الحج.. رمز للوحدة الإسلامية في مواجهة الأعداء
الحج هو الركن الخامس من أركان الإسلام، وهو فريضة الله على من استطاع إليه سبيلاً، ولكن هل الحج بمناسكه وشعائره مجرد طقوس محددة، تؤدى بشكل محدد، في أماكن محددة، بلباس محدد، مع ما يترافق ذلك من اجتناب للمحظورات على الحاج فترة الحج؟
هل يمكن أن تكون هذه الفريضة مجرد عبادة روتينية يجتمع لها مئات الآلاف من المسلمين من شتى أصقاع الأرض، يجتمعون في وقت واحد، وفي مكان واحد، بلباس واحد، يؤدون المناسك، ويزورون المشاعر، وهم يرفعون الصوت بنداء واحد، وبانتهاء موسم الحج يعود كلُّ إلى بيته، وانتهى الأمر؟؟ ثم لا يكون لهذا معنى أو فائدة تعود عليهم بما ينفعهم في أمور دنياهم قبل آخرتهم؟
وللإجابة على هذه التساؤلات نؤكد أن أوامر الله سبحانه -وهو العزيز الحكيم-في كل مجالات العبادة وفرائضها المختلفة، بدءًا من الشهادتين والصلوات الخمس والصوم والزكاة وانتهاءً بالحج، كل هذه الفرائض لم تأتِ إلا لحكمة، عرفنا منها ما تجلت لعقولنا القاصرة أوجه الحكمة فيها، ومنها ما لم تدركه عقولنا، ولم تحط به مداركنا، فكل الفرائض لها من الأهداف والغايات ما يعود بالفائدة على الفرد وعلى المجتمع بالشكل الذي يجعل الأمة الإسلامية أمة قوية متماسكة ومستقيمة ولها دورها ومكانتها في ريادة العالم.
ولأننا لم ولن نستوفي الأبعاد والدلالات والغايات لفرائض الشريعة الإسلامية، في مختلف العبادات بأنواعها، ولكن من باب ما أنعم الله تعالى به على خاصة عباده ممن اصطفاهم أعلاما للأمة، فأمدّهم بالبصيرة، ونور عقولهم بالنظرة الحكيمة، وزودهم بالرؤية السديدة، فإننا ومن وحي محاضرات السيد الشهيد القائد رضوان الله عليه؛ يمكن أن نستشف بعضا من الحكمة والفهم لمعنى الحج وغاياته ودلالاته.
وعن هذا يقول الشهيد القائد رضوان الله عليه: (الحج ماذا يعني؟ أليس هناك بيت من أحجار، في مكان محدد؟ أحجار، وهناك مواقف أخرى، عرفات، منى، مزدلفة، مواقع محددة، أماكن ترمي فيها أحجار، أماكن لازم أن تبيت فيها، بيت لابد أن تطوف حوله، مسعى لابد أن تتحرك فيه، من هذه الصخرة إلى هذه الصخرة.
هذا ابتلاء يتجلى معه مدى صدق ادعائي العبودية لله، أنا لا يمكن أن أقول: لماذا يأمرني أن أطوف حول هذه الأحجار؟ ما قيمتها؟ ما فائدتها؟ ما أهميتها؟ وهكذا.. إلى مجالات أوسع فيما يتعلق بهذا الجانب، جانب تحطيم الكبرياء التي تتعارض مع ما تتطلبه العبودية من تسليم لله سبحانه وتعالى مع ما يقتضيه الإقرار بالعبودية لله من تسليم كامل لله سبحانه وتعالى).
ومن خلال هذه الفقرة يمكن أن نستخلص بعضا من الغايات والدلالات الأساسية للحج، ومنها:
التسليم المطلق لله
الحج عبادة تتركز أهم غاياته في التسليم المطلق، والانقياد التام لله في كل حركات وسكنات ومناسك هذه الفريضة، فهو استجابة وتسليم لأوامر الله.
ولنا في قصة خليل الله ونبيه إبراهيم عليه السلام مع ولده إسماعيل الأسوة والقدوة الحسنة في التسليم والانقياد التام لأوامر الله سبحانه وتعالى، بدْءاً من الاستجابة بالانتقال بأهله إلى حيث أمره الله، ليترك أهله في واد غير ذي زرع (رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ المُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ)، مرورا برفع قواعد البيت الحرام، قال تعالى ﴿وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ﴾، وانتهاء بالتسليم الأكمل لله والاستجابة المطلقة لتوجيهات الله تعالى، والمبادرة لذبح فلذة كبده مع كامل التسليم منهما (عليهما صلوات الله وسلامه) وقد سجل القرآن الكريم تلك الحادثة (فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي المَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ * فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ * وَنَادَيْنَاهُ أَن يَا إِبْرَاهِيمُ * قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي المُحْسِنِينَ * إِنَّ هَذَا لَهُوَ البَلاءُ المُبِينُ )
فقد قدما أعظم دروس في التسليم لله-سبحانه وتعالى-بما يدل على مصداقية تعبيد النفس لله، والاستجابة الحقيقية له على نحو ينبغي أن يكون موجوداً لدى كل مسلم، بحيث يجب أن يكون هو القاعدة التي نتحرك من خلالها في واقع الحياة، هذه المواقف التاريخية العظيمة بقيت ملهمة لكل الأجيال البشرية المتلاحقة تحمل من الدروس والعبر الكثير من أبرزها:
- كيف نعبّد أنفسنا لله العبودية الصحيحة والصادقة.
- كيفية التسليم الحقيقي لله سبحانه وتعالى ﴿إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ﴾.
- كيف نجعل من أنفسنا جنوداً لله، ننصر الحق، ونعمل على إقامة الحق فيما بيننا.
- كيفية مواجهة الباطل والشرك والطاغوت والطغيان، وهذا مقام علمنا إياه إبراهيم (عليه السلام) كأهم موضع للتسليم ضمن مقامات العبودية لله.
- أن التحرك في سبيل الله يجب أن يكون بقوة وثبات وصبر واستعداد عال للتضحية حتى لو لم تملك إلا نفسك، وحتى لو كان الثمن أن يلقى بك في نار مستعرة تحرق جسدك، فقدوتنا في ذلك هو نبي الله ٍإبراهيم عليه السلام، أو كان الثمن أن تضحي بأعز ما وهبك الله في هذه الحياة كما ضحى إبراهيم عليه السلام.
- أن العبودية لله هي أن تذوب في تعبيد نفسك له استجابة وتسليما وصبرا وثقة وتوكلا عليه، وألا تربط استجابتك لله بأحد ممن حولك فإذا ما تراجع تراجعت أنت.
- حقيقة ألطاف الله ورعايته وتأييده لعباده وأنه لن يتخلى عنهم وقت الشدائد.
رمز الوحدة الإسلامية
فالحج كما أكد الشهيد القائد-رضوان الله عليه-هو عبادة مهمة لها علاقتها الكبيرة بوحدة الأمة… قال رضوان الله عليه: “ألم يجزئوا البلاد الإسلامية إلى دويلات خمسين دولة أو أكثر؟ وجزأوا البلاد العربية إلى عدة دويلات، لكن بقي الحج مشكلة يلتقي فيه المسلمون ويلتقي حوله المسلمون ويحمل معاني كثيرة لو جاء من يذكر المسلمين بها ستشكل خطورة بالغة عليهم”.
فالحج بكل مناسكه وشعائره وما فيه من الأعمال وما فيه من اجتناب لمحظورات الإحرام، فيها ما يدفع إلى تحقيق الوحدة الإسلامية، وفيها ما يؤكد بضرورة أن تتوحد الأمة الإسلامية.
الحج مظهر قوة ترهب العدو
عندما تجتمع الملايين من المسلمين من كافة أرجاء المعمورة في وقت واحد ومكان واحد، فهذا مما يرهب عدو الله، ويبعث في نفسه الرهبة من هذه الأمة المتوحدة، فهذا التجمع المليوني السنوي يعد رسالة قوة لكل أعداء الأمة الإسلامية، وهذا ما أكده الشهيد القائد سلام الله عليه بقوله: “لهذا كان الحج مهما جدا ، وما يزال الأعداء من اليهود والنصارى ينظرون إليه كقضية خطيرة جدا، أي أن هذه الأمة ما تزال تمتلك نقطة تمثل قوة بالنسبة لها ، وإيجابية كبيرة بالنسبة لها ، وعامل من عوامل توحدها، إمكانية نقل المفهوم الواحد فيما بينها وتعميمه، والرؤية الواحدة وإطلاع البعض منهم على ما يعاني البعض الآخر من خلال التقاءاتهم.”
الحج منبر لإعلان البراءة من أعداء الله
الحج هو المؤتمر السنوي لتأكيد المواقف الإسلامية، وإعلانها على رؤوس الأشهاد ممن حضر الحج من كافة أنحاء الدنيا، الحج هو المنبر العالمي لإعلان البراءة من أعداء الله من اليهود والنصارى والمشركين، يقول الشهيد القائد السيد حسين بدرالدين الحوثي(رضوان الله عليه) “فإن أول عمل لتحويل الحج إلى حج إسلامي تصدر ببراءة قرأها الإمام علي (عليه السلام )-إمامنا-العشر الآيات الأولى من سورة (براءة )، هي تحويل الحج إلى حج إسلامي، قال تعالى: ( بَرَاءَةٌ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْـمُشْرِكِينَ * فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَاعْلَـمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللهِ وَأَنَّ اللهَ مُخْزِي الْكَافِرِينَ *وَأَذَانٌ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ أَنَّ اللهَ بَرِيءٌ مِنَ الْـمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ فَإِنْ تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَـمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللهِ وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ)”.
الحج والقيادة
إذا كان الحج بمناسكه ومشاعره قد رسم لنا معالم التسليم المطلق، وحدد لنا الأسوة بأنبياء الله، ووجهنا إلى اتخاذ الموقف الصريح والعلني من أعداء الله، فإن لنا أن نتذكر هنا أنه قد حدد لنا من يقود الأمة، فإعلان البراءة التي نزلت بها العشر الآيات الأول من سورة براءة، والتي كان من أعلن هذه البراءة، ومن صدح بصرخة البراءة من أعداء الله في أول موقف إسلامي عام، في إعلان هو أشبه ما يكون بإعلان حرب، هو الإمام علي بن أبي طالب عليهما سلام الله، ومع التأكيد أن قضية تحديد من يقرأ آيات البراءة كان بأمر من الله تعالى لرسوله -صلوات الله عليه وعلى آله- أن يكون هذا الشخص هو الإمام علي عليه السلام، في إشارة واضحة وصريحة عمن يكون قائدا للأمة الإسلامية بعد الرسول (صلوات الله عليه وآله)، وأنه من يجب أن يتولى زمام أمرها دون غيره، فأمر القيادة أمر يحدده الله تعالى، ولا مجال للمزايدات فيه.
الحج هداية وبصيرة
قال تعالى ﴿إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكاً وَهُدىً لِلْعَالَمِينَ﴾، وقال سبحانه وتعالى ﴿وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْناً﴾، فالله سبحانه وتعالى قد جعل البيت الحرام مثابة للناس، يثوبون إليه (أي يعودون إليه)، وبالتالي فإن موسم الحج الذي هو أكبر تجمع إسلامي في العالم (بالملايين) ويجب أن يستغل هذا التجمع، من حيث نشر التوعية، وكذلك مناقشة القضايا التي تهم الأمة، خاصة وأن يكون الحج هو المحطة السنوية والعالمية للوعي والبصيرة.
الحج مدرسة البناء والتأهيل الجهادي
وحول هذا البناء الجهادي للأمة، ومدى تحقق ذلك البناء الجهادي للأمة كغاية من غايات الحج؛ يقول-عليه السلام-في الدرس السابع ـ القرآن كتاب هداية: ” يأتي يتحدث عن الحج في وسط آيات الجهاد، ماذا يعني هذا؟ أن الحج مهم فيما يتعلق ببناء الأمة وتأهيلها لأن تكون أمة مجاهدة، وأن الحج لعلاقته الهامة فيما يتعلق بهذه الأمة، لعلاقته ببنائها، لعلاقته بأن تكون أمة قادرة على مواجهة عدوها”
ومن هذا المنطلق يختتم الشهيد القائد تأكيده على فعالية الحج في بناء وتأهيل الأمة، أن العدو نفسه قد فطن إلى هذه الغاية بالذات فاستهدف الحج للسيطرة عليه أو تعطيله، ومن هنا أكد سلام الله عليه أن الحج “هو أيضاً مستهدف من جانب العدو، يؤكد على أنه مستهدف من جانب العدو. وهذا شيء ملحوظ. الغربيين مركزين جداً على موضوع الحج بأي طريقة، كيف يعطلونه، كيف يسيطرون عليه؟”
الحج هو البوصلة الصحيحة لكشف العدو الحقيقي
من خلال ما سبق من قدرة الحج على توحيد الأمة، وبنائها وتأهيلها لتكون في مستوى المواجهة مع العدو، وأنه المنبر العالمي والمؤتمر السنوي للبراءة من أعداء الله، كان لا أن يكون هناك ما يدلل بكل وضوح عن طبيعة الصراع مع العدو وكشف ماهية العدو الحقيقي للأمة، كان للحج أيضا الدور الواضح والصريح بالكشف عن العدو الأول والعدو الأزلي للأمة الإسلامية وهم اليهود، وهذا ما أكده الشهيد القائد في محاضرة “الصرخة في وجه المستكبرين” يقول سلام الله عليه:
” لتعرف أهمية الحج بالنسبة للأمة وفي مواجهة أعداء الإسلام والمسلمين ارجع إلى القرآن الكريم تجد آيات الحج متوسطة للحديث عن بني إسرائيل، وآيات الجهاد والإعداد ضدهم في أكثر من موقع في القرآن الكريم. فهم لا بد، لا بد أن يعملوا للاستيلاء على الحج بأي وسيلة ممكنة.”
وفي محاضرة “لا عذر للجميع أمام الله” تحدث الشهيد القائد رضوان الله عليه-أيضا-عن أهمية فريضة الحج في كشف العدو الحقيقي للمسلمين، موجّهاً بذلك الحديث البوصلة نحو العدو التاريخي للإسلام قائلا “أتى الحديث عن الحج ضمن الحديث عن بني إسرائيل.. كما جاء الحديث عن ولاية الإمام علي ضمن الحديث عن بني إسرائيل، كما جاء الحديث عن الوحدة والاعتصام بحبل الله جميعاً ضمن الحديث عن بني إسرائيل؛ لأن بني إسرائيل هم المشكلة الكبرى في هذا العالم ضد هذه الأمة وضد هذا الدين، هم العدو التاريخي للمسلمين من ذلك اليوم إلى آخر أيام الدنيا. هم العدو التاريخي بنو إسرائيل”.
الاستهداف الصهيوني لفريضة الحج
أدرك العدو الصهيوني أهمية وخطورة فريضة الحج، لما تمثله من مظهر وحدة وقوة، ولما لذلك من النتائج التي تدفع بالمجتمع الإسلامي نحو الالتفاف تحت لواء القيادة السليمة للأمة، إضاقة إلى ما تشتمل عليه مناسك الحج من البراءة من أعداء الله، وأعداء رسوله، وأعداء الأمة الإسلامية.
هذه الغايات التي يحققها الحج كفريضة وركن من أركان الإسلام؛ دقت ناقوس الخطر لدى حاخامات بني صهيون، وبما أنه ليس من الممكن إبعاد الناس عن فريضة الحج كليا؛ عمد العدو إلى إبعادهم عن مضامينها الصحيحة والسليمة فكريا وثقافيا حتى يموت الحج في الأنفس، وحتى يضيع من الذاكرة، وفي هذا السياق يقول الشهيد القائد رضوان الله عليه:
” الإشكالية لديهم هم وليس من أجل كثرة العدد، إذا كان الزحمة قد تحصل بحضور ألفين في ذلك المكان لا يؤدي إلى أن تقول يجب أن نقلل عدد الحجاج وكل بلد لا يحج منه إلا عدد معين ثم يرفعون تكاليف الحج هذه خطة يبدو أمريكية ترويض للناس أن يتقبلوا تقليص وتقليل عدد الحجاج من كل بلد عدد معين ويكون عدداً قابلاً للتخفيض وكل سنة يخفضون أكثر وكل سنة يفتعلون شيئاً فيما يتعلق بالكعبة يقولون: قد حصل وباء أو حصل كذا من كثرة الازدحام ، إذاً قللوا العدد قللوا العدد حتى يصبح الحج قضية لا تعد محط اهتمام عند المسلمين أو في الأخير يوقفوه.”
ونظرا لعدم قدرتهم أيضا على السيطرة المباشرة على الحرمين الشريفين؛ إلا أنهم عملوا بكل جهدهم ومكرهم من خلال أدواتهم (النظام السعودي كنظام حكم، وإلى الحركة الوهابية كحركة فكرية ميدانية)،
ومن خلالهما استطاع العدو اليهودي السيطرة على الحرمين الشريفين بشكل غير مباشر، وتحت عباءة الفكر الوهابي الخبيث وفتاواهم الموجهة صهيونيا عمد العدو إلى تفريغ الحج من محتواه، وإبعاده عن الهدف الذي شرعه الله من أجله، فتحول الحج إلى عبادة مفرغة من محتواها الحقيقي.
وعبر النظام السعودي استمرت المؤامرة بوتيرة متصاعدة نحو السيطرة التامة والكاملة على الحرمين الشريفين، وصولا إلى منع الحج تماما، وفق خطوات ينفذها النظام السعودي تحت إشراف أمريكي وإسرائيلي مباشر، بوسائل وأساليب متنوعة تتلخص في:
1- تفريغ الحج من محتواه ليصبح عبادة عبارة عن حركات روتينية، وطقوس معينة لا تحقق غاية ولا هدفا من ورائها، ونشر من يسمونهم بالدعاة والمطاوعة لتضليل الحجاج وشغلهم بالقشور والمظاهر الجوفاء، والتركيز على محاربة الشركيات حسب وصفهم.
2- إزالة المعالم المقدسة، وطمس الآثار الإسلامية، إما بهدمها أو تغييرها بهدف حرمان الحجاج من أثرها الوجداني والإيماني، وفصلهم عن الارتباط التاريخي بالبقاع المقدسة.
3- الترهيب على الحجاج بالمضايقات، وبالاعتداء عليهم بالضرب وصولا إلى القتل ضمن مخطط متعدد فتارة يقتلون الحجاج بالقتل المباشر كما حصل في مجزرة تنومة، ومجزرة أخرى بحق الحجاج الإيرانيين، وإما بالقتل المخطط له كقتل الحجاج بالازدحام تارة، وتارة أخرى بافتعال حريق، وتارة أخرى بانهيارات، وتارة بنشر الفيروسات وخاصة فيروس الكوليرا الذي حصد أرواح عشرات الآلاف في عدة مواسم، ومؤخرا تم منع الحج إلا لعدد لا يتجاوز الألف حاج تحت ذريعة فيروس كورونا، وهذا تجاهل واضح لقول الله سبحانه وتعالى:﴿وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنَاً﴾، وهذا القتل بهدف أن ينصرف الناس عن الحج خوفاً على سلامتهم وأرواحهم.
4- وضع العراقيل التي تجعل هذه الفريضة صعبة وبعيدة المنال بدءا من صعوبة الحصول على تأشيرة الجواز، وصولا إلى تعمد رفع الأسعار والتكاليف الغالية والمكلفة، ورفع الإيجارات، وفرض المبالغ المالية الضخمة على الحجاج لمنعهم من الحج إلى بيت الله الحرام.
5-الترويض الممنهج للناس على عدم الاهتمام بالحج كفريضة مقدسة، ليتم منعه تماما-في المستقبل-من خلال تحديد حد أدنى لعدد الحجاج من كل دولة، واختلاق القوانين، وتعقيد الترتيبات، وافتعال المشاكل ونحو ذلك.
وفي المقابل يتم تسهيل استقطاب الوافدين على بلاد الحرمين الشريفين بهدف السياحة أو الترفيه، لدرجة أن إحدى الراغبات في طلب تأشيرة سياحة إلى المملكة، وعند رفع الطلب عبر المنصة طلبت تلك المرأة -في نفس الوقت-فنجان قهوة بانتظار الرد من المنصة، فكانت المفاجأة أن وصل الإشعار بالموافقة على طلبها بالسياحة قبل وصول فنجان القهوة.
6- تسييس الحج والزج به ضمن صراع النظام السعودي مع أي بلد إسلامي لمنع أبنائه من أداء هذه الفريضة سواء منع الحج من دول إسلامية، كما حصل للحجاج الليبيين والفلسطينيين والسوريين والقطريين واليمنيين والإيرانيين وغيرهم.
أو منع كيانات محددة في عدة دول كحزب الله، وأنصار الله، وبعض الكيانات العراقية،و…الخ.