حتمَّية الثورة الشعبية في الحادي والعشرين من سبتمبر
تقرير
تمر على الشعب اليمني ذكرى مناسبة عظيمة، وهي مناسبة ثورة الـ21 من سبتمبر الخالدة، وإذا ما جئنا لنستذكر مرحلة ما قبل هذه الثورة المباركة، وتلك الوضعية المزرية التي كان يعاني منها الشعب اليمني؛ سيدرك الجميع بدون أدنى شك، وبكل وضوح حتمِّية تلك الثورة الشعبية المباركة بكل الاعتبارات، وعلى رأسها اعتبار المصلحة الحقيقية الشعب اليمني الثائر. لاسيما وأن قائد الثورة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي وصف هذه الثورة في كلمته التي القاها بمناسبة الذكرى السابعة لثورة 21سبتمبر 2021 بأنها: “ثورةٌ ضروريةٌ، انطلق فيها شعبنا، وتحرك فيها شعبنا من واقع الضرورة، والحاجة الإنسانية والأخلاقية”.
الوصاية على اليمن أصبحت مسألةً رسميةً:
من اليقين القول ان مرحلة ما قبل ثورة الـ21 من سبتمبر تمثلت بأنها مرحلة الوصاية الخارجية على الشعب اليمني، تلك الوصاية التي من خلالها فرَّطت القوى السياسية باستقلال وحرية اليمن وشعبه، وكان هذا بمثابة تفريطٌ كبير، وكارثي، كان سيؤدي السيطرة الخارجية الكاملة على اليمن وصولاً إلى الاحتلال الكامل
ودون أدنى من الجدل والنقاش، فقد أصبحت الوصاية على اليمن والشعب اليمني مسألةً رسميةً، وكأنها مسألة حتمية، ومقبولة، وينبغي أن يتقبلها جميع أبناء الشعب اليمني، ويتحرك على أساسها، إذ أصبحت القوى السياسية والجهات الرسمية في البلد تتعامل مع السفارة الأمريكية على هذا الأساس، حيث نُصِّب السفير الأمريكي (فيرستاين) آنذاك وصياً على الشعب اليمني، وأصبح هو الآمر والناهي ويطلق التوجيهات والأوامر لإدارة كل الشؤون الداخلية في البلد وبطريقة وقحة للغاية.
انهيار أمني شامل في المحافظات اليمنية:
عندما نستذكر مرحلة ما قبل ثورة الـ21 من سبتمبر نجد أنها شهدت انهيار أمني شامل، إذ أصبحت المحافظات اليمنية والعاصمة صنعاء مسرحاً لعمليات الاغتيالات المتكررة التي طالت الشعب اليمني بلا استثناء من منتسبي الأجهزة الأمنية -وخصوصاً منتسبي الأمن السياسي-، والأكاديميين والنخب السياسية، في ظل انتشار عملاء أمريكا من التكفيريين والقاعدة والدواعش في معظم أرجاء البلد وصولاً إلى صنعاء، وبتسهيلات واضحة، وما صاحب ذلك من تفجيرات إجرامية متواصلة، وبتسهيلات واضحة من البعض من قيادات الدولة والقوى السياسية، التي طغت عليهم حالة الإفلاس على كل المستويات سواءً على مستوى الانتماء الوطني، أو على مستوى الانتماء الإيماني، أو الإفلاس على مستوى الإحساس بالكرامة.
قصة غريبة تحت عنوان هيكلة الجيش:
في قصة غريبة، وتحت عنوان الهيكلة المزعومة، سعى الأمريكيين إلى تجرِّيد الجيش اليمني من وسائل القوة، وعملوا على تفكيكه، وإضعافه واتجهوا إلى سحب سلاح الدفاع الجوي وتدميره في مراسم وحفلات مع عملائهم الخونة، الذين كانوا في مناصب رسمية، كما اتجهوا أيضاً إلى السيطرة على الصواريخ وتدميرها من خلال برنامج لتدمير الصواريخ الباليستية. أضف إلى ذلك سعيهم إلى العبث في القوات الجوية، لدرجة أن المواطن اليمني بات يشاهد الطائرات الحربية وهي تسقط في وسط العاصمة صنعاء، ناهيك عن العبث في القوات البحرية حتى أوصلوها إلى حافة الانهيار.
تدهور الأوضاع في بقية المستويات:
لم تكن الأوضاع في مرحلة ما قبل ثورة الـ21 من سبتمبر تتجه على نحوٍ إيجابي، بل إلى تدهور الأوضاع في بقية المستويات، حيث كان الوضع السياسي يتعقد يوماً بعد يوم، مع تفاقم الوضع الاقتصادي وازدياد معاناة الشعب في احتياجاته ومتطلباته الأساسية، في ظل ظروف طبيعية لا تبرر بأن يكون هناك أزمات، ومعاناة للشعب، بالإضافة إلى سوء الحالة الإعلامية والثقافية والفكرية والاجتماعية التي كانت تصب كلها في اتجاهٍ يساعد على تفكيك النسيج الاجتماعي للشعب، وضعضعة الوضع الداخلي في البلد، وتفاقم الأزمات في كل المجالات.
وختاماً… لم تكن تلك ادِّعاءات باطلة، أو ليس معروفة وظاهرة لأبناء الشعب اليمني، ويكفي أن يعود المواطن اليمني ويستذكر تلك المراحل؛ ليعرف حتمية تلك الثورة الشعبية التي إعادة الاستقلال والكرامة للشعب اليمني في الحادي والعشرين من سبتمبر 2014م، فلم يكن القعود، والرضا عن تلك الوضعية المزرية والكارثية والشنيعة والفظيعة والمخزية، أو الاستسلام لها يمثل حلاً للشعب الذي لا يمكن أن يقبل بها نهائياً؛ لأنها ستكون عاراً أبدياً على أبناء الشعب اليمني، وخزياً شنيعاً فظيعاً يتحمله أبناءه على مر العصور.