دروس مستفادة من قصة آدم حواء “عَلَيْهِا السَّلَامُ”
في المحاضرة الرمضانية التاسعة، يواصل السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي “حفظه الله” الحديث على ضوء الآيات المباركة من سورة البقرة، التي يبيَّن الله فيها البعض من قصة آدم “عَلَيْهِ السَّلَامُ”، واستخلافه في الأرض، وبداية الوجود الإنساني، ويبين السيد القائد بعضٍ من الدروس والعبر المهمة، التي نستفيدها من القصة ،ومنها أهمية ترسيخ التسليم لله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”والذي هو من أهم المبادئ الإيمانية في إيماننا بالله في أن نرسِّخ التسليم لله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، فيما يأمرنا به، أو يوجهنا إليه، أو يُشَرِّعه لعباده، وهذه مسألةٌ مهمةٌ جداً.
يؤكد السيد القائد أن مما نستفيده من القصة، ونحن نجد الفارق الكبير في المواقف الثلاثة، في منشأ وأسباب الموقف، وفي التعامل مع ما أتى تجاه ذلك، فبالنسبة للملائكة “عَلَيْهِمُ السَّلَامُ” يبين السيد القائد أن سبب تساؤلهم، وعرضهم بأن يقوموا هم بدور الاستخلاف على الأرض، وأيضاً ما يفترض بهم ألَّا يحصل لديهم ذلك التساؤل، لكن الكل بحاجة إلى هداية الله “جلَّ شأنه”، أمَّا في موقف إبليس فنجد الفارق الكبير، وأن منشأ موقفه هو التكبر، والغرق في الأنانية، والتمحور حول الذات، وحصلت عنده عقدة الكبر؛ ولذلك عاند، وأبى، واستكبر، وامتنع، وأصرَّ على موقفه، على عصيانه، فكانت النتيجة نتيجة رهيبة بالنسبة له: تحول إلى لعين، وإلى مطرود من رحمة الله “جلَّ شأنه”، إلى مذموم، إلى رجيم، إلى ضال، بسبب ذلك الموقف.
وفيما يخص أمَّا في موقف آدم وحواء فيؤكد السيد القائد أن مخالفتهم للنهي من أكل الشجرة كانت زلة، أوقعهما الشيطان فيها بخداعه، وهو استمر في عملية الخداع لهما، وكرر مسعاه بأساليب متعددة، وصولاً إلى القسم لهما بالله إنه لهما ناصحاً، مع نسيانهما للتحذير الذي سبق وأن حذرهما الله منه،
ومن الدروس التي نستفيدها من هذه القصة المهمة، يشير السيد القائد الى ما وقع فيه المسلمون من إشكالية كبيرة جداً عندما غاب عنهم مفهوم الاستخلاف في الأرض، فأضاعوا دورهم الحضاري، وبناء واقعهم كأمة قوية، ويؤكد أن هذه إشكالية حقيقية في واقع الأمة، تتمثل في حالة التخلف التي وصلت إليها الأمة الإسلامية بين كل الأمم، حتى وصلت إلى ما وصل إليه، غاب عنها مفهوم الاستخلاف في الأرض، ولم يبقَ هذا المفهوم ليكون أساساً لانطلاقة الأمة، ليكون لديها برنامج ومشروع حضاري، وهذه مشكلة كبيرة جداً، ولذلك فقد أصبح المسلمين يعتمدون في معظم الاحتياجات الضرورية للناس في حياتهم على أعدائهم.
ولذلك، يؤكد السيد القائد أنه من واجب المسلمين أن يكونوا أمةً منتجةً، وأن لا يعتمدون نهائياً على أعدائهم في توفير متطلبات حياتهم، وضروريات حياتهم وأن يحرصوا على البناء الحضاري؛ لأن له علاقة بدينهم، بهويتهم، بحريتهم، بكرامتهم، ويضيف بأن يكون اهتمامهم الحضاري أيضاً ليقدموا النموذج المتميز في الحضارة الإسلامية، الذي يعتمد على هدى الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، وأن هذه مسألة مهمة جداً.
كما يؤكد السيد القائد على أهمية التلازم ما بين العلم والهدى، وأن الإنسان يحتاج إلى العلم في دوره في الاستخلاف في الأرض، ليتعرف على أسرار ما أودع الله له في هذه الدنيا من النعم، وكيفية الانتفاع منها، والوسائل التي تساعده على ذلك، إلى غير ذلك، يحتاج وأيضاً إلى هدى الله، وتعليمات الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”؛ لتحميه ولتحمي حضارته؛ حتى لا يتحول إنتاجه وتقدمه العلمي إلى وسيلة للإضرار، للشر، للإفساد في الأرض.
ويبين السيد القائد أن من الدروس المهمة أيضاً، وهو من أهم الدروس عواقب المخالفة لأمر الله ونهيه في زوال النعم، وهذه مسألة مهمة جداً، عندما الإنسان يجني على نفسه بمخالفة أمر الله، أو مخالفة نهي الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، والعواقب العاجلة في الدنيا قبل الآخرة، هي تتعلق بما أنعم الله به عليه، ويبين أن الذي يحفظ للإنسان النعمة هو: الشكر، والاستقامة العملية هي جزءٌ من الشكر.
وبالنسبة لخطيئة آدم وحواء “عَلَيهمَا السَّلَامُ” يبين السيد القائد أنها انتهت بالتوبة، والإنابة إلى الله، ولذلك فليست تلك الخطيئة ممتدة على بنيهما وذريتهما، مثل ما يتصوَّر البعض، وما هو ثقافة وفكرة عند بعض البشر أنَّ خطيئة آدم وحواء “عَلَيهمَا السَّلَامُ” امتدت وبقيت، وصارت لعنة مستمرة على أجيال بني آدم جيلاً بعد جيل، ويؤكد أن تلك الفكرة خاطئة، خاطئة من جهتين: أنَّ آدم قد تاب وأناب هو وحواء “عَلَيهمَا السَّلَامُ” إلى الله “جلَّ شأنه”، وانتهت الخطيئة، وومن جهة أنَّه لا يتحمَّل أحدٌ وزر أحد، ولو كان هناك صلة قرابة، ليست صلة القرابة أنَّ الابن مثلاً أو الذرية يتحمَّلون ذنب أبيهم، وما فعله أبوهم، أو أمهم، أو أحدٌ يتحمل وزر أحد، الله يقول: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}، فهذه قاعدة أساسية في عدل الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، وفي تشريعه لعباده.
ويشير السيد القائد الى ان من الدروس المهمة في قول الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” بعد الأمر بالهبوط: {بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ} ويبين عدة نقاط مهمة جداً، منها: أنه لم تنتهِ عداوة الشيطان بعد إخراج آدم وحواء من الجنة، وأنه لم يتغير موقف الشيطان من بني آدم تجاه من ينضم إلى حزبه، ويواليه، وأن عداؤه الشديد لا يتغير بأي شيء، هو باقٍ على عداوته، حتى تجاه الذين ينضمون إلى حزبه وصفه، ويوالونه، وحتى تجاه الذين يعظِّمونه ويعبدونه، وكذلك أن النفس البشرية قابلة للخير وللشر، والشيطان يحاول أن يدخل للإنسان من مداخل الهوى بالخداع؛ فلذلك تعتبر العداوة حافز مهم بأن الشيطان هو عدو، وعلينا أن نعاديه؛ ويبين إذا كان الإنسان متنبِّهاً، واتَّخذ الموقف الصحيح ضد الشيطان؛ فهذا حافزٌ للإنسان على الاستقامة.
من الدروس المهمة يؤكد السيد القائد خطورة الاحتقار، وأخذ الدرس من السجود لآدم، وأن الاحتقار خطيرٌ جداً، وقد يصل بالإنسان إلى تلك الحالة؛ ولذلك لا ينبغي للإنسان المسلم أن يحتقر مسلماً آخر أبدًا، يمكن أن تحتقر من كان سيئاً مجرماً؛ لما هو عليه، مفسداً؛ لما هو عليه من إجرام وفساد؛ أمَّا أن تحتقر أي إنسانٍ مسلم، أو أي إنسانةٍ مسلمة، فأنت مخطئٌ.، ويؤكد أيضاً أنهمن المهم الحذر من عقدة الاحتقار التي تظهر على الكثير من أبناء الأمة الإسلامية، في أن يحتقر أمته احتقارًا تامًا، وهذه العقدة عند البعض هي تمثل عائقاً عن التحرك بأمل لتغيير الواقع.
ومع التحذير من الاحتقار، يؤكد السيد القائد على أيضاً ضرورة الحذر من الغرور والعجب بالنفس، ويبين أن الغرور حالة خطيرة جداً، عندما يغتر الإنسان بنفسه، ويعجب بنفسه، وليس من باب أنه يثق بالله، ويرجو الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، ويأخذ بالأسباب: أسباب الارتقاء، وأسباب التغيير. الغرور حالة خطيرة جداً على الإنسان، والاحتقار- كما قلنا- ينبغي أن يكون للمجرمين، السيئين؛ لما هم عليه من إجرام، وفسق، وطغيان.
ومن الدروس المهمة يؤكد السيد القائد أن بداية الوجود البشري ليست مجهولة، وأن بداية الوجود البشري بيَّنه الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” لنا في القرآن الكريم، وبيَّنها في كتبه السابقة، وكانت ضمن المعارف المتوارثة بين البشر ينقلونها جيلاً بعد جيل، فبداية الوجود البشري هي آدم “عَلَيْهِ السَّلَامُ”، خلقه الله وخلق حواء “عَلَيهمَا السَّلَامُ” منه، وأن الأصل الحضاري أتى مع آدم “عَلَيْهِ السَّلَامُ”، الذي هو أول أنبياء الله.
يؤكد السيد القائد أن اللوبي اليهودي يسعى إلى تزييف الحقائق عن الوجود البشري، وعن أصل البشر، والوجود الإنساني؛ لهدف خطير جداً، وهو: قتل الشعور بالكرامة عند البشر، وأن اليهود الصهاينة يريدون ألَّا يشعر الإنسان بكرامة أبداً، ولذلك فإن التصورات والنظريات التي يقدِّمها الغرب عن الإنسان، وحياته في المراحل الأولى، وعن العصور المتقدِّمة في الزمن، غير دقيقة.