ما وراء الاستهداف الصهيوني للقرآن الكريم

  • مقتضيات ونواقض:

لا شك في أن جريمة إحراق القرآن الكريم الأخيرة في بعض الدول الاسكندنافية الأوروبية تأتي ضمن الأجندة الصهيونية العالمية التي تسعى إلى فرضها في تلك الدول، وهي الأجندة المتمثلة في استهداف الدين الإسلامي واستهداف رموزه وتشريعاته الإلهية العليا بشكلٍ خاص، تحت ذريعة مبدأ “حرية التعبير” الذي مازلت تلك الدول تتبجح به وتمارسه بشكل مغلوط وسافر يتناقض معه ويضرب به عرض الحائط، فهذا المبدأ لا يخول لأي أحد الهجوم على معتقدات ورموز الغير وإنما يوجب على الآخرين احترامها لا مهاجمتها، على اعتبار أن احترام الثقافات والأديان من مقتضيات مبدأ حرية التعبير، وبالتالي فاستهداف الإسلام المتمثل في إحراق القرآن الكريم لم يأت كما تدعي الأنظمة الأوربية تطبيقا لذلك المبدأ، وإنما يأتي خدمة للصهيونية بطرق تعكس بجلاء مدى القبح الذي وصلت إليه تلك الأنظمة بشكل مفضوح يبعث على الاشمئزاز.

 

  • لماذا القرآن الكريم؟

لم يأت الاستهداف الصهيوني للقرآن الكريم كحالة عابرة أو من فراغ وإنما جاء بناء على مخططات مسبقة تم وضعها بعناية، ودوافع وأسباب من أهمها:

1-         أن القرآن الكريم بما احتوى عليه من نظم هداية وحياة وتشريعات مستقيمة تنسجم مع قيم الحق والخير والعدل، أصبح يمثل مشكلة وعقبة تقف سدًا منيعًا أمام الأحلام والطموحات الصهيونية الشيطانية، ويحول دون إحكام سيطرتها بشكل تام على الأمة الإسلامية، وهذا ما ترفضه الصهيونية العالمية (أمريكا وإسرائيل) باعتبارها الرمز المتجسد للطاغوت والشر، ويدفعها ما بين الفينة والأخرى إلى مهاجمة الدين الإسلامي دون غيره من الأديان، وكل هذا قد سبق تبيانه على لسان السيد الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي (رضوان الله عليه) الذي قال في سلسلة دروس معرفة الله – الدرس الثالث عشر: “القرآن يعتبرونه مشكلة لديهم، الإسلام يعتبرونه مشكلة لديهم، يشكل خطورة بالغة؛ لأنه فيما إذا رجعت هذه الأمة إلى الإسلام تلتزم بدينها، وإلى القرآن الكريم تعمل به، وتهتدي به فإنه فعلًا ستصبح هذه الأمة قوية جدًا، لا تستطيع تلك الدول مهما كان لديها من أسلحة، مهما كان لديها من إمكانيات أن تقهر هذه الأمة”.

2-         انحراف أغلبية الأنظمة العربية والإسلامية عن الخط القرآني للدرجة التي جعلها تقف موقف المتبلد تجاه أي ممارسات حاقدة تستهدف الدين الإسلامي الحنيف سواءً في معتقداته أو في رموزه، وكل ذلك ليس إلا نتيجةً لتأثرها بالمشاريع الصهيونية وأباطيلها التي نجحت إلى حدٍ ما في إبعاد تلك الأنظمة عن الله ورسوله وسننه، في مقابل تقريبها من تلك المشاريع بالصورة التي تخدم الصهيونية وتعود بالضرر على الشعوب العربية والإسلامية وحدها دون غيرها.

3-         محاولة فك ارتباط الأمة الإسلامية بدينها ورموزها وبالقرآن الكريم وصولا إلى تمزيقها وتفتيتها وصبغها بصبغة الكفر والإلحاد ونكران نعم الله، ما سيؤدي إلى إضعاف شوكتها لتسهل بعد ذلك السيطرة الكاملة عليها وعلى مقدراتها البشرية والطبيعية.

4-         التسويغ لأي تشويه متعمد للصورة المشرقة للإسلام وقيمه ومبادئه بهدف إبعاد الأمم الأخرى عن إمكانية ربطها بهذا الدين القيم، بأساليب خبيثة لم تخطر على بال الشيطان نفسه، فهي على سبيل المثال تحاول إلصاق تهمة الإرهاب بالإسلام والمسلمين، لذا قامت بإنتاج القاعدة وداعش وتحريكهما في العديد من الدول لتقول بعد ذلك للعالم انظروا هذا هو الإسلام وهذا هو القرآن، وهذا الخراب والدم هما ما يدعوان إليه.

5-         التأكيد على عدم أهلية الدين الإسلامي في القيام بمسؤولياته تجاه الأمة كنظام إلهي شامل لكل مجالات الحياة، وإثبات نقصانه وخلوه من الكمال، بهدف تمييع حالة عداء الأمة المسلمة لكل ما هو مرتبط بكيان الصهيونية والدفع بها إلى القبول بالتطبيع كواقع مُسلم به، فرضته الحاجة الملحة ولو كان ذلك على حساب علاقتها بالله.

 

  • استهداف المشروع القرآني في اليمن

المعلوم أن الصهيونية العالمية تمتلك إلى جانب امتلاكها لأعتى ماكنة إعلامية في العالم تم توظيفها لمسخ هوية الأمة المسلمة ومهاجمة عقائدها ورموزها سواءً بالطرق الخفية الناعمة أو بالجهر بالقول على مرأى ومسمع، قوةً عسكرية هائلة، متى ما عجزت عن كبح جماح أي مشروع قرآني صادق مرتبط بالله سيؤدي إلى فضحها وكشف مخططاتها، فإنها تقوم بحشد كل إمكاناتها وطاقاتها العسكرية والدفع بأدواتها في المنطقة والعالم إلى استعمال تلك القوة وضرب ذلك المشروع الذي من شأنه الإطاحة بكل أحلامها ومخططاتها الإجرامية حتى ولو كان متواجدا في نطاق ضيق، بدليل استهدافها للمشروع القرآني في اليمن منذ الوهلة الأولى وقد تجلى اليوم بعدوان عسكري ظالم على اليمن مازال مستمرا منذ ثمان سنوات، وفي هذا الصدد، يقول السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي (يحفظه الله) في خطابه بمناسبة ذكرى الشهيد القائد 1440هـ: “المشروع القرآني الذي تحرك به السيد حسين بدر الدين الحوثي -رضوان الله عليه- هو مشروعٌ عظيم، ينطلق– كما قلنا- من قراءة واعية عن العدو، عن الأحداث، عن مسارات هذه الأحداث، عن المجالات التي يتحرك فيها العدو: سياسياً، إعلامياً، اقتصادياً، بالتضليل الثقافي والفكري، بالاستغلال لمشاكل هذه الأمة التي تكاثرت عبر قرونٍ من الزمن، بالتوظيف والاستغلال لكثيرٍ من الأحداث والأزمات والمشاكل… وعي بالعدو، بأساليبه، بمكائده، بمخططاته، بطبيعة هذا الصراع، وطبيعة هذه المعركة، ويعتمد على القرآن الكريم، وعلى النظرة الواعية إلى الواقع، والفهم الصحيح لهذا لواقع، على مبدأ (عينٌ على القرآن، وعينٌ على الأحداث)“.

 

قد يعجبك ايضا