حصار اليمن.. الوجه الآخر للعدوان
تلجأ الدول الاستكبارية ومن يدور في فلكها عادةً إلى انتهاج سياسة الحصار والعقوبات الاقتصادية لتجويع وإخضاع الشعوب الحرة والمظلومة عندما تفشل في ذلك عسكريا والشواهد على ذلك كثيرة وتأتي في سياق مخطط بديل لتركيع وإضعاف تلك الشعوب وفرض الإملاءات عليها ولنا في حصار العراق في حقبة التسعينيات وفرض العقوبات على الجمهورية الإسلامية الإيرانية وحصار غزة خير دليل.
حصار اليمن:
الأمر نفسه يتكرر في اليمن حيث لجأ تحالف العدوان الأمريكي الصهيوني السعودي الإماراتي على اليمن بعد هزيمته وفشله عسكريا في إخضاع وتركيع الشعب اليمني إلى أسلوب الحصار والتجويع والخنق دون مراعاة لأي جانب إنساني بل وراح يساوم على الحقوق الإنسانية للشعب اليمني مقابل تحقيق أكبر قدر من أهدافه والهروب من استحقاقات الشعب اليمني بعد انتصاره، وهي الاستحقاقات التي فرضها الواقع العسكري على الميدان بفضل صمود وثبات القوات المسلحة اليمنية، حيث تناسى تحالف العدوان أن الحصار القائم على حرمان الشعوب من حقوقها الإنسانية يعد جريمة حرب لا تجيز له ربط الملف الإنساني بأي ملفات أخرى والمساومة به في أي مفاوضات، وتأتي في نفس سياق ومسار عدوانه وحربه العسكرية على الشعب اليمني، وهي أيضا مما تعاقب عليها القوانين والمواثيق الدولية ولا تعترف بها ناهيك عن شريعة السماء.
مماطلة ونتائج كارثية:
يشير واقع المفاوضات السياسية التي تجري بين صنعاء وبين دول العدوان الأمريكي السعودي الإماراتي برعاية سلطنة عمان، بأن لا شيء مبشر يلوح في الأفق إذ أن تحالف العدوان مازال يصر على ربط الملف الإنساني بالملفين العسكري والسياسي، ويماطل في تنفيذ مطالب الشعب اليمني ويرفض تمكينه أولا من حقوقه الإنسانية دون قيد أو شرط والمتمثلة في صرف مرتبات كل الموظفين وفتح مطار صنعاء وميناء الحديدة وحل ملف الأسرى بشكل كامل، وهو ما يعني استمرار الحصار برغم نتائج هذا الحصار الكاراثية التي انعكست على الحياة المعيشية للمواطن اليمني في شكل معاناة يومية تعتصر الشعب اليمني وتتفاقم يوما إثر يوم.
شهود إثبات:
ذكر تقرير خاص لوكالة رويترز بعنوان (حصار اليمن لمنع السلاح يعتصر شعبا يعاني الجوع) إنه “ومنذ عام 2015 نشرت السعودية وحلفاء لها من الدول العربية قوات بحرية في المياه اليمنية وحولها. ووافقت الدول الغربية على هذا الاستعراض للقوة كوسيلة لمنع وصول الأسلحة لمقاتلي أنصار الله “الحوثيين” حد زعمها”، مؤكدًا أن هذا الحصار الفعلي كان له ثمن باهظ على الصعيد الإنساني.
وأضاف التقرير: “تبين سجلات بحرية لم يسبق نشرها وتقرير سري للأمم المتحدة ومقابلات مع وكالات إغاثة إنسانية وخطوط ملاحية أن سفن التحالف الذي تقوده السعودية تمنع دخول إمدادات ضرورية إلى اليمن حتى في الحالات التي لا تحمل فيها السفن أسلحة”.
كما ذكر تقرير لهيومن رايتس ووتش “إن قيودا كبيرة على تسليم السلع الأساسية للسكان المدنيين في اليمن ما زالت قائمة، وأن تحالف العدوان لم يشر إلى ما إذا كان سيسمح باستئناف الموانئ البحرية الخاضعة لسيطرة أنصار الله “الحوثيين” في استقبال الشحنات التجارية، والتي تشمل الوقود والأدوية، فيما يقدر “برنامج الأغذية العالمي” أنه حتى مع الرفع الجزئي للحصار، فهناك 3.2 مليون نسمة إضافيين سيعانون من المجاعة، مع إمكانية وفاة 150 ألف طفل يعانون من سوء التغذية خلال الأشهر التالية”.
وكشف التقرير عن دعوة 12 وكالة إغاثة لتحالف العدوان إلى إعادة فتح مطار صنعاء، مشيرا إلى أن الرحلات التجارية “تجلب الإمدادات الحيوية في كثير من الأحيان وتتيح كذلك حرية الحركة للمدنيين”.
من جانبها وثقت منظمة “مواطَنة”، الحقوقية، حالات منع سفر أشخاص يعانون من أمراض مزمنة إلى الخارج للعلاج، بما في ذلك امرأة احتاجت لجراحة قلب وتوفيت لاحقا.
فيما قال بيان للمنظمة البلجيكية الدولية لحقوق الانسان، إن استمرار إغلاق مطار صنعاء أدى إلى بطالة حوالي 3 ملايين شخص ومنع آلاف المرضى من السفر للعلاج خارج البلاد وتضرر القطاع الصناعي والتجاري بشكل عام.
وتابع، “هناك الآلاف من المرضى الذين يحتاجون للسفر للخارج للحصول على الرعاية الطبية في مستشفيات متخصصه في علاج الأورام السرطانية وزراعة الكلى وأمراض وجراحة القلب والمخ والأعصاب وقد توفى منهم المئات نتيجة عدم تلقيهم العلاج اللازم في الوقت المناسب، وهناك أيضا الآلاف من الأشخاص المدنيين الذين أصيبوا بالحرب الدائرة باليمن ويحتاجون للسفر للخارج لتلقى العلاج في مستشفيات أكثر تطورا، ولا يستطيعون السفر برا من صنعاء إلى مطار سيئون نظرا لحالتهم الصحية التى لا تحتمل السفر لمدة 20 ساعة بالإضافة إلى المخاطر الأمنية، وارتفاع كلفة السفر بنسبة 200 بالمائة مما زاد من معاناة المواطن اليمني ذو الدخل المحدود والمضطر للسفر إلى خارج اليمن”.