………أُنشُودَةُ الأنْصَار……

الشَّاعِر/ علي النعمي

 

مدِّي جناحَ الشَّوقِ للأنصارِ

وتبسَّمي فجرًا بكلِّ نهارِ

 

لا تأسفي لجفاءِ نجدٍ لا ولا

مكرِ اليهودِ وصولةِ الكفارِ

 

إن أنكروكِ فإنهم بالأمسِ قد

لاقوا رسولَ الله بالإنكارِ

 

هذي ثنيِّات الوداعِ فأقبلي

وتدفقي من ذكرياتِ الغارِ

 

في موطنِ الإيمانِ يا أهلاً ويا

سهلاً بذكرى مولدِ المختار

 

حطِّي رحالَكِ هاهنا أو هاهنا

كلُّ الدِّيارِ هنا بنو النَّجَّارِ

 

يا مرحباً يا خيرَ داعٍ جاءنا

فوق الرؤوسِ وداخلَ الأبصار

 

هذا حِمى الأنصارِ محتفِلٌ وذي

يا سيِّدي أنشودةُ الأنصارِ

 

شعبٌ يمانيٌ وأوسٌ خزرجٌ

بحفاوةٍ نلقاك واستبشار

 

شعبٌ يسيرُ على خطاك تأسِّياً

يقفوك في وعيٍ وفي استبصار

 

بك يقتدي بك يهتدي لك ينتمي

متميزاً قد حاز كلَّ فخار

 

شعبٌ تجذَّرَ حبُّه وولاؤه

لمُحمَّدٍ ولآلِه الأطهار

 

شعبٌ إذا صافحت منه مُجاهِداً

فكأنَّ كفَّك في يَدَيْ عمَّار

 

أهلاً فأنت النعمةُ العظمى وهل

شيءٌ يساوي نعمةَ الإبصارِ

 

أنت الذي أخرجتنا بالنُّورِ من

ظُلَمِ الضَّلالِ وشِقوةِ الأعمار

 

يا صاحبَ الخلقِ العظيمِ وصاحبَ الـ

ـقلبِ الرحيمِ وخيرةَ الأخيارِ

 

تالله ما أُرسِلْت إلا رحمةً

للعالمين ومنقِذاً من نار

 

وبُعثت بالقرآنِ فينا شاهدا

وأتيت بالبشرى وبالإنذار

 

تتلو الكتابَ معلِّماً ومربيِّاً

تهمي بغيثِ الحكمةِ المدرار

 

تبني النفوسَ على الزَّكا وزكاؤها

طيبُ الحياةِ وغايةُ الإعمار

 

حتَّى ارتقيت بأنفسٍ أميَّةٍ

خشعَت وخرَّت سُجَّداً للباري

 

وترشَّفت وحيَ الرِّسالةِ سلسلاً

مثلَ ارتشافِ النَّحلِ للأزهار

 

والنَّفسُ إن تبعت زكاها زاحمت

زهرَ النُّجومِ وزهوةَ الأقمار

 

واذا هي انحرفَت دنَت وتدنَّسَت

بالرِّجسِ وانجرفَت مع التَّيَّار

 

ولقد أضأتَ وكلُّ شيءٍ مظلمٌ

وأشدُّ داءٍ ظلمةُ الأفكار

 

والجاهليةُ في ظلامٍ دامسٍ

والناسُ فيها كالسِّباعِ ضواري

 

تغشى غواشيها بنورِك داحيا

لدبورها بنسائمِ الأسحار

 

حتى تنفَّسَ صبحُها وتقمصَّت

حُلَلُ الرَّبيعِ مرابعاً وصحاري

 

فتحت بك الدُّنيا نواظرَها على

إشراقةِ الآياتِ والأسرار

 

وتعانقَ الضعفاءُ بالإسلامِ في

سبقٍ وفي عزمٍ وفي إصرار

 

وتمسَّك الملأُ الذين استكبروا

بعبادةِ الطَّاغوتِ والأحجار

 

جعلوا أصابعَهم على آذانِهم

للهدي واستغشَوا بكلِّ إزار

 

كم كذَّبوك وعاندوا وتغَطْرَسوا

في قسوةٍ منهم وفي استكبار

 

كم فكَّروا كم قدَّروا وتآمروا

جاؤوا بكلِّ وسيلةٍ وخيار

 

فرضوا عليك حصارَهم إذ أجمعوا

فخنقْتهم بصمودِك الجبَّار

 

مكروا فكان اللهُ أسرعَ منهمُ

مكراً وحاق المكرُ بالمكَّار

 

خسرتْكَ مكُّةُ شقوةً وتشرَّفت

بك يثربُ الإيواءِ والإيثار

 

وهناك للإسلامِ حضنٌ دافئٌ

منه انطلقْت لسائرِ الأقطار

 

وهنالك المستضعفون تحرَّروا

وتنفَّسوا الصُّعداءَ بعد أُوَار

 

ومضيتَ والأخطارُ تركبُ بعضَها

لتهاجمَ الأخطارَ بالأخطار

 

وبرزتَ في الهيجاءِ أعظمَ قائدٍ

تغشى الوغى وتخوضُ كلَّ غِمارِ

 

ومحرِّضاً للمؤمنين مبوئاً

فيها مقاعدَهم مع الأدوار

 

كانوا إذا حَمِيَ الوطيسُ بك اتَّقت

أُسْدُ الوغى وفوارسُ المِضمار

 

ومجاهداً لذوي النفاقِ مجسِّداً

{واغلظ عليهم} آخذاً بحذار

 

فتساقطَ المستكبرون وإنَّما

يتساقطون إلى سواءِ النَّار

 

وانهار طابورُ النفاقِ وما بنوا

إذ أسَّسوا بنيانَهم لضِرار

 

بولائِهم أهلَ الكتابِ فقد غدَوا

إخوانَهم في الجهرِ والإسرارِ

 

جعلوا من الإسلامِ أقنعةً لهم

وتحرَّكوا من تحت كلِّ ستار

 

فضحتْهمُ الأحداثُ وهي كفيلةٌ

وأفاد لحنُ القولِ عن إضمار

 

كرهوا الجهادَ لأنَّهم لم يؤمنوا

وتعلَّلوا بالحرِّ والأعذار

 

ومع الخوالفِ قد رضوا بقعودِهم

جبناً وبخلاً يا له من عار

 

واللهُ أرْكَسَهُم بما كسَبُوا ألا

بعداً لكلِّ منافقٍ ختَّار

 

وعلى الهوامشِ من جهادِك لم تدعْ

ليهودَ فوقَ الأرضِ من ديَّار

 

كفروا وقد عرفوك مثلَ بنيِّهم

حسداً  فكانوا أولَ الكفَّار

 

نكثوا العهودَ وظاهروا وتآمروا

فأخذتَهم بالصَّارمِ البتَّار

 

أفنيتَ عمرَك هادياً ومجاهداً

في أُهبَةٍ عليا وفي استنفار

 

ومضيتَ من نصرٍ لنصرٍ مزهِقاً

بالحقِّ زيفَ الباطلِ المُنهار

 

حتَّى هزمت الكفرَ شرَّ هزيمةٍ

وجموعُه لاذت بكلِّ فرار

 

واللهُ أنجز وعدَه لرسولِه

ولدينِه الموعودِ بالإظهار

 

وتحقَّقَ التغييرُ مشروعاً سَما

عن كلِّ مشروعٍ وكلِّ مسار

 

وتمكَّن الإسلامُ ديناً قيِّماً

في الأرضِ أثمرَ أيَّما إثمار

 

وبجاذبيتِه تجلَّى آخِذاً

بمجامعِ الأسماعِ والأبصار

 

حرِّيةٌ وسيادةٌ وعدالةٌ

في عزةٍ ومهابةٍ وقرار

 

دخلت إليه النَّاسُ أفواجاً ألا

سبِّحْ بحمدِ اللهِ في استغفار

 

وبنيتَ من لا شيئَ أعظمَ أمَّةٍ

في قمةِ الإعجازِ والإبهار

 

وتركت فيها للهدى أعلامَه

قرناءَ للقرآنِ باستمرار

 

لكنَّ سيرتَك العظيمةَ حُرِّفت

والأمَّةُ انقلبت على الأدبار

 

يا سيِّدي وهنا لعلَّك باخعٌ

للنَّفسِ من أسفٍ على الآثار

 

في عالَمٍ تاهتْ به سبلُ الرؤى

متحيرِ الأفكارِ والأنظار

 

لا حَلَّ بين يديه إلا أنت يا

طه وأنت هدايةُ المحتار

 

وبساحةِ الإسلامِ كلُّ ضلالةٍ

فإليك عنها موجزَ الأخبار

 

الأمَّةُ العظمى التي أخرجْتها

للنَّاس قائمةً بكلِّ منار

 

ذهبت بعيداً عنك ثم تشبَّثت

ببدائلٍ كالعجلِ ذات خُوار

 

تحت الطغاةِ تشبَّعت ذلَّاً ومن

مستعمِرٍ فرَّت إلى استعمار

 

في حضنِها نام اليهودُ فيا لها

من أمَّةٍ نامت على الأوتار

 

وجلالةُ الحكَّامِ فيهم سارعوا

هذا يواليهم وذاك يداري

 

فاليومَ أمريكا تسيطرُ في الورى

قد أفسدَت في الأرضِ باستكبار

 

والعُرْبُ كلُّ جلالةٍ عبدٌ لها

حرباً وحلباً عن يد وصَغَار

 

من أجلِها جاؤوا لقتلِ شعوبِهم

بقنابلِ الطيرانِ والمِنشار

 

وشعوبُ أمَّتِنا مدجَّنةٌ على

أيدي ولاةِ الجورِ والأحبار

 

لم يبق للإسلامِ في أوطانِنا

إلا اسمُه ومجرَّدُ الإقرار

 

فالدِّينُ لعقٌ والنفاقُ سياسة

والكفرُ رأيٌ والخنا إجباري

 

ومعاشرُ العلماءِ إلا من زكا

مثلُ الحمارِ ينوءُ بالأسفارِ

 

وجيوشُنا عدُّ الحصى لكنَّها

في السُّوقِ للصَّفقاتِ والإيجارِ

 

من أجلِ أمريكا تُباعُ وتُشترَى

يا للرِّجالِ بأبخسِ الأسعارِ

 

فاليومَ أمريكا تحاربُنا بهم

عبْرَ التَّحالُفِ من وراءِ جدار

 

صبُّوا علينا حقدَهم صبّاً وقد

جاؤوا بكلِّ جريمةٍ وحصار

 

وهواك تُهمتُنا وحبُّك جرمُنا

يا حبَّذا من تُهمةٍ وفخار

 

حسب اليمانيين فخراً أنَّهم

وُصِموا بحبِّ المصطفى المختار

 

وكفى التحالفُ خسةً ودناءةً

ما قتَّلوا من نسْوةٍ وصِغار

 

لمَّا تمسَّكنا بنهجِ مُحمَّدٍ

خرجت ضغائنُهم من الأغوار

 

حشدوا علينا جاهليةَ عصرِنا

وأتوا بكلِّ معسكَرٍ جرَّار

 

لكنَّهم فشلوا ونحن بوعيِنا

ونبيِّنا وبربِّنا القهَّار

 

قلنا لآليَّاتِهم ذوبي ويا

بوقَ النفاقِ تحوَّلي لبخار

 

واليومَ في ذكراك يا خيرَ الورى

وبرغمِ كلِّ منافقٍ كفار

 

هتفَ اليمانيُّون في ساحاتِهم

لبيكَ إذ ناديتَ مَن أنصاري

 

وهنا نُجدِّدُ عهدَنا لك سيِّدي

وولاءنا لحفيدِك الكرَّار

 

ونخطُّ موثقَنا إلى عَلَمِ الهدى

بالنِّصر في يسرٍ وفي إعسار

 

بالدَّمِّ نكتبُه بساحاتِ الفِدى

وعلى خُطى شهدائنا الأبرار

 

لبيك عشاقُ الشهادةِ ههنا

لك من بني الأنصارِ كلُّ حواري

 

لبيك من جبهاتِنا ورجالِها

ضرباً بكلِّ رصاصةٍ وحراري

 

زلزلْ قوى الطاغوتِ نكِّل بالعِدى

واضربْ عبيدَ النفطِ والدُّولار

 

فلتسمعِ الدُّنيا لشعبِ مُحمَّد

ولتنحني لجلالةِ الأنصار

 

صلَّى عليك اللهُ يا نورَ الهدى

وعلى بنيك الصفوةِ الأخيارِ

قد يعجبك ايضا