تصعيد الصهيوني .. يقابله تطبيع عربي
لطالما اقترنت الأنظمة العربية في تاريخ الصراع الصهيوني بالهزائم المنكرة والمعاهدات المذلة فيما ضلت المقاومة الفلسطينية ومن خلفها الشعوب العربية تكافح وتناضل في مواجهة كيان صهيوني غاصب يمارس شتى صنوف الإجرام مستنداً على دعم غربي وأمريكي غير محدو.
ومنذ حرب 48 مروراً بهزيمة 67 وإلى اليوم ما تزال الأنظمة العربية للأسف تواصل الخنوع وتجترح الكثير من الهزائم عوضاً عن إعلان النفير لاستعادة الأرض وصون العرض وحماية مقدسات الأمة.
الفارق أن علاقتها مع الصهاينة ضلت في السنوات السابقة من خلف الأدراج ومن تحت الطاولات أما اليوم فأصبحت الكثير من هذه الأنظمة تجاهر بالتطبيع مع الكيان وتوقع الكثير من الاتفاقيات الاقتصادية والأمنية على سيل من دماء الشعب الفلسطيني ومن فوق ركام المنازل المهدمة ولم تعد تقتصر علاقة هذه الأنظمة على ما هو معلن بل أصبحت تصدر بيانات تدين العمليات الجهادية الفلسطينية وتصفها بالعمليات “الإرهابية” وكأن الآلة العسكرية الصهيونية توزع الورود على الشعب الفلسطيني.
مجزرة مخيم جنين .. كشف الواقع العربي
ومع صعود اليمين الصهيوني المتطرف بقيادة المجرم نتانياهو كانت أول مهامه مهاجمة مخيم جنين الفلسطيني واقتراف مجزرة مروعة راح ضحيتها 10 شهداء وعشرات الجرحى اعادت للأذهان الاقتحام الصهيوني للمخيم عام 2002م ونشرت مواقع إخبارية روايات أهالي المخيم الفلسطيني مؤكدين أنهم تفاجئوا بالاقتحام الصهيوني ولم يكن هناك أي مبرر إطلاقا لهذه العملية الاجرامية أما القوات الصهيونية فقد بررت اقتحامها المخيم وجود مطلوب كبير من حركة الجهاد الإسلامي فيما وصفت العمليات تقارير صحفية أن الهدف الحقيقي ورائها هو هروب نتانياهو من المعارضة الداخلية وهكذا اصبح الدم الفلسطيني فاتورة لهروب الكيان من مشاكله الداخلية..
وعن ردود الأفعال العربية وبالأخص الأنظمة العربية كان الصمت المطبق وكأن الشعب الفلسطيني أصبح دمه رخيصا لا يستحق حتى اصدار بيان إدانة لأن هذه الأنظمة الخائنة أصبح لديها عدو آخر غير الكيان الصهيوني اسمه ” إيران” حسب الإملاءات الأمريكية لوكلائها في المنطقة العربية من زعماء وملوك العرب ـ مترعة بدلاتهم بالنياشين العسكرية ـ أن العدو ليست الكيان الصهيوني وإنما الشعب الإيراني الذي قدم للمقاومة العربية سوى في فلسطين أو لنبان ما لم تقدمه كل الدول العربية.. بل فاجئنا النظام الإماراتي المتصهين مؤخرا ببيان إدانة لعملية الشهيد خيري علقم التي نفذها في القدس ردا على مجزرة جنين ووصفه البيان الإماراتي العملية بالإرهابية..
أما أمريكا التي تعتبر الراعية الرسمية لمجازر الكيان الصهيويني فقد كان ردها على العملية البطولية التي نفذها الشهيد خيري علقم على لسان الرئيس الأمريكي بايدن حيث وصف العملية حسب ما نشره موقع الجزيرة نت: “بأنها تمثل هجوما على العالم المتحضر، على حد قوله، وشدد بايدن على التزام الولايات المتحدة القوي بأمن إسرائيل، ووافق على أن يظل أعضاء فريقه على اتصال دائم بنظرائهم الإسرائيليين.
وذكر البيت الأبيض في بيان أن بايدن أعرب لرئيس الوزراء الإسرائيلي في اتصال عن استعداد واشنطن لتقديم كل وسائل الدعم المناسبة لإسرائيل خلال الأيام المقبلة.
وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارين جان بيير إن الولايات المتحدة تدرك حجم التحديات الأمنية التي تواجه إسرائيل والسلطة الفلسطينية. وأضافت المتحدثة أن المسؤولين الأميركيين تواصلوا خلال الأيام الماضية مع السلطة الفلسطينية وإسرائيل بشأن “أعمال العنف” ودعوا إلى وقف التصعيد.
كما أدان وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن العملية، وجدد تأكيده على التزام واشنطن “الراسخ” بأمن إسرائيل، مضيفا “نحن على اتصال وثيق مع شركائنا الإسرائيليين”.
من جهته، ندد فيدانت باتيل نائب المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية بالعملية، وقال إن التزام الولايات المتحدة بأمن إسرائيل لا يزال قوي”..
هذا هو الرد الأمريكي تجاه عملية فلسطينية محدودة جاءت كرد فعل على المجازر الصهيونية المستمرة أما الرد العربي للأسف لم يعد حتى رد مخجل بل رداً مخزيا وهو ما يؤكد أن التطبيع مع الصهاينة لا يتوقف على مجرد العلاقات السياسية والاقتصادية بل الاصطفاف العلني مع الكيان..
استهداف صهيوني متواصل على سوريا
وتستمر العنجهية الصهيونية التي باتت تتصاعد في منطقتنا العربية بدون حسيب أو رقيب ولا يكاد يمر أسبوع دون أن تشن غارات على المطارات السورية أو الأماكن الحيوية بذريعة استهداف التواجد الإيراني والأسلحة الإيرانية في سوريا وخوفاـ كما يقال ـ من تسرب أسلحة دقيقة إلى حزب الله.
سوريا التي كانت قبل الحرب عليها من أفضل الدول العربية علميا واقتصاديا وتنمويا باتت اليوم أشبه بكوم هائل من الركام وأصبحت للأسف إلى جانب اليمن والصومال في وضعها الاقتصادي بعد أن مولت الأنظمة العربية المتصهينة لما يسمى الثورة السورية التي جلب لها مئات الآلاف من المرتزقة والإرهابيين التكفيريين بهدف اسقاط النظام السوري وتقديم سوريا على طبق من ذهب للكيان الغاصب كما تفعل اليوم هذه الأنظمة الخائنة فيما يخص السودان فبعد جر السودان إلى مربع الحرب على اليمن ومن ثم اسقاط البشير وتسليم السلطة للعسكر الموالين لأنظمة التطبيع ها هي السودان توقع اتفاقية التطبيع مع الكيان الغاصب لتفاجأ الشعوب العربية بردة فعل عربية غير متوقعة تجاه مجزرة جنين والاعتداءات الصهيونية المتكررة ضد الشعب الفلسطيني وضد امتنا العربية عموما..
وبالرغم من فشل ما يسمى الثورة السورية إلا أن سوريا للأسف باتت تواجه العنجهية الصهيوينة وحيدة فمصر التي كانت تقف دوماً إلى جانب سوريا أصبحت رهينة ممالك الخليج وكنتيجة للضغوطات الاقتصادية والسياسية وضعف النظام المصري أصبحت مصر في معسكر التحالف مع الصهاينة.
استهداف إيران
إيران التي كانت قبل الثورة الإسلامية صديقة حميمة لإسرائيل كانت تصف بأنها سيدة المنطقة أما بعد الثورة الإسلامية التي حملت على عاتقها نصرة الشعب الفلسطيني المقاوم والمظلومين من الشعوب العربية فقد باتت العدو الأخطر للكيان خاصة وأن من بركات هذه الثورة هو قيام حركة المقاومة الإسلامية في لبنان التي استطاعت إذلال الكيان وتحرير الجنوب اللبناني.
هذا الدعم والإسناد الإيراني لحزب الله جعل إيران في فوهة الاستهداف الصهيوأمريكي واستنفرت الصهاينة كل إمكانياتهم للوقوف في وجه الثورة الإيرانية وحركت كل الدول التي يهيمن عليها اللوبي اليهودي كأمريكا وبريطانيا وبقية الدول الغربية وكذلك بعض الأنظمة العربية بل إنها سعت بدون كلل لترسيخ عداوة إيران لدى الشعوب العربية والإسلامية أنها العدو الرئيسي للإسلام والمسلمين وليست إسرائيل، ولذلك تمكنت المخابرات الصهيو أمريكية من استهداف الكوادر العلمية الإيرانية واغتيال العشرات من علماء الذرة الإيرانيين وكذلك اغتيال رجال المقاومة المؤثرين المرتبطين بالجمهورية الإسلامية، إضافة إلى محاصرة إيران اقتصاديا عن طريق العقوبات الأمريكية والغربية منذ جريمة استهداف الشهيد سليماني ورفيقه المهندس في مطار بغداد عام2020 م من قبل طائرات أمريكية وصهيونية صعدت كثف الصهاينة جهودهم جهودهم المزعزعة للجمهورية الإسلامية حيث نجحت في إثارة الشارع الإيراني من خلال استغلال وفاة المواطنة الإيرانية مهسا أميني في ظروف غامضة اتخذتها المخابرات الصهيونية ذريعة لتفجير الشارع الإيراني باستخدام عناصر كردية، تلى ذلك عمل أكثر جرأة باستهداف مصانع عسكرية متطورة في أصفهان بطائرات مسيرة واقتصر الرد الإيراني حتى الآن على الاحتفاظ بحق الرد في المكان والزمان المناسبين..
الخنوع العربي وراء العنجهية الإسرائيلية
ما نراه اليوم من التصعيد الصهيوني في منطقتنا العربية واثارة الحرب والفتن والمشاكل وراءه وسببه الرئيسي الأنظمة العربية التي تهادن الصهاينة وتتولاهم وتتخذهم حلفاء لها لضمان بقاء عروشهم وكراسيهم هؤلاء وراء كل ما يحدث من مآس لأمتنا وضياع لحقوقنا وانتهاك لمقدساتنا هم يمولون ويشجعون هذا النشاط الصهيوني المعادي لامتنا هم بيت الداء واساس البلاء وفي مقدمة هذه الأنظمة النظام الإماراتي والسعودي ومعهم بقية الأنظمة الخليجية الذين يتسابقون على إرضاء الصهاينة والتودد لهم وشن الحروب على الشعوب العربية إرضاء لهم كما فعلوا في العراق وليبيا وسوريا وما يفعلوه اليوم في اليمن من حرب إجرامية منذ ثمان سنوات خلفت أكبر مأساة على وجه الأرض..
أن مشكلة امتنا هي في المنافقين الذين يحكمونها ويفضلون اليهود على اخوتهم العرب والمسلمين ولا يترددون في تنفيذ المؤامرات الصهيوأمريكية وأن وكان ورائها سفك دماء بريئة وتدمير دول بأكملها..
ويبقى الأمل الوحيد هو في الشعوب العربية وحركات المقاومة الإسلامية في النهوض واستنهاض الهمم لمواجهة الخطر الوجودي المتمثل بالكيان الصهيوني وعملائه من الخونة والمنافقين ..
ومتى توفرت الإرادة لدى شعوب أمتنا فإن النصر سيكون حليفنا فإن الصمود والثبات في مواجهة المؤامرات لافي التخاذل والصبر على الضعة والإذلال فعندما يكون لدينا القدرة على الثبات في ميادين المقاومة والجهاد والتحمّل، والإصرار على مواجهة الهزيمة و الاندفاع في مواجهة المصاعب الشديدة مع الإيمان بأنّ النصر سيكون من نصيبنا، لأنه مهما كان الضربات مؤلمة وموجه فإنها تصقل الحديد ولا بد ـ كما قال الشاعر العربي ـ لليل أن ينجلي ولا بد للقيد أن ينكسر… وعلينا أن ننظر إلى الوجه الآخر للكيان الصهيوني الغاصب فمجموعة من المقاومين الفلسطينيين يتسببون له في إرباك كبير وهم عزل عن السلاح اللهم إلا سلاح يدوي متواضع في مقابل جيش مدجج بمختلف الآليات العسكرية والأسلحة كما رأيناه جيشا كرتونيا أمام المقاومة الإسلامية في لبنان لا يجرؤا أي جندي صهيوني تجاوز الخط الأزرق في لبنان كما أن اعظم تقرير عن نفسياتهم هو ما ذكره الله عنهم ضربت عليهم الذلة فلا يليق بنا أن نكون تحت اقدام من لعنهم الله وضرب عليهم الذلة والمسكنة يجب أن يبقى الرفض حيا في نفوسنا وأن ننظر إليهم كما وصفهم الله حاقدين فاسدين قتلة الأنبياء والناكثين بالعهود المفترين على الله .