الاستهداف الأمريكي للاقتصاد الوطني بعباءة التنمية (1)

| تقارير ||  أحمد يحيى الديلمي

برزت على السطح قضية التنمية بين دول الغرب الرأسمالية والدول النامية عبر المنظمات الاقتصادية الدولية، (صندوق النقد الدولي، والبنك الدولي)، وذلك بسبب تداعيات العلاقات الدولية عند نهاية الحرب العالمية الثانية، لاسيّما وأن معظم الدول النامية قد خضعت للاستعمار منذ القرن التاسع عشر، وبالتالي أدُخلت في دائرة الاقتصاد العالمي بوصفها سوق لتصريف منتجات الشركات العملاقة من ناحية، ومصدراً للأيادي العاملة الرخيصة والمواد الأولية من ناحية أخرى، كما تولت منظمة التجارة العالمية اكتساح ما تبقى من حواجز الحماية الوطنية في الدول النامية، وفتح أسواق العالم أمام بضائع الدول الرأسمالية عبر الشَّركات متعددة الجنسيات، التي أصبحت قوة اقتصادية كبيرة في العالم تتعدى ميزانيتها ميزانية بعض الدول النامية.

خطورة التعامل مع صندوق النقد الدولي والبنك الدولي:

يشير السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي في كلمته التي القاها في الذكرى السنوية للشهيد القائد، 1435هـ،إلى الاستهداف الأمريكي للاقتصاد الوطني، إذ يؤكد بالقول: “الاستهداف للاقتصاد، الاقتصاد الوطني مستهدف وخلال المرحلة الماضية بكلها لم تعمد الحكومة ولم تتوجه إلى رسم سياسة اقتصادية صحيحة وبنّاءة تعالج بها الوضع الاقتصادي للمواطن اليمني فهم إما أن يرددوا كلامهم المعروف وهو كلام تضليلي بأنه (نحن بلد فقير ليس لدينا موارد، ليس عندنا مقومات اقتصادية…)

هذا كلام غير صحيح البتة لدينا نفط لدينا مخزون ضخم من الغاز، ويمكن لنا كيمنيين أن نستفيد منه إلى حدٍ كبير، لدينا الثروة السمكية التي هي لوحدها كافية في أن تغني هذا الشعب لو تستثمر بشكل صحيح مع أن ما يحصل بشأنها فيه قصص مأساوية وحكايات غريبة جداً، لدينا مقومات اقتصادية معادن متنوعة، ثروة بشرية كان يمكن أن توظف توظيفاً إيجابياً في الجانب الاقتصادي نفسه، لكن من الأساس لم يكن هناك توجه ولا رُسمت سياسيات بنّاءة للوضع الاقتصادي، لدينا مناطق كثيرة تستطيع الدولة لو كان هناك توجه جاد أن تزرعها وخصوصاً القمح الذي نحتاج إليه كيمنيين كغذاء أساسي وقوت أساسي، محافظة الجوف محافظة مأرب محافظة حضرموت سهل تهامة بكله، هذه المناطق بكلها كان يمكن أن تزرع فيها الحبوب والقمح بما يحقق الاكتفاء الذاتي والمقدار الضروري ويؤمّن الغذاء الأساسي للشعب الذي هو في صميم أمنه القومي، لكن هناك مفهوم آخر حتى للأمن القومي بعيداً عن الشعب بعيداً عن احتياجاتنا كبلد وعن شأننا كبلد، الاستهداف للاقتصاد هناك استهداف للاقتصاد والحكومة تتماشى مع هذا الاستهداف، وبدلاً من رسم سياسة اقتصادية بنّاءة توظف القدرات وتستغل الخيرات فهي تتجه إلى اتجاهٍ آخر هو التعامل دائماً مع صندوق النقد الدولي والبنك الدولي والخضوع لشروط المانحين، البنك الدولي صندوق النقد الدولي المانحون من جهتهم الجميع يقدم شروطاً تدمر البنية الأساسية للاقتصاد المحلي وتساعد على أن تجعل من الحكومة نفسها من السياسة الاقتصادية نفسها سياسة مجيرة لمصلحة الخارج وتدمر أي بنية اقتصادية محلية، وبالتالي يلحق بهذا ضرر كبير على الشعب، ديون هائلة ربوية مجحفة، وتسبب أثقال كبيرة رفع للأسعار، ضغط اقتصادي مستمر، ابتزاز حتى للحكومة نفسها فهناك استهداف ممنهج للاقتصاد،

وهناك ضغوط فَرضت وتفاعلت معها الحكومة بالأساس طوعاً تفاعلت معها وتماشت معها وبالتالي يسير الوضع الاقتصادي إلى الانهيار، الإنسان اليمني المواطن اليمني كل ما مر عام كل ما زادت معاناته الاقتصادية، كل ما اتسعت دائرة الفقر والمعاناة والمسألة مسألة مقصودة لإضعاف الشعب اليمني حتى نتحول إلى شعب يعتمد على المنح يطلب منح من الدول الأخرى من هذه الدولة ومن تلك والقروض وكأنه ليس لديه أي خيرات ولا أي مقومات اقتصادية هذا ما تريده أمريكا أن نكون بلداً بدون اقتصاد بدون مقومات اقتصادية بلداً فقيراً ضعيفاً يعتمد على طلب المنح من الآخرين ويخضع لشروطهم كيف ما كانت ويعتمد على القروض من الآخرين، قروض ربوية مجحفة ثم يخضع لشروطهم كيفما كانت، شروط تطال حتى الجانب السياسي ولها تأثير حتى على استقلال البلد”.

تحول معظم الدول العربية والإسلامية إلى مجتمعات استهلاكية محضة:

أصبح النظام العالمي الجديد بقيادة أمريكا لا ينظر إلى الدول العربية والإسلامية إلا باعتبارها منبعاً لنهب الثروات، وأسوقٍ لتصريف المنتجات، وأداة من أدوات سيطرته على العالم، إذ إن معظم الدول العربية والإسلامية لازالت مجرد أسواق استهلاكية لمنتجات شركات الدول الرأسمالية العملاقة (متعددة الجنسيات)، في ظل توجهات منظمة التجارة العالمية التي تفتح المجال لهذه الشركات العملاقة، وتكسر الحواجز الجمركية أمامها.

ونتيجة لغياب أي برامج تنموية حقيقية، والاستفادة من الطاقات الوطنية؛ تحولت معظم الدول العربية والإسلامية إلى مجتمعات استهلاكية محضة، وأسواقٍ استهلاكية لمنتجات الشركات متعددة الجنسيات، حيث يقول الشهيد القائد/ السيد حسين بدر اللدين الحوثي “رضوان الله عليه”: “هم يعملون أشياء أخرى ولكن لن تجد نفسك أكثر من متجول في سوق كبيرة تستهلك منتجاتهم، ولن تجد نفسك تتجول داخل مصانع يمنيه، المصانع تتحرك، والأيدي العاملة تتحرك وتحركها، كلها تعمل معهم ليس هناك تنمية؟”.

ويؤكد الشهيد القائد أن الدول الرأسمالية تسعى لأن تظل شعوب مجرد أسوأقٍ استهلاكية، ولا تريد أن تصل إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي، يقول: “هم لا يريدون أن يصل الناس إلى مستوى أن يصنعوا لأنفسهم، أن يكتفوا بأنفسهم في مجال الزراعة، في مختلف شئون الحياة، لا يودون لنا أي خير، يريدون منا أن نظل سوقاً استهلاكية نستهلك منتجاتهم”.

وفي هذا الصدد، يشير الشهيد القائد إلى أن الأمة العربية والإسلامية أصبحت تستورد كل شيء من الغذاء حتى الأدوية، يقول: “في اليمن نفسه كم من الأراضي في اليمن تصلح للزراعة، ونحن نستورد حتى العدس وحتى الفاصوليا والقمح والذرة من استراليا ومن الصين وغيرها؟ واليمن يكفي – لو زُرع – لليمن ولغير اليمن، مُشيراً إلى أن:”الدواء كذلك معظم الأدوية من شركات أجنبية”، ويضيف بالقول: “…وفعلاً نحن هنا في اليمن كمثال ناهيك عن بقية الدول العربية والمسألة هي واحدة طعامنا، لباسنا، أدْوِيَتُنا، مختلف الكماليات التي نستخدمها، الصابون، الشامبو مختلف المشروبات، مختلف العطور، الأشياء الكثيرة جداً جداً التي نستهلكها معظمها شركات أجنبية بأيدي اليهود”.

الوضعية الخطيرة التي وصلت اليها شعوب الأمة:

يصف الشهيد القائد الوضعية الخطيرة التي وصلت اليها شعوب الأمة، ويتساءل: “حتى البيضة تأتي من خارج، الدجاجة تأتي من خارج، كل ما بين أيدينا كل ما في مطابخنا، كل ما في أسواقنا كله من خارج، من عند أعدائنا، أليست هذه وضعية سيئة، وضعية خطيرة جداً”.

وازاء ذلك، يضرب الشهيد القائد مثالاً بسيطاً للوضعية الخطيرة التي وصلت اليها اليمن على وجه الخصوص بأنها أصبحت تستورد حتى “الملاخيخ”، حيث يقول: “وجدنا كيف أنفسنا أراضي كثيرة مهملة، ساحات واسعة صالحة للزراعة مهملة، ونستورد، نستورد كل شيء حتى [الملاخيخ]، نستورد كل شيء حتى [القلوة]! ألسنا نستوردها؟ يذهب واحد يشتري كم [فشار]! وهكذا وضعية الدول الأخرى. تدخل سوق الملح، أسواق صنعاء، وترى فيها فاصوليا، وعدس، وترى فيها فول، وترى فيها مختلف الحبوب، هذا من استراليا، وهذا من الصين، وهذا من تركيا، وهذا مدري من أين..!”.

سياسة تبعية الدول النامية للأسواق الدولية :

تعتمد الدول الرأسمالية على سياسة اقتصادية تجسد من خلالها سياسة تبعية الدول النامية للأسواق الدولية لاسّيما وأن الدول النامية تعتمد على معظم حاجاتها الغذائية من الخارج، ولا تنتج غذاء كافياً لها، وهنا يقول الشهيد القائد: “ولهذا تجد الناس ثرواتهم لم تعد تشكل شيئاً. ألم نصبح نحن عالة تقريباً في مأكلنا، في ملبسنا على الآخرين؟! حتى في الدول التي لديها ثروات هامة أصبحت عالة على الآخرين! مأكلنا، ملبسنا، أدويتنا، الوسائل الضرورية والكمالية كلها من عند الآخرين من الخارج”.

ويؤكد الشهيد القائد بأن: “كل موادنا الغذائية، كل أكلنا، كل لباسنا، كل معداتنا، كل شيء من الضروري والكمالي لنا كله يخضع لهيمنة أمريكا، وبقرار من أمريكا تستطيع أن تقطع كل شيء”.

الهوامش:

  • خطاب السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي في الذكرى السنوية للشهيد القائد، 1435هـ.‏
  • السيد حسين بدر الدين الحوثي، دروس من هدي القرآن الكريم، اشتروا بآيات الله ثمناً قليلاً.
  • السيد حسين بدر الدين الحوثي، دروس من هدي القرآن الكريم، يوم القدس العالمي، 1422هـ.
  • ‏السيد حسين بدر الدين الحوثي، دروس من هدي القرآن الكريم معرفة الله ـ نعم الله ـ الدرس الخامس،2002م.‏
  • ‏ السيد حسين بدر الدين الحوثي، دروس من هدي القرآن الكريم، مَنْ نحنً ومَنْ هُمْ، 1422هـ.‏
  • ‏ السيد حسين بدر الدين الحوثي، دروس من هدي القرآن الكريم، دروس شهر رمضان المبارك، سورة البقرة، الدرس التاسع، 2003م.‏

 

قد يعجبك ايضا