سياسة أمريكا في المنطقة ومعاييرها المقلوبة
سعت الولايات المتحدة الأمريكية وبكل وضوح ومعها الكيان الإسرائيلي بجانبها، لأن تكون هي حصريًا المعنية بأمرنا وأن تكون المعني الأول بأمر اليمنيين في اليمن ، وكلك تسعى في السعودية وسوريا والعراق ومصر وغيرها من البلدان ، فالأمريكي يتدخل ويقدم نفسه في أوساط أمتنا على أنه المعني الأول والوحيد بشأننا في كل بلداننا، وأن ليس لأحد في هذه الأمة، لا نظاماً ولا سلطةً ولا شعباً، لا مكوناً ثقافياً ولا اجتماعياً ولا سياسياً أن يتحرك في أي اتجاه إلا حيث تريد له أمريكا أن يتحرك، ولا أن يقول إلا ما تريده أمريكا أن يقول، فما كان مسموحًا به أمريكياً فلا بأس وما ليس بمسموح به أمريكياً فممنوع.
هذه هي الحالة التي يجري عليها العمل حاليًا في المنطقة، أن نعمل في المجال الذي تسمح به أمريكا، وما لا تسمح به أمريكا فممنوع، وقل ما تريده أمريكا ، وما لا تريده أمريكا ممنوع، تحرك في حدود ما رسمت لك أمريكا، وإذا خرجت عن ذلك فممنوع، تُحارَب ويُعتَدى عليك، يحرَّك الآخرون كلهم ضدك، العب دوراً هنا أو هناك عسكرياً لا بأس إعلامياً سياسياً ثقافياً بأي شكل من الأشكال لكن ضمن تنفيذ الأجندة الأمريكية، ولا بأس إذا كنت ضمن الدور الأمريكي ليس هناك أي عوائق أو ضوابط أو حقوق أو اعتبارات، تُلغى اعتبارات الشؤون الداخلية للدول ضمن مواثيق الأمم المتحدة ضمن المواثيق المتعارف عليه إنسانياً وبين البشر أن لكل دولة حقها في الاستقلال والحرية، ولا يُسمح لأحد بالتدخل في شأنها الداخلي، هذا انتهى إذا كان ذلك ضمن الدور الأمريكي، فليأتي السعودي ويقتحم ويتدخل في اليمن وليتدخل في كل صغيرة وكبيرة في اليمن إذا كان ذلك ضمن الدور الأمريكي، ولتنفيذ أجندة أمريكية، حينها لا يبقى لنا كيمنيين لا حق الاستقلال ولا حق الحرية.
أن تكون حراً.. هذه مشكلة لدى أمريكا
حينما نتحرك كشعب يمني، نستند إلى الحق الشرعي الذي فرضه الله لنا ، إلى الحق الإنساني المكفول لنا، نحن قومٌ نُستَّهدف، نُقتَّل، تُحتَل أرضنا، نحاصر، نظلم اقتصادياً، نظلم في كل شيء، مستهدفون في كل شيء، |لا|، لا تتحرك، ما دمت تريد أن تكون حراً هذه مشكلة لا يمكن أبداً السكوت عنها، ما دمت تريد أن تكون مستقلاً، وأن يكون لك قرارك في نفسك، أنت كشعب يمني تُريد أن تكون المعني، أنت بنفسك بأمورك بقراراتك معني أنت بشأن نفسك، |لا|، هل تريد ذلك، هذه إذًا هي أكبر مشكلة لا يمكن السكوت عنها، أنت حينئذٍ تعتبر ماردًا وتعتبر كافرًا وتعتبر مجوسيًا، وتعتبر مصدر شر وخطر عالمي وإقليمي ودولي ومحلي ويصبون عليك كل السب والشتائم وكل الاتهامات والادعاءات والافتراءات ويتحركون ضدك بكل الوسائل والعناوين والأساليب وتصبح مشكلة كبيرة.
لكن الأمريكي طبيعي يتدخل في شؤوننا ماهناك مشكلة، ما يعتبرون المسألة تمثل أي إشكالية نهائياً، أما نحن فيريدون لنا ألا نتحرك، يعتبروننا فضوليين، عندما نقول أي شيء يعنينا نحن عندما نتحرك في بلداننا عندما نتحرك في اليمن، |لا|! أنت أيُها اليمني تريد أن تحتل عدن! تريد أن تحتل الجنوب! أيها اليمني تريد أن تحتل مأرب! أنت أيها اليمني محتل لصنعاء! أنت أيها اليمني محتل لعمران! أنت أيها اليمني محتل لمأرب! ومحتل للجوف! ومحتل لصعدة! لابد أن يأتي الأمريكي، وأن يأتي الإسرائيلي، وأن يأتي السعودي، وأن يأتي الإماراتي، وأن يأتي من يستجيب لهم من شذاذ الآفاق ليحرروا منك يا أيها اليمني صنعاء! ليحرروا منك يا أيها اليمني بحرك وبرك وأرضك وبيتك، أيها اليمني كيف تجلس في بيتك أنت محتل! إما أن يُدمّر هذا البيت هذا المنزل! وإما أن تُخرج منه وتُطرد منه أنت محتل، |لا|، يجب أن يبادر السعودي فوراً ويجب أن يبادر النظام الإماراتي من هناك من أبو ظبي لينقذ منك يا صاحب المخا منطقتك ويحرر بيتك منك لأنك محتل!.
المعيار الأمريكي في المنطقة
المعيار اليوم الذي يُفرض في المنطقة والذي يُشتغل عليه في المنطقة والذي يعملون عليه داخل ساحتنا الإسلامية والعربية أن يكون المعيار الوحيد لما هو مسموح أو غير مسموح، مقبول أو غير مقبول، مصلحة أمريكا فقط، وأن تكون هي الحد الفصل هذا الذي يعملون عليه، يتحركون يفعلون وسائل من أنظمة وجماعات كما هو الحال مع النظام السعودي والإماراتي، وجماعات كما هو الحال مع التكفيريين في نفس السياق ومن يلف لفهم، ويصنعون عناوين كغطاء، مع أنه غطاء مكشوف عنوان الإرهاب بات غطاءً مكشوفًا وباتوا هم أُم الإرهاب وأبوه وخاله وجده وعمته وأخته وكل شيء له، أيديه وأرجُله كالأخطبوط، كل شيء هم الإرهاب بذاته هم الفتنة هم الظلم هم الجريمة هم الطغيان.
أمريكا والعناوين الزائفة
وعنوان آخر يُفَعِلونه مع من لا يخنع لهم ولا يستسلم لهم هو عنوان محاربة النفوذ الإيراني بات هذا عنوان يركزون عليه يشتغلون عليه، من الواضح أن الجمهورية الإسلامية في إيران كنظام وشعب توفقت لأن تكون حرة بينما الكثير من الأنظمة والبلدان خنعت واستسلمت واتجهت اتجاه العمالة والولاء لأمريكا، واعتُبر ذلك ذنباً كبيراً واعتبر أمراً فظيعاً ومشكلة لا يساويها مشكلة في كل الدنيا.
إيران ليس ذنبها لأنها شيعة، إيران الشيعة أيام الشاه يوم كان النظام هناك عميلاً لأمريكا منسجماً مع إسرائيل، متفاهماً مع إسرائيل، لم يكن هناك حساسية من إيران كبلد فيها أغلبية شيعية مادام النظام فيها المسيطر على الأوضاع فيها موالياً لأمريكا وإسرائيل، ما كان يقال عن إيران مجوس، ولا كان يقال عن إيران أنها العدو الأول والأخير للأمة، ولا، ولا أي شيء أبداً، لأن المعيار كما قلنا المعيار الأساسي الحقيقي لدى أولئك لدى قوى النفاق والعمالة التي تشتغل ضمن الأجندة الأمريكية، والعنوان والمعيار الذي تسعى أمريكا لفرضه أصلًا، هو مسألة الولاء لها والعمل لمصلحتها.
كل من يقول أنا أريد أن أكون مستقلاً وحراً، هويتي تفرض عليَّ ذلك، مبادئي وقيمي ومصلحتي وحقي الإنساني، يقولون إذاً أنت إيراني، كل من يقول إسرائيل خطر علينا، خطر على أمتنا، مغتصبة لأرض من أراضينا كعرب وكمسلمين، والمقدسات محسوبة على أُمّتِنتا، من أهم مقدساتها، إذاً هو إيراني، إيراني “قُحْ” (حقيقي).
كل من يريد يقول: أنا لا أقبل بأن أُظلم لا أقبل بأن أقتل لا أقبل بأن اُستباح إذاً هو إيراني من الطراز الأول، وهكذا يعني يجعلون من هذا عنواناً تبريرياً، تبريرياً لاستهداف أي أحرار هناك وهناك، أو أي طرف لا يقبل بأن يعادي إيران؛ لأنها مارقة عن الولاء لأمريكا بحسب تقييمهم، ولا يتبنى وجهة نظرهم في العداء لإيران وتوجيه العداء لها بدلاً عن أمريكا وبدلاً عن إسرائيل، يعتبرونه إذاً هو إيراني! كل من يقول يجب أن يكون كل المسلمين كل البلدان الإسلامية يجب أن تكون متوحدة؛ لأنها كلها مستهدفة حتى من يخدم أمريكا، فور أن تستغنيَ عنه أمريكا ستسحقه أمريكا، وفعلت ذلك مع الكثير، والبعض تجاربهم واضحة وعلنية أنظمة، يا كم أنظمة خدمت قدمت كل الخدمات فعلت في سيبل أمريكا كل شيء، ولحظة من اللحظات تخلت عنها أمريكا وتآمرت عليها أمريكا، هذا شيء واضح وله أمثلة واضحة وقريبة العهد في منطقتنا، فإذاً يجعلون من هذا العنوان عنواناً تبريرياً لا أقل ولا أكثر.
القوى الحرة في نظر أمريكا
القوى الحرة في المنطقة سواء في اليمن أو في سوريا أو في لبنان أو في العراق أو في بلد تعتبر بنظر الأمريكي وأدواته في المنطقة مارقة، ويعتبر أي قدر من التفاهم بينها أو التعاطف فيما بينها، إذا تعاطف المظلوم في لبنان مع المظلوم في اليمن أو المظلوم في اليمن مع المظلوم في البحرين، أو المظلوم في العراق مع المظلوم في أي قطر آخر عربي أو إسلامي، هذه جريمة لا أكبر منها جريمة، ويتهم هذا بالعمالة لهذا وهذا بأنه يخدم هذا أو يتعاون مع هذا، والتعاون فيما بين تلك القوى الذين تجمعهم رابطة الإنسانية، ورابطة المظلومية، ورابطة الإسلام، ورابطة المنطقة الواحدة كمنطقة عربية واحدة كل الروابط، هذه مسألة غير مقبولة، تريد أن تتعاون يا أيها المسلم اليمني العربي مع المسلم العربي الفلسطيني! أنت أكبر مجرم إذن! تريد يأيها المسلم اللبناني العربي أن تتعاون مع المسلم اليمني العربي المظلوم! أخاك في الإنسانية أخاك أيضاً في العربية، أخاك في الدين، أخاك في المظلومية، أخاك الذي تربطك به كل الروابط، هذه مشكلة وغير مسموح بذلك وهذا أمر مرفوضٌ قطعاً.
[ مقتبس من خطاب السيد عبد الملك بمناسبة الذكرى السنوية للشهيد القائد 1438ه]