الأمريكيون يعتبرون الشعار حربا
{الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلَّا اللَّهَ}(الأحزاب39) إذا لم يكن عملنا هو لتعزيز محبة الله في نفوسنا فنكون كمن قال عنهم: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لآئِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ}(المائدة54)، إذا لم تكن مراكزنا لبناء هذا النوع من الناس… أما إذا نشأنا على حالة نكون معها جديرين بأن يستبدل الله بنا غيرنا نكون معها نخشى من ظلنا، ونخاف من ظلنا، ونخاف من كل شيء دون الله مهما كان صغيراً، ولا نخاف من سخط الله وبطشه وعذابه.
أولسنا من نقول: الله أكبر في صلاتنا؟ أولسنا من نردد الله أكبر في أذاننا؟ ونردد الله أكبر على ألسنتنا؟ ونردد الله أكبر أيضاً ضمن شعارات هذا العمل الذي نحن فيه، فعندما يكون في الواقع أن كل شيء من جانب الآخرين يبدو كبيراً، كل ما يخوفوننا به يبدو أكبر عندنا مما يخوفنا الله به! فهذا ليس شأن الرساليين، وليست نفسية الرساليين {الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلَّا اللَّهَ}.
إذا لم يكن هذا هو ما نريد بناءه في هذه المجاميع التي نعلِّمها، نعلم أنفسنا ذلك، وكل من يتعلم هو أن يكون على هذا النحو فلا قيمة لحلقات العلم، لا في مساجدنا، ولا في بيوتنا، ولا في مراكزنا، وسنكون كلنا إنما نؤهل أنفسنا لأن نعرضها لسخط الله، وإنما نؤهل أنفسنا لأن نعيش في ظل الخزي الذي يضربه الله على من يحمل اسم دينه ولا يكون بمستواه، ويقصر فيه.
إذا لم نكن على هذا النحو فسنعرِّض أنفسنا لماذا؟ لأن نعيش أسوأ مما عاش بنو إسرائيل، تضرب علينا الذلة والمسكنة، ولا فائدة من مراكزنا، ولا فائدة من مدارسنا، إلا إذا كان بالإمكان أن نقول: أنه يمكن أن نمسح ما هو يبدو مثيراً للآخرين، ما يبدو مخيفاً لنا من الآخرين، نمسحه من قائمة الدين، ونتجه نحو الأشياء الأخرى، نرفع سبعة شعارات، ونرددها؛ لأنها ليست تثير الآخرين، لكن شعاراً واحداً قد يثير الآخرين لا نردده.
إذاً لسنا رساليين، وإن رددنا عشرين شعاراً من هذا النوع، ولا نردد شعاراً واحداً نحن نعرف أن أولئك يعتبرونه حرباً ضدهم، يعتبرونه حرباً ضدهم لا نردده؛ لأنه قد يخيفنا، قد يثير الآخرين علينا.
إذاً فنحن ممن يخشى الناس أشد من خشية الله، ممن يخاف من عذاب الناس أشد من عذاب الله {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ}(العنكبوت10) لا يجوز أن نكون على هذا النحو، ويجب أن نرفع هذا الشعار في مراكزنا، إذا كنا نريد أن نحافظ حتى عليها.
أوليس البعض قد يقول: إن هذا الشعار لو رفعناه سيؤثر على المنتدى؟ من المحتمل جداً أن يصدروا قراراً بإلغاء هذه ومنعها، لكن إذا ما عرفوا بأننا سنهتف بهذا الشعار، ونحن نسخط، ونعبِّر عن سخطنا، واستنكارنا، وغضبنا لدخول الأمريكيين، ولما يعمله اليهود ضد المسلمين، وضدنا بالذات، ثم ليفهموا أنه ليس بالإمكان أن يقفلوا مراكزنا.
أو نحن مستعدون متى ما قالوا: هي إرهابية نقفلها أن يقفلها؟ إذاً فأنت مستعد أن تقفل المصحف عندما يقال لك: المصحف إرهابي. اهتف بهذا الشعار من قبل حتى يعرفوا أنه ليس بالإمكان أن يوقفوك عند الحد الذي يريدون أن تقف عنده. إذا سكتنا الآن فسيقفلون المراكز. أريد أن أقول هذا الكلام لأولئك الذين يقولون: هذا قد يضر بالمراكز!.
هذا المفهوم يدل على أننا لا نحمل وعياً، لا ندري من أين جاء هذا المفهوم: أنه في الإسلام السكوت هو الذي يؤدي إلى حفظ الإسلام، ونحن نرى أن من أعظم مبادئ الإسلام هو الجهاد والعمل، باعتبار أنه هو الذي يحافظ على الإسلام، وبيضة الإسلام، وعزة المسلمين، أوليس كذلك؟ إذاً فمتى ابتكرنا أن السكوت هو الوسيلة لحفظ الإسلام، والمسلمين، ومشاريع إسلامية؟ هذه ثقافة مغلوطة فيما أعتقد.. إن كنا نريد أن تبقى مراكزنا..
الأمريكيون عندما جاءوا وسألوا عن مركز بدر، وعن مدارس تحفيظ القرآن، ونشرت ذلك بعض الصحف، ومن الطبيعي أن هذه المراكز في قائمة المشاريع الإرهابية، فإذا كنا من النوع الذي يقال لنا: بطلوا وبطلنا فالكوريون هم الزيود، أولئك الذين خرجوا يتظاهرون ضد بوش! والفيتناميون هم الزيود أيضاً الذين خرجوا مظاهرات ضد الأمريكيين عندما دخلوا فيتنام، ونحن لا يصح أن نسمي أنفسنا شيئاً، نحن لا شيء في الأخير إذا كنا على هذا النحو.
هناك شعارات للمنتدى يجب أن نضيف إليها هذا الشعار، إذا لم نضف إليها هذا الشعار سيلومنا الناس كلهم بعد لوم الله سبحانه وتعالى لنا فيما أعتقد، وليعلم أولئك أنه متى ما قالوا: أن المنتدى إرهابي لن نتوقف، المراكز إرهابية لن نوقفها، سندرِّس فيها، وسنهتف فيها بهذا الشعار.
في قاعة الإمام الهادي أكثر من شهر يتردد فيها هذا الشعار، يُهتف به فيها، في مدرسة الإمام الهادي في مران، وفي الغدير هُتف بهذا الشعار، وفي العيد، وبعد صلاة كل جمعة في مران، وفي مناطق أخرى، وفي مناطق في همدان.
إذا كنا نثقف أنفسنا ثقافة تقوم على اعتماد أن الحكمة هي: أن السكوت من ذهب، سيذهب ديننا، وتذهب عزتنا، وتذهب مراكزنا.. لا أعلم من أين يمكن أن نقول: أن السكوت هو الإيجابي والقرآن ملئ بالآيات التي كلها عمل، وجهاد، وحركة، بالمال وبالنفس!. لو كان السكوت حكمة، ولو كان السكوت من ذهب، ولو كان السكوت هو الذي يحفظ للمسلمين كرامتهم… سكت ياسر عرفات، سكت، سكت حتى غلَّقوا عليه غرفته. السكوت لا يمكن أن يكون مبرراً، إلا إذا كان في إطار عملي، لا أدري، لا أرى أن هناك مقام للسكوت الآن.
نحن – أيضاً – نعوِّد أنفسنا بشيء لم يبق له أثر عند الآخرين، مثلاً في بلدان أوروبا متى ما جاء من رئيس، أو جاء من وزير، من رئيس وزراء كلام يرون أنه يضر بمصلحة الشعب، تصريح أو شيء معين يبثونه، أليسوا يتظاهرون، ويقولون: لا، نحن هنا نريد أن نعوِّد زعماءنا على أنه يقول ما يريد، ويتخذ أي موقف يريد حتى وإن كان على هذا النحو من الخطورة، ولا أحد يقول: لا، ولا يسمع أحد يقول: لا، سنعودهم على هذه، وليس هناك أخطر من هذه الحالة.
مع أن دستورنا – أيضاً – يسمح بأن تعارض، يسمح بأن تتبنى حزباً وتعارض، يسمح بأن تتبنى حزباً وتسير على تلك الطرق الديمقراطية لتأخذ السلطة، وتتكلم في الحزب الآخر، فيما يتعلق بسياسته، فيما يتعلق بسياسته في المجال الإقتصادي، في مجال آخر، أليس هذا مما هو في دستورنا؟.
لكنا يبدو أننا نريد أن نقول: لسنا مستعدين أن نعارض الأمريكيين عندما يدخلون بلدنا، مع أن دستورنا يسمح بأن نعارض الرئيس، والمؤتمر بكله، أن يكون لنا حزب يعارضه، ويمكن أن يأخذ السلطة، على أساس أن الدستور يسمح بهذا، فلماذا لا نسمح لأنفسنا بأن نعارض الأمريكيين بالأولى؟! أليس من طريق الأولى؟ ونحن أصحاب أصول الفقه، أنه إذا كان الدستور – من طريقه يكون بالأولى – إذا كان الدستور ينص على أن لك حق أن تعارض المؤتمر ورئيس الدولة، وتعمل حزباً، وتعارض سياسته، فمن باب الأولى لك الحق أن تعارض سياسة أمريكا التي تقوم على ضرب دينك، وكرامتك، وعزتك، وقد بدأوا تطأ أقدامهم تراب وطنك، وغزوك إلى عقر دارك، أليس هذا من باب الأولى؟.
نعمل بأصول الفقه هنا، لا نعود لنعمل بأصول الفقه وقواعده فيما يتعلق بالوضوء، وما يتعلق بالأشياء التي قد [دَبَغَها] المجتهدون من قبلنا، كل ما قام مجتهد رجع إلى تلك الأشياء التي هي سهلة! قلنا لنجتهد ولكن في هذه الميادين، في هذه الميادين العملية، كل من يقرأ يريد أن يجتهد ويعمل بأصول الفقه يرجع إلى تفاصيل الصلاة والصيام والوضوء، والأشياء هذه [ندبغها]، واحد بعد واحد، اجتهادات؛ لأنها سهلة!.
اجتهد هنا، ولك حق أن تجتهد، فتبذل جهدك، وتبحث، تشحذ همتك، وتفكر، وتنظِّر، وتَنظُر؛ لتصل إلى أحسن الوسائل لمحاربة أعداء الله، هذا هو الإجتهاد الحقيقي، ومنه سمي الجهاد جهاداً، لكننا نبحث عن الإجتهاد نشغِّله في غير مواضعه، ومتى ما حذفت التاء ألغينا الكل، الجهاد.. جهاد واجتهاد أليس جذرها واحد؟ مادة واحدة جذرها واحد، الإجتهاد نشتغل به في غير موضعه، لكن متى ما حذفت التاء، وأصبح جهاداً أغمضنا أعيننا، وقلنا: لا، الجهاد جهاد النفس! متى ما رجعنا قلنا: [جهاد النفس هو الجهاد الأكبر].