رسائلُ الخروج الجماهيري الكبير: مصادَقةٌ شعبيّة على خيارات إنهاء “اللاحرب واللا سلام”
||صحافة||
وجّهت المسيراتُ الشعبيّة الكبرى التي شهدتها العاصمةُ صنعاءُ والمحافظاتُ الحرة، الجمعةَ؛ للتنديد باستمرار الحصار، رسائلَ مهمةً لتحالف العدوان الأمريكي السعوديّ الإماراتي ورعاته، أبرزها أن عدم معالجة الملف الإنساني يبقي الباب مفتوحاً أمام كُـلّ احتمالات عودة العمليات العسكرية وخيارات الردع والرد، وأن الشعب اليمني يفوض قيادته باتِّخاذ الإجراءات التأديبية المناسبة؛ لإنهاء حالة اللا حرب واللا سلام، ووضع حَــدٍّ للمماطلة تحالف العدوان ورعاته في التعاطي مع مطالب صرف المرتبات ورفع الحصار.
وقال نائب وزير الخارجية في حكومة الإنقاذ الوطني حسين العزي إن المسيرات الشعبيّة التي شهدتها العاصمة والمحافظات “خرجت لتؤكّـد أن الحصار حرب وأن الحديث عن السلام لا معنى له في ظل المعاناة” منبِّهاً إلى أن “هذا النداء لا ينبغي تجاهُلُه”.
وكانت الفترةُ الماضيةُ قد شهدت بروزَ العديد من مؤشرات انسداد الأفق فيما يتعلق بمفاوضات تجديد الهُــدنة بين صنعاء ودول تحالف العدوان، حَيثُ أكّـد قائد الثورة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي أن تحالف العدوان ورعاته لا زالوا يستكثرون على الشعب اليمني أن يحصل على حقوقه ويستفيد من ثرواته الوطنية، ويصرون على إبقاء البلد تحت الهيمنة والوصاية والاحتلال، ولا يملكون أية رغبة في التوجّـه نحو السلام الفعلي.
وألمح القائد بشكل واضح إلى ارتفاع احتمالية عودة التصعيد، إذ أكّـد أن صنعاء جاهزة للرد على أية خطوات عدائية اقتصادية أَو عسكرية بتحَرّك فعال وواسع.
ووجه سياسيون وعسكريون رسائل تحذير ووعيد واضحة أكّـدت أن سلوك تحالف العدوان يدفع بالأمور نحو الانفجار، وأن الإصرار على التعنت سيؤدي إلى قلب الطاولة بصورة لا تخطر على بال العدوّ.
وأكّـد نائب وزير الخارجية العزي أنه “من الحكمة المسارعة لتلبية مطالب الشعب اليمني واحترام القيم التي يفترض أن تكون مشتركة، وتقدير صبر اليمنيين الكبير؛ مِن أجل السلام رغم القدرة على فعل الكثير”.
وكانت التحذيرات والرسائل التي وجهتها صنعاء خلال الفترة الأخيرة قد دفعت تحالف العدوان إلى اللجوء مرة أُخرى إلى جهود الوسطاء، حَيثُ قام وفد عماني رفيع المستوى بزيارة العاصمة صنعاء للقاء القيادة الوطنية ونقل مقترحات جديدة لتجديد الهُــدنة، لكن الزيارة لم تكن لها مؤشرات إيجابية كافية فيما يتعلق بتحقيق تقدم، والتأكيدات التي سمعها الوفد العماني من جانب القيادة الثورية والسياسية والعسكرية أشَارَت بوضوح إلى أن تحالف العدوان لا زال يحاول المماطلة وكسب الوقت واستخدام المفاوضات كغطاء لإطالة أمد حالة “اللا حرب واللا سلام”، وهو الأمر الذي أكّـدت القيادة أنها لن تقبل به.
ويرى مراقبون أن المسيرات الكبرى التي خرجت الجمعة، تحت شعار “الحصار حرب” مثلت إعلانًا واضحًا عن الدعم الشعبي الكامل لموقف القيادة الرافض لاستمرار المراوغة والمماطلة، والمتمسك بضرورة رفع الحصار وصرف مرتبات موظفي الدولة من إيرادات النفط والغاز كخطوات أَسَاسية لا مجال للتنازل عنها؛ مِن أجل تجديد الهُــدنة والتقدم نحو سلام فعلي.
هذا أَيْـضاً ما أكّـده بيان المسيرات الشعبيّة الذي أوضح بشكل جلي أن الشعب اليمني يدرك جيِّدًا طبيعة المراوغات والمناورات التي يحاول تحالف العدوان ورعاته ممارستها في ظل حالة اللا حرب واللا سلام، وأن هناك إجماعاً شعبياً على أن العدوّ قد تمادى كَثيراً في سوء تقديره لموقف صنعاء إلى الحد الذي قتل معه كُـلّ فرص السلام الفعلي، وأصبحت خيارات القوة هي الحل الوحيد لإعادته إلى صوابه.
وفي هذا السياق يؤكّـد نائب وزير الخارجية أن الشعب اليمني من خلال خروجه الكبير “جدد تفويضه لصنعاء في رسائل حراء ضمنها مطالب لا تحتمل التسويف“.
من جانبه أكّـد عضو الوفد الوطني المفاوض، عبد الملك العجري، أن الخروج الجماهيري الكبير الذي شهدته العاصمة صنعاء والمحافظات الحرة، حمل رسائل واضحة أبرزها أن “الحرب قائمة طالما استمر الحصار ولم يتوقف القتل الاقتصادي للشعب اليمني”.
وَأَضَـافَ أن “أول علامات وقف الحرب دفع المرتبات وعودة الخدمات والتشغيل الكامل للموانئ والمطارات، وثانيها إعادة الإعمار وخروج القوات الأجنبية”.
ويشير هذا التصريح بوضوح إلى خارطة الطريق السليمة التي تتمسك بها صنعاء للتوجّـه نحو سلام فعلي، حَيثُ تتضمن هذه الخارطة مرحلتين: الأولى معالجة الملف الإنساني والاقتصادي من خلال إعادة تخصيص عائدات الثروة الوطنية لصرف مرتبات الموظفين وتحسين الوضع الخدمي، إلى جانب رفع القيود الإجرامية المفروضة على حركة السفر والنقل ووصول البضائع؛ باعتبار أن هذه الخطوات تمثل الطريقة الوحيدة لإثبات نوايا التوجّـه السلام الفعلي؛ لأَنَّ مواصلة استخدام حقوق الشعب اليمني واحتياجاته الإنسانية كأوراق ضغط وابتزاز يجعل كُـلّ حديث عن السلام بدون أي معنى، بل يجعله محاولة وقحة لخداع صنعاء والشعب اليمني، والمرحلة الثانية هي تسوية بقية الملفات بدءًا بإنهاء الاحتلال الذي يجعل الوصول إلى السلام مستحيلًا، وُصُـولاً إلى التعويض عن الأضرار التي سببها العدوان لطي صفحة الحرب، أما الحل السياسي فقد أكّـدت صنعاء في عدة مناسبات أنه يجب أن يكون داخليًّا ويجب أن يأتيَ بعد إنهاء كُـلِّ أشكال ومظاهر التدخل الخارجي.
ويرى نائبُ مدير دائرة التوجيه المعنوي بوزارة الدفاع العميد عبد الله بن عامر أن الخروج الجماهيري الكبير الذي شهدته مسيرات “الحصار حرب”، يمثل رسالةً شعبيّة واضحة مفادُها أن “الصمودَ هو الخيارُ الحتميُّ وأن مواجهة الحرب الاقتصادية لن تقتصرَ على المواقف السياسية والإعلامية”.
ويضيف أن “التحَرُّكَ الجماهيري الكبير هو مقدمةٌ للانتقال إلى مرحلة الفعل القادر بعون الله على تحقيق الاستجابة العملية للمطالب الشعبيّة والتفاعل معها بالأفعال لا الأقوال”.
وإجمالاً، يمكن القولُ إن الخروجَ الجماهيري الكبير في مسيرات “الحصار حرب” مثّل مصادقةً شعبيّة واضحةً على الرسائل والتحذيرات التي وجّهتها القيادة لتحالف العدوان ورعاته خلال الفترة الماضية، وَأَيْـضاً التأكيدات الحاسمة التي واجهت بها الوفدَ العُماني عند زيارته للعاصمة صنعاء، وتلك الرسائل والتحذيرات والتأكيدات تمثل إعلانًا واضحًا عن قُرب انتهاء زمن الفرصة الممنوحة للعدو لـ”تشجيعه” على مراجعة حساباته، وتجنُّب الدخول إلى المرحلة التالية التي يبدو بوضوحٍ أنها ستغيِّرُ شكلَ المشهد وستجعلُ العودةَ إلى ما قبلَها مستحيلةً.
صحيفة المسيرة