قصيدة (حليف الكتاب)

 

للشاعر / عبدالسلام المتميز.

 

سأخبركم أيها الناس أمرا

وأرجو بأن تَدَعوا الأمر سرا

فذاتَ نهارٍ رأيت خطيبًا

على منبر يعظ الناس جهرا

يقول بأن كمال الديانة

والزهد أن تلزم البيت وكرا

وقال بأن التقي الذي عاش

طول الحياة وديعاً وغِرا

ولم يستمعْ نـشرة أو خطابا

وليس يعي في السياسة أمرا

وأن الجهاد بوجه اليهود

وأذنابهم (فتنة) لن تـسرّا

وأن التصديَ للمعتدين

صراعٌ على الحكم فالتَركُ أحرى

وأن جيوش التحالف أقوى

سلاحاً وأقدر حـشراً ونـشرا

فخُذْ طَلَبَ العلم وانْسَ الجهاد

وردّدْ عقيب صلاتك ذكرا

تنال به أجرَ ألف شهيد

وتُرفع عند النبيين قدرا

وتُغفر كل ذنوبك حتى

ولو كان حجم خطاياك بحرا

سألتُ: وعدوانهم هل تراه؟

وما ارتكبوا من جرائمَ نَكرا؟

فقال بأن المجازر فينا

عقاب السماء علينا استقرا

فقلت فمن أين دعمُكَ يأتي؟

ومن أين تستلم المال سرا؟

فقال هناك رجال كرام

يحبون للعلم أن يستمرا

وقد سخّر الله دعم(الأمير)

لنسعى بهذا التديّن نشـرا

رأيت به حين ذاك حماراً

وإن الحمار لأوعـى وأدرى

فهذا (هشامٌ) يعود بجيشِ

(التحالف) بغياً وفتكاً وجزرا

وعادتْ يهودُ لِتَشْتِمَ طه

(وزيدٌ) يعود ليصدع حرا

وقالوا (مهٍ يا شعارَ البراءة)

لا تؤذِ دولتهم فهي كبرى

فلن تجدوا زيد إلا بحيث

يغاظ الطغاة ويلقون خسرا

(حليف الكتابِ) اهتداًء وروحاً

وقولاً وفعلاً ووعياً وفكرا

وقال: (الكتاب الذي لم يدعني

بأن أسكت اليوم) لم يُبْقِ عذرا

ونفس الكتاب الذي لم يدعنا

بأن نسكت الآن والوضع أزرى

كما قال ( قل رب زدني علماً)

يقول (اعملوا آل داوود شكرا)

وقد قال ربك للمؤمنين

(انفروا) و(اثبتوا) مثلما قال (إقرا)

ملائكة الله تدني الجناح

وحسبك يا طالب العلم فخرا

فكن مدداً مثلهم في القتال

مع الثابتين يشدون أزرا

وقل لي بربك عبر العصور

متى انجبت كتب الآل فأرا

وآياتُه حرّكتْ قبلُ طه

فَسَلْ (خيبراً) و(حنيناً) و (بدرا)

وحركَتِ الآلَ شرقاً وغرباً

فَلِمْ لا تُحَرِكُكَ اليوم شبرا

ولِمْ لا تهز بجفنك رمشاً

بعصرٍ به نار صهيون تُضرى

فلا تبْقَ رهنَ التذبذب تيهاً

تقدّم رِجلاً وترجِعُ أخرى

وكن مثل زيدٍ إذا كنت منه

جهاداً وعلماً وحزماً وصبرا

وإلّا تسربلْتَ ذلاً وخزياً

وكان انتماؤك إفكاً وزورا

وما قال زيدُ (البصيرةَ) إلا

وفي يده قبضة السيف حرَّى

وخيرُ البصائر قرآن ربي

فيا بؤسَ من ليس يفقه ذكرا

سيُبلى الجميع، وما كان ربي

يُحمَّل وازِرَةً وِزْرَ أخرى

وأين يكنْ للمنافق شبرٌ

تجدْ فيه للأمَريكان مِترا

فتلك قواعدهم في الجنوب

من رأس (ميّون) حتى (سقطرى)

وما كَرِهَ القومُ حرَّ السيوف

إلا أصابهم الذل قسرا

فأعقبهم في القلوب نفاقاً

وساءَ لهم في القيامة وزرا

وعالَمنا اليوم يحتاج زيداً

وشعب اليمانِيْن بالمجدِ أحرى

وزيدٌ تشظّى ليمتد نوراً

ويمتدّ في المستبدين ذعرا

لَتتخذَنَّ عليه الدهور

مساجدها فهو أخصبُ عُمْرا

وهل نهج زيدٍ بأن نستكين

ونطلبَ في طاعة الجور أجرا

بنا شغفٌ للعلوم وفينا

إباءٌ إذا أصبح العيش مرا

هنا قلمٌ، مصحفٌ، وكتابٌ

هنا جعبةٌ، ومعابر صفرا

سنجعلُ من (حلقات الدروس)

كتائبَ تدحر سلمان دحرا

سيقدح (شعر البلاغة) ناراً

وتنطق (أمثلةُ النحو) جمرا

ولن نُعربَ القول رفعاً ونصباً

ولكنْ على الخصم كسراً وجراً

ونَخرجُ مِن(قام زيدٌ وعمروٌ)

لأن العدوَّ تأبَّطَ شرا

سنجعل(نظارة الدرس) ناظورَ

كُرنيت ضد (بردلي) و(إبرا)

و(خيط العلامة) وسط الكتاب

سيغدو فتيلاً لألغامَ تترى

سنَنْسِجُ من(غترة الرأس) شاشاً

يُضمّدُ جُرْح الجريح ليَبرى

يكفكف دمع اليتامى الجياع

ويُسدل ثوب الكرامة سترا

ويُهدي لجوعى فلسطين خبزاً

ويكسر قضبان صهيون كسرا

نؤدب كل عدوٍ ظلومٍ

ونسري إلى العز شفعاً ووترا

إذا لم يكُ العلمُ يُحيي المشاعر

فينا فقد أصبح العلم إصرا

إذا لم يكن حول (يأجوج) سدا

ويفرغْ بأيدي المُحقّين قِطرا

وإلا فَجَزَّ الإلهُ لِحانا

إذا لم نكن للرجولة فخرا

سنقرأُ فقهاً ونحواً وصرفاً

وطباً وجبراً وشعراً ونثرا

ولكن سنقرأ (صُنعَ المُسيَّرِ)

حتى وان لم يكنْ قبلُ يُقرى

أيا عابداً جعل الذل ديناً

تعطَّرَ سؤر ابنِ سلمان ذخرا

فإنا – كزيدٍ – جعلنا دماءَ

الشهادة في عنق الدهر عطرا

هنا فتية الكهف قالوا اعتزلنا

سكوت المذلة يا قوم جهرا

لكهف الكتاب الكريم أوينا

ومنه سنطلع طَوراً فطَورا

خلعنا نعال الهوان وسرنا

مع الآي والآل مداً وجزراً

وفي طُور قرآنه كان نورٌ

لم تزل للهدى امتدادا أصيلا

تنشد العدل بكرة وأصيلا

 

ثورة مستمرة كل عصر

تدمغ الظلم تصنع المستحيلا

 

يا حليف القرآن فيك تجلى

وعليه انتهجت أهدى سبيلا

 

أنت أحييته جهادا وعلما

عمليا وموقفا مسؤولا

 

واليه انطلقت دعوة حق

تقتفي جدك النبي الرسولا

 

وتحركت ثائرا حيدريا

داعيا للهدى عزيزا نبيلا

 

تحمل الذكر في يد وبأخرى

لجهاد العدى حساما صقيلا

 

هاديا ناصحا رؤوفا رحيما

محسنا مصلحا إماما جليلا

 

شامخا في الوغى شجاعا كميا

عاشقا للفدى سخيا بذولا

 

وتنادي الى البصيرة قوما

أصبحوا يحملون إصرا ثقيلا

 

حاملا هم أمة دجنتها

علماء البلاط عرضا وطولا

 

علماء السوء الذين أضلوا

أمة بعدهم وضلوا السبيلا

 

حينما قدموا لها الذل دينا

قدموها لكل طاغ ذلولا

 

أمة فوقها أمية أضحى

كل طاغ منهم عليها أُديلا

 

خولا أصبحت لهم وعبيدا

كبلوها بظلمهم تكبيلا

 

هزؤوا بالكتاب والدين حتى

دغلوا فيه بدلوا تبديلا

 

واغتدى الناس مذ أمية سادت

والى الآن يعبدون العجولا

 

أمة فرطت وضلت وأضحى

كل هاد بسيفها مقتولا

 

قال هذا وليكم يوم خم

ثم حادت وحولت تحويلا

 

وتراها إذ فرطت في علي

رضيت عنه بابن هند بديلا

 

ثم بعد اليزيد قام هشام

مستبدا وغدا غشوما جهولا

 

ثار زيد عليه ثورة حق

داخلا قصره عليه دخولا

 

اتق الله يا هشام ومن ذا

غير زيد له اجترا أن يقولا

 

ثم لاقاه مرة واليهودي

جالسا عنده يسب الرسولا

 

رد زيد عليه ردا عنيفا

كاد يرديه في الجحيم قتيلا

 

وهشام يقول يا زيد مهلا

كيف تؤذي جليسنا والخليلا

 

قال زيد له بكل شموخ

حين ألفاه مستبدا ضليلا

 

حيثما أنت كاره ستراني

من دماء الطغاة أشفي الغليلا

 

واغتدى ثائرا عليه ينادي

من أحب الحياة عاش ذليلا

 

شاهرا سيفه على الظلم يرجو

ربه النصر والرضا والقبولا

 

قائلا إذ تخاذل الناس عنه

حسبنا الله ناصرا ووكيلا

 

غير مجد فراركم إن فررتم

{وَإِذًا لَا تُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِيلًا }

 

ومضى شامخا يلاقي المنايا

وزمانا صعبا ودهرا خذولا

 

ويخوض الغمار فيمن تبقى

رابط الجأش حيدريا قتولا

 

عانق الموت في النزال شهيدا

لينال البقاء جيلا فجيلا

 

بعدما جندل العدى وسقاهم

حنضل الموت في الوغى تنكيلا

 

وليحيى يقول ما أنت بعدي

فاعل قال صامد لن أميلا

 

أي بني انطلق وقاتل وجاهد

واصبرن يا بني صبرا جميلا

 

كان يحيى يقول وهو يعاني

في الجهاد التشريد والتقتيلا

 

((يابن زيد أليس قد قال زيد

من أحب الحياة عاش ذليلا

 

كن كزيد فأنت مهجة زيد

واتخذ في الجنان ظلا ظليلا))

 

هكذا فلنكن لزيد كيحيى

إن أردنا فعلا اليه الوصولا

 

فلنجسد ولاء زيد فعالا

ولنمثل جهاده تمثيلا

 

كان زيد ولا يزال إماما

علما شامخا ومجدا أثيلا

 

كل ذكراه عبرة ودروس

فادرسوها وحللوا تحليلا

 

إن زيدا بصيرة وجهاد

حمل الذكر منهجا ودليلا

 

إن زيدا ثقافة سل سبيلا

في كتاب الله تلقها سلسبيلا

 

كله عزة كتاب عزيز

من عزيز منزل تنزيلا

 

وهو نور ورحمة وشفاء

بينات قد فصلت تفصيلا

 

ذاب فيه الإمام زيد حليفا

يستقي منه بكرة وأصيلا

 

قيل اسكت يا زيد هذا خطير

لا تجاهد فقال شكرا جزيلا

 

لم يدعني القرآن أسكت إني

لا أرى الصمت والسكوت حلولا

 

كيف أبقى على فسوق هشام

قاعدا ساكتا ذليلا هزيلا

 

أي عذر ألقى به الله إن لم

أك للروح في رضاه بذولا

 

كيف ألقى محمدا وعليا

كيف ألقى سبطيهما والبتولا

 

أيها الساكتون كيف انتميتم

نحوه كيف حسبكم تضليلا

 

أين زيد وأين أنتم فررتم

عن طريق الجهاد مليون ميلا

 

أيها القاعدون في الخوالف مهلا

إن من خلفكم عذابا وبيلا

 

قد رفضتم فرض الجهاد وصرتم

تصنعون الأعذار والتعليلا

 

ودعاكم داعي الجهاد ولكن

لم يكن عند رفضكم مقبولا

 

واعتذرتم بالعلم فرعا وأصلا

فأضعتم فروعه والأصولا

 

كل علم يدجن الناس جهل

كلما زاد زادهم تجهيلا

 

وبعيدا عن الجهاد انطلقتم

تنشرون التثبيط والتخذيلا

 

إنما القاعدون أشباه ناس

لا يساوون عند زيد فتيلا

 

واذا لم تكن فاعلا في

ما يغيظ العدى تكن مفعولا

 

ثار زيد على أمية إذ لم

ير في الذكر للسكوت سبيلا

 

قال حتى لو لم يكن لي الا

أنا وابني يحيى فلسنا قليلا

 

أين منكم زيد وأنتم قعود

ترفضون الجهاد رفضا عليلا

 

كيف بالله تنتمون لزيد

والى نهجه افتراء وقيلا

 

نحن أتباعه جهادا وعلما

وله ننتمي انتماء أصيلا

 

فاستجيبوا لله كونوا رجالا

وأستعيدوا قلوبكم والعقولا

 

وانظروا حولكم لهذي المآسي

لا تكونوا صما وعميا وحولا

 

واخرجوا للوجود من كل رمس

فلقد متم زمانا طويلا

 

انهضوا وانفضوا غبار دهور

أصبحت فوقكم كثيبا مهيلا

 

خبروني ألم تروا أمريكا

وأشد الأعداء إسرائيلا

 

وسعودا وزائدا في غواها

وأيادي عدوانهم والذيولا

 

أفليسوا أشقى وأعتى وأطغى

من هشام ألم يفوقوا سلولا

 

فعلوا كل منكر وأستباحوا

كل شيئ ضلالة وفضولا

 

حاصرونا ظلما وبغيا وعدوا

قتلوا الطفل والنسا تقتيلا

 

حرفوا الدين خدمة ليهود

منعوا الحج عطلوا تعطيلا

 

كم أبادوا كم دمروا خبروني

هل لإجرامهم ترون مثيلا

 

ولهذا جهادهم فرض عين

فضل الله أهله تفضيلا

قد يعجبك ايضا