الكراهية المنظمة والانتقائية الغربية: كيف أحكمت “إسرائيل” قبضتها على القوانين الغربية وتسويغ الكراهية ضد المسلمين؟”
صادق البهكلي
في عصر الهيمنة اليهودية على كل مناحي الحياة الثقافية والسياسية والاقتصادية، تواجه الأمة الإسلامية ـ التي تصنف على أنها العدو الرئيسي لليهود والنصارى ـ مجموعة من التحديات المعقدة والمتداخلة. من بين هذه التحديات، يبرز موضوع نشر الكراهية والتحريض على العنف ضد الإسلام والمسلمين، المعروف بـ”الإسلاموفوبيا”، باعتباره قضية ملحة تتطلب اهتماماً جاداً. في الوقت ذاته، يُلاحظ تحرك قوي ومؤثر نحو تشريع القوانين المناهضة لمعاداة السامية، التي تهدف إلى توفير مظلة حماية لليهود من التمييز والعنف والتحريض، أو المحاسبة على جرائمهم وفسادهم وعنصريتهم. هذا التناقض الظاهري بين تعزيز حماية مجموعة دينية معينة وتجاهل أو حتى تشجيع الكراهية ضد مجموعة أخرى يثير تساؤلات هامة حول المعايير المزدوجة والسياسات الانتقائية التي تتبعها بعض الحكومات والهيئات الدولية، هذا الانحياز يؤكد أن من يتحكم بقرارات هذه الحكومات والهيئات هم اليهود أنفسهم.
الإسلاموفوبيا، التي تُعرَّف بأنها الخوف أو الكراهية غير المبررة تجاه الإسلام والمسلمين، ليست مجرد قضية تهم المسلمين وحدهم، بل هي جزء من مشكلة أوسع تتعلق بالتمييز والعنصرية التي يمكن أن تؤثر على استقرار المجتمعات وتماسكها. مظاهر الإسلاموفوبيا تتراوح بين الخطاب التحريضي في وسائل الإعلام والسياسات الحكومية التمييزية، وصولاً إلى الاعتداءات الجسدية والنفسية ضد الأفراد المسلمين. وتشير الدراسات إلى تصاعد مقلق في حوادث الإسلاموفوبيا، مما ينعكس سلباً على حياة ملايين المسلمين حول العالم، وما نراه اليوم من إجرام وعمليات إبادة وتطهير عرقي يمارسه الصهاينة في غزة ويقابل بتأييد غربي مطلق وعجز ما يمسى المنظمات والهيئات الدولية عن اتخاذ أي خطوة توقف هذا الإجرام كما تفعل حيال أزمات عالمية أخرى كالحرب الروسية الأوكرانية أو تفويض الحروب ضد الدول العربية والإسلامية إذا كانت تخدم اللوبي اليهودي كما رأينا في أفغانستان والعراق وما شهدناه في اليمن وفي سوريا.
في المقابل، يُظهر الاهتمام المتزايد بتشريع القوانين المناهضة لمعاداة السامية التزاماً قوياً بحماية اليهود ورفض أي سلوك ينتقدهم أو ينتقد جرائمهم أو سلوكهم العنصري هذه القوانين تهدف إلى مكافحة الكراهية والتحريض ضد اليهود، وتعمل على ضمان معاقبة الأفراد والجماعات التي ترتكب جرائم كراهية أو تروج للتمييز ضدهم، وقد وصل ببعض الأنظمة الغربية لاتخاذ خطوات عقابية ضد أي شخص ينتقد إسرائيل وتنوعت وسائل العقاب بين السجن والفصل من الوظيفة والمصادرة وصولا للقتل والتصفية.. ومن هنا، يبرز السؤال المحير: لماذا لا تُمنح نفس الأهمية والاهتمام لحماية المسلمين من الكراهية والتمييز؟ بل أن الأمر لم يتوقف على تشجيع ونشر الكراهية للمسلمين في الأوساط الغربية والعالمية وانتهاك كرامتهم وتدنيس أقدس المقدسات لديهم تحت مبرر حرية الرأي بل وصل الأمر للسماح بقتلهم أطفالاً ونساءً صغاراً وكباراً وتهجيرهم ومصادرة حقوقهم وممتلكاتهم بل أن العدو الإسرائيلي نفذ تدمير كلي لقطاع غزة وساوها بالأرض والعالم الغربي الذي يدعي التحضر والتطور يرسل له الأسلحة ويتهم الضحايا ويساند الجلاد..
التناقض بين جهود مكافحة معاداة السامية ونشر الكراهية ضد الإسلام يمكن أن يُفسر بعدة طرق. من ناحية، قد يكون هناك دوافع سياسية وراء التركيز على حماية مجموعة معينة دون أخرى، حيث تُستغل قضايا معاداة السامية لتعزيز أجندات سياسية معينة أو لكسب دعم فئات مؤثرة في المجتمع. من ناحية أخرى، قد تعكس هذه السياسات قصوراً في الفهم العميق لمفهوم حقوق الإنسان الشامل، الذي يجب أن يتساوى في حماية جميع الأفراد بغض النظر عن دينهم أو خلفيتهم الثقافية.
إن تجاهل مكافحة الإسلاموفوبيا بنفس الجدية التي تُكافح بها معاداة السامية لا يشكل فقط تناقضاً أخلاقياً، بل يحمل في طياته مخاطر كبيرة على التماسك الاجتماعي والسلم العالمي. فعندما يشعر المسلمون بأنهم مستهدفون بشكل ممنهج ومهملون في نفس الوقت، يتزايد الشعور بالغربة والاضطهاد، مما قد يؤدي إلى تفاقم التوترات والانقسامات داخل المجتمعات.
ولذلك، يجب أن نعي أن مكافحة الكراهية والتمييز لا يمكن أن تكون انتقائية أو مجزأة. حماية حقوق الإنسان تتطلب التزاماً شاملاً ومستداماً، يشمل جميع الأفراد بغض النظر عن دينهم أو عرقهم. المجتمع الدولي والحكومات الوطنية مطالبة بتبني سياسات عادلة ومتوازنة، تكافح جميع أشكال الكراهية وتعمل على تعزيز التفاهم والتعايش السلمي بين مختلف الثقافات والأديان.
ولكن السؤال الأهم لماذا نجح اليهود في الدفع بدول وأنظمة الغرب إلى تبني قوانين تناهض معاداة ما يسمى (السامية) وفي نفس الوقت السماح بنشر الكراهية ضد المسلمين؟ ما هي الأسباب التي تقف وراء هذا التناقض والتمييز والانتقائية الغربية؟ هذا ما سنحاول الكشف عنه في هذا التقرير:
الوسائل والأساليب التي مكنت إسرائيل من جعل الدول الغربية تصدر قوانين معاداة السامية
إسرائيل والجاليات اليهودية في الدول الغربية استخدمت مجموعة متنوعة من الوسائل والأساليب لتحقيق هذا الهدف. هذه الوسائل تشمل العمل السياسي، الضغط الإعلامي، الدعم الأكاديمي، والدبلوماسية.
- اللوبيات السياسية
- المنظمات المؤثرة: منظمات مثل لجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية (AIPAC) في الولايات المتحدة والمجلس البريطاني لإسرائيل واليهود (BICOM) في المملكة المتحدة تعمل على تعزيز العلاقات بين إسرائيل والدول الغربية. هذه المنظمات تلعب دوراً رئيسياً في توجيه السياسات ودعم التشريعات المناهضة لمعاداة السامية.
- التبرعات السياسية: تساهم التبرعات المالية للحملات الانتخابية للسياسيين في حصولهم على دعم لتنفيذ السياسات والتشريعات التي تصب في مصلحة إسرائيل والجاليات اليهودية.
- الضغط الإعلامي
- التأثير على وسائل الإعلام: الجاليات اليهودية وإسرائيل تتمتعان بنفوذ قوي في العديد من وسائل الإعلام الغربية. يتم استخدام هذا النفوذ للتأثير على الرأي العام وتشكيل الصورة الإيجابية لإسرائيل، وأيضاً لتسليط الضوء على قضايا معاداة السامية.
- الدعاية والإعلانات: استخدام حملات إعلامية واسعة النطاق للتوعية بمخاطر معاداة السامية وتأثيرها السلبي على المجتمع.
- الدعم الأكاديمي
- البحوث والدراسات: تمويل البحوث والدراسات التي تسلط الضوء على معاداة السامية وتأثيرها، مما يساعد في تقديم أدلة قوية تدعم التشريعات المناهضة لها.
- المؤتمرات والندوات: تنظيم المؤتمرات والندوات الأكاديمية والدولية لمناقشة قضايا معاداة السامية ونشر الوعي حولها.
- الدبلوماسية
- الضغط الدولي: استخدام القنوات الدبلوماسية للضغط على الحكومات الأجنبية لتبني سياسات وتشريعات مناهضة لمعاداة السامية. هذا يشمل العلاقات الثنائية والضغط عبر المنظمات الدولية مثل الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي.
- الاتفاقيات والتعاون الدولي: توقيع اتفاقيات تعاون مع دول أخرى لمكافحة معاداة السامية وتعزيز التعليم حول الهولوكوست.
العقوبات التي تتخذها الأنظمة الغربية حيال معاداة السامية
الدول الغربية تتخذ مجموعة من العقوبات والإجراءات الصارمة لمكافحة معاداة السامية. هذه الإجراءات تشمل التشريعات، الملاحقات القضائية، والتعليم والتوعية.
- التشريعات
- القوانين الجنائية: العديد من الدول الغربية أصدرت قوانين تجرم معاداة السامية بشكل صريح. على سبيل المثال، في فرنسا وألمانيا، تُعتبر معاداة السامية جريمة جنائية يعاقب عليها القانون بالسجن والغرامات.
- قوانين الكراهية: في المملكة المتحدة وكندا، تُدرج معاداة السامية ضمن جرائم الكراهية، مما يزيد من عقوباتها ويشدد الملاحقات القضائية ضد مرتكبيها.
- الملاحقات القضائية
- المحاكمات الجنائية: يتم تقديم المتهمين بمعاداة السامية إلى المحاكم الجنائية حيث يواجهون عقوبات شديدة تشمل السجن والغرامات. على سبيل المثال، تمت مقاضاة العديد من الأشخاص في ألمانيا لنشرهم خطابات معادية للسامية على الإنترنت.
- التعويضات المالية: في بعض الحالات، يتم فرض تعويضات مالية كبيرة على المتهمين بمعاداة السامية لصالح الضحايا أو المنظمات اليهودية المتضررة.
- التعليم والتوعية
- برامج التعليم: تتبنى الدول الغربية برامج تعليمية تهدف إلى زيادة الوعي بمخاطر معاداة السامية وتقديس الجنس اليهودي. هذه البرامج غالباً ما تُدرس في المدارس وتدعمها الحكومات.
- استغلال ما يمسى ذكرى الهولوكست: تخصيص أيام مثل “يوم ذكرى الهولوكوست” في العديد من الدول الغربية لنشر الوعي حول الجرائم النازية ضد اليهود وتعزيز وجعل العنصر اليهودي أكثر قداسة عندهم..
أمثلة وشواهد على قوانين تجريم كراهية اليهود
- الولايات المتحدة
- قانون مكافحة معاداة السامية لعام 2019: يطالب هذا القانون وزارة التعليم الأمريكية بتبني تعريف التحالف الدولي لإحياء ذكرى الهولوكوست (IHRA) لمعاداة السامية واستخدامه في التحقيقات المتعلقة بالتمييز في المؤسسات التعليمية.
- توجيهات وزارة العدل: توجيهات وزارة العدل الأمريكية بتشديد العقوبات على الجرائم المرتبطة بمعاداة السامية وزيادة الملاحقات القضائية ضد مرتكبيها.
- ألمانيا
- قانون مكافحة الكراهية على الإنترنت: تشريع صدر في عام 2017 يلزم منصات التواصل الاجتماعي بحذف المحتوى المعادي للسامية خلال 24 ساعة من تلقي الشكوى، وإلا تواجه غرامات تصل إلى 50 مليون يورو.
- الحكم على إنكار الهولوكوست: إنكار الهولوكوست يُعتبر جريمة جنائية يعاقب عليها القانون بالسجن.
- فرنسا
- قانون جيسو (Gayssot Act): تشريع صدر في عام 1990 يجرم إنكار الهولوكوست ومعاداة السامية ويعاقب عليه بالسجن والغرامات.
- الملاحقات القضائية: محاكمة العديد من الأفراد بتهمة نشر خطابات معادية للسامية، بما في ذلك على منصات التواصل الاجتماعي.
هذا يظهر لنا القدرة اليهودية على التغلغل في المؤسسات الغربية وفرض أجنداتهم ومعاقبة كل من يحرض ضدهم أو ينشر الكراهية لهم اليهودية وصولا لإصدار قوانين ما يسمى “معاداة السامية” في الدول الغربية وهذا يعكس قوة التأثير والنفوذ الذي يتمتعون به. الجهود اليهودية نجحت في خلق بيئة آمنة ومحمية للجاليات اليهودية، وفي نفس الوقت عززت من الروابط السياسية والدبلوماسية بين إسرائيل والدول الغربية، وبالتالي بات الكيان الصهيوني يقترف الجرائم تلو الجرائم ويهجر ويدمر ويسجن وينفذ عمليات التصفية ضد الشعب الفلسطيني وهو آمن من أي مسائلة أو انتقاد بل وهو مطمئن أن الدول الغربية ستدافع عنه وستدعمه ماليا وعسكريا وهذا بالفعل ما حدث..