مدونة السلوك الوظيفي خطوة عملية على طريق الإصلاح الشامل لبناء الدولة اليمنية الحديثة.
تقرير / أمين النهمي
جاءت مدونة السلوك الوظيفي كضرورة وطنية واستحقاقا ثوريا ومطلبا شعبيا ملحاً، نحو تصحيح وإصلاح العمل الإداري في كافة مؤسسات الدولة التي ظلت لعقود مضت تفتقر لأي لوائح تنظم أعمالها وأنشطتها، وتحمل إرثا ثقيلاً من العشوائية واللامبالاة والرشوة والفساد والمحسوبية والانفلات والتسيب، ونهب المال العام دون رقيب أو حسيب.
ترجمة لموجهات قائد الثورة
كما تأتي مدونة السلوك الوظيفي ترجمة عملية لمضامين وموجهات قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي (يحفظه الله)، واستكمالا للمشروع الوطني الذي أطلقه الشهيد الرئيس صالح علي الصماد (رضوان الله عليه)، خلال احتفائية العام الثالث للصمود «يدٌ تبني… ويدٌ تحمي»، وترجمة أيضاً للشعار الذي جسده الرئيس الصماد، قولاً وعملاً «دولة للشعب وليس شعبا للدولة»، وكذلك تحقيقا وإنجازاً لأهداف ثورة الـحادي والعشرين من سبتمبر، التي انطلقت على أساس تصحيح مؤسسات الدولة من العبث السائد آنذاك، واستئصال منابع وجذور وبؤر الفساد، والتخلص من الارتهان والعمالة للخارج، وإحياء روح الهوية الإيمانية وبناء يمن حر ومستقل.
تصحيح مفهوم الوظيفة العامة
وتهدف المدونة إلى معالجة المشاكل الإدارية النمطية، وتحقيق مبدأ الشفافية والنزاهة، وجعل السلوك الحسن معياراً يضاف إلى رصيد الموظف، وكذا تصحيح مفهوم الوظيفة العامة باعتبارها خدمة للمجتمع، وإحسانا إليهم، ومسؤولية تجسد من خلالها العبودية لله عز وجل، والسعي لنيل رضاه، فضلا عن أنها تهدف كذلك إلى حفظ كرامة الموظف العام، والمواطنين، والمستفيدين من خدمات وحدات الخدمة العامة المختلفة.
إجراءات ضابطة
ونظرا لما تتميز به المدونة من كونها مستمدة من المنهجية القرآنية، ومنسجمة مع الهوية الإيمانية، ولما تمثله من أهمية قصوى، فقد أكد رئيس المجلس السياسي الأعلى المشير مهدي المشاط، خلال تدشين مدونة السلوك الوظيفي وأخلاقيات العمل في وحدات الخدمة العامة، على أهمية المدونة السلوكية التي تأتي في إطار حرص وسعي الجميع على الارتقاء والأداء المتميز لرجل المسؤولية، رجل الدولة، موضحا أنه سيكون هناك تقييم لكل الجهات بمدى الالتزام بالمدونة وإجراءات ضابطة لمن يخل بها، وكذا التقييم المستمر للانضباط وفق مدونة السلوك الوظيفي
خطوات ستتوالى
وأشار الرئيس المشاط إلى أن المدونة تعد بداية الإصلاح، لأن الإصلاح يبدأ من النفوس والواقع، وإصلاح العمل، يبدأ بإصلاح النفوس، لافتا، إلى أن هذه المدونة واحدة من الخطوات التي ستتوالى والبرامج التي ستعلن وتدشن تباعاً في سياق تنفيذ خطط العام 1444هـ، مؤكدا أن الأهم من إنجاز المدونة هو تطبيقها من قبل الجميع.
ضمانة حقيقية لتحسين الأداء
وأوضح مدير مكتب رئاسة الجمهورية رئيس القطاع الإداري، أن مدونة السلوك الوظيفي تمثل ضمانة حقيقية وفاعلة لتحسين الأداء والانضباط الوظيفي، وتجويد آليات التواصل، وتقديم خدمات نوعية، وخلق بيئة طاردة للفساد، كما أنها تمثل مدخلاً أساسياً لإصلاح المؤسسات والارتقاء بها، من خلال المسؤوليات والواجبات التي حددتها تجاه الوظيفة والمجتمع والموظف في مختلف المستويات، ومن خلال الضوابط في التعامل مع المال العام والممتلكات العامة، وضوابط مكافحة الفساد, والتعامل مع الشكاوى والتعامل مع الإعلام والبيانات وتكنولوجيا المعلومات.
الانتقال من التخطيط إلى التطبيق
ولفت مدير مكتب الرئاسة، إلى أهمية أن يلحظ المجتمع نقلة نوعية في الأداء، والخدمة وتغيراً نحو الأفضل في السلوك والتعامل، فيشعر المواطن بأن المؤسسة والوزارة له، وأن المسؤول في خدمته، وأن يلمس السرعة في إنجاز المعاملات على القاعدة التي وجه بها أمير المؤمنين علي عليه السلام بقوله “وأمض لكل يوم عمله فإن لكل يوم ما فيه” ولكي یرى المواطن أن يوم الدولة ليس سنة كما يقال, بل يوماً عادياً كبقية الأيام، مشيرا إلى أنه وبعد تدشين المدونة سيتم البدء في مشروع تقييم الأداء المؤسسي، وما يتعلق به من أدلة ونماذج وتدريب، وصولاً إلى إنجاز بقية الأعمال، بهدف الانتقال من التخطيط والعمل النظري إلى التطبيق والعمل في الميدان.
نقلة نوعية في العمل الإداري
ويرى مراقبون أن مدونة السلوك الوظيفي خطوة عملية مهمة لإحداث نقلة نوعية في العمل الإداري والمؤسسي، وتعزز روح الانتماء الوطني لدى الموظفين والجمهور على حد سواء، باعتبارها وثيقة مؤسسية لتغيير المفاهيم تجاه الوظيفة العامة، وتعد رافدا للبناء المؤسسي بدءا من البناء الروحي للموظف محور الارتكاز في مشروع بناء الدولة اليمنية الحديثة.
خدمة للمواطن
وأشار المراقبون إلى أن مدونة السلوك الوظيفي انطلقت استجابة للرؤية الوطنية لبناء الدولة اليمنية الحديثة ووجدت لخدمة المواطن أولا وبما يحفظ هيبة الدولة، لافتين إلى أن هذه المدونة حملت في طياتها الهوية الإيمانية التي يحملها اليمنيون منذ قديم الأزل، معتبرين أنه لا ينزعج من هذه المدونة إلا من له هوية أخرى غير هوية اليمنيين الإيمانية وله أهداف أخرى.
وختاماً نقول لأولئك النشاز الناعقون وراء كل نجاح تقوم به القيادة الثورية والسياسية وحكومة الإنقاذ، «عضوا أناملكم من خزيكم ندما»، فالوضع الإداري لن يستمر كما كان، والوظيفة ليست مغنما للعبث والنهب، فقد آن الآوان لبدء عهد جديد قوامه العدل والانصاف والمساواة، ومكافأة المحسن ومعاقبة المسيئ، «وعلى الله فليتوكل المؤمنون».