الرؤية ومصداقيتُها

موقع أنصار الله || صحافة محلية _ صدى المسيرة || حسن شرف الدين
قال المتخصِّصُ في فكرِ الشَّـهِيْدِ القائدِ حُسَيْن بدر الدين الحوثي الباحث يحيى قاسم أبوعواضة: إنَّ الشَّـهِيْدَ القائدَ -رِضْــوَانُ اللهِ عَلَـيْه- لخَّصَ الوضعيةَ التي وصَلَت إليه الأُمَّــةُ في حديثِهِ حولَ آيات من سور آل عمران الدرس الثاني “الوضعية التي يعيش فيها العرب هي وضعية سخط، الوضعية التي يعيش فيها المسلمون وضعيةُ سخط من الله لماذا؟؛ لأنهم أضاعوا دينه الذي فيه ذكرُهم، وفيه شرَفُهم، وفيه عزَّتُهم فلا يمكنُ أن يتحققَ لهم شيءٌ إلا بعدَ أن يعودوا هم، ومتى ما عادوا سيصبحون هم سادةَ الدنيا، سيصبحون هم مَن يفكر الآخرون باللحاق بهم، بالاهتداء بهم، بالتقليد لهم، بالتثقُّف بثقافتهم، بالتحلّي بأَخْـلَاقهم، فيعم الهدى الدنيا كلها”.. ويقول في محاضرة دورس من وحي عاشوراء “وهكذا يجب أن نعود إلى القُـرْآن الكريم، وأن نعود إلى تأريخنا، وأن يكون إحياؤنا لهذه المناسبات في هذه الوضعية التي الأُمَّــة تعيشُ فيها هو كلام مَنْ يستلهمُ العِبَرَ والدروسَ ليصحِّحَ فهمَه؛ ليصحِّحَ نظرتَه، ليقوي إيمانه، ليُعَزِّزَ من موقفه، لينطلق الجميعُ انطلاقةً واحدةً، يخلعون من فوق أبدانهم تلك الأسبابَ التي أدت بالحُسَيْن إلى أن يقتل.
تلك الأسباب وَالانحرافات، وتلك النظرات، وذلك الضلال.. ليس فقط من عاشوراء أو من قبل عاشوراء، إنها مسيرة تسيرُ في الناس إلى يومنا هذا”.
وأضاف الباحثُ أبوعواضة: لقد تَحَـرّكَ السَّيِّدُ حُسَيْن -رِضْــوَانُ اللهِ عَلَـيْه- بهذا المشروعِ القُـرْآني التنويري النهضوي الشامل، ما شَكَّلَ صدمةً كبيرةً لمحور الشر المتمثل بأمريكا وإسرائيل، فقد أدركوا بأن تَحَـرُّكَهم للسيطرة على العالم بدأ بالسيطرة على الشرق الأوسط والذي خطّطوا له منذ عشرات السنين وصنعوا له الذرائعَ المطلوبة سيجابَهُ بمشروع حقيقي، يتمثل في أقدس كتب الله القُـرْآن الكريم وبقيادة عَلَمٍ من أعلام الهدى يسير بالأُمَّــة على أساس هذا الكتاب، مشروع سيكون معه الله ولن يستطيعوا مواجهتَه مهما كانت قوتُهم وإمكانياتُهم، عندما تتوفر ركائزُه الثلاثُ: المنهجُ والقيادةُ والأُمَّــةُ.. لقد كان القلق الأمريكي والإسرائيلي واضحاً وكتبت صحفٌ إسرائيلية عن خطرِ هذه المسيرة على إسرائيل قبل الحرب الأولى وبعدها.
وحول تقييمِ الشَّـهِيْد القائد حُسَيْن بدر الدين لوضعية الأُمَّــة يقول أبو عواضة: لقد تأمل السَّيِّد حُسَيْن كثيراً في واقع الأُمَّــة وبدأ يبحثُ ويدقّقُ فيما حصل من أحداث في تأريخ هذه الأُمَّــة، من أين أُتيت الأُمَّــة؟ ومن أين ضُربت؟ وما الذي أوصلها إلى ما وصلت إليه؟ يقول في الدرس الأول سورة المائدة “ألف وأربعمائة سنة أليست فترة طويلة؟ ألف وأربعمائة سنة والمسلمون لم يجلسوا جلسةً واحدةً ليناقشوا، لماذا؟ ما هو الخلل؟. ما الذي حصل حتى أصبحنا على هذا النحو؟ إلى تحت، إلى تحت، بعد كُلّ مائة سنة هبوط هبوط، وكم قد جاء من ضربات للأمة هذه، ضربها الصليبيون ضرباتٍ شديدةً، ضربها التتار والمغول ضربات شديدة، الصليبيون من قبلُ، والصليبيون في فترات الاستعمار المتأخرة، وهكذا ضربة بعد ضربة حتى أصبحوا الآن تحت أقدام اليهود، ولم يجلسوا ليناقشوا المسألةَ من جديد، ويرجعوا إلى القُـرْآن الكريم لينظروا هل فيه حل؟ هل هو وضع حلاً؟ هل عالج المشكلة هذه؟ هل تحدث عن أسباب هذه المشكلة؟.. أبداً”.
وأشار الباحث أبو عواضه في بحثه “قرآنية المشروع الذي تَحَـرّك به السَّيِّد حُسَيْن بدر الدين الحوثي -رِضْــوَانُ اللهِ عَلَـيْه-” إلى أن الشَّـهِيْد القائد حُسَيْن الحوثي حرص على تذكير الأُمَّــة ولفت نظرهم إلى نعمة القُـرْآن الكريم، وكيف كانت أمة تعيش حالة من البدائيةَ ثم حصولها على هذه النقلة العظيمة من مرحلة البدائية مرحلة الأمية إلى أن تُمنحَ هذا القُـرْآن العظيم، الذي جعله الله مهيمناً على كُلّ الكتب السماوية السابقة، أن تمنح كتاباً عظيماً، كتاباً واسعاً، ثقافته عالية جداً، عالية جداً تجعل هذه الأُمَّــة لو تثقفت بثقافته أعظم ثقافة، وأكثر إنجازاً، وأعظم آثاراً في الحياة، وأسمى روحاً، وأسمى وضعيةً وأزكى وأطهر نفوساً من أيّ أمم أخرى”.. منوهاً إلى أن السَّيِّد حُسَيْن -رِضْــوَانُ اللهِ عَلَـيْه- تحدث في آيات من سورة الكهف بأن هذه المرحلةَ من يتأمَّلها بنظرة قرآنية لا يمكنُ أن يحصلَ لديه إحباطٌ، ولا يحصل لديه يأسٌ، بل يمكن أن يرى هذه الفترة من أفضل وأحسن الفترات بالنسبة للإسْــلَام، لمَن يعرفون كيف يتَحَـرّكون في سبيل الإسْــلَام فعلاً.. ومَن لا ينظرون نظرة قرآنية يجدونها فترة مظلمة وفترة رهيبة.. هي فعلاً رهيبة وخطيرة لكن لمن لا يتَحَـرّكون على هدي القُـرْآن، فهي خطيرة ورهيبة فعلا هنا في الدنيا وفي الآخرة.
وقال الباحث أبو عواضة: هكذا انطلق الشَّـهِيْد القائد على اسم الله موجهاً ومعلماً ومرشداً؛ ليقدمَ ما تحتاجُه الأُمَّــةُ وما فيه عِزَّتُها وسعادتُها ونَجَاتُها في الدنيا والآخرة من خلال القُـرْآن الكريم ومما قال في (الثقافة القُـرْآنية): “نحن إذا ما انطلقنا من الأساس وعنوان ثقافتنا أن نتثقفَ بالقُـرْآن الكريم سنجدُ القُـرْآنَ الكريمَ هو هكذا، عندما نتعلّمه ونتبعه يزكينا يسمو بنا، يمنحنا الله به الحكمة يمنحنا القوة، يمنحنا كُلّ القيم، كُلّ القيم التي لما ضاعت، ضاعت الأُمَّــةُ بضياعها، كما هو حاصل الآن في وضع المسلمين، وفي وضع العرب بالذات.. وشرف عظيم جداً لنا، ونتمنى أن نكونَ بمستوى أن نثقفَ الآخرين بالقُـرْآن الكريم، وأن نتثقفَ بثقافة القُـرْآن الكريم “ذَٰلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ، وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ”، يؤتيه من يشاء، فلنحاولْ أن نكونَ ممن يشاء الله أن يؤتوا هذا الفضل العظيم”.
وأضاف أبو عواضة: لقد تَحَـرّك السَّيِّدُ حُسَيْن -رِضْــوَانُ اللهِ عَلَـيْه- لتثقيفِ الأُمَّــة بثقافة القُـرْآن الكريم بعيداً عن النطاق المذهبي الضيّق الذي مزَّقَ كيانَ هذه الأُمَّــة وجعلها أمةً مخترقةً مهيأةً وقابلةً للاقتتال والتناحُـر مع بعضها البعض ودعاها إلى أن تعودَ إلى الأفق الأرحب والأوسع، إلى الثقافة القُـرْآنية الشاملة، الثقافة التي تبني أمةً واحدةً قويةً في مواجَهة أعدائها قادرةً على الصمود والتحدي.. كما أن الشَّـهِيْدَ القائدَ تناوَلَ واقعَ الأُمَّــةِ ومشاكلها من منظور قرآني وقدَّمَ الحلولَ من خلال ذلك، وأكَّد أن الثقافةَ الصحيحةَ قادرةٌ على بناء أُمَّةٍ عظيمة وقوية لا يستطيع أعداؤها كسرها.. وأن الطريقَ لإصلاح واقع الأُمَّــة هو إصلاحُ أبنائها، وإصلاحُهم يأتي عبرَ الثقافة الصحيحة البنَّاءة، التي تبني المجتمع وتبني الحياةَ وتجعل تعاطيَ المجتمع مع الحياة عموماً ومع الواقع بكل ما فيه حكيماً وصحيحاً وعلى قاعدة (إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ)..
كما أن الشَّـهِيْدَ القائدَ قدَّمَ من خلال القُـرْآن الكريم الخطوطَ العريضةَ التي تضمنها القُـرْآنُ الكريمُ في كُلِّ مجالات الحياة السياسية والاقتصادية والعسكرية والتربوية والصناعية والإعلامية، موضحاً بأن الكثيرَ من أبناء الأُمَّــة يجهلون الشمولية التي قدمها القُـرْآن الكريم في نظرته للحياة وأن القُـرْآن لكريم كما قال الله عنه “وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِّكُلِّ شَيْءٍ” وبكل ما تعنيه الكلمة؛ لذلك عمل السَّيِّدُ من خلال طرحه على تقديم الإسْــلَام بشموليته وكماله، وأن المسلمين يجبُ أن يثقوا بهذا القُـرْآن الذي هو تفصيلٌ لكل شيء وهدىً ورحمةٌ لهذه الأُمَّــة في كُلّ مجالات حياتها، محملاً أولئك الذين قدَّموا الإسْــلَام للناس ناقصاً ومشوَّهاً المسئوليةَ في النظرة الهابطة التي توَّلدت لدى أبناء هذه الأُمَّــة وعدَمِ ثقتهم بهذا الدينِ الذي قُدِّمَ مفصولاً عن شئون حياتهم أن يمثِّلَ الحَلَّ والمَخْرَجَ؛ بسببِ التقديمِ الناقصِ لهؤلاء، وعمل على أن يقدّمَ الإسْــلَامَ في نظر الأُمَّــة باعتباره ديناً جديراً بأن يقوا به ويعتمدوا عليه.
وأشار الباحث أبو عواضة إلى أن من أكبر معاناة الأُمَّــة في الماضي والحاضر هو حالة التمزق والتفرق التي ضُربت الأُمَّــة وأضعفتها وجعلتها أُمَّةً لا قيمةَ لها في الحياة ولا تمثّلُ أيَّ رقم، والمُشكلةُ أن حالة التفرق والتمزق قد أصبحت ثقافةً داخل الموروث الثقافي للأُمَّة وأصبحت ديناً يتعبّدون اللهَ به، وهذا من أغرب ما حصل داخل هذه الأُمَّــة؛ ولذلك فإن مثلَ هذه القضية حظيت باهتمام السَّيِّد حُسَيْن -رِضْــوَانُ اللهِ عَلَـيْه- فتحدَّث عن الوحدة الإسْــلَامية كمبدأ مُهَمٍّ من مبادئ الإسْــلَام وعن علاقتها بمسؤولية الأُمَّــة.. ولم ينْسَ السَّيِّدُ حُسَيْن أن يناقشَ الأسبابَ التي مزَّقت الأُمَّــةَ وفرّقتها وأضعفتها، مبيناً هذه الثقافات المغلوطة وبُعدها عن دين الله وعن منهجية الله في كتابه العزيز، ثم قدّم للأُمَّــةِ أعظَمَ مشروع وحدوي من خلال ما قدمه الله سبحانه وتعالى في القُـرْآن الكريم لعباده، وهو مشروع قابل للتطبيق ويكون الله معه.
وقال أبو عواضة: أكد السَّيِّد حُسَيْن بأن في هذه المرحلة لم يعد صراعاً عسكرياً فقط، بل أصبح صراعَ أمة، صراعَ حضارة، صراعاً في كُلّ مجالات الحياة؛ ولذلك لَا بُدًّ لهذه الأُمَّــة أن تتجهَ نحو الاكتفاء الذاتي؛ لتعتمدَ على نفسها في مجال غذائها فتهتم بالزراعة تهتم بالتصنيع، في كُلّ المجالات، تهتمُّ بالتصنيعِ العسكري، تهتمُّ بالتصنيعِ في مختلف الأشياء التي يحتاجُها الناسُ؛ لتكونَ بمُستوى المواجهة، تهتمُّ أن تنشئَ جيلاً يعرفُ كَيفَ ينظُـرُ إلى الغربِ، يصرُخُ بالعداء لأمريكا بالعداء لإسرائيل.. وقد عمل الشَّـهِيْد القائد بالدرجة الأولى إلى دعوةِ الأُمَّــة إلى القُـرْآن الكريم وقدم الرؤية المتكاملةِ من خلال القُـرْآن الكريم ومن المعالم الأساسية لهذهِ الرؤية، بحسب ما ورد عن السَّيِّد عبدالملك حفظه الله حول تعزيزِ الثقةِ باللهِ وإحياء الشعور بالمسؤولية، وبيَّنَ خطورةَ التفريط والتخاذل وإحياء الروح الجهادية لدى الأُمَّــة وحرص على إحياء المبادئ الإيمانية وتعميم الوعي والفهم الصحيح للدين، وصحح الكثير من المفاهيم المغلوطة وَقَدَّمَ القُـرْآن الكريم في واقع العمل.
وحولَ أَهَمِّ إنجازاتِ المشروع القُـرْآني، أشار الباحث أبو عواضة إلى أن مِنْ أَهَمِّ إنجازاتِ هذا المشروعِ القُـرْآنيِّ تأصيل الهوية الإسْــلَامية الجامعة واستباقية الرؤية ومصداقيتها.. وتوجيه بوصلة العداء تجاه اليهود الذين يقفون في مواجهة القُـرْآن الكريم، كما أشار إليه الشَّـهِيْد القائد حُسَيْن بدر الدين الحوثي.
قد يعجبك ايضا