ما هو العلاج الجيني؟ ولماذا يعتبر من أغلى الادوية في العالم؟
موقع أنصار الله – متابعات – 4 ربيع الآخر 1444هـ
منذ أكثر من 110 سنوات، لاحظ طبيب من شيكاغو وجود خلايا دم حمراء رقيقة وطويلة في مريض يعاني من نوبات من الألم الشديد، وكان هذا أول اكتشاف موثق لمرض فقر الدم المنجلي.
وبعد قرن من الزمان، لا يوجد علاج متاح على نطاق واسع، لكن مع اكتشاف العلاج الجيني، فإن هناك طريق نحو التغيير بسبب مجال يعد من بين الأسرع نمواً في الطب، والآن يصبح السؤال، عندما يتم العثور على علاج، من الذي سيستفيد؟
يجب الاخذ في الاعتبار أن امتلاك القدرة على إجراء تغييرات دقيقة على الجينوم البشري تمثل فرصة غير مسبوقة لمعالجة السبب الجذري لعشرات إن لم يكن مئات الأمراض، لكن يخشى الكثيرون من أن القدرات في امتلاك هذا النوع من العلاجات سوف تظل مقتصرة وحدودة على البلدان ذات الدخل المرتفع.
ويمر العلاج الجيني بمنعطف هام في الوقت الحالي بعد عقود من البحث الاستكشافي لتقنيات جديدة قوية تؤدي إلى زيادة هائلة في العلاجات الجينية الجديدة، ففي منتصف عام 2022، كان هناك أكثر من 2000 علاج جيني قيد التطوير في جميع أنحاء العالم تستهدف العشرات من الأمراض، بما في ذلك السرطان والأمراض العصبية والدم والمناعة والقلب والأوعية الدموية والأمراض المعدية.
وتُترجم هذه القائمة المتزايدة إلى فرص اقتصادية حيث من المتوقع أن يزداد سوق العلاج الجيني من 5.33 مليار دولار في عام 2022 إلى 19.88 مليار دولار بحلول عام 2027. لكن التوقعات الصحية والاقتصادية الإيجابية للعلاجات الجينية قد خففت بسبب العوائق الكبيرة التي تحول دون الوصول إليها.
تعد العلاجات الجينية هي أغلى الأدوية في العالم، وفي عام 2022، تلقى العلاج الجيني لمرض beta thalassaemia، وهو اضطراب نادر في الدم، موافقة الجهات التنظيمية في الولايات المتحدة بسعر متوقع قدره 2.8 مليون دولار مقابل جرعة لمرة واحدة. وبعد شهر واحد فقط، تم تسعير العلاج الجيني لاضطراب عصبي نادر بثلاثة ملايين دولار لكل جرعة.
في حين أن الأسعار لا تزال مرتفعة في الوقت الحالي، من المتوقع أن تؤدي الابتكارات التكنولوجية والمنافسة بين الشركات إلى خفض التكاليف وتحسين الوصول إلى العلاجات الجينية في البلدان ذات الدخل المرتفع، لكن ليس هذا هو الحال بالنسبة للبلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل.
وترجع التكلفة الباهظة إلى أن المعدات المعقدة والخبراء والبيئات التنظيمية اللازمة لتطوير واختبار وإدارة العلاجات الجينية غير كافية أو غائبة إلى حد كبير في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل. وهذا جزئيًا هو السبب في أنه في أغسطس 2022، كان هناك ما يقرب من 1000 تجربة سريرية مفتوحة للعلاج الجيني على مستوى العالم، ومع ذلك فقد تم تطوع أقل من 5٪ في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل (لا تشمل الصين)، مع أربع تجارب فقط في إفريقيا. في ظل هذا المسار الحالي، لن يصل العرض أبدًا إلى الطلب.
ويولد أكثر من 300 ألف طفل كل عام مصابين بمرض فقر الدم المنجلي، ما يقرب من 75٪ من هؤلاء المواليد في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى وحوالي 17٪ في المنطقة العربية والهند.
وبالنسبة لفيروس نقص المناعة البشرية، في عام 2018، كان أكثر من ثلثي الأشخاص المصابين بالفيروس يعيشون في إفريقيا، وثلث هؤلاء تقريبًا في جنوب إفريقيا، وبالتالي، ستتطلب معالجة هذه الأمراض تكاليف صحية هائلة ورعاية أولية أعلى.