في ظل اليمن الجديد والقائد الشجاع.. قوى الإجرام ومصالحُها تواجهُ الغرقَ في باب المندب والبحر الأحمر

||صحافة||

مع مرورِ قرابةِ عَقدٍ من الزمنِ، خاض اليمنُ ملاحمَ بطوليةً بقيادة قائد الثورة السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي، ضد قوى الغطرسة والاستكبار التي تمثلها الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا واللوبي الصهيوني ومن يدور في فلكهم في منطقتنا والعالم، حتى وصل العالم وقيادات قوى الهيمنة إلى قناعة تامة بأن السيد القائد رجل القول والفعل، وأنه إذَا قال فعل، دون النظر إلى أية تهديدات أياً كان مصدرها، وبعد أن توعد القائد كيان العدوّ الصهيوني وحلفاءه الأمريكان والغربيين بفتح مسار ردع جديد ومن كشف الحساب الخاص بالجرائم المرتكَبة بحق الشعب الفلسطيني، ويتمثل هذا المسار في اصطياد سفن الأعداء المارّة من باب المندب والمياه اليمنية الإقليمية والتنكيل بالعدوّ ومصالحه؛ لردعه عن ارتكاب المجازر في فلسطين وتحديداً في غزة الباسلة، وقف العدوّ وحلفاؤه في حالة استنفار تام؛ اعتقاداً منهم أن تهديدات السيد القائد حتماً ستنفذ، لا سيَّما مع رفضه كُلَّ العروض الأمريكية بشأن العدوان والحصار على اليمن، والتي جاءت بعد أن ركلت صنعاء اليمن وقائدها تلك التهديدات إلى داخل سلة المهملات؛ لتدخل التجارة والاستثمارات الصهيوأمريكية في نفق جديد مليء بالرعب والتوجس الدائم من أيادي اليمن الطولى التي قد تتخطف سفن العدوّ، ومع هذا النفق تتوالى الانعكاسات الموجعة على كيان العدوّ وحلفائه فيما يخص التجارة البحرية والاستثمارات، والتي كانت بداياتها ارتفاع أسعار تأمينات الشحن البحري من وإلى الأراضي الفلسطينية المحتلّة أضعافاً مضاعفة، وعزوف الكثير من الشركات عن العمل مع المحتلّ الصهيوني، فضلاً عن توسع دائرة القلق بعد إصدار واشنطن تحذيرات لشركاتها البحرية التي تبحر في وحل المصالح الصهيوأمريكية؛ لتكون الخلاصة أن اليمن الجديد قد رفع صوته عاليًا على قوى الاستكبار في ظل خضوع الحلفاء العملاء في المنطقة، وصار لاعباً أَسَاسياً يفرض إملاءاته على تلك القوى الظلامية.

وفضلاً عن الترحيب الواسع من أحرار العالم، والارتياح الكبير من قرار ووعيد قائد الثورة باستخدام المندب كورقة ضغط على العدوّ –وهي الورقة التي لم يستخدمها القائد لردع العدوان والحصار الأمريكي السعوديّ الإماراتي ورعاته واستخدمها؛ مِن أجل فلسطين؛ كونها القضية الأم التي يناضل شعبنا مِن أجلِها– فَــإنَّه وفي الجانب المقابل وعلى عكس الارتياح في صفوف الأحرار، فقد توالت ردود الفعل الصهيوأمريكية حيال هذا الوعيد، وكانت أولى النتائج ارتفاع أسعار التأمين على الشحن البحري للسفن التي تمر من باب المندب والمياه اليمنية والتي تعمل للمصالح الصهيوأمريكية.

ووفقاً لصحف ووسائل إعلام دولية وأُخرى أمريكية وصهيونية فَــإنَّ اليومين الماضيين شهدا مطالبات واسعة من قبل الشركات البحرية بمضاعفة أسعار التأمين على الشحن البحري بما يوازي 10 أضعاف عما كانت عليه سابقًا.

 

الكيانُ على موعد مع ارتفاع الأسعار بشكل غير مسبوق:

ووفقاً لموقع “Commercial Risk” فَــإنَّ الشركات البحرية العاملة مع العدوّ بدأت تعلن حاجتها إلى مضاعفة أسعار التأمين؛ بسَببِ المخاطر التي قد تواجهها من اليمن، مُشيراً إلى أن هذا المطالب تأتي كحلٍّ أولي للحيلولة من توقف حركة تلك الشركات وسفنها وعرقلة إمدَاد العدوّ الصهيونية بمختلف السفن؛ كونه يعتمد بشكل كبير على استيراد المواد الكيميائية والأدوية ومجالات الطاقة والتكنولوجيا وغيرها.

ونشر الموقع تصريحات للرئيس التنفيذي لشركة “ريسكونكت جيم ويتيكامب” أشار فيها إلى أن “المخاطر الجيوسياسية تشغل أذهان الرؤساء التنفيذيين في الشركات الصناعية الكبرى، وهم يحاولون الاستعداد بشكل أفضل لمواجهة التقلبات الجيوسياسية”، في إشارة إلى الأحداث الراهنة في فلسطين وردود الفعل المناهضة والتي من بينها قرار قائد الثورة بشأن المندب.

ورجّح “ويتيكامب” أن تكون هناك نتائجُ كارثية للعدو حال تعرقلت الشركات البحرية؛ بسَببِ الأحداث في المنطقة، قاصداً التهديدات اليمنية، فيما نشر الموقع تصريحات للمحلل الخاص بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في شركة “فيريسك مابلكروفت البحرية لتوربيورن سولتفيدت” أكّـد فيها أن تهديدات من أسماهم “الحوثيين” تبدو محدقةً، معللاً ذلك بقوله: “لأن الحوثيين في اليمن لديهم القدرة على استهداف السفن بالصواريخ والطائرات المسيَّرة في هذه المناطق”، وهنا يتأكّـد للجميع القناعة التامة لدى جميع المراقبين بمدى حتمية تحقّق أية تهديدات صادرة عن اليمن على لسان قائدها الشجاع.

ولفت “سولتفيدت” إلى أن “تعطيلَ الشحن عبر مضيق باب المندب لا يمثل مُجَـرّد مصدر قلق لأسواق النفط فقط”، مُشيراً إلى أن باب المندب يعتبر نقطة تفتيش محتملة لسلاسل التوريد الزراعية، حَيثُ يمر عبرَه أكثرُ من 50 مليون طن من المنتجات الزراعية كُـلّ عام، في حين أن هذه التصريحات تكشف مدى الأضرار التي قد يتكبدها العدوّ الصهيوني في كُـلّ المجالات المرتبطة بالشحن البحري المار من باب المندب.

وفي السياق ذاته أشار موقعُ “Commercial Risk” إلى أن الشحن البحري من وإلى الأراضي الفلسطينية المحتلّة يواجه فجوة سعرية بمقدار عشرة أضعاف في أقساط مخاطر الحرب، مستدلاً بما نشرته “رويترز” التي ذكرت أنه تم إدراج “إسرائيل” في قائمة المناطق عالية الخطورة، مؤكّـدةً أن ارتفاع أسعار التأمين على السفن الراسية في الموانئ الفلسطينية المحتلّة إلى أضعاف كثيرة منذ السابع من أُكتوبر المنصرم، قد تزداد حدته بعد التهديدات اليمنية وترتفع أسعاره إلى أسقف غير متوقعة.

 

عزوفٌ متصاعدٌ عن التعامل التجاري مع العدوّ.. السببُ الخوفُ من رعب المندب:

واستمراراً لتصاعُدِ القلق الصهيوأمريكي، عبّرت وسائل إعلام صهيونية عن مدى المخاطر الكارثية التي قد يواجهها الكيان الصهيوني في ظل التهديدات اليمنية، مؤكّـدةً عزوف الكثير من الشركات البحرية التجارية عن التعامل التجاري مع كيان العدوّ المحتلّ، وفي الوقت ذاته توقعت حدوث شلل في حركة الاستيراد والتصدير من وإلى الأراضي الفلسطينية المحتلّة، خُصُوصاً السفن المارة من باب المندب والمياه اليمنية الإقليمية.

ونقلت عدةُ تقاريرَ تحليلية، منها تقريرٌ نشره موقع صهيوني، عن ردود الفعل بعد تهديدات قائد الثورة وملامحه الأولية، والذي أكّـد مخاوف كيان العدوّ من تداعيات دخول اليمن في الحرب ضد “إسرائيل”، في حين توقع تقرير نشره موقع شركة تكنولوجيا السفن “ship-technology” أن تؤديَ الضرباتُ اليمنية إلى تعطيل حركة المرور عبر مضيق باب المندب.

وفيما أكّـد التقرير عزوفَ الكثير من الشركات خوفاً من العمليات اليمنية، فقد كشف عن استمرار انخفاض السفن من وإلى “إسرائيل”، مؤكّـداً في ذات الوقت مصاديق ما قاله قائد الثورة بشأن سفن العدوّ التي لا تجرؤ على رفع العَلَم الصهيوني وتعمل على إغلاق أجهزة التعارف؛ خوفاً من الرعب اليمني، حَيثُ نقل الموقع تصريحات للمحلل في شركة الأمن البحري “Dryad Global” والذي أكّـد نصّاً أن “السفن التابعة لإسرائيل التي تعبر هذه المناطق معرضة بشكل متزايد لخطر الهجوم من قبل الحوثيين”، مُضيفاً “وفي وقت لاحق، يبدو أن حركةَ السفن التي ترفع العَلَم الإسرائيلي قد انخفضت في البحر الأحمر”، في تأكيد على أن تصريحات قائد الثورة بهذا الصدد تعزز حقيقة مدى القدرات اليمنية في مراقبة ورصد السفن المارة من المندب على الرغم من أن المضيق تسيطر عليه قوى العدوان والاحتلال الأمريكي السعوديّ الإماراتي، كما أن تصريحات القائد تؤكّـد قدرة اليمن على استقدام المعلومات ومراقبة الحركة البحرية من خلف خطوط العدوّ.

 

الرعبُ يتوسَّع.. تحذيراتٌ أمريكية من الخطر اليمني:

إلى ذلك وسّعت أمريكا دائرة الخطر، وعبّرت بوضوح عن إيمانها بحتمية تحقّق التهديدات اليمنية على لسان السيد القائد، حَيثُ نقلت وسائلُ إعلام دولية بياناً رسميًّا أصدرته واشنطن، وحذرت فيه من الوقوع في الخطر الناجم عن خيار قائد الثورة باستخدام المندب كورقة ضغط وتهديد، بعد أن كان طيلةَ عقود طويلة تحت الهيمنة الأمريكية، وخارج حسابات الدولة اليمنية.

وفي السياق أصدرت منظمةُ الأمن البحري الدولي التي أنشأتها أمريكا وبريطانيا نهايةَ العقد المنصرم وتضم عدداً من دول المنطقة الموالية لهما، بياناً حذّرت فيه كُـلّ السفن المارّة من باب المندب، كاشفةً بذلك عن مدى التخبط الذي أصاب تلك القوى الظلامية، التي لجأت بهذا البيان إلى استقدام رأي عام ضد اليمن وتصوير الأمر بأنه تهديد للعالم، وليس كما هي الحقيقة بأنه تهديد لسفن العدوّ الصهيوني، وقد وصفت المنظمة المرور من باب المندب بالأمر المثير للقلق؛ بسَببِ تهديدات من أسمتهم “الحوثيين”.

وقد عبَّرت أمريكا عبر “منظمة الأمن البحري” عن مدى صيرورة التهديد اليمني إلى حقيقة موجِعة للعدو ورعاته، حَيثُ دعت كُـلّ السفن المارَة من باب المندب إلى اختيار المسارات البعيدة أكبر ما يمكن من مسافة عن المياه الإقليمية اليمنية، وأن تقوم السفن بالإبلاغ عن تحَرّكاتها في وقت مبكر إذَا كان هناك سببٌ للقلق المتزايد أثناء العبور، وهنا كشفت المنظمة عن دقة المعلومات الصحيحة لدى قائد الثورة بشأن الحركة البحرية في المندب.

كما عبّرت واشنطن عن تخبطها وعجزها عن التعامل مع الخطر اليمني المحدق بسفن العدوّ، وذلك عبر إيجادها لحلول هزيلة وغير مجدية تظن أنها مناسبةٌ للتعامل مع الضربات اليمنية، حَيثُ طالبت المنظمة السفن باختيار الفترات الليلية للعبور من المضيق وجنوب البحر الأحمر وتتحاشى قدر الإمْكَان العبور من هذه المنطقة خلال فترات النهار؛ كي لا يتم رصدها من قبل من أسمتها “الجهات الفاعلة”؛ أي القوات المسلحة اليمنية، في إشارة إلى قناعة واشنطن بأن اليمن وعبر قائده الشجاع وجيشه العظيم بات هو الوحيدَ المتحكِّمَ بسير الحركة البحرية في المندب والبحر الأحمر، ولم يعد الأمر كما كان سابقًا في حقبة ما قبل خطاب القائد التاريخي الذي كانت فيه أمريكا وبريطانيا هما من يديران هذه الحركة.

ومع كُـلّ هذه المعطيات، يتأكّـد للعالم أن اليمنَ كان في صدارة حماة الملاحة البحرية والتجارة الدولية، حَيثُ لم تقم القوات المسلحة اليمنية –مع قدراتها الفاعلة وشجاعة قيادتها– بأي نشاط من شأنه إلحاق الضرر بالشركات البحرية، على الرغم من العدوان والحصار على اليمن واستخدام قوى العدوان لباب المندب والموانئ اليمنية في البحر الأحمر أوراق ضغط وتجويع لليمنيين، وانصياع السفن البحرية لأوامر دول العدوان فيما يخص الاحتجاز ومنعها من الوصول إلى ميناء الحديدة المحاصر، غير أن اليمن قرّر استخدام هذه الورقة ضد العدوّ الصهيوني ورعاته دعماً وإسناداً للمقاومة الفلسطينية، وبهذا الخيار يظهر اليمن الجديد للعالم، وتظهر معه محدودية قدرات واشطن وهشاشة قدراتها، وما عبَّر عنه الإعلام الدولي والغربي خير دليل، فضلاً عن الحقائق التي رآها الجميع، والقادم قد يكون مليئاً بالحقائق التي تظهر حجم اليمن ومواقفه الأخلاقية المسؤولة التي تتحقّق لأول مرّة في التاريخ المعاصر بفضل أولو الفضل بقيادة السيد القائد الذي بات حديث العالم، وللبقية تتمات في الأيّام القادمة ما لم تدرك قوى الاستكبار الفعل الذي يتوجبُ عليها فعلُهُ؛ انصياعاً للإرادَة اليمنية وإملاءات قيادتها الثورية القرآنية.

 

صحيفة المسيرة: نوح جلّاس

قد يعجبك ايضا